أحزاب شيعية عراقية تدرس «التوافق» على تأجيل الانتخابات العراقية

«دولة القانون» و«عصائب أهل الحق» أبرز رافضي شروط الصدر

الرئيس العراقي يدعو إلى حوار وطني (واع)
الرئيس العراقي يدعو إلى حوار وطني (واع)
TT

أحزاب شيعية عراقية تدرس «التوافق» على تأجيل الانتخابات العراقية

الرئيس العراقي يدعو إلى حوار وطني (واع)
الرئيس العراقي يدعو إلى حوار وطني (واع)

كثفت الأحزاب الشيعية العراقية من اجتماعاتها، خلال الأيام الثلاثة الماضية، للرد على شروط زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للعدول عن مقاطعة الانتخابات.
وكشفت «الشرق الأوسط»، أول من أمس (الأربعاء)، عن شرطين «لازمين» للصدر قبل أن يعلن عودته إلى السباق الانتخابي، وهما تأجيل الموعد إلى إشعار متوافق عليه، وإدانة جماعات «السلاح المنفلت».
وقالت مصادر سياسية رفيعة إن «الاجتماعات شهدت مرونة في التعاطي مع موقف الصدر، مدفوعة بالقلق من إجراء انتخابات قائمة على الاختلال في التمثيل الشيعي».
وبحسب المصادر، فإن «القوى الأساسية لا تزال تريد إجراء الانتخابات في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لكنها فتحت الباب للتأجيل بشرط حصول قرار كهذا على توافق القوى الشيعية».
وأكدت المصادر أن «ممثلين للصدر حضروا واحداً من تلك الاجتماعات وأبلغوا الحاضرين شرط الصدر تأجيل الاقتراع إلى موعد آخر». وأشارت المصادر إلى أن «ائتلاف دولة القانون» بقيادة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وحركة «عصائب أهل الحق»، أبرز الكتل المصرة على رفض شروط الصدر، والمضي نحو الموعد المحدد من قبل المفوضية.
ونقلت المصادر عن أحد الحاضرين قوله إنه «بإمكان الصدر لعب دور المعارضة السياسية في البلاد، وهو حر في ذلك».
لكن المخاوف تسيطر تماماً على بقية «الشركاء الشيعة من تحمل التداعيات السياسية لغياب الصدر»، ويميلون أكثر لمواصلة الضغط عليه وإقناعه بالعودة، بحسب ما رشح من تلك الاجتماعات.
وحاولت أجنحة الفصائل السياسية الرد على المخاوف الأمنية من إجراء الاقتراع في الموعد المحدد، بالقول إن «(هيئة الحشد الشعبي) يمكنها تأمين مناخ آمن للناخبين والمرشحين».
لكن الأزمة مع زعيم التيار الصدري أعمق من ذلك بكثير، قدر تعلق الأمر بالمخاوف الأمنية؛ إذ يرى الصدر، بحسب مقربين من أجواء مكتبه، أن الجماعات المسلحة تتمسك بموعد الانتخابات لتسيطر على الحكومة المقبلة، وسط غياب قوى سياسية وشعبية عن العملية الانتخابية.
وخلصت اجتماعات الأحزاب الشيعية إلى «وضع خيار التأجيل إلى الطاولة خلال الأيام المقبلة، وأن اتخاذ القرار بشأنه مرهون بالتوافق الشيعي عليه».
وحصل فريق مقاطعة الانتخابات على زخم سياسي، بعد دعوة رئيس الجمهورية برهم صالح إلى إجراء حوار وطني شامل يعالج المخاوف من إجراء الانتخابات في الموعد المحدد. وحذر صالح، خلال كلمة بثها التلفزيون الرسمي بمناسبة العاشر من محرم، من «الاستخفاف بالتحديات التي تحيط بالعملية الانتخابية، وأن نتعامل مع المخاوف القائمة حولها بجدية عبر حوار وطني لتطمين العراقيين وغلق الثغرات».
وحازت كلمة صالح تفاعلاً سياسياً واسعاً، وتداولها مراقبون بتأويلات سياسية مختلفة تطرقت إلى موعد الاقتراع، فيما إذا كانت مفتاحاً لتأجيله.
لكن مصادر سياسية رفيعة أكدت أن «(قصر السلام) لا ينخرط في الجدل الحزبي بشأن الانتخابات، لكنه حريص على إجراء الانتخابات في موعدها، لكن في أجواء مواتية، تضمن طمأنة جميع الأطراف الفاعلة في الاقتراع المقبل».
وقال عضو في الفريق الذي شكله رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لإقناع المقاطعين بالعودة، إن دعوة الرئيس تنسجم مع جهودهم في طمأنة الفعاليات السياسية المعترضة على إجراء الاقتراع في موعده.



