استياء يمني من استمرار الانقلابيين في «حوثنة» المناهج الدراسية

تلاميذ بمدرسة في صنعاء حيث يخشى أولياء الأمور من تلاعب حوثي في مناهج الدراسة (أ.ف.ب)
تلاميذ بمدرسة في صنعاء حيث يخشى أولياء الأمور من تلاعب حوثي في مناهج الدراسة (أ.ف.ب)
TT

استياء يمني من استمرار الانقلابيين في «حوثنة» المناهج الدراسية

تلاميذ بمدرسة في صنعاء حيث يخشى أولياء الأمور من تلاعب حوثي في مناهج الدراسة (أ.ف.ب)
تلاميذ بمدرسة في صنعاء حيث يخشى أولياء الأمور من تلاعب حوثي في مناهج الدراسة (أ.ف.ب)

أثار استمرار الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران في «حوثنة» المناهج الدراسية وتحويلها إلى وسائل لاستقطاب الطلبة وغسل أدمغتهم تمهيدا لتجنيدهم استياء واسعا في الشارع اليمني على المستوى الشعبي والرسمي، في حين نفت منظمة اليونيسيف علاقتها بالطباعة والتوزيع بعد أن وجه لها ناشطون يمنيون تهما بالتمويل.
وكان ناشطون يمنيون بثوا قبل أيام على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لغلاف مقرر التربية الوطنية للصف الثامن من التعليم الأساسي (الثاني الإعدادي) بعد أن ضمنته الميليشيات صورة لأحد قادتها القتلى في 2016 إلى جانب مسلحين يحملون صواريخ محمولة على الكتف.
وخلال سنوات الانقلاب على الشرعية في اليمن أوكلت الميليشيات الحوثية مهمة السيطرة على قطاع التربية والتعليم ليحيى الحوثي شقيق زعيمها الذي قام بدوره بإطاحة كافة القيادات التربوية من مناصبهم وصولا إلى مديري ومديرات المدارس وحتى المعلمين والمعلمات وأحل مكانهم عناصر معبأة طائفيا تدين بالولاء للجماعة وأفكارها.
كما أوكلت الجماعة الانقلابية إلى عناصرها الجدد في قطاع التربية والتعليم مهمة تغيير المناهج الدراسية، لا سيما مقررات التربية الوطنية والتاريخ وكذا مقررات التربية الإسلامية واللغة العربية، وانتهاء بـ«حوثنة» مقررات الحساب لطلبة الصفوف الأولى.
وتطمح الميليشيات الحوثية - كما يرى مراقبون - إلى تغيير هوية المجتمع اليمني وتشكيل جيل جديد يدين لها بالولاء ويعتنق أفكارها المتطرفة، فضلا عن المساعي لتحويل نحو خمسة ملايين طالب وطالبة إلى مخزون بشري تستغله في عمليات التعبئة والتجنيد للقتال ونشر الأفكار الخمينية.
وكانت تقارير محلية ودولية أشارت إلى قيام الجماعة الانقلابية بتجنيد الآلاف من طلبة المدارس للقتال، في حين أحصى أحدث تقرير حقوقي مقتل المئات منهم خلال السنة الجارية في عدد من جبهات القتال.
ومع استمرار الميليشيات في عملية «حوثنة» المناهج وتطييفها شن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي هجوما على المنظمات الأممية لا سيما منظمة اليونيسيف التي اتهموها بتمويل طباعة المناهج الحوثية الجديدة، وهو الأمر الذي اضطرت معه المنظمة إلى نفي تلك الاتهامات.
وقالت المنظمة في تغريدتين على «تويتر» إنها «لم تشارك في إنتاج أو توزيع الكتب المدرسية في اليمن» وإنها تؤمن «بوجوب ألا يخضع التعليم للاستخدام السياسي أو الطائفي وبوجوب أن يظل التعليم أولوية لضمان مستقبل الأطفال ورفاهيتهم».
وأضافت اليونيسيف أنها «موجودة على الأرض وتقدم الاستجابة في الخطوط الأمامية للأطفال الأكثر ضعفاً في جميع أنحاء اليمن»، مشيرة إلى أن الأطفال في اليمن «يواجهون تحديات هائلة تؤثر على حقوقهم الأساسية في الصحة والتغذية والتعليم والحماية» وأنه يجب أن تستمر الجهود لمساعدتهم على الحصول على هذه الحقوق.
