صراع الخرائط يستقر سنياً وكردياً... ويتصاعد شيعياً

توافق أميركي ـ بريطاني ـ إيراني على إجراء الانتخابات العراقية في موعدها

TT

صراع الخرائط يستقر سنياً وكردياً... ويتصاعد شيعياً

بدأ العد التنازلي للانتخابات العراقية المقرر إجراؤها في 10 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. المفوضية العليا المستقلة للانتخابات منحت المرشحين؛ الذين يزيد عددهم على 3 آلاف مرشح، أطول فترة للدعاية الانتخابية. ومع أن المرشحين لهذه الانتخابات هم الأقل منذ عام 2005 (أول انتخابات تشريعية بعد 2003)، فإن غالبية الكتل السياسية لا تزال مترددة في إطلاق حملاتها علناً خشية تأجيل الانتخابات؛ مما يعني إهدارها ملايين الدولارات دون نتيجة.
وطبقاً لكل التوقعات؛ فإن الجميع ينتظرون موعداً افتراضياً هو 1 سبتمبر (أيلول) المقبل يمكن أن يتضح من خلاله الموقف الأخير لزعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر؛ لا سيما بعد ازدياد الضغوط عليه بهدف ثنيه عن مقاطعة الانتخابات. لكن، وطبقاً لما أبلغ به «الشرق الأوسط» سياسي عراقي مطلع: «هناك متغيرات مهمة بدأت تتبلور في الآونة الأخيرة يمكن أن تحدد إلى حد كبير ملامح المرحلة القليلة المتبقية على صعيد حسم مصير الانتخابات». وأضاف أنه «في الوقت الذي لم يكن فيه الموقف الأميركي محسوماً حتى قبل أيام لجهة إجراء الانتخابات؛ فإن الأميركيين باتوا يرغبون في إجرائها بموعدها، وهو أمر لافت؛ لا سيما أن الموقف الأميركي الجديد تغير بنسبة كبيرة لصالح إجراء الانتخابات بعد أحداث أفغانستان». وأكد السياسي العراقي أن «الموقف البريطاني هو الآخر شهد تغييراً كبيراً لجهة التوافق مع الأميركيين على صعيد إجراء الانتخابات»، مبيناً أن «البريطانيين كانوا ضد إجرائها علناً عبر التغريدات التي كان ينشرها السفير البريطاني السابق لدى العراق هيكلي، والتي كانت أثارت غضب العديد من القوى السياسية بشأن ما عدته تدخلاً في الشؤون الداخلية للعراق، غير أن موقف لندن الآن هو مع إجراء الانتخابات».
وبينما كان يدلي السياسي العراقي بحديثه لـ«الشرق الأوسط»، أكد السفير الأميركي لدى العراق ماثيو تولر في حديث مع قناة «العربية» على «أهمية إجراء الانتخابات العراقية في موعدها»، عادّاً أن «تأجيلها سيدخل العراق في أزمة أكثر تعقيداً».
وفي حين باتت قوى عراقية عديدة تخشى إمكانية تكرار السيناريو الأفغاني في العراق؛ فإن السفير الأميركي أكد «عدم وجود تشابه بين العراق وأفغانستان»، مبيناً أن «المهمة الأميركية في العراق مختلفة تماماً عن المهمة في أفغانستان». وفي الوقت الذي أثار فيه هذا التصريح لغطاً في الأوساط المعارضة لا سيما «تحالف الفتح» والفصائل المسلحة المنضوية فيه أو القريبة منه ومن إيران بشأن طبيعة المهمة الأميركية في العراق، فإنه ووفقاً للسياسي العراقي؛ فإن «هناك توافقاً إيرانياً؛ وإن كان غير متفق عليه، مع الأميركيين والبريطانيين على إجراء الانتخابات في موعدها، وذلك عبر (تحالف الفتح) الذي يصر على إجرائها ربما لمزيد من النكاية في زعيم التيار الصدري»، مشيراً إلى أن «(الفتح) وكذلك (ائتلاف دولة القانون) بزعامة نوري المالكي باتا يجدان الفرصة سانحة لهما لإنهاء الصدر سياسياً رغم أنهما يدركان قوة جمهوره وتأثيره (الصدر) في المعادلة السياسية القائمة حالياً وما بعد الانتخابات».
