تهديدات «داعش» تضاعف الضغوط على عمليات الإجلاء من أفغانستان

مقتل 7 في «فوضى» حول مطار كابل... وأميركا تُشرك طائرات مدنية في الجسر الجوي

صورة من وزارة الدفاع الإيطالية لجانب من عمليات الإجلاء في مطار كابل أمس (أ.ب)
صورة من وزارة الدفاع الإيطالية لجانب من عمليات الإجلاء في مطار كابل أمس (أ.ب)
TT

تهديدات «داعش» تضاعف الضغوط على عمليات الإجلاء من أفغانستان

صورة من وزارة الدفاع الإيطالية لجانب من عمليات الإجلاء في مطار كابل أمس (أ.ب)
صورة من وزارة الدفاع الإيطالية لجانب من عمليات الإجلاء في مطار كابل أمس (أ.ب)

عقد الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس (الأحد)، اجتماعاً هو الثاني في غضون 24 ساعة مع فريقه للأمن القومي لمتابعة تطورات إجلاء الرعايا الأميركيين والأجانب وغيرهم من الأفغان الذين كانوا يعملون مع قوات التحالف في أفغانستان، فيما لمحت إدارته إلى احتمال توسيع نطاق هذه العمليات إلى خارج مطار كابل، في ظل تهديدات مختلفة متزايدة من حركة «طالبان» وجماعات إرهابية مثل «تنظيم داعش». وأمر وزير الدفاع لويد أوستن 6 شركات طيران مدنية بالمساهمة في هذه العمليات.
وذكر شهود أن حركة «طالبان» فرضت بعض النظام حول مطار كابل الذي تعمّه الفوضى أمس (الأحد)، وأن مقاتليها أطلقوا النار في الهواء، واستخدموا الهراوات لحمل الناس على تشكيل طوابير منظمة خارج البوابات الرئيسية، ولم يسمحوا للحشود بالتجمع في محيطه، حسب ما أوردت وكالة «رويترز». وقال الشهود إنه ليست هناك إصابات جسيمة، وإن طوابير طويلة تتشكل أمام بوابات المطار. جاء ذلك في وقت قال مسؤولون بحلف شمال الأطلسي و«طالبان» إن ما لا يقل عن 12 شخصاً قُتلوا في المطار وحوله منذ الأحد الماضي. وقال شهود إن بعضهم قُتل بالرصاص والبعض الآخر لقي حتفه في وقائع تدافع. وقالت وزارة الدفاع البريطانية، من جهتها، إن 7 أفغان قُتلوا في الفوضى حول المطار. وأضافت في بيان: «الأوضاع على الأرض لا تزال في غاية الصعوبة، لكننا نبذل قصارى جهدنا لإدارة الوضع بأكبر قدر من السلامة والأمن».
وكان البيت الأبيض أفاد بأن الرئيس جو بايدن ألغى عطلة نهاية الأسبوع المعتادة في ولايته ديلاوير، واستمع أول من أمس (السبت) من أعضاء فريقه للأمن القومي إلى إحاطات بشأن تطورات الوضع في أفغانستان. وعاود الاجتماع مع هذا الفريق أمس (الأحد) في غرفة العمليات لمناقشة الوضع الأمني وعمليات مكافحة الإرهاب، بما في ذلك ضد «داعش» في أفغانستان، بالإضافة إلى عمليات الإجلاء والجهود المبذولة لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقات مع دول ثالثة ترغب في العمل كمراكز عبور للأشخاص الذين يجري إجلاؤهم.
وشارك في هذين الاجتماعين كل من نائبة الرئيس كامالا هاريس، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بسبب سفرها إلى سنغافورة، ووزيري الخارجية أنتوني بلينكن والدفاع لويد أوستن ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي ومستشار الأمن القومي جايك سوليفان ومديرة الاستخبارات الوطنية أفريل هينز وآخرين.
ولم يوضح المسؤولون الأميركيون طبيعة التهديدات التي تمثلها «داعش» على عمليات الإجلاء الجارية. غير أن فرع التنظيم الإرهابي في أفغانستان أعلن منذ فترة طويلة رغبته في مهاجمة المصالح الأميركية في الخارج، وكان ناشطاً في أفغانستان لسنوات عدة، إذ نفذ هجمات دامية. واستُهدفت الجماعة بضربات جوية أميركية في السنوات الأخيرة. لكن المسؤولين يقولون إن «بقايا» من الجماعة لا تزال ناشطة في أفغانستان. وتخشى الولايات المتحدة إعادة تشكيلها بطريقة أكبر في الوقت الذي تخضع فيه البلاد لحكم «طالبان».
وفي ضوء هذه التهديدات وغيرها، لمحت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إلى أن القوات الأميركية يمكن أن تقوم بمزيد من العمليات خارج مطار كابل للمساعدة في إجلاء الرعايا الأميركيين الذين تقطعت بهم السبل والأفغان الذين ساعدوا في المجهود الحربي الأميركي.
جاء هذا التلميح في وقت تستعجل فيه إدارة بايدن نقل آلاف الأشخاص يومياً من أفغانستان، فيما أدت الفوضى والتدافع للوصول إلى المطار مجدداً إلى إغلاق كل البوابات التي توصل إليه.