«هدنة غزة»: ضغوط نزع سلاح «حماس» قد تدفع لتمديد المرحلة الأولى

فلسطينيات ينتحبن بعد مقتل أحد أقاربهن في قصف إسرائيلي شمال مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)
فلسطينيات ينتحبن بعد مقتل أحد أقاربهن في قصف إسرائيلي شمال مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: ضغوط نزع سلاح «حماس» قد تدفع لتمديد المرحلة الأولى

فلسطينيات ينتحبن بعد مقتل أحد أقاربهن في قصف إسرائيلي شمال مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)
فلسطينيات ينتحبن بعد مقتل أحد أقاربهن في قصف إسرائيلي شمال مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)

يتصاعد الحديث الأميركي عن «نزع سلاح حماس» بعد اللقاء المباشر الأول بين الجانبين منذ حرب غزة، وسط محادثات تستضيفها الدوحة، ورفضٍ من الحركة الفلسطينية التي تتمسك ببدء المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة، وليس تمديد مرحلتها الأولى، بينما تتجه الأنظار لمشاركة مبعوث واشنطن للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.

وعلى الساحة الميدانية، قالت مصادر طبية فلسطينية، الثلاثاء، لقناة «القاهرة الإخبارية»، إن عشرة قتلى سقطوا جراء قصف إسرائيلي للقطاع خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة. وهو ما يأتي، إضافة إلى قطع التيار الكهربائي عن القطاع، في سياق ضغوط على «حماس» قد تدفع لتمديد المرحلة الأولى.

ولا يستبعد خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» سيناريوهات بعد التمديد، مثل استئناف مفاوضات المرحلة الثانية وصولاً للإعمار بضمانات وشروط، أو تجدد الحرب على القطاع.

وبدأ مفاوضون يوم الثلاثاء جولة جديدة من مباحثات الدوحة، وسط مشاركة وفد إسرائيلي قالت «القناة 13» إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أوصاه بالتركيز على مقترح ويتكوف، دون أن يحمل أي صلاحيات أو تفويض لإنهاء الحرب.

و«خطة ويتكوف» التي تدعمها إسرائيل مطروحة للنقاش في المحادثات وفق ما نقلته «تايمز أوف إسرائيل»، الاثنين، وتتضمن إطلاق «حماس» سراح 10 رهائن أحياء، من بينهم الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر، مقابل 60 يوماً أخرى من وقف إطلاق النار.

وسبقت ذلك تصريحات أدلى بها ويتكوف، الذي يصل الدوحة، الأربعاء، لشبكة «فوكس نيوز»، وأكد فيها أن «(حماس) ليس لديها بديل سوى نزع سلاحها ومغادرة غزة»، مضيفاً: «إذا غادروا، فستكون كل الأمور مطروحة على الطاولة من أجل التوصل إلى سلام تفاوضي»، حسب ما نقلته «تايمز أوف إسرائيل» الثلاثاء.

وكرر ويتكوف ما ذكره مبعوث الرهائن الأميركي آدم بوهلر، في تصريحات لشبكة «سي إن إن» الأميركية، الأحد، عقب محادثات منفصلة ومباشرة مع «حماس»، مرجحاً إمكانية التوصل إلى اتفاق «خلال أسابيع» لتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين؛ ومشيراً إلى «هدنة طويلة الأمد أصبحت قريبة جداً».

ويتماشى هذا مع ما ذكرته مصادر لموقع «أكسيوس»، يوم الأحد، بشأن سعي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتمديد المرحلة الأولى التي انتهت مطلع مارس (آذار) الحالي إلى ما بعد شهر رمضان وعيد الفصح، وربما يصل الأمر بعد ذلك إلى هدنة طويلة الأمد يمكن أن تنهي الحرب.

