حل مؤقت لأزمة المحروقات والحكومة تتحمل جزءاً من الدعم

عون يتعهد تشكيل الوزارة بالتعاون مع ميقاتي

سيارات تنتظر لملء خزانها بالبنزين أمام إحدى المحطات في بيروت أمس (إ.ب.أ)
سيارات تنتظر لملء خزانها بالبنزين أمام إحدى المحطات في بيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

حل مؤقت لأزمة المحروقات والحكومة تتحمل جزءاً من الدعم

سيارات تنتظر لملء خزانها بالبنزين أمام إحدى المحطات في بيروت أمس (إ.ب.أ)
سيارات تنتظر لملء خزانها بالبنزين أمام إحدى المحطات في بيروت أمس (إ.ب.أ)

تعهد الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس، بتشكيل الحكومة بالتعاون مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، معلناً عن حل لأزمة المحروقات توصل إليه مع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب يقضي بأن تتكفل الخزينة اللبنانية بجزء من الدعم، ومنح موظفي القطاع العام حوافز مالية ريثما يُعاد النظر برواتب الموظفين ضمن خطة تعافٍ كاملة.
وتوصلت السلطة التنفيذية، أمس، إلى قرار قضى برفع سعر المحروقات إلى الضعف تقريباً. وقال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لوكالة «رويترز»، إن الحكومة ستسعر الوقود بسعر 8 آلاف ليرة للدولار، علماً بأن سعره في السوق يناهز الـ18500 ليرة، موضحاً أن الفرق بين السعرين «يُترجم إلى خسارة تتحملها الحكومة»، لافتاً إلى أن «المصرف سيوفر الدولار لواردات الوقود بسعر السوق».
وقال عون، في رسالة وجهها إلى اللبنانيين، مساء أمس: «إننا سنواصل العمل لإيجاد حلول للأزمات»، وذلك بعد تأكيده أنه استنفد كل صلاحياته الدستورية لإيجاد حل لأزمة المحروقات بعد قرار حاكم المصرف المركزي رياض سلامة لجهة إعلانه عن عجزه مواصلة الدعم، لافتاً إلى دعوته لاجتماع الحكومة والرسالة التي أرسلها إلى البرلمان. وأكد أنه لن يتأثر بالمزايدات والحملات الإعلامية ضده، متعهداً بأنه لن يتخلى عن واجباته.
وفي ظل أزمة المحروقات والانقسام اللبناني حول رفع الدعم والإبقاء عليه، توصل الاجتماع الذي ترأسه عون بعد ظهر أمس، وحضره رئيس حكومة تصريف الأعمال ووزيرا المال والطاقة وحاكم مصرف لبنان لمعالجة أزمة المحروقات، إلى حل وسطي بين موقف سياسي يتبناه عون والداعي للإبقاء على دعم المحروقات، وموقف «مصرف لبنان» مدعوماً من قوى سياسية لتحرير سعر المحروقات من الدعم. ويتمثل الحل برفع سعر المحروقات في السوق اللبنانية إلى ضعف سعرها الآن تقريباً.
وبموجب هذا الحل، سيكون سعر المحروقات على أساس سعر صرف 8000 للدولار الواحد، علماً بأن سعر صرف الدولار يناهز الـ18500 ليرة. وقرر المجتمعون أن يغطي مصرف لبنان الفارق بين السعرين استناداً إلى اقتراح وزارة المال بالطلب إلى مصرف لبنان فتح حساب مؤقت لتغطية دعم المحروقات، وذلك بقيمة الفرق بين سعر صرف الدولار بمنصة «صيرفة» (16500 ليرة للدولار الواحد) والسعر المعتمد في جدول تركيب الأسعار والمحدد بـ8000 ليرة، بدعم حده الأقصى 225 مليون دولار لغاية نهاية شهر سبتمبر (أيلول)، على أن يتم تسديد هذه الفروقات من موازنة عام 2022.
وبذلك، يكون مصرف لبنان قد حاز دعم السلطة التنفيذية لتغطية الفارق بشكل مؤقت حتى أواخر شهر سبتمبر، علماً بأن مصادر مصرفية تقول إن الحل للمشكلة لن يتم بالنظر إلى أن سعر المحروقات في الأسواق العالمية لا يزال يتخطى ضعفي سعره في لبنان بموجب الحل الوسطي الأخير.
والى جانب هذا الحل المؤقت، طالب المجتمعون الوزارات والإدارات والأجهزة المعنية من قضائية وأمنية وعسكرية بـ«وجوب التنسيق فيما بينها في سبيل الحؤول دون تخزين مواد البنزين والمازوت والغاز المنزلي أو احتكارها أو استغلال المخزون الموجود حالياً لتحقيق أرباح غير مشروعة».
وقرر المجتمعون تعديل تعويض النقل للعاملين في القطاع العام وإعطاء مساعدة اجتماعية طارئة بما يساوي أساس الراتب الشهري أو المعاش التقاعدي تسدد على دفعتين متساويتين، وتشمل جميع موظفي الإدارة العامة مهما كانت مسمياتهم الوظيفية.
وأعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أنه «تداركاً لتداعيات قرار المصرف المركزي برفع الدعم عن المحروقات، الذي ستكون له تأثيرات كبيرة جداً على حياة الناس وتضيف أعباء لا يستطيع اللبنانيون تحملها، لجأنا اليوم إلى تسوية تخفف نسبياً هذه الأعباء».
وقال إن التسوية تقضي باعتماد رقم ثمانية آلاف ليرة لتسعير المحروقات، وكذلك لدفع صيانة معامل وخدمات الكهرباء، على أن تتحمل الدولة فارق الخسارة بالليرة اللبنانية. وأضاف أن «المطلوب اليوم ألا تضيع هذه التسوية وأن يتم تحصينها بتدابير أمنية صارمة وبوعي المواطنين والتزام التجار بها».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».