الليكود يدفع بنيت إلى حرب غزة لتفكيك الائتلاف

خطة يديرها نتنياهو من فيلا لأحد أثرياء هاواي

استخلاص المعادن من ركام الأبنية في غزة (رويترز)
استخلاص المعادن من ركام الأبنية في غزة (رويترز)
TT

الليكود يدفع بنيت إلى حرب غزة لتفكيك الائتلاف

استخلاص المعادن من ركام الأبنية في غزة (رويترز)
استخلاص المعادن من ركام الأبنية في غزة (رويترز)

اتهمت أوساط سياسية في تل أبيب، المعارضة الإسرائيلية، بمحاولة دفع حكومة نفتالي بنيت إلى الدخول في حرب مع قطاع غزة، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تفكك الائتلاف الحكومي القائم مع الحركة الإسلامية برئاسة النائب منصور عباس، وسقوط الحكومة والتمهيد لعودة الليكود إلى الحكم بقيادة بنيامين نتنياهو.
وقالت هذه المصادر إن نتنياهو يدير هذه الخطة ويشارك فيها عبر الشبكات الاجتماعية من الفيلا التي يمضي فيها إجازته، ويملكها الملياردير لاري أليسون. وحسب قول أحد وزراء بنيت، فإن «رئيس الليكود لا يخجل من تكرار ممارسات الفساد ويمضي عطلة في هاواي على نفقة رجل أعمال، ويحاول من هناك المساس بمكانة واستقامة رئيس الوزراء. فما الذي يريده بالضبط؟ هل يريد حرباً منفلتة يقع فيها كثير من الضحايا اليهود لأجل أهدافه الحزبية والشخصية؟».
وكان الليكود قد أطلق حملة تحريض على بنيت، بشكل شخصي، باتهامه بالتساهل مع حركة «حماس»، منذ أن قرر عدم الرد على إطلاق صاروخ باتجاه البلدات الإسرائيلية من غزة الأسبوع الماضي. ووصفوه بـ«الجبان والمتردد»، وقالوا إنه «أضعف من محمود عباس». وفي يوم الاثنين، تورط بنيت في مكالمة هاتفية فاستغلوها بشكل بشع ضده، إذ اتصل بوالد الجندي برئيل حداريا شموئيلي، الذي أصيب بجراح حرجة جراء إطلاق الرصاص عليه من مسدس شاب فلسطيني عبر فتحة في الجدار الحدودي مع قطاع غزة، ويصارع على حياته الآن. وخلال المكالمة اتضح أنه لم يستعد جيداً للمكالمة، فأخطأ في ذكر اسم الجندي مستخدماً اسم حداريا، وسأله عن وضعه الصحي وفي أي مستشفى يعالج. ورد الوالد بغضب على بنيت، قائلاً له، إن مكالمته هذه «مخجلة لدرجة يندى لها الجبين». وراح يهاجمه في وسائل الإعلام، بالقول: «هل يعقل أن يصل الاستهتار به أن يتصل بنا من دون الاطلاع على تفاصيل القضية؟ هل هذا رئيس وزراء؟».
وتحولت هذه المحادثة إلى فضيحة ضد بنيت، فهاجمته المعارضة والصحافة بسببها، واضطر إلى الاعتذار علناً. واستغل نتنياهو هذه الحادثة من جهته، وكتب منشوراً في حساباته على الشبكات الاجتماعية: «إنه من الخزي أن يكون رئيس الوزراء في إسرائيل، بهذا المستوى».
لكن التركيز الأخطر في هجوم المعارضة على بنيت، كان في موضوع التوتر الأمني على الحدود، إذ راحوا يتهمونه بإدارة سياسة ضعيفة تجاه «حماس» ويدفعونه إلى تشديد الضربات. وقال عضو الكنيست عن حزب الليكود المقرب من نتنياهو، دافيد بيتان، أمس (الثلاثاء)، إن «زعيم حركة (حماس) في قطاع غزة، يحيى السنوار، يتلاعب بالإسرائيليين». وأضاف بيتان، خلال مقابلة إذاعية: «نحن بحاجة إلى اغتيال السنوار حتى لو على حساب الحرب، ولا يوجد خيار آخر، إنه عدو لدود ويتلاعب بنا بقسوة». وأشار إلى أن رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، وعد في سياسته خلال 12 سنة مضت، بالقضاء على «حماس»، ولو كان الآن في السلطة، فإنه سيرد على التصعيد من قطاع غزة بشكل مختلف، بعيداً عن التداعيات السياسية ومن دون أن يأخذ بالاعتبار حساسية أي زيارة لأميركا، والرد على إصابة الجندي عند حدود غزة. وقال إنه ما كان يجب أن يسمح للمتظاهرين بالاقتراب من السياج الحدودي مع غزة وتشكيل تهديد للجيش.
وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» الناطقة بلسان نتنياهو، إن يحيى السنوار (رئيس حماس في قطاع غزة)، يعلم أن الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة بنيت، مخنوقة من قبل حزب ميرتس وحركة منصور عباس الإسلامية، عندما يتعلق الأمر بالبدء في تحرك عسكري في غزة وحتى في لبنان، وإذا كان هناك وقت مناسب لإثبات الحقائق على الأرض، فهذا هو الوقت المناسب.
كما انضم إلى الحملة ضد بنيت، النائب المتمرد عليه في حزبه «يمينا»، عميحاي شيكلي، الذي قال إنه رئيس حكومة ضعيف لا يجرؤ على مواجهة «حماس». وقد انجر بنيت وراء هذه الأجواء، فراح يرد حتى على البالونات الحارقة بقصف صاروخي عنيف، من شأنه أن يؤدي إلى حرب قد يتسع مداها، الأمر الذي أثار انتقادات ضده في الساحتين السياسية والأمنية.
وخرج وزير التعاون الإقليمي، عيساوي فريج، وهو عربي من حزب ميرتس اليساري، بدعوة إلى رئيس حكومته، ألا يدهور الأوضاع. ودعاه إلى إحداث هزة في وجه الليكود والخروج بمبادرة لحوار مباشر مع «حماس». وقال فريج «إن خيار الحرب والدخول في حملة عسكرية مع حماس في قطاع غزة، يجب أن يكون فقط الملاذ الأخير. علينا التفكير بشجاعة خارج الصندوق وفهم كيفية حل الأمور. نحن بحاجة إلى التحدث إلى حماس مباشرة، وليس من تحت الطاولة، وبحاجة إلى فهم كيفية تفكيك الضغط الحالي في غزة».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.