مظاهرة في رام الله بعد الإفراج عن معتقلين سياسيين

الرجوب يتعهد بصون الحريات

احتجاجات شعبية ضد السلطة في الضفة يونيو الماضي (إ.ب.أ)
احتجاجات شعبية ضد السلطة في الضفة يونيو الماضي (إ.ب.أ)
TT

مظاهرة في رام الله بعد الإفراج عن معتقلين سياسيين

احتجاجات شعبية ضد السلطة في الضفة يونيو الماضي (إ.ب.أ)
احتجاجات شعبية ضد السلطة في الضفة يونيو الماضي (إ.ب.أ)

تظاهر فلسطينيون، الأربعاء، في رام الله للمطالبة بتحقيق العدالة في قضية مقتل معارض سياسي في يونيو (حزيران)، بعد أن اقتحمت قوات الأمن الفلسطينية منزله واعتقلته بالقوة قبل أن يقضي تحت الضرب.
ونُظمت المظاهرة بعد يوم من إفراج السلطة عن نحو 30 معتقلاً سياسياً، بينهم الشاعر المعروف زكريا محمد، واللواء المتقاعد يوسف الشرقاوي، والبروفسور عماد البرغوثي، وأسرى محررون على رأسهم القيادي المعروف في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان. واعتقلت السلطة معارضيها البارزين يوم السبت، قبل تنظيم مظاهرة للمطالبة بمحاسبة المتورطين في قتل نزار بنات، ثم اعتقلت آخرين يوم الأحد تجمعوا للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين؛ وهو ما تسبب في انتقادات دولية ومحلية واسعة للسلطة.
وقال الاتحاد الأوروبي، إن اعتقال قوات الأمن الفلسطينية عشرات النشطاء في رام الله وتقارير سوء معاملتهم «مثير للقلق». وأنه يتوقع بحزم، أن تلتزم السلطة الفلسطينية بمعايير الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي انضمت إليها، بما في ذلك حرية التعبير، فضلاً عن حرية تكوين الجمعيات والتجمع، مؤكداً أن «العنف ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والمتظاهرين السلميين، أمر غير مقبول».
ودعا الاتحاد الأوروبي والبعثات ذات التفكير المماثل السلطة الفلسطينية، إلى الانتهاء بسرعة من التحقيق في مقتل نزار بنات بطريقة شفافة بالكامل، وضمان محاسبة المسؤولين. وبيّن ممثل الاتحاد الأوروبي، أن البيان صدر بالاتفاق مع رؤساء بعثات دول الاتحاد الأوروبي في القدس ورام الله، وبتأييد من رؤساء بعثات النرويج وسويسرا والمملكة المتحدة.
كما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء سلسلة اعتقالات نفذتها قوات الأمن الفلسطينية استهدفت نشطاء فلسطينيين، وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إن «المزيد من الاعتقالات تستهدف نشطاء حقوق الإنسان المعروفين والناشطين السياسيين».
وكانت السلطة قد اعتقلت معارضيها تحت تهم عدة، بينها التجمع من دون ترخيص وتحقير المؤسسات الحكومية وإهانة موظفين حكوميين والتحريض على الكراهية الطائفية. لكن الاتهامات ووجهت بغضب، وأدانت فصائل فلسطينية سياسة السلطة، كما أصدرت قرابة عشرين منظمة وجمعية مجتمع مدني فلسطينية، بياناً حذرت فيه من «التدهور الخطير في الحقوق والحريات العامة».
وتواجه السلطة أكبر حركة معارضة في تاريخها في الضفة الغربية بعدما مُنيت بهزيمة من حركة «حماس» في قطاع غزة عام 2007.
وكتبت المسؤولة الكبيرة السابقة في السلطة الفلسطينية حنان عشراوي في تغريدة على «تويتر»، «تواصل القيادة السياسية الفلسطينية وقوات الأمن فقدان المزيد من المصداقية والمكانة في صفوف الشعب الفلسطيني الذي يرفض الخضوع للقمع... تقليص مساحة الاحتجاج والمعارضة هو أمر غير مقبول وسوف يأتي بنتائج عكسية».
لكن أمين سر اللجنة المركزية لحركة «فتح»، الفريق جبريل الرجوب، قال، إن الرئيس محمود عباس ومركزية «فتح»، يعدّا موضوع الحريات مقدساً، ولكل الفلسطينيين الحق في التعبير عن رأيهم وفق القانون.
وعدّ الرجوب في تصريحات لإذاعة «صوت فلسطين» الرسمية، أنه تم استخلاص العبر مما حدث في الأيام السابقة، وبناءً عليه ستتم دعوة فصائل العمل الوطني ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان، لحوار جذري عميق والخروج برؤية فيها تفاهمات تضمن حق المواطنين في التعبير عن الرأي وفق القانون.
ودعا الرجوب فصائل العمل الوطني ومؤسسات المجتمع المدني، إلى معرفة حدود التعبير عن الرأي بعيداً عن التخوين والتشهير الذي لا يعدّ جزءاً من ثقافتنا الوطنية.
ولفت الرجوب إلى أن موضوع الحريات نوقش في اجتماع المركزية برئاسة الرئيس عباس، الثلاثاء، مضيفاً «سنصل إلى استنتاجات، وسنتخذ قرارات تؤمّن شبكة أمان للحريات في المستقبل، وذلك وفق القانون بما يضمن عدم حدوث أي خطأ».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».