الكاميرون: مواجهات عرقية تحصد 32 قتيلاً وتحرق 19 قرية

بين رعاة ماشية من «الشوا» العربية وصيادين من «موسجوم»

TT

الكاميرون: مواجهات عرقية تحصد 32 قتيلاً وتحرق 19 قرية

سقط 32 قتيلاً في مواجهات عرقية عنيفة اندلعت منذ الأسبوع الماضي في أقصى شمال الكاميرون، وأحرقت 19 قرية خلال هذه الصدامات الدامية، وفق حصيلة صادرة عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، أمس (الخميس)، فيما لم تعلن الحكومة الكاميرونية أي حصيلة ولم تعلق على الصدامات.
وقالت المفوضية الأممية إن الحصيلة التي رصدت تصل إلى 32 قتيلاً «على الأقل»، سقطوا خلال اشتباكات بين رعاة ماشية وصيادين، بينما فرّ نحو 11 ألف شخص نحو تشاد المجاورة، ونزح 7300 آخرين في منطقة أقصى الشمال بالكاميرون، بعد تفجر القتال يوم 10 أغسطس (آب) الحالي بين رعاة ماشية من عرقية «الشوا» العربية، وصيادين من عرقية «موسجوم»، وهي إحدى القبائل الأفريقية العاملة في صيد الأسماك في الأنهار المتفرعة من بحيرة تشاد. ووقعت الاشتباكات في منطقة «لوغون بيرني»؛ حيث توجد أنهار متفرعة من بحيرة تشاد تفيض مع موسم الأمطار، وحين تنحسر المياه تندلع الصراعات بين السكان المحليين المشتغلين بشكل أساسي في الزراعة والصيد وتربية المواشي. ووصف مسؤولون الاشتباكات الأخيرة بأنها «أسوأ عنف عرقي» تشهده الكاميرون منذ سنوات، وقال مسؤول محلي إن الرعاة استشاطوا غضباً لسقوط ماشيتهم في فجوات حفرها صيادون لصيد السمك في برك مياه الفيضانات المنحسرة. وأوضحت المفوضية أن اللاجئين في تشاد في حاجة ماسة للمأوى، مشيرة إلى أن كثيرين منهم ينامون تحت الأشجار. وقالت ميليسنت موتولي، وهي مديرة إقليمية للمفوضية، إن «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين تدعو الحكومات المهتمة للقيام بكل ما هو ممكن لخفض التوترات الطائفية التي تسببت في ذلك النزوح، ولضمان سلامة من أُجبروا على الفرار». ولم يصدر عن الحكومة أي تعليق رسمي على الأحداث، فيما أثارت الجدل في الشارع، وعلقت عليها الأحزاب السياسية المعارضة، إذ اعتبرت «حركة نهضة الكاميرون» المعارضة أن نظام الرئيس بول بيا، هو من يتحمل مسؤولية ما يجري بسبب عجزه عن تسوية المشكلات العقارية في هذه المنطقة.
وقالت الحركة السياسية المعارضة، في بيان، نشرته الصحافة الكاميرونية، إن «هذه الأحداث المأساوية توضح عجز من يحكم الكاميرون منذ 40 عاماً، وعدم قدرته على أن يقدم للشعب أبسط مقومات الحياة»، مشيرة إلى «الحرب مشتعلة منذ عدة أيام بين عرقيتي عرب الشوا وموسجوم في ظل تجاهل تام من السلطات».
وفسرت الحركة المعارضة الأحداث بما قالت إنه «صراع على الأرض سببه ضعف الولوج إلى الماء»، وأضافت أن «هذه الحرب الدامية سببها هو صراع السكان المحليين من أجل السيطرة على مستنقع مياه»، وأكدت أن «الصدامات الدامية بين العرقيتين كان يمكن للحكومة أن تتفاداها بحل أزمة الولوج إلى الماء في هذه المناطق التي اشتهرت بأنها معاقل انتخابية تمنح أصواتها بالكامل لنظام الرئيس بول بيا». وخلصت الحركة المعارضة إلى التأكيد على أن نظام الرئيس بول بيا الذي يحكم الكاميرون منذ 4 عقود «عاجز عن وضع سياسة عقارية واضحة ومتماشية مع الواقع على الأرض»، وفق نص البيان. ورغم أن التعاطي مع الصدامات كان سياسياً في العاصمة ياوندي، فإن العنف العرقي جاء ليعقد الوضع الأمني المعقد أصلاً في منطقة يقاتل فيها جيش الكاميرون جماعة «بوكو حرام» الإرهابية منذ سنوات، وفي الآونة الأخيرة يقاتل مسلحين مرتبطين بـ«تنظيم داعش» الإرهابي.
وتنخرط الكاميرون في تحالف عسكري إقليمي، يضم تشاد ونيجيريا والنيجر، يخوض منذ سنوات حرباً شرسة ضد جماعة «بوكو حرام»، ورغم أن هذا التحالف العسكري حقق انتصارات عسكرية هامة ضد الجماعة الإرهابية، فإن «بوكو حرام» نجحت دوماً في إعادة تنظيم صفوفها. وتثير المواجهات العرقية في شمال الكاميرون المخاوف من أن تتحول المنطقة إلى سوق للسلاح، كما حدث في مالي وبوركينا فاسو في منطقة الساحل، وهو ما سيفتح الباب أمام دخول «تنظيم داعش» المنطقة والسيطرة على مناطق جديدة في منطقة أفريقيا الاستوائية.



​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.