وقال الناطق باسم البنتاغون جون كيربي: «انظروا، من دون أن تكونوا متنبئين هنا، لدينا قوات في بيئة ديناميكية للغاية، مهمة محفوفة بالمخاطر، وهم يفهمون ذلك، ويفهمون أيضاً سبب وجودهم هناك، لمساعدة الناس». وإذ أكد عدم وجود عمليات عسكرية أميركية خارج محيط المطار، أضاف: «لن أستبعد أنهم (...) إذا رأوا فرصة (...) لن يفعلوا ذلك».
جاءت هذه التعليقات بعدما تبين أن قوات أميركية على متن طائرات هليكوبتر من طراز «شينوك» غادرت المطار الخميس الماضي لنقل 169 أميركياً من فندق قريب. وأجرت قوات أوروبية عمليات إنزال «كوماندوز» مشابهة خلال الأيام الماضية، ما دفع بعض المشرعين الأميركيين وغيرهم إلى اقتراح أن على إدارة بايدن بذل مزيد من الجهد لمساعدة الناس في الوصول إلى المطار.
وتفيد التقارير بأن آلاف الأميركيين وعدداً أكبر من الأفغان الذين عملوا قوات التحالف، لا يزالون في أفغانستان، علماً بأن الرئيس بايدن حدد 31 أغسطس (آب) الجاري موعداً نهائياً لإنجاز الانسحاب الأميركي، على رغم أنه أشار في الأيام الأخيرة إلى أن الإطار الزمني يمكن أن يمدد إذا لزم الأمر. وأفاد مسؤولو البنتاغون بأنه منذ بدء الإجلاء قبل أسبوع، تمكن الجيش الأميركي من إخراج نحو 17 ألف شخص من كابل، بينهم 2500 أميركي. وخلال الأسبوع الماضي، قدّرت إدارة الرئيس بايدن أن ما بين 10 آلاف إلى 15 ألفاً من الرعايا الأميركيين لا يزالون في أفغانستان.
وأعلن البيت الأبيض مساء السبت أن إسبانيا وافقت مؤقتاً على إيواء من جرى إجلاؤهم من أفغانستان في القواعد العسكرية في روتا ومورون.
وفي فترة 24 ساعة جرى قياسها، وسط تزايد العنف خارج المطار والتهديدات الجديدة من «داعش»، أجلى الجيش الأميركي 1600 شخص على متن 6 طائرات نقل من طراز «سي 17»، وفقاً للجنرال ويليام هانك تايلور في البنتاغون، علماً بأن 2200 شخص إضافيين غادروا كابل في رحلات مستأجرة، فيما انخفضت عمليات الإجلاء على متن الطائرات العسكرية من نحو 2000 شخص كانوا ينقلون كل يوم خلال الأسبوع الماضي، علماً بأن الهدف المعلن للبنتاغون هو ما بين 5 آلاف و9 آلاف يومياً. وردّ البنتاغون ذلك إلى تباطؤ العمل في قاعدة العديد الجوية في قطر، بالإضافة إلى الفوضى الناجمة عن الاكتظاظ في محيط مطار كابل وداخله، ما أدى إلى توقف عمليات الإجلاء لساعات خلال عطلة نهاية الأسبوع. ونتيجة لذلك، بدأ الجيش الأميركي بنقل الأشخاص الذين جرى إجلاؤهم من كابل مباشرة إلى قواعد عسكرية أخرى في الخليج وأوروبا ومطار دالاس الدولي في واشنطن، ما خفّف الأعباء عما يسمى عنق الزجاجة في قطر.
وقال مسؤول أميركي مطلع إن آلافاً من الذين جرى إجلاؤهم وصلوا إلى الإمارات العربية المتحدة مساء السبت في طريقهم إلى الولايات المتحدة.
وفي محاولة لتسريع جهود الإجلاء، أعلن البنتاغون أن وزير الدفاع لويد أوستن أمر 6 شركات طيران أميركية كبرى بالمساعدة في نقل عشرات الآلاف من الأشخاص الذين جرى إجلاؤهم من أفغانستان. واتخذ هذا القرار من خلال تفعيل ما يسمى «الأسطول الجوي الاحتياطي المدني»، الذي أنشئ عام 1952 في أعقاب جسر برلين الجوي، لتوفير عدد من الطائرات التجارية لتعزيز العملية العسكرية الأميركية لإجلاء الأفغان الذين يصلون إلى قواعد في الشرق الأوسط. وأفاد مسؤولون عسكريون بأن 18 طائرة ستنضم إلى أكثر من 150 طائرة شحن عسكرية تشارك الآن في جهود الإجلاء. ويشمل التفعيل الحالي 4 طائرات من شركة «يونايتد إيرلاينز» و3 من كل من «أميركان إيرلاينز» و«أطلس إير» و«دلتا إيرلاينز» و«أومني إير» واثنتين من خطوط هاواي الجوية. وقال كيربي إن البنتاغون لا يتوقع حدوث تأثير كبير على الرحلات الجوية التجارية.
وعلى رغم إعلان الجيش الأميركي أنه يسيطر على مطار كابل وأن البوابات مفتوحة للأميركيين الذين يصلون بأوراق مناسبة، أشارت وزارة الخارجية الأميركية إلى تهديد أمني غير محدد، داعية الأميركيين إلى «تجنب السفر إلى المطار وتجنب بوابات المطار في هذا الوقت ما لم تتلقَ تعليمات فردية من ممثلين لحكومة الولايات المتحدة». ويبدو أن هذه التحذيرات ناجمة عن احتمال استهداف الأميركيين من مقاتلين موالين لـ«تنظيم داعش» في أفغانستان. لكن كيربي أفاد أنه على رغم استمرار التواصل مع «طالبان» لضمان المرور الآمن للأميركيين والأفغان الذين ترعاهم الولايات المتحدة، فمن الواضح أنه «لم يفهم كل مقاتل من (طالبان) الكلمة أو قرر الانصياع لها».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».