هذا الاستياء اليمني من تطييف المناهج في مناطق سيطرة الحوثيين امتد إلى الأوساط الرسمية، إذ ندد وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة الشرعية معمر الإرياني، بسلوك الميليشيات المدعومة من إيران واستمرارها فيما وصفه بـ«العبث بالمناهج التعليمية لمختلف المراحل الدراسية في المناطق الخاضعة لسيطرتها».
وقال الوزير اليمني في تصريحات رسمية إن «عبث ميليشيا الحوثي بالمناهج التعليمية يأتي في سياق مساعيها لتزييف وعي الأجيال القادمة، وتعبئتهم بالأفكار الطائفية الدخيلة» على البلاد والمجتمع.
وأشار الإرياني إلى أن هذه الممارسات «تهديد خطير للسلم الأهلي والنسيج الاجتماعي، ونسف لفرص الحوار وإحلال السلام والتعايش بين اليمنيين».
وتابع بالقول: «هذا العبث الخطير بالمناهج امتداد لنهج ميليشيا الحوثي منذ انقلابها على الدولة في توظيف العملية التعليمية في الصراع، وتحويل فصول ومقاعد الدراسة إلى مصائد لمسخ عقول الأطفال واستدراجهم وتجنيدهم في جبهات القتال، وتحويلهم إلى أدوات لقتل اليمنيين ونشر الفوضى والإرهاب في المنطقة».
وانتقد وزير الإعلام اليمني ما وصفه بـ«صمت المجتمع الدولي وتغاضيه عن الممارسات الحوثية الخطيرة التي تهدد بنسف حاضر ومستقبل اليمن، وتقويض أي فرص للحلول السلمية للأزمة، وتجاهل عمليات تجنيد الميليشيا للأطفال والتي تهدد بخلق جيل من الإرهابيين، وتحويلهم لقنبلة موقوتة تهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي». وفق تعبيره.
في غضون ذلك طالب ناشطون وتربويون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي الحكومة الشرعية بتبني برامج تعليمية مضادة في المناطق المحررة للتعريف بخطر الأفكار الحوثية في سياق عملية لتحصين عقول الناشئة من خطر التطييف وصولا إلى تبصيرهم بأهمية مناهضة الانقلاب المدعوم إيرانيا.
يشار إلى أن الجماعة الحوثية لم تكتف فقط بالتركيز على «حوثنة» قطاع التعليم العام فقط، ولكنها نقلت هذه العملية إلى التعليم الجامعي والعالي، سواء من خلال إحلال عناصرها في مفاصله أو فرض مقررات دراسية طائفية، وصولا إلى تغيير أسماء القاعات الدراسية بأسماء قتلاها أو قادتها.
وكان آخر ما قامت به الجماعة الانقلابية تعيين أحد عناصرها في جامعة صنعاء في مهمة الإشراف على خطط رسائل الماجستير والدكتوراه وإقرارها أو رفضها، وهو ما يتنافى مع التقاليد الجامعية المتعارف عليها إذ إن مثل هذه الصلاحيات في إقرار أو رفض هذه الخطط حق حصري لمجالس الأقسام والكليات.
وعبر سنوات من حكم الانقلاب الحوثي أجازت الميليشيات الحوثية العديد من الرسائل الجامعية التي تمجد أفكارها الطائفية وتكرس تاريخ قادتها، وسط تحذيرات الحكومة الشرعية من عدم الاعتراف بمخرجات الجامعات التي تخضع لسيطرة الجماعة أو التصديق على شهاداتها الممنوحة.



«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
TT

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

عقدت الحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، الخميس، اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك؛ لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولوية الحكومة وبرنامجها في الإصلاحات، وإنهاء الانقلاب الحوثي، واستكمال استعادة الدولة.

وجاء الاجتماع في وقت يعاني فيه الاقتصاد اليمني ظروفاً خانقة بسبب تراجع الموارد، وتوقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على موانئ التصدير وتعثر مسار السلام، إثر تصعيد الانقلابيين بحرياً وإقليمياً.