ورداً على سؤال عما إذا كان الصدر سيعدل في النهاية عن قرار المقاطعة بعد قراءته الساحة السياسية وإصرار خصومه على إجرائها، يقول السياسي العراقي: «بالنسبة للسيد الصدر؛ فإن الجميع يعلم أنه لا يخضع للضغوط مطلقاً، وبالتالي؛ فإن أي قرار يتخذه يكون نابعاً من قراءته»، متابعاً أن «المعطيات الحالية ليست لصالح الصدريين كتيار في حال لم يشتركوا في الانتخابات حتى بافتراض أن الصدر كان قرر الانسحاب ولم يعلن المقاطعة (جاءت) نتيجة معلومات قدمت له طبقاً لما يقال تشير إلى أن التيار الصدري لن يحصل على ما كان يتوقعه من مقاعد».
وحول ما إذا كانت الخريطة السياسية سوف تتأثر في غياب «التيار الصدري» في حال الإصرار على عدم المشاركة، يقول السياسي العراقي: «قبل الخرائط السياسية؛ فإن هناك ثلاثة أطراف سوف تتأثر باستمرار غياب الصدر؛ هم: رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لأنه مدعوم من الصدر وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني الذي عقد تحالفاً مع الصدر كان يمكن أن يغير خريطة التحالفات لو استمر، والرئيس برهم صالح الذي بقدر ما يتأثر في غياب الصدر فإنه بدا أنه استفاد من جانب آخر وهو انفراط (التحالف الصدري – البارزاني)؛ لأنه لو كان استمر لكان سيجعل تشكيل الرئاسات الثلاث بيد الصدر وبارزاني، بينما الآن انتهى هذا الأمر؛ حيث إن هذا التحالف لن يعود حتى لو عاد الصدر إلى السباق الانتخابي بسبب عدم ثقة بارزاني بإمكانية قيام تحالف جديد مع الصدريين».
وحول الخرائط السياسية، يقول السياسي العراقي إنه «في الوقت الذي استقرت فيه الخرائط على صعيد الكرد والسنة؛ فإنها لا تزال قلقة وتنذر بالمخاطر شيعياً»، موضحاً أن «الكرد استقروا على حزبين كبيرين لا منافس رئيسياً لهما في كردستان؛ الأمر الذي يجعل تحركهم باتجاه بغداد حتى في ظل خلافاتهم داخل الإقليم المستمرة، موحداً نسبياً. والأمر نفسه ينطبق على الساحة السنية؛ حيث استقرت الخريطة عند قوتين؛ إحداهما حزب (تقدم) بزعامة محمد الحلبوسي، والثاني (تحالف عزم) بزعامة خميس الخنجر». بينما، والكلام للسياسي العراقي، «المشكلة لا تزال قائمة وربما حادة على الجبهة الشيعية؛ حيث لا يزال نحو 4 أو 5 قوى تتحكم بالمشهد الشيعي بما يجعل خريطته السياسية غير مستقرة؛ لأن صراع الزعامات والإرادات لا يزال قوياً بين الزعامات الشيعية؛ وهو أمر لا يمكن ضبط إيقاعه إلا بتوافق هش؛ نظراً لإدراك الجميع أن أي مواجهة شيعية - شيعية سوف تكون على حسابهم جميعاً، وبقدر ما تؤذي الجميع في النهاية؛ فإنها تسمح للأطراف الأخرى بمزيد من التدخل، لا سيما القوى الدولية، فضلاً عن أنها تقوي جبهة منافسيهم؛ لا سيما الكرد والسنة».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.