السودان يحارب الفساد بتجميد «حسابات مشبوهة»

عضو «لجنة التفكيك» وجدي صالح خلال مؤتمر صحافي (سونا)
عضو «لجنة التفكيك» وجدي صالح خلال مؤتمر صحافي (سونا)
TT

السودان يحارب الفساد بتجميد «حسابات مشبوهة»

عضو «لجنة التفكيك» وجدي صالح خلال مؤتمر صحافي (سونا)
عضو «لجنة التفكيك» وجدي صالح خلال مؤتمر صحافي (سونا)

أعلنت «لجنة تفكيك نظام 30 يونيو (حزيران) 1989 وإزالة التمكين»، المسؤولة عن تصفية نفوذ النظام السابق في السودان برئاسة عمر البشير، عن وضع يدها على عدد من الحسابات المصرفية التي تتداول مبالغ مالية ضخمة تصل إلى مليارات الجنيهات السودانية، وتعمل في تجارة العملات في الأسواق الموازية والسمسرة وغسل الأموال.
وتداولت وسائط التواصل الاجتماعي، تعميماً إلى البنوك التجارية العاملة في البلاد، صادراً عن الإدارة العامة للرقابة المصرفية في بنك السودان المركزي، أعلن فيه تجميد 163 حساباً مصرفياً، معظمها تابعة لرموز النظام السابق، وأبنائهم وأقاربهم. وقال البنك في التعميم إنه اتخذ قراره وفقاً لخطاب صادر عن «لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وإزالة التمكين».
ونصت الوثيقة الدستورية على محاسبة منسوبي النظام البائد، على كل الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوداني، منذ 30 من يونيو 1989 وفقاً للقانون، وبناء على هذا النص صدر قانون تفكيك نظام 30 يونيو وإزالة التمكين، وبموجبه تكونت لجنة تفكيك النظام. وتعمل اللجنة بصلاحيات واسعة على تفكيك النظام ومؤسساته ومراكز نفوذه السياسي والاقتصادي ومنسوبيه، وتقديمهم للمحاكمات، واستردت للدول في أوقات سابقة مئات الشركات والعقارات تابعة لرموز النظام السابق بطرق غير شرعية، وأوقفت آلاف الموظفين في الدولة، تحصلوا على وظائف بناء على الولاء السياسي للنظام المباد.
وقال عضو اللجنة، وجدي صالح، في مؤتمر صحافي إن لجنته ضبطت 90 حساباً مصرفياً «صدئاً»، بإجمالي حركة حسابات فاقت 64 ملياراً و305 ملايين جنيه سوداني، خلال فترة قصيرة، وتعود إلى أشخاص وشباب وربات منازل وأسماء أعمال، بدون نشاط اقتصادي واضح، جلها تم فتحها مع بداية الثورة السودانية أواخر عام 2018 واستمرت حتى عام 2020.
وأوضح صالح أن أنشطة هذه الحسابات تنحصر في تجارة الأحذية والسمسرة وأخرى تابعة لموظفين في البنوك، وانحصر نشاطها في تجارة العملات في السوق الموازية وغسل الأموال وتهريب العملات خارج البلاد، وأن بعض أصحاب هذه الحسابات تم إلقاء القبض عليهم، فيما تجري الإجراءات المتعلقة بمن هم خارج البلاد من المشتبهين.
ونفى صالح أن يكون هدف هذه العملية كشف حسابات الأشخاص في البنوك، وقال إن لجنته لا تتابع إلا الحسابات المشبوهة، وفقاً لمرجعيتها القانونية والدستورية، ووفقاً لقانون مكافحة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب. وتوعد صالح بإصدار أكثر من 200 قرار خلال الفترة المقبلة، تشمل استرداد مؤسسات اقتصادية وكشف مخربين وفاسدين في الخدمة المدنية، دأبوا على إعاقة عملية التحول الديمقراطي، بتعطيل عمل جهاز الدولة.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.