السيناريوهات المطروحة

يرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن المحادثات التي سينضم لها ويتكوف ستنحصر بين أمرين: إما تمديد المرحلة الأولى مقابل دفعات من الأسرى، أو الاتجاه لتعديل المرحلة الثانية بما يسمح بعدم انسحاب إسرائيلي كامل.

ولفت إلى أن تصريحات واشنطن المتكررة عن هدنة طويلة شريطة «نزع سلاح حماس» ليست مستبعدة حال كان هناك تصور لإقامة دولة فلسطينية، أما من دون ذلك فلن تخرج عن فلك الضغوط.

ويرى عضو مجلس الشؤون الخارجية المصرية الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن الأمر أبعد من كونه مجرد ضغوط تمارسها واشنطن لتمديد محتمل لخطة ويتكوف، إذ يحمل إشارات بثمة تقدم في المحادثات وبوجود تحركات أميركية لتسويق ذلك أمام الرأي العام الأميركي بأن «حماس ستدفع ثمناً كبيراً».

ويقول الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، إنه يمكن اعتبار الأحاديث الأميركية ضغوطاً «ليس لاحتمال تمديد المرحلة الأولى، ولكن لإنهاء الأمر كله»، واستدرك: «لكن هذا يتوقف على (حماس) وشروطها والضمانات التي تطلبها لأن إسرائيل لن تقبل بأي إعمار في ظل وجود سلاح الحركة، وقد تستغل رفضها كي تعود للحرب».

وصرَّحت مصادر مطلعة من حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، بأن الحركة «لم تلتزم لأي طرف بأنها ستقبل بنزع سلاحها، وتعدّ الأمر شأناً فلسطينياً»، مضيفةً أنه يمكن قبول هذا الأمر في حالة واحدة «وهي وجود مسار سياسي واضح يسمح بإقامة دولة فلسطينية».

«مفاوضات من أجل المفاوضات»

وصفت المصادر المحادثات التي أجرتها «حماس» مع بوهلر مؤخراً بأنها «إيجابية، لكنها ما زالت في حاجة إلى مزيد من الوقت حتى تنجح»، لافتةً إلى أن قيادات «حماس» هي التي طرحت على بوهلر فكرة الاتفاق على هدنة لا تقل عن خمس سنوات وقد تصل لـ10 سنوات أو أكثر.

كما أجرت إسرائيل مناقشات مع مسؤولين في البيت الأبيض عقب تصريحات لبوهلر قال فيها إن الولايات المتحدة «ليست وكيلاً لإسرائيل»، خصوصاً وأن هناك اعتقاداً بأن المبعوث الأميركي ظهر على شاشة التلفزيون لإرسال رسالة محددة إلى إسرائيل، وفقاً لما ذكرته مصادر لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل» الثلاثاء.

المبعوث الأميركي للرهائن آدم بوهلر يتحدث في واشنطن يوم 6 مارس الحالي (أ.ف.ب)

وهناك صدمة إسرائيلية من مفاوضات واشنطن مع «حماس»، خصوصاً وأنها جاءت بعد وعيد ترمب بالتدمير، حسب أنور الذي لفت إلى أن المحادثات «معقدة، وليس هناك شيء يمكن حسمه في ظل مخطط إسرائيلي لقتل الوقت بمفاوضات من أجل المفاوضات دون نتائج من أجل تجاوز شهر رمضان ثم العودة للحرب».

وأضاف: «الجميع يتحسب لذلك. الأقرب أن تضغط واشنطن بكل السبل لاستئناف الاتفاق أو تمديده حسب المتاح».

من جانبه، يرى الرقب أن اقتناع الولايات بأهمية إجراء محادثات مع «حماس» مباشرةً يحمل رسائل واضحة بأنها تريد المضي قدماً، «ولن يستطيع نتنياهو وقتها الوقوف أمام ترمب إن أراد التحرك بشكل ما نحو إبرام اتفاق طويل الأمد».

ونظراً لتعذر الجزم بالصفقة التي ستتجه نحوها المحادثات الحالية، أو العراقيل التي ربما تضعها إسرائيل، فالأقرب حسب اللواء فرج أن تمضي الأمور خلال جولة الدوحة إلى بحث تمديد لنحو أسبوعين لنهاية شهر رمضان، ثم بدء محادثات أخرى بشأن المسار الأبعد لإنهاء الحرب وبدء الإعمار.