ميقاتي يتحرر مما قيّد دياب... ليصطدم بعون (تحليل)

الرئيس اللبناني ميشال عون (يسار) ورئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني ميشال عون (يسار) ورئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي (أ.ف.ب)
TT

ميقاتي يتحرر مما قيّد دياب... ليصطدم بعون (تحليل)

الرئيس اللبناني ميشال عون (يسار) ورئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني ميشال عون (يسار) ورئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي (أ.ف.ب)

لم يترك الجمود الخانق المسيطر على الحياة السياسية اللبنانية من مظاهر العمل، سوى الحديث عن تشكيل الحكومة المقبلة التي يبدو أن ساعة صدور مراسيم تأليفها قد ابتعدت وأن التفاؤل بنجاح الرئيس المكلف نجيب ميقاتي قد خفت.
عنصر القوة الوحيد الذي أتاح لميقاتي قبول مهمة تشكيل الحكومة كان الاعتقاد بأنه يحظى بدعم فرنسي وأن باريس تثق فيه لإحياء المبادرة التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون بعيد زيارته إلى بيروت في أغسطس (آب) من العام الماضي على إثر تفجير مرفئها. اعتمد الرئيس المكلف على المعطى هذا الذي قيل إن الأميركيين يوافقون عليه ضمناً، للبدء بالبحث عن أسماء الوزراء المقبلين.
الأسماء المتداولة لتولي حقيبة حكومة ميقاتي، تشبه من بعض الجوانب الأسماء التي ترددت أثناء محاولات الرئيس السابق سعد الحريري تشكيل حكومته المجهضة خصوصاً في المعسكر الذي يقوده «حزب الله». وهي أسماء لا ريب في انتمائها إلى التيارات والأحزاب المشاركة في السلطة. الجديد في مساعي الرئيس المكلف الجديد هو خروج المحاصصة إلى العلن مرة جديدة بعدما كانت عملية تشكيل حكومة حسان دياب في ربيع 2020، قد غطتها بستائر سميكة. فدياب حاول تصوير نفسه ووزرائه بأنهم يمثلون الشارع والشباب والمستقلين. وسعى إلى التعمية على الولاءات الحقيقية لأعضاء حكومته إلى أن راح هؤلاء يعملون بتوجيهات «مرجعياتهم» على نحو ما أعلن وزير المال غازي وزني عندما أحبط تمرير مشروع قانون «التحكم برأس المال» (كابيتال كونترول).
عادت المحاصصة إلى صدر المشهد السياسي بعدما كانت انتفاضة 17 تشرين الأول قد فرضت عليها التراجع وأرغمت الطبقة السياسية على المناورة وتقديم أسماء من الصفين الثاني والثالث لتولي حقائب حكومة دياب. الأجواء اليوم مختلفة تماماً حيث استعادت القوى الحزبية التقليدية الممسكة بالسلطة حضورها القوي في الشارع وفي الأوساط السياسية والإعلامية بعد تطويق الانتفاضة وإفراغها من مضمونها. بهذا المعنى تكون حكومة دياب التي تقوم حالياً بتصريف الأعمال، أكثر خفراً أو أقل وقاحة، من الحكومة المقبلة، إذا أفلح الأعداء - الحلفاء في تشكيل مجلسهم الوزاري.
لم تكن عودة الائتلاف الحاكم إلى صدارة المشهد بسيطة وسهلة. بل شهدت مناورات معقدة شملت استغلال وباء كورونا لمنع تحركات الشباب المشارك في الانتفاضة، وعملية طويلة من تطويع وإخضاع جموع اللبنانيين بإشغالهم بلقمة خبزهم وبإجبارهم على استئناف حياة تشبه حياة القرون الوسطى من ناحية انعدام التيار الكهربائي ووقود السيارات واستقالة المؤسسات الرسمية من مهماتها.
أتاح كل ذلك، إحياء «اللعبة» السياسية التي تحتل السيطرة على مواقع الخصوم الطائفيين والاستيلاء على نقاط قوتهم وحرمانهم من القدرة على التأثير في المستقبل، الموقع الرئيس. لذلك، عادت مصطلحات مثل «الثلث المعطل» (العدد الكافي من الأصوات اللازمة في مجلس الوزراء الذي يمنع التصويت على أي قرار جوهري والذي يسمح أيضاً باستقالة مجلس الوزراء حتى لو لم يستقل رئيسه) الذي يريد رئيس الجمهورية ميشال عون الاستحواذ عليه.
يضاف إلى التراجع الشكلي في أخذ مزاج شارع الانتفاضة في الاعتبار في مجريات تشكيل الحكومة، تراجع عميق يتمثل في السؤال عما إذا كان العالم الذي اشترط تشكيل حكومة إصلاحية لتقديم مساعدات وبدء مفاوضات يتولاها صندوق النقد الدولي، يوافق على بقاء الأحزاب التي تميزت فترات حكمها باستشراء الفساد إلى مستويات غير مسبوقة أفضت إلى انهيار الدولة والاقتصاد وتكاد تطيح بما تبقى من اجتماع اللبنانيين.
من جهة ثانية، يظهر تشدد عون وصهره جبران باسيل وإصرارهما على احتفاظهما بالقدرة على إصابة الدولة برمتها بالشلل إذا سارت الأمور على غير ما يرغبان، يظهر استعصاء الخروج من الأزمة الحالية وفق منطق التسويات العشائرية التقليدي الذي لا تتقن الجماعة الحاكمة سواه. الرؤى المستقبلية وحساب المخاطر واتخاذ الإجراءات الاستباقية لتفادي الوقوع في الهاوية والتخطيط عموماً، من الأمور التي لا يعرف السياسيون اللبنانيون، مدمنو التسيير اليومي، عنها شيئاً.
عليه، تبدو فكرة تشكيل حكومة استناداً فقط إلى التغطية الفرنسية وغض الطرف الأميركي، مغامرة غير محمودة النتائج. وليس كشفاً أن تكرار التجارب السابقة وانتظار نتائج مختلفة لا ينم عن ذكاء كبير، على ما تقول العبارة الرائجة. وذلك في وقت تتهافت فيه القطاعات الاقتصادية المختلفة وتتصاعد الاتهامات بين أطراف الائتلاف الحاكم باستغلال الكوارث المعيشية لحشد الجمهور المؤيد. وقد لا تخلو هذه الاتهامات من صحة، إذ إن مناخ الأزمة الشاملة يتلاءم تماما مع الإعداد للانتخابات البرلمانية المقررة في يونيو (حزيران) المقبل. كما أن دفع الأمور إلى حافة الهاوية وتخوم الاقتتال الأهلي - الطائفي، ممارسة معتمدة من قبل المافيات المتسلطة.
التفويض الدولي الذي أعلن ميقاتي بعيد تكليفه تشكيل الحكومة، محدود جدا وأشبه ما يكون بجليد رقيق لا يصلح لتحمل أوزان الفاسدين ونزواتهم الحكومية.



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.