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك في عدن (غيتي)

وذكرت المصادر الرسمية أن مجلس الوزراء ناقش في الاجتماع المستجدات الاقتصادية والمالية والنقدية والخدمية والمعيشية، وفي المقدمة تقلبات أسعار الصرف، والتحديات المتصلة بالكهرباء، وتقييم مستوى الخطط الحكومية للتعاطي معها.

واستعرضت الحكومة اليمنية في اجتماعها مشروع خطة الإنقاذ الاقتصادي لإثرائها بالنقاشات والملاحظات؛ لتطويرها ومواءمتها مع البرامج والسياسات الحكومية الجاري تنفيذها في مجال الإصلاحات، تمهيداً لإقرارها ورفعها إلى مجلس القيادة الرئاسي.

ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية أن مجلس الوزراء أجرى نقاشاً مستفيضاً لتقييم الخطة، والتي تتوافق في عدد من جوانبها مع المسارات الرئيسية لأولويات الحكومة والمتمثلة في استكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب، وتحقيق السلام، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، إضافة إلى الإصلاح المالي والإداري، وتنمية الموارد الاقتصادية، والتوظيف الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية وتوجيهها وفقاً للاحتياجات والأولويات الحكومية.

وبحسب الوكالة، أقرت الحكومة تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير المالية، وعضوية وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والصناعة والتجارة، والكهرباء والطاقة، والنقل، والخدمة المدنية والتأمينات، والنفط والمعادن، والبنك المركزي اليمني، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومكتب رئيس الوزراء، لدراسة الخطة واستيعاب الملاحظات المقدمة عليها، وإعادة عرضها على المجلس خلال أسبوعين من تاريخه للمناقشة واتخاذ ما يلزم.

مواءمة الخطة

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس الوزراء كلف اللجنة الوزارية بمواءمة خطة الإنقاذ مع برنامج الحكومة ومصفوفة الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي والخطط القطاعية للوزارات، وغيرها من السياسات التي تعمل عليها الحكومة، وتحديد الأولويات، وما تم إنجازه، ومتطلبات تنفيذ الخطة، والخروج بوثيقة اقتصادية موحدة يتم الاستناد إليها في عمل الدولة والحكومة، بحسب الأولويات العاجلة.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وشدد مجلس الوزراء اليمني على تحديد التحديات بما يتناسب مع الواقع والمتغيرات، وسبل معالجتها بطريقة مناسبة والمسؤولية التشاركية والواجبات بين الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

وركزت نقاشات الحكومة على أهمية مراعاة الخطة لمسببات الوضع الاقتصادي الكارثي الذي فاقمته هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، وتحديد جوانب الدعم المطلوبة من شركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات المانحة.

وأكد اجتماع الحكومة اليمنية تحديد السياسات التي تم تنفيذها والجاري العمل عليها، والتي تضمنتها الخطة، والتحديات والمعوقات التي حالت دون تنفيذ بعضها، ومقترحات المعالجة.

نقص الوقود

اطلع مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه على تقارير من الوزراء المعنيين، حول الإشكالات القائمة في تزويد محطات الكهرباء بالوقود في العاصمة المؤقتة عدن، والجهود المبذولة لتجاوزها، والإجراءات العاجلة لوضع الحلول لتحقيق الاستقرار النسبي في خدمة الكهرباء، واستمرار إمدادات المياه للمواطنين.

وطبقاً للإعلام الرسمي، تم التأكيد بهذا الخصوص على توفير كميات إسعافية من الوقود لمحطات الكهرباء، وعلى العمل لتأمين كميات أخرى إضافية لضمان استقرار الخدمة.

الحكومة اليمنية تعاني تدهوراً حاداً في الاقتصاد بسبب نقص الموارد وتوقف تصدير النفط (سبأ)

كما وجه الاجتماع الحكومي وزيري المياه والكهرباء بالتنسيق لتأمين احتياجات تشغيل آبار المياه، من الكهرباء والوقود اللازم لاستمرار الضخ، وتفادي توقف إمدادات المياه للسكان في عدن.

وإلى ذلك، استمع مجلس الوزراء اليمني إلى إحاطات حول نتائج حملات ضبط محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في عدن والمحافظات المحررة، وضبط أسعار السلع والمتلاعبين بالأسعار، وشدد على مواصلة الحملات والتنسيق بين الجهات الأمنية والسلطات العدلية المختصة في هذا الجانب، طبقاً لما أورده الإعلام الرسمي.