ما السر وراء جلوس مارسيلو بيلسا القرفصاء أو على إناء مقلوب؟

تحولت إلى ظاهرة تميز المدرب الأرجنتيني مثل «نظارة» كلوب و«علكة» فيرغسون و«معطف» فينغر

بيلسا والقرفصاء والدلو المقلوب (غيتي)
بيلسا والقرفصاء والدلو المقلوب (غيتي)
TT

ما السر وراء جلوس مارسيلو بيلسا القرفصاء أو على إناء مقلوب؟

بيلسا والقرفصاء والدلو المقلوب (غيتي)
بيلسا والقرفصاء والدلو المقلوب (غيتي)

دائماً ما نرى المدير الفني الأرجنتيني مارسيلو بيلسا يسير بجوار خط التماس وقطرات الماء تتناثر على عدسات نظارته وهو يدرس زوايا الملعب بعقله التكتيكي الفذ، ثم يجلس القرفصاء في نهاية المطاف. ويشتهر بيلسا بكثير من الأشياء الغريبة حتى أنه يلقب بـ«المجنون»، لكن أكثر عادة غريبة بكل تأكيد هي طريقة جلوسه غير المعتادة، حيث يتجنب الجلوس على المقاعد المخصصة للطاقم الفني، ويجلس القرفصاء! وقد أصبحت طريقة الجلوس الغريبة للمدير الفني لليدز يونايتد علامة مميزة له، ومحبوبة للغاية من قبل مشجعي ليدز يونايتد، بل ومشجعي كرة القدم بشكل عام. في الحقيقة، أصبحت هذه الطريقة غير المعتادة في الجلوس بمثابة إضافة كبيرة إلى مكانة المدير الفني الأرجنتيني في عالم كرة القدم!
لكن متى بدأ بيلسا يجلس بهذه الطريقة بالتحديد؟ لقد كان لديَّ فضول كبير لمعرفة كيف يتمكن رجل يبلغ من العمر 66 عاماً من الجلوس بهذه الطريقة الغريبة لفترات طويلة، في الوقت الذي تنهار فيه ركبتي تماماً عندما أحاول القيام بذلك لثوانٍ معدودة! يعتقد تيم ريتش الذي ألف كتاباً عن بيلسا بعنوان «جودة الجنون»، وكان غلافه الرئيسي عبارة عن صورة لبيلسا وهو يجلس في وضع القرفصاء الكامل، أن المدير الفني الأرجنتيني بدأ هذه العادة عندما تولى تدريب نادي مرسيليا في عام 2014، إذ يقول: «قبل ذلك، لم يكن بيلسا يجلس القرفصاء. لقد كان بكل بساطة يفعل ما يفعله معظم المديرين الفنين، ويقف بجوار خط التماس، وكان كثيراً ما يتعرض للطرد ويجلس في المدرجات، بعدما يفقد أعصابه».
لكن المقاعد المخصصة لجلوس اللاعبين الاحتياطيين والطاقم الفني على ملعب فيلودروم الذي يستضيف مباريات مرسيليا كانت منخفضة للغاية، وبالتالي كان بيلسا يترك هذه المقاعد، ويجلس على صندوق الثلج بجوار خط التماس. يقول ريتش: «لا يمكن للمدير الفني أن يرى الملعب بشكل جيد وهو جالس على تلك المقاعد المنخفضة، وبالتالي كان بيلسا يجلس على صندوق الثلج حتى يرى الملعب بشكل جيد، ويستطيع توجيه لاعبيه داخل الملعب». وقد وقعت حادثة مؤسفة عندما جلس بيلسا على صندوق الثلج، دون أن يدرك أن مساعده قد وضع فيه بقايا فنجان من القهوة الساخنة. وربما كانت هذه الصدمة هي التي جعلت بيلسا يجلس بهذه الطريقة بعد ذلك.
وعندما تولى بيلسا القيادة الفنية لنادي ليدز يونايتد في عام 2018، كان قد اعتاد على الجلوس بهذه الطريقة. وعندما لا ترى المدير الفني الأرجنتيني وهو واقف في كامل تركيزه يعطيك انطباعاً بأنه مفكر، فستراه جالساً بهذه الطريقة أو على دلو (إناء) مقلوب. وسرعان ما وفر المسؤولون بنادي ليدز يونايتد دلواً مبطناً مزيناً بشارات النادي حتى يجلس عليه بيلسا. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل إنه وصل لدرجة أن المتجر الرسمي للنادي أصبح يبيع نسخاً من هذا الدلو (الإناء) مقابل 80 جنيها إسترلينياً! يقول ريتش: «لقد جعل بيلسا مُصنعي الدلاء في يوركشاير سعداء للغاية».
