«العملات المستقرة»... «الجسر» بين العملات المشفرة والأموال التقليدية

مجموعة من العملات المشفرة المختلفة (أرشيفية-رويترز)
مجموعة من العملات المشفرة المختلفة (أرشيفية-رويترز)
TT

«العملات المستقرة»... «الجسر» بين العملات المشفرة والأموال التقليدية

مجموعة من العملات المشفرة المختلفة (أرشيفية-رويترز)
مجموعة من العملات المشفرة المختلفة (أرشيفية-رويترز)

في عالم العملات المشفرة الحديث، ظهر خط جديد من المنتجات المالية لفت انتباه كل من المستثمرين والمنظمين - ما يسمى بـ«العملات المستقرة» والتي تكون مدعومة بالنقد أو بأصل احتياطي آخر.
تسعى «العملات المستقرة» إلى توفير أفضل ما في العالمين: استقرار العملة التقليدية المدعومة من الحكومة بالإضافة إلى الخصوصية والراحة التي توفرها العملات المشفرة. غالباً ما يتم تسويقها للمستثمرين الذين قد لا يملكون الجرأة على التقلب المرتبط بعملة البيتكوين والإيثريوم وغيرها من العملات المشفرة الشائعة، وفقاً لشبكة «إيه بي سي نيوز».
وتبلغ قيمة سوق العملات المستقرة الحالية حوالي 113 مليار دولار، حسبما قال رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية غاري غينسلر في وقت سابق من هذا الشهر. وأضاف أنه في يوليو (تموز)، حدث ما يقرب من ثلاثة أرباع التداول على جميع منصات العملات الرقمية بين عملة مستقرة وبعض الرموز الأخرى.
من جهتها، دعت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين الشهر الماضي المنظمين إلى «العمل بسرعة» في تشكيل أطر تنظيمية جديدة للعملات المستقرة، مما أثار إنذارات حول «المخاطر المحتملة على المستخدمين، والنظام المالي، والأمن القومي».

*ما هي العملات المستقرة؟
العملات المستقرة هي في الأساس عملات مشفرة مدعومة بأصل احتياطي - عادة ما تكون عملة تقليدية مثل الدولار الأميركي. لذلك من المفترض أن تكون تقييمات العملات المستقرة أقل تقلباً من العملات الرقمية الأخرى، لأنها مرتبطة مباشرة بعملة ثابتة غير افتراضية.
وقال هاران سيغرام، أستاذ المالية في كلية ستيرن للأعمال بجامعة نيويورك، لشبكة «إيه بي سي نيوز»: «فكر في العملة المستقرة على أنها عملة مشفرة بدون تقلب أو بتقلب محدود. هذه هي أفضل طريقة للتفكير في الأمر».
وتابع: «ينظر إليها على أنها الجسر بين العملات الورقية والعملات المشفرة». والعملات الورقية هي عملات تقليدية مثل الدولار، مدعومة من قبل الحكومة.
وأوضح سيغرام أن «العملات المستقرة مدعومة بعملات البنك المركزي الأخرى».
وأضاف بريان روتليدغ، الأستاذ المشارك في العلوم المالية بكلية تيبر للأعمال بجامعة كارنيغي ميلون، أن هذا يجعل العملات المستقرة أكثر فائدة كعملة يومية.
وقال: «على سبيل المثال، سعر البيتكوين متقلب بشكل مذهل... هذا يجعل من الصعب استخدامها كعملة». في عام 2021 وحده، شهدت قيمة بيتكوين تقلبات بنسبة 100 في المائة - بدءاً من العام بسعر أقل من 30 ألف دولار، ووصلت إلى ذروة تجاوزت 63 ألف دولار في أبريل (نسيان)، قبل أن تتراجع إلى 30 ألف دولار في يوليو. اعتباراً من يوم الجمعة، تم تداول بيتكوين بما يزيد قليلاً عن 46 ألف دولار.
ويعتبر ربط العملات المشفرة بسعر صرف ثابت بالنسبة للدولار الأميركي، كما يحصل مع العملات المستقرة، هو ما يجعلها «أكثر فائدة كعملة»، وفقاً لروتليدغ.
*بين التسمية والمخاطر
في حين أن هذا قد يبدو وكأنه تطور إيجابي شامل للمستثمرين العاديين المهتمين بالعملات المشفرة، فقد حذر الخبراء والسلطات من المخاطر الكامنة المرتبطة بسوق العملات المستقرة غير الخاضعة للرقابة إلى حد كبير.
أشار سيغرام إلى أن واحدة من أكثر العملات المستقرة شيوعاً هي «تيثير»، والتي تدعي أنها مدعومة مقابل الدولار الأميركي (على أساس واحد لواحد).
وقال: «المشكلة في ذلك هي أنه بالواقع، تعتبر وحدة واحدة من تلك العملة المستقرة مدعومة بـ0.74 من الدولار الأميركي... لذا فإن ما يقوله الناس إنها عملة مستقرة، قد لا يعني أنها حقاً مستقرة».
وتابع سيغرام: «هذا شيء يجب أن يكون المستثمرون والجمهور على دراية به، لأن الناس لا يعرفون بالضبط ما يحدث في الخلفية، وأنا أشجع القراء حقاً على أن يكونوا على علم بذلك».
وقاد مكتب المدعي العام في نيويورك، ليتيتيا جيمس، تحقيقاً في «تيثير» قال فيه إن هناك فترات من الوقت لم يكن للعملة إمكانية الوصول إلى الخدمات المصرفية و«لم تحتفظ باحتياطيات لدعم العملة المتداولة بمعدل دولار واحد لكل تيثير، على عكس ما يشاع».
وكجزء من التسوية التي تم التوصل إليها مع مكتب جيمس، تم منع تيثير من التعامل مع سكان نيويورك، لكن العملة لم تعترف بأي خطأ وتعهدت بزيادة الشفافية. ولا تزال الشركة التي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها تحتفظ بموقعها على الإنترنت، ومع ذلك، فإن رموز «تيثير» «مدعومة بنسبة 100 في المائة باحتياطيات «تيثير بمعدل تحويل يشير إلى أن كل تيثير يساوي دولاراً أميركياً واحداً».
ورغم المخاطر، يرى سيغرام أن العملات المشفرة هي المستقبل، وهو ما قد يكون جزئياً سبب إطلاق المنظمين أجراس الإنذار وسبب وجود الكثير من النقاش حول عملة رقمية مرتبطة بالبنك المركزي. وأعلنت الشركات الأميركية الكبرى بما في ذلك «أمازون» و«وول مارت» مؤخراً أنها توظف خبراء في مجال العملات المشفرة، وبدأ عدد متزايد من الشركات في قبول العملات المشفرة كشكل من أشكال الدفع.


