بينما تسعى الكتل السياسية العراقية إلى بحث مصير الانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر إجراؤها في العاشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لا سيما بعد انسحاب قوى سياسية، في المقدمة منها التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، فاجأ زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي الجميع، وذلك بزيارته إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان، ولقائه الزعيم الكردي مسعود بارزاني. اللقاء جرى بين الرجلين اللذين شهدت السنوات الماضية شبه قطيعة بينهما، لا سيما أثناء تولي المالكي رئاسة الحكومة العراقية لدورتين (2006 - 2014)، وقد شهدت الدورة الثانية انقساماً حاداً في المواقف السياسية بين الطرفين. وفي حين بدت الزيارة مفاجئة للمراقبين السياسيين الذين يعرفون طبيعة العلاقة بين المالكي وبارزاني، فإن النائب الكردي السابق في البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الدكتور ماجد شنكالي أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الزيارة لم تكن بمثابة مفاجأة، بل هي مقرَّرة منذ فترة، بل ربما نستطيع القول إنها تأخرت». وهو ما يعني برأي شنكالي أن الزيارة لا علاقة لها بالتطورات الأخيرة الضاغطة باتجاه تحديد موقف نهائي بشأن ما إذا كانت الانتخابات سوف تجري في موعدها المقرر، رغم مقاطعة الصدر، أم تؤجل إلى موعدها الدستوري العام المقبل. ويضيف شنكالي أن «المالكي زعيم سياسي مهم، وبالتالي فإن زيارته إلى أربيل ولقاءه بارزاني بوصفه أحد أبرز القادة الكرد بعد عام 2003 أمر متوقع جداً، خصوصاً في ضوء الظروف الحالية والإشاعات الكثيرة التي تُطلَق هنا وهناك لتأجيل الانتخابات».
ويمضي شنكالي قائلاً إن «تأكيد كل من بارزاني والمالكي على إجراء الانتخابات في موعدها المقرر إنما يمثل زخماً كبيراً باتجاه إجرائها في موعدها دون تأجيل، لا سيما أن المعلومات تقول إن المرجعية الدينية العليا في النجف مؤيدة بالكامل لإجراء هذه الانتخابات». ويؤكد شنكالي أن «لهذه الزيارة أهمية من أجل بناء نوع من التفاهمات مع الحزب الديمقراطي الكردستاني في المرحلة التي تلي الانتخابات، من أجل بناء تحالفات تسهم في تشكيل الحكومة المقبلة، وهو أمر طبيعي جداً في عملية سياسية تقوم على النظام البرلماني».
إلى ذلك، أصدر حزب «الدعوة الإسلامي» الذي يتزعمه المالكي بياناً حول زيارة زعيمه إلى أربيل، قال فيه إنها «تأتي في سياق العلاقات الأخوية الراسخة بين حزب الدعوة الإسلامية والحزب الديمقراطي الكردستاني»، مبيناً أنه «جرى خلال اللقاء التباحث وتبادل وجهات النظر حول الوضع السياسي في العراق والمنطقة ومخاطر الإرهاب والتحديات التي تواجه العملية السياسية». وأوضح البيان أنه «تم خلال اللقاء تسليط الضوء على مسار الانتخابات البرلمانية المقبلة، حيث أكد الطرفان على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد بتاريخ 10 - 10 - 2021 وضمان إجرائها في ظروف حرة ونزيهة وعادلة، كما أكدا على تأمين البيئة الأمنية لإجرائها والحفاظ على أصوات المواطنين من التلاعب والتزوير واحترام إرادة الشعب».
يُذكر أن التحالف بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني قد بانت ملامحه خلال زيارة قام بها وفد من الهيئة السياسية للتيار الصدري إلى أربيل، ولقائه بارزاني قبيل أيام من إعلان الصدر انسحابه من الانتخابات. لكن زيارة المالكي إلى أربيل بقدر ما يُتوقع أن تعيد ترتيب التحالفات من جديد وتستفز خصوم الطرفين من أجل توحيد صفوفهما بتشكيل تحالف مضاد، فإنها بدت أخطر استفزاز للصدر المنسحِب حتى الآن من الانتخابات، وسط آراء متباينة بشأن إجرائها أو تأجيلها. وفيما يُتوقّع عقد اجتماع بين الكتل السياسية للوصول إلى قرار مشترك، فإن تأكيد المالكي وبارزاني على إجراء الانتخابات يبدو أنه رجَّح كفة المؤيدين لإجرائها في موعدها المبكر. إلى ذك حمّل الأمين لـ«حركة الوفاء العراقية»، عدنان الزرفي، النظام السياسي، مسؤولية الفشل في بناء دولة عصرية تلبي مطالب الشعب.
وقال الزرفي، وهو مكلَّف سابق بتشكيل الحكومة العراقية قبل تكليف مصطفى الكاظمي، في حوار تلفزيوني، إنه على استعداد «للدخول في مناظرة مع الزعماء السياسيين لبيان أسباب فشلهم طيلة السنوات الماضية»، مبيناً أن «القوى التي تقف وراء تشكيل الحكومات والمشاركة فيها اعتمدت برامج وهمية»، مبيناً أن «المرحلة تتطلب تحفيز الجمهور ببرامج انتخابية جديدة».
لقاء المالكي ـ بارزاني يمثل «أخطر استفزاز» للصدر
أعاد تحالفات الانتخابات العراقية إلى المربع الأول
لقاء المالكي ـ بارزاني يمثل «أخطر استفزاز» للصدر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة