مستشفيات سيدني تعاني لمواكبة ارتفاع قياسي في إصابات «كورونا»

أستراليون ينتظرون الحصول على لقاح «كورونا» في سيدني أمس (رويترز)
أستراليون ينتظرون الحصول على لقاح «كورونا» في سيدني أمس (رويترز)
TT

مستشفيات سيدني تعاني لمواكبة ارتفاع قياسي في إصابات «كورونا»

أستراليون ينتظرون الحصول على لقاح «كورونا» في سيدني أمس (رويترز)
أستراليون ينتظرون الحصول على لقاح «كورونا» في سيدني أمس (رويترز)

قال مسؤولون إن مدينة سيدني الأسترالية سجّلت زيادة قياسية في الإصابات اليومية بمرض «كوفيد - 19»، أمس (الأربعاء)، الأمر الذي فرض ضغوطاً على بعض قطاعات النظام الصحي، ودعوا إلى تسريع وتيرة التطعيم للحد من معدل دخول المستشفيات.
ورغم فرض عزل عام لمدة شهرين في سيدني، سجلت ولاية نيو ساوث ويلز 919 إصابة جديدة، وسط تزايد تفشي السلالة «دلتا» شديدة العدوى، مما رفع عدد الإصابات اليومية في أستراليا إلى مستوى قياسي أدنى من الألف بقليل، وفق وكالة «رويترز».
وسجّلت منطقة سيدني الكبرى 838 إصابة جديدة لتتجاوز بذلك العدد القياسي المسجّل في الولاية بأسرها يوم الأحد، الذي بلغ 830. وتم رصد نحو 85 في المائة من الإصابات الجديدة بالولاية في سيدني الكبرى.
ورغم تفشي سلالة «دلتا» في الآونة الأخيرة، فإن أعداد المصابين بفيروس «كورونا» في أستراليا لا يزال منخفضاً نسبياً، إذ سجّلت ما يزيد قليلاً على 46600 إصابة و986 وفاة. وزادت الوفيات جراء أحدث تفشّ إلى 76. وإن كان معدل الوفاة تباطأ، مقارنة بالعام الماضي.
وأعلنت ولاية كوينزلاند التي لا ينتشر بها الفيروس أنها ستعلق الوصول من ولايتي نيو ساوث ويلز وفيكتوريا وإقليم العاصمة الأسترالية لأسبوعين، اعتباراً من يوم أمس، للمساهمة في تخفيف الضغط على نظام الحجر الصحي في الفنادق لديها.
وكان رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، قد دافع، مطلع الأسبوع، عن استراتيجية العزل العام التي تنتهجها بلاده لمكافحة تفشي فيروس «كورونا»، قائلاً إن هذه السياسة ستستمر حتى يتم تطعيم 70 في المائة على الأقل من السكان بشكل كامل.
وقال موريسون في مقابلة تلفزيونية مع «هيئة الإذاعة الأسترالية»: «لا يمكنكم التعايش مع عمليات العزل العام للأبد، وفي مرحلة سيكون عليكم تغيير هذا الوضع، ويتم ذلك عند نسبة 70 في المائة».
ويُعدّ العزل العام عنصراً أساسياً في استراتيجية الحكومة الأسترالية لوقف تفشي المرض، حتى يتم تطعيم غالبية السكان، وإعادة فتح تدريجي لحدود أستراليا، عندما يصل هذا العدد إلى 80 في المائة.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.