مقالات ذات صلة

لأول مرة في أسبوع... «بيتكوين» تتجاوز 20 ألف دولار

الولايات المتحدة​ عملة البيتكوين الافتراضية تظهر فوق أوراق نقدية للدولار الأميركي (رويترز)

لأول مرة في أسبوع... «بيتكوين» تتجاوز 20 ألف دولار

تجاوزت عملة «بيتكوين» اليوم (الثلاثاء) مستوى 20 ألف دولار وذلك للمرة الأولى منذ نحو أسبوع، إذ انتعشت العملات المشفرة إلى جانب الأصول الأخرى شديدة التأثر بالمخاطر، في التعاملات الآسيوية، وفقاً لوكالة «رويترز». وارتفعت «بيتكوين»، أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة السوقية، أكثر من خمسة في المائة لتصل إلى 20 ألف و286 دولاراً. وصعدت «إيثر»، ثاني أكبر عملة مشفرة، أربعة في المائة إلى أعلى مستوى في أسبوع عند 1389 دولاراً. وتراجع الدولار قليلا بعد أن سجل مستويات مرتفعة جديدة أمس (الاثنين).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد العملات المشفرة فقدت تريليوني دولار من قيمتها منذ ذروة الانتعاش في عام 2021 (أرشيفية - رويترز)

«شتاء العملات المشفرة»... ما أسباب «انهيار» العملات الرقمية؟

عانت العملات المشفرة من تراجع كبير هذا العام، حيث فقدت تريليوني دولار من حيث القيمة منذ ذروة الانتعاش في عام 2021. وحسب تقرير نشرته شبكة «سي إن بي سي»، تعتبر «بيتكوين» أكبر عملة رقمية في العالم وتراجعت بنسبة 70 في المائة عن أعلى مستوى لها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عند 69 ألف دولار تقريباً. وقد أدى ذلك إلى تحذير العديد من الخبراء من سوق هابطة طويلة تُعرف باسم «شتاء العملات المشفرة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الفيدرالي يدعم «الدولار الرقمي» لمواجهة «المشفرة»

الفيدرالي يدعم «الدولار الرقمي» لمواجهة «المشفرة»

قال جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي إن إحدى أقوى الحجج التي تبرر للبنك المركزي الأميركي إصدار عملة رقمية هي أنه قد يقلل الحاجة إلى بدائل خاصة مثل العملات المشفرة والعملات المستقرة. وبسؤاله خلال جلسة استماع بالكونغرس عما إذا كان إصدار مجلس الاحتياطي الفيدرالي لعملة رقمية سيكون بديلا أكثر جدوى من وجود العديد من العملات المشفرة أو المستقرة في نظام المدفوعات، قال باول إنه يتفق مع هذا الرأي. وأضاف باول خلال الجلسة أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب الأميركي مساء الأربعاء: «أعتقد أن هذا ربما يكون الحال، وأعتقد أن تلك إحدى الحجج التي تُقدم لصالح العملة الرقمية...

