نواب ليبيون يطالبون بسحب الثقة من حكومة الدبيبة

تزامناً مع لقاءات نادرة بين «الجيش الوطني» وقادة الميليشيات بطرابلس

صورة وزعتها الكتيبة 166 لاجتماع ممثلي الجيش الوطني مع قادة من قوات السلطة الانتقالية في ليبيا
صورة وزعتها الكتيبة 166 لاجتماع ممثلي الجيش الوطني مع قادة من قوات السلطة الانتقالية في ليبيا
TT

نواب ليبيون يطالبون بسحب الثقة من حكومة الدبيبة

صورة وزعتها الكتيبة 166 لاجتماع ممثلي الجيش الوطني مع قادة من قوات السلطة الانتقالية في ليبيا
صورة وزعتها الكتيبة 166 لاجتماع ممثلي الجيش الوطني مع قادة من قوات السلطة الانتقالية في ليبيا

استبق أعضاء في «مجلس النواب الليبي» جلسة مقررة الاثنين المقبل بمقره في مدينة طبرق (أقصى شرق البلاد) لمساءلة «حكومة الوحدة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، للمطالبة بسحب الثقة منها، وسط معلومات عن «اتصالات نادرة» بين قادة عسكريين موالين للحكومة، وممثلي الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي واصل حملته الانتخابية غير الرسمية بحضوره لعمل فني بمدينة بنغازي.
ودعا 29 من أعضاء المجلس عن إقليم برقة، في بيان مساء أول من أمس، باقي زملائهم لتحمل «مسؤولية استمرار هذه الحكومة»، التي اعتبروها «ناقوس خطر على الأمة الليبية»، وطالبوا في المقابل بـ«سحب الثقة منها فورا، وتكليف حكومة جديدة».
واتهم البيان حكومة «الوحدة» الوطنية، بعد مضى ثلاثة أرباع مدتها، بعدم تقديم أبسط الخدمات للمواطنين، أو توحيد مؤسسات الدولة، وعدوها «طرفاً في الصراع»، وأنها «أصبحت حكومة لطرابلس فقط، ولأصحاب المصالح الخاصة».
وقال البيان إن الحكومة «زادت الهوة بين أبناء الوطن، وزرعت الكره بينهم»، وحث على «اختيار شخصية وطنية قادرة على توحيد المؤسسات، ولم شمل الليبيين». معتبرا أن «الحكومة لم تلتزم بخريطة الطريق التي نالت بموجبها الثقة، وأصبحت حكومة فُرقة وفتنة، بدلاً من أن تكون حكومة لجميع الأطراف لتصل إلى الانتخابات في موعدها»، على حد قول البيان.
إلى ذلك، تعتزم «اللجنة العسكرية المشتركة»، المعروفة باسم «5+5»، عقد اجتماع مطلع الشهر المقبل في جنيف مع ممثلي الدول، التي تحتفظ بوجود عسكري في ليبيا، وذلك لبحث سحب قواتها وجميع المرتزقة الأجانب من الأراضي الليبية.
وفي هذا السياق قال أحد أعضاء الجيش الوطني باللجنة إنها تسعى حثيثا لإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية قبل الانتخابات، المقررة في 24 ديسمبر المقبل.
في غضون ذلك، أدرج حفتر في بيان وزعه مكتبه حضوره، مساء أول من أمس، لمسرحية بالمسرح الشعبي بنغازي في إطار «دعمه للحركة الثقافية والفنية في البلاد، وتشجيع شرائح المبدعين من أدباء وكتاب وفنانين وصحافيين، وتعزيز الفكر والثقافة في محاربة الأفكار المُتطرفة والهدامة».
وفي تطور لافت للانتباه، عقد قادة عسكريون من طرفي الصراع في ليبيا، اجتماعا نادراً، هو الأول من نوعه بشكل علني، بعد الحملة العسكرية التي شنها الجيش الوطني لتحرير العاصمة طرابلس في أبريل (نيسان) عام 2019.
واجتمع مساء أول من أمس بمنطقة الشويرف محمد الحصان، آمر «الكتيبة 166» للحماية والحراسة التابعة لرئاسة أركان القوات، المحسوبة على السلطة الانتقالية في البلاد، مع العقيد عمر مراجع، آمر لواء طارق بن زياد التابع للجيش الوطني.
وعقب الاجتماع أعلنت «الكتيبة 166» عن اتفاق مفاجئ بين الطرفين لتشكيل قوة مشتركة لحفظ أمن طريق «النهر الصناعي» شمالاً، وصولاً لآبار الحساونة، الذي يعد المصدر المائي المهم لكل الليبيين. مشيرة إلى أن الاجتماع تم عقب اتصالات معلنة وتكليف من حكومة «الوحدة».
وقال متحدث باسم «عملية بركان الغضب»، التي تشنها قوات الحكومة، إن الاجتماع تم بأمر من رئيسها الدبيبة، ورئيس الأركان العامة لقواتها الفريق محمد الحداد. لافتا إلى أن زيارة الحصان كانت لتأمين مناطق التماس بين الطرفين. ونفى أن يكون الاجتماع مقدمة لانشقاق الحصان، الذي ينتمي إلى مدينة مصراتة بغرب البلاد، ونقل عنه قوله إن «الوضع تحت السيطرة، ونحن لن نبيع دماء شهدائنا، ولن نتخلى عن مبدئنا».
من جهته، نفى العميد ناصر القايد، مدير إدارة التوجيه المعنوي بقوات الحكومة، صحة ما يشاع من وجود «إرهابيين في قاعدة الوطية الجوية، والتي قال إنها تخضع لسيطرة وزارة الدفاع ورئاسة الأركان». وأكد في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس «رفض محاولات السلطات التونسية تصدير مشاكلها إلى ليبيا». مشيرا إلى أن المزاعم التونسية تهدف لوصف ليبيا بالإرهاب على عكس الواقع، وإلى أن أغلب المقاتلين الإرهابيين في ليبيا قدموا من تونس.
من جهة ثانية، هيمن ملف تأمين الانتخابات المقبلة على الاجتماع الافتراضي، الذي عقده مساء أول من أمس خالد مازن، وزير الداخلية مع ريتشارد نورلاند، السفير والمبعوث الأميركي الخاص لدى ليبيا، حيث أكد مازن تجهيز نحو 35 ألفا من رجال الشرطة لتأمين الانتخابات، لافتا إلى الأعباء الاقتصادية للهجرة غير الشرعية.
كما ناقش ليزلي أوردمان، نائب نورلاند رفقة ممثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مع مسؤولي وزارة الداخلية، وعماد السايح رئيس المفوضية العليا للانتخابات، تمكين الليبيين من التصويت بأمان وحرية يوم الانتخابات. ونقل ليزلي عن نورلاند تأكيده على دعم الولايات المتحدة للانتخابات لتحقيق خريطة طريق ملتقى الحوار السياسي، وتلبية توقعات الشعب الليبي.
بموازاة ذلك، بدأ أمس موسى الكوني، عضو المجلس الرئاسي، زيارة لتشاد في جولته الأفريقية لعدد من دول الجوار قصد تنسيق حماية الحدود والتصدي للإرهاب.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.