ليبيون يطالبون بتحقيق دولي في «تهجيرهم» من مرزق

الدبيبة دعا للمصالحة أسوة بتاورغاء ومصراتة

عبد الحميد الدبيبة خلال لقائه أعيان وحكماء التبو بمرزق مساء أول من أمس (المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة)
عبد الحميد الدبيبة خلال لقائه أعيان وحكماء التبو بمرزق مساء أول من أمس (المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة)
TT

ليبيون يطالبون بتحقيق دولي في «تهجيرهم» من مرزق

عبد الحميد الدبيبة خلال لقائه أعيان وحكماء التبو بمرزق مساء أول من أمس (المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة)
عبد الحميد الدبيبة خلال لقائه أعيان وحكماء التبو بمرزق مساء أول من أمس (المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة)

بعد عامين من تهجيرهم عن ديارهم، لا يزال سكان مدينة مُرزق، الواقعة جنوب ليبيا، يتمسكون بضرورة إجراء تحقيق دولي في الأحداث التي تسببت في إخراجهم من مدينتهم، ومقتل 90 شخصاً، وجرح أكثر من 200 آخرين في اشتباكات قبلية دامية.
وقال محمد المهدي، وهو ناشط مدني ينتمي إلى مُرزق، لـ«الشرق الأوسط» أمس: «منذ أن أُجبرنا على الرحيل عن ديارنا والنزوح في أنحاء ليبيا، لم تقدم لنا الحكومة، سواء الماضية أو الحالية، أي شيء، لكننا صامدون في الدفاع عن قضيتنا حتى نحقق مطالبنا».
ووجه المهدي اتهامات لجماعة من «تبو أوزو التشادية» تقيم في مُرزق، بأنها تعاونت مع أبناء عمومتهم من تبو ليبيا وتشاد والنيجر، مدعومين بعصابات إرهابية، موضحاً أنه قبل عامين اندلعت اشتباكات عنيفة دامت 8 أشهر بين سكان المدينة، وهم عرب مُرزق، والعصابات المتحالفة مع قبائل «التبو» من المقيمين في المدينة، أدت إلى إجبار المواطنين على نزوحهم بالكامل عن أرضهم.
ويطالب المهدي السلطات في ليبيا «بفتح تحقيق في كل الانتهاكات، التي ارتكبت في المدينة، ومحاسبة المسؤولين والمتورطين فيها»، مشدداً على ضرورة «تشكيل لجنة حقائق دولية ومحلية للكشف عن مصير 23 مخطوفاً منذ عامين».
ورغم أن قبائل «التبو» ترفض هذه الاتهامات، فإن الإحصاءات التي يقدمها سكان المدينة تفيد بأن «قرابة 4 آلاف أسرة، تضم 34 ألف نسمة، خرجوا من مُرزق بعد حرقها بالكامل، وهم يقيمون الآن في أكثر من مدينة بأنحاء البلاد في ظل غلاء الأسعار وصعوبة المعيشة».
وسبق أن عبرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، خلال اندلاع الأحداث الدامية في مرزق، عن «قلقها البالغ» إزاء تصاعد أعمال العنف في المدينة، وقالت إن «الهجمات العشوائية هناك تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وقد ترقى إلى جرائم حرب»، داعية إلى التحقيق فيما حدث بمُرزق، وتقديم المسؤولين عن هذه الجريمة إلى العدالة، بما يتفق وسيادة القانون.
ورداً على ما تبذله الحكومة الحالية من جهود في هذا المسار، قال المهدي: «الحكومة تعد فقط دون أفعال حقيقة حتى الآن». لكن الدبيبة، الذي التقى مساء أول من أمس، أعيان وحكماء (التبو) بمدينة مرزق ضمن جهود المصالحة، شدد على الخطوات التي يجب اتباعها للوصول إلى سلام بالمدينة، وضرب مثلاً بتجربة تاورغاء ومصراتة في المصالحة الوطنية.
وشهدت العلاقة بين مدينتي تاورغاء ومصراتة بغرب ليبيا أحداثاً دامية، عقب إسقاط النظام السابق، بسبب هجوم جماعات من مصراتة على جارتها تاورغاء، التي كانت تدين بالولاء لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، حيث أحرقوا ديارهم وأجبروا قرابة 44 ألف مواطن على النزوح خارج المدينة.
وأكد الدبيبة على أن بسط الأمن يقع على عاتق حكومته؛ لكن «يجب أن يكون بشكل متواز مع خطوات المصالحة الوطنية»، لافتاً إلى أن «إتمام هذا الملف الشائك سيكون مهمة أساسية للحكومة».
وخلال اللقاء أبدى رئيسا مجلس أعيان وحكماء التبو والمجلس الاجتماعي لمدينة مرزق استعدادهما، ورغبتهما في مصالحة شاملة بين الأهالي والتبو القاطنين بالمدينة، مع مطالبتهما بتوفير الخدمات الضرورية للسكان.
وأصدر الدبيبة تعليماته بعقد اجتماع بين الحكماء والأعيان مع اللجنة، التي سبق وشكلها لمتابعة الأوضاع في مرزق.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».