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)
رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)
TT

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)
رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)

أكد البنك المركزي التركي استمرار دعم الموقف المتشدد في السياسة النقدية من خلال السياسات الاحترازية الكلية بما يتماشى مع تراجع التضخم.

وأكد البنك في تقرير الاستقرار المالي للربع الثالث من العام أنه «في واقع الأمر، مع مساهمة الإطار الاحترازي الكلي الذي قمنا بتعزيزه، يتحرك نمو الائتمان بما يتماشى مع تراجع التضخم».

وأضاف التقرير، الذي أعلنه البنك، الجمعة، أنه بينما يتم تعزيز آلية التحويل النقدي، يتم تشكيل التسعير في الأسواق المالية بما يتماشى مع سياسة سعر الفائدة والتوقعات.

وفي تقييمه للسياسة الاقتصادية الحالية، قال رئيس البنك المركزي التركي، فاتح كاراهان في التقرير، إن «أسعار الفائدة على الودائع ستبقى عند مستويات داعمة لمدخرات الليرة التركية».

وأضاف كاراهان أن «استمرار عملية خفض التضخم يزيد من الاهتمام والثقة في أصول الليرة التركية، وأن الزيادة المطردة في حصة ودائع الليرة التركية مستمرة، وأدى الانخفاض الكبير في رصيد الودائع المحمية من تقلبات سعر الصرف إلى تعزيز قوة العملة التركية».

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان (موقع البنك)

وتابع كاراهان أن «مزيج السياسات الحالي يدعم تحسين تصور المخاطر تجاه الاقتصاد التركي وانخفاض علاوة المخاطر، وانعكاساً لذلك؛ تعززت قدرة الاقتراض الأجنبي للشركات والبنوك».

وأوضح أنه بمساهمة انخفاض مستوى ديون الشركات، كان انعكاس تشديد الأوضاع المالية على مؤشرات جودة الأصول محدوداً، بالإضافة إلى التدابير الحكيمة وسياسات توفير البنوك والاحتياطيات القوية لرأس المال والسيولة بقيت المخاطر عند مستوى يمكن التحكم فيه.

كان كاراهان أكد، في كلمة خلال الاجتماع العادي لجمعية غرفة صناعة إسطنبول، الخميس، أهمية سياسات البنك المركزي بالنسبة للصناعة والإنتاج والاستقرار المالي، مشيراً إلى أن القدرة على التنبؤ ستزداد فيما يتعلق باستمرار عملية تباطؤ التضخم وما يتبعها من استقرار الأسعار.

وأضاف: «وبالتالي، يمكن اتخاذ قرارات الاستثمار والإنتاج والاستهلاك من منظور طويل الأجل».

وفي معرض تأكيده على أن عملية خفض التضخم مستمرة، قال كاراهان: «انخفض معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين إلى 48.6 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو انخفاض كبير مقارنة بذروته في مايو (أيار)، ونتوقع أن ينخفض ​إلى 44 في المائة في نهاية العام.

وأضاف أن الاتجاه الرئيس للتضخم يتحسن التضخم، على الرغم من أنه أبطأ مما توقعنا في أشهر الصيف، وسيستمر التضخم، الذي انخفض بسرعة بسبب التأثير الأساسي، في الانخفاض مع تحسن التضخم الشهري في الفترة المقبلة، ونهدف إلى خفض التضخم إلى 21 في المائة بحلول نهاية عام 2025.

مسار التضخم الأساسي وتوقعاته تدفع «المركزي التركي» للحفاظ على سياسته النقدية المتشددة (إعلام تركي)

وتابع: «موقفنا الحازم في سياستنا النقدية سيستمر في خفض الاتجاه الرئيس للتضخم الشهري من خلال موازنة الطلب المحلي، وارتفاع قيمة الليرة التركية الحقيقية، وتحسن توقعات التضخم، لقد حافظنا على سعر الفائدة الذي رفعناه إلى 50 في المائة في مارس (آذار)، ثابتاً لمدة 8 أشهر، وسنواصل موقف سياستنا النقدية المتشددة حتى يتحقق الانخفاض وتتقارب توقعات التضخم مع النطاق المتوقع على المدى المتوسط (5 في المائة)».

بالتوازي، أعلن معهد الإحصاء التركي أن اقتصاد تركيا سجَّل نمواً بنسبة 2.1 في المائة في الربع الثالث من العام على أساس سنوي.

وكان اقتصاد تركيا سجل نمواً في الربع الأول من العام بنسبة 5.3 في المائة، وفي الربع الثاني بنسبة 2.4 في المائة.

وظلت توقعات النمو للعام الحالي ثابتة عند 3.1 في المائة، بحسب نتائج استطلاع المشاركين في السوق لشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي نشره البنك المركزي التركي، الأربعاء، في حين تراجعت التوقعات من 3.3 في المائة إلى 3.2 في المائة لعام 2025.