ومن المعروف أن المقاعد المخصصة للبدلاء والطاقم الفني في ملعب «إيلاند رود» الذي يحتضن مباريات ليدز يونايتد تشبه تلك المقاعد الموجودة في ملعب مرسيليا. ويذكرني ريتش بأن المدير الفني الاسكتلندي الأسطوري السير أليكس فيرغسون قد طلب من مسؤولي النادي إعادة بناء مقاعد البدلاء في ملعب «أولد ترافورد»، بحيث أصبحت المقاعد المخصصة لمانشستر يونايتد أعلى من مقاعد الفريق الضيف حتى يحصل مانشستر يونايتد على ميزة أفضل نسبياً من الفريق المنافس. وكثيراً ما نرى المدير الفني الحالي لمانشستر يونايتد، أولي غونار سولسكاير، يجلس في الجزء الخلفي من تلك المقاعد لرؤية الملعب من موقع أعلى، تماماً كما كان يفعل فيرغسون من قبله.
وبالتالي، كان من الطبيعي أن يفكر بيلسا في عدم الجلوس على مقاعد منخفضة، لكنه تجاوز ذلك، وبدأ يجلس القرفصاء بجوار خط التماس مباشرة، وربما يهدف من ذلك أيضاً إلى بث مزيد من الحماس في نفوس لاعبيه. ومع ذلك، ما زلت معجبة للغاية بقدرته على الجلوس بهذه الطريقة، وتحمل ذلك من الناحية البدنية. لقد سألت ستيف كولفيلد، وهو مدرب شخصي مقيم في بروملي بالعاصمة البريطانية لندن، عن هذا الأمر، فقال إن بيلسا بصفته لاعباً سابقاً ربما طور إحساساً بالقوة والتنسيق والتكيف منذ صغره. ويوضح كولفيلد: «يبدو أن بيلسا يتمتع بمرونة ممتازة في الفخذ، وأن الجلوس المنخفض بطريقة القرفصاء يعتمد على الحركة في وركيه وركبتيه وظهره وكاحليه». وتتفق هذه الرؤية مع النظرية التي تشير إلى أن الجلوس بهذه الطريقة يخفف من آلام الظهر.
ويضيف كولفيلد: «قد يكون الجلوس بهذه الطريقة أكثر راحة له من الجلوس على مقعد، والارتكاز على أسفل ظهره. لقد كان هناك كثير من الأبحاث غير المرضية في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي حول حماية الظهر من خلال عدم الانحناء أو الجلوس القرفصاء». ويتابع: «لكن كثيراً ما يجلس الأطفال بهذا الوضع لساعات في أثناء اللعب، ويحدث هذا الأمر معهم بشكل طبيعي. لذا، من الواضح أن بيلسا قد تجاهل كل ذلك، وما زال وهو في السادسة والستين من عمره يجلس بهذه الطريقة، ويبدو مرتاحاً للغاية».
ولقد أعجبت كثيرا بفكرة تقليد مشجعي ليدز يونايتد من صغار السن للطريقة التي يجلس بها بيلسا في الحدائق المحلية، بدلاً من تقليد طريقة باتريك بامفورد في تسديد الكرة في الشباك. ولتوضيح مدى شعبية القرفصاء، قام معد البرامج الرياضية بنادي ليدز يونايتد، ميكي بي كير، بتسجيل أغنية بعنوان «رجل الدلو» على أنغام أغنية «رجل الصاروخ» للمغني الشهير إلتون جون، وهي الأغنية التي يرددها جمهور ليدز يونايتد بحماس الآن في المدرجات. وهناك أيضاً أغنية أخرى للمشجع بول ويلسون، بعنوان «ملك ملعب إيلاند رود»، التي تقول في جزء منها «دلوك هو عرشك». وعلاوة على ذلك، هناك ما لا يقل عن ثلاثة حسابات على موقع «تويتر» مخصصة للدلو!
لقد تحولت القرفصاء والدلو إذن إلى ظاهرتين أيضاً تميزان بيلسا، تماماً مثل النظارة الشفافة التي تميز يورغن كلوب، والعلكة التي كان يمضغها السير أليكس فيرغسون، والمعطف الغريب الذي كان يرتديه المدير الفني السابق لآرسنال آرسين فينغر. كل هذا الاهتمام أدى إلى طرح سؤال على بيلسا بشأن وضع القرفصاء والدلو، حيث قال له أحد الصحافين: «هل أصبح ذلك ينتمي إلى التراث الشعبي الذي تجده في كرة القدم؟»، ليرد المدير الفني الأرجنتيني قائلاً: «أنت تريدني أن أخبرك بأشياء أكثر مما هو عليه الأمر في الواقع؛ إنه مجرد دلو، وليس لدي أي شيء آخر يمكنني أن أضيفه». لكن بيلسا توقف قليلاً قبل أن يضيف شيئاً، ويقول: «ولكنه دلو مريح!».



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».