تستعد المستشارة أنغيلا ميركل للانسحاب من الحياة السياسية بعد 16 عاماً في السلطة. ورغم قرارها بعدم الترشح في الانتخابات المقبلة، تنخرط ميركل مع خليفتها المحتمل، أرمين لاشيت، في المعركة الانتخابية، حيث تظهر استطلاعات الرأي أن المحافظين في ألمانيا معرضون لخطر فقدان سيطرتهم على السلطة. هدفها ما زال واضحاً وهو أن تحاول كسب نقاط للمحافظين بفضل التأييد القياسي الذي لا تزال تحظى به.
وتراجعت نسبة التأييد للمعسكر المحافظ (الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحليفه البافاري الاتحاد الاجتماعي المسيحي) في نوايا التصويت إلى ما بين 22 و23 في المائة أمس، مقابل نحو ثلاثين في المائة قبل بضعة أسابيع. ومنذ بداية العام عندما كانت نسبة التأييد له تبلغ 36 في المائة، سجل تراجعاً حاداً. وبعدما لزمت الحياد إلى حد كبير، قررت ميركل على ما يبدو، قبل خمسة أسابيع من الانتخابات التشريعية الألمانية لتطلق يد المرشح لخلافتها، تغيير موقفها نظراً للصعوبات التي يواجهها معسكرها.
وشاركت ميركل (67 عاماً) في أول ظهور لها في الحملة الانتخابية، قبل الانتخابات العامة المقررة في 26 سبتمبر (أيلول) المقبل، وسعت ميركل إلى دعم لاشيت بالظهور إلى جانب رئيس حزبها المسيحي الديمقراطي في تجمع انتخابي حاشد في العاصمة برلين أمس (السبت). وسيكون هذا التأييد مهماً بالنسبة للاشيت لتعزيز مطالبته بأنه الوريث الشرعي لميركل.
وحضر الفعالية الانتخابية أيضاً رئيس الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، ماركوس زودر. ويأمل لاشيت في الحصول على دعم كامل من زعيم الحزب الشقيق لحزبه، الذي انتقد الحملة الانتخابية مؤخراً ووصفها بأنها «نائمة». ورغم نسبة التأييد المرتفعة بين الناخبين الألمان، خسر زودر أمام لاشيت في محاولته لأن يكون مرشح التحالف المسيحي لخلافة ميركل في أبريل (نيسان) الماضي.
وشكّلت المناسبة فرصة للمستشارة التي خاضت أربع حملات انتخابية ناجحة لإلقاء واحدة من خطبها الانتخابية الأخيرة بعد 31 عاماً من العمل السياسي، وبينما ما زالت تتمتع بشعبية لدى الرأي العام الألماني. وستلتقي ميركل، الاثنين، أرمين لاشيت للاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس ولاية شمال الراين فيستفاليا التي تضم أكبر عدد من السكان وحكمها لاشيت أربع سنوات.
يأتي بعد المحافظين حالياً الحزب الاشتراكي الديمقراطي، فبقيادة وزير المالية أولاف شولتز حقق هذا الحزب الذي يتمتع بوجود قوي في الحياة السياسية بعد الحرب، تحسناً مفاجئاً بحصوله على 21 في المائة من نوايا التصويت، حسب استطلاعات الرأي الأخيرة، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية.
وتفيد بعض الاستطلاعات بأنه يتقدم حتى على حزب الخضر. ومع حصولهم على 17 في المائة من نوايا التصويت، يمر دعاة حماية البيئة بحالة ركود طويل منذ بداية الصيف بعيداً عن الحماسة التي أعقبت إعلان ترشيح أنالينا بربوك في أبريل، حين نجح حزب الخضر في التفوق على المحافظين في استطلاعات الرأي.
وتمكن شولتز رغم افتقاره إلى حضور قوي وإلى قدرات خطابية، من تطوير صورة تؤكد كفاءة الحزب لدى الناخبين، فيما ضاعف أرمين لاشيت وأنالينا بربوك الأخطاء الفادحة، واضطرا للدفاع عن نفسيهما من تهم سرقة تأليف وفي التأليف. كما أدى سوء الإدارة السياسية لأزمة الفيضانات المدمرة في يوليو (تموز) في غرب البلاد من قبل أرمين لاشيت، رئيس إحدى المنطقتين اللتين تضررتا من الكارثة، إلى تسريع سقوطه وصعود الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وكان لصور ظهر فيها يضحك خلف الرئيس فرانك فالتر شتاينماير وسط فيضان، تأثير كارثي على رجل لم يلقَ يوماً إجماعاً في حزبه السياسي.
وقبل خمسة أسابيع من موعد الاقتراع الذي ستراقب كل أوروبا نتائجه، تتصاعد المعارضة داخل حزبه، حيث يطالب البعض بسحب ترشيحه. وفي اجتماع حزبي مغلق، أول من أمس (الخميس)، انتقد نواب الحزب المسيحي الديمقراطي المسيحي علناً حملة لاشيت، التي يعتبرها العديد من مسؤولي الحزب دفاعية للغاية، حسبما علمت وكالة «بلومبرغ» للأنباء من أحد المشاركين، حتى أن أحد النواب البرلمانيين من الحزب تساءل عما إذا كان لاشيت هو المرشح المناسب. وانتخب لاشيت (60 عاماً) على رأس الاتحاد الديمقراطي المسيحي في يناير (كانون الثاني) الماضي. وواجه هذا الوسطي صعوبات جمة في فرض نفسه في مواجهة منافسه البافاري ماركوس زودر لقيادة قائمة الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي الديمقراطي.
وأطلق ماركوس زودر تحذيراً هذا الأسبوع، معتبراً أن الوضع «صعب»، في تصريحات أدلى بها خلال اجتماع للمسؤولين التنفيذيين في حزبه ونشرتها صحيفة «سود دويتشه تسايتونغ». وتحدث الرجل الذي لا يبدي حماساً لدعم لاشيت عن «احتمال واقعي لحكومة من دون الاتحاد» بين الحزبين المحافظين.
ورغم انخفاض شعبيته، كان لاشيت لفترة طويلة المرشح المفضل لخلافة ميركل، لأن دعم المحافظين له ظل قوياً. وكان التفكير السائد في الحزب هو أن عدداً كافياً من الناخبين سيبقى موالياً للحزب وسيدعم لاشيت، المعتدل الذي يسعى إلى الإجماع على غرار ميركل.
وبينما لا تزال ميركل السياسية الأكثر شعبية في ألمانيا، يبقى أن نرى مدى تأثيرها بعدما أوشكت على الخروج من الحياة السياسية الألمانية.
ميركل تهرع لمساعدة خليفتها المحاصر لاشيت
قبل 5 أسابيع من الانتخابات التي تراقب أوروبا نتائجها
ميركل تهرع لمساعدة خليفتها المحاصر لاشيت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة