يهود مصر... هل أُجبروا على الرحيل؟

محمد أبو الغار يتقصى حياتهم وأدوارهم في تاريخ البلد

يهود مصر... هل أُجبروا على الرحيل؟
TT

يهود مصر... هل أُجبروا على الرحيل؟

يهود مصر... هل أُجبروا على الرحيل؟

رحلة بحث شاقة وطويلة قطعها الدكتور محمد أبو الغار، أستاذ علم الأجنة، لينجز كتابه «يهود مصر في القرن العشرين - كيف عاشوا ولماذا خرجوا». وهو دراسة شاملة موثقة بالمراجع المختلفة عربياً وأجنبياً عبر أحد عشر فصلاً مذيلة بملحق صور للمصادر التي التقاها المؤلف، سواء في القاهرة أو باريس أو جنيف أو فلوريدا، وشخصيات مهمة تمثل يهود مصر ممن رحلوا خارج البلاد في توقيتات وملابسات مختلفة.
الكتاب صدر حديثاً عن دار الشروق بالقاهرة في 476 صفحة، ومهّد له المؤلف بحديث عن طفولته وخلفيته العملية كأستاذ في كلية الطب، مستدعياً مشاهد فارقة في رصده وتتبعه حالة اليهود في مصر. ويذكر المؤلف، أنه كان طالباً في السنة الإعدادية للطب عام 1956 حين حدث العدوان «الثلاثي» على مصر. وفي تلك الفترة حدَّثه والده كثيراً عن اليهود المصريين الذين زاملهم في الدراسة والعمل بالبنوك، وكانوا يتمتعون بالكفاءة والأمانة. وفي السنة الثانية للعدوان حدثت الهجرة الكبرى لليهود المصريين، وحين سأل والده عن حقيقة ما يجري لهم أفهمه أن اليهود المصريين ليسوا طائفة واحدة متجانسة وإنما مجموعة من الطوائف بينهم اختلافات كبيرة جداً وتوحدهم فقط الديانة اليهودية.

حارة اليهود
خلال تلك الرحلة كان السؤال الذي يشغل الدكتور أبو الغار: هل كانوا مصريين فعلاً؟ وإذا كان كذلك فلماذا تركوا الوطن؟ هل تركوه طواعية أم تحت الضغط عليهم للرحيل؟ وهل حدث هذا الضغط من مصر حكومة أم شعباً، أم من إسرائيل، أم من الصهيونية العالمية، أم لم يكن هناك ضغط أصلاً وهم الذين فضلوا الرحيل. ثم، هل كانوا يكرهوننا أم يحبوننا، وهل حملوا في قلوبهم ذكريات جميلة عن حياتهم في مصر؟
ويذكر أن كل هذه الأسئلة رغم حساسيتها المصيرية لم يقرأ إجابة عنها في المراجع العربية أو الغربية المختلفة، وأن درجة الصبغة السياسية تختلف من كتاب إلى آخر، لكن هناك أيضاً كتباً ومصادر محترمة وأمينة.
ويقول المؤلف، إن الأغلبية العظمى من اليهود المصريين وفدوا إلى مصر بداية من منتصف القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وكان معظم أفراد هذه الجالية الأصلية قد اشتغلوا عمالاً حرفيين وكانوا في الأغلب من الفقراء والكثير منهم كان من دون عمل مستمر، وكان البعض يعيش على معونات الأثرياء من الجالية أو المؤسسات الخيرية، ولم يكن يختلفون في شيء عن عامة الشعب المصري، لا في اللغة ولا في الشكل ولا في المظهر، ولم تكن لغتهم العربية تحمل أي لكنة أو لهجة مختلفة. كانوا أولاد بلد حقاً، لكن يبدو أنه لم يكن يوجد اختلاط اجتماعي كبير بينهم وبين المسلمين والأقباط خارج نطاق العمل. صحيح، أن أغلبهم عاش في حارة اليهود، لكنها لم تكن بأي حال «جيتو» منفصلاً مثلما حدث في كثير من بلدان أوروبا.

ازدهار اقتصادي
يؤكد المؤلف، أن اليهود لعبوا دوراً مهماً في مصر الحديثة، ويمكن أن يعد قدوم الحملة الفرنسية أواخر القرن الثامن عشر نقطة بداية لها. وكانت دعوة نابليون لليهود إلى الوقوف في صفه ومساعدته، وبدوره، تعاطف مع فكرة إعطاء وطن قومي لهم، وهي أول بادرة في هذا الاتجاه من قوة أوروبية كبرى، وظهرت هذه الفكرة قبل الدعوة الصهيونية بمدة طويلة.
وفي أثناء حكم «محمد علي» حدث انفتاح كبير في مصر على الأوروبيين والأرمن ومختلف الجنسيات الأجنبية، وقد بدأ اليهود حينئذ يأخذون وضعاً متميزاً، ووصل عددهم لما يقرب من تسعة آلاف يهودي. وبدأت الجالية اليهودية تتبوأ مناصب مهمة. وكان أهم هؤلاء اليهود «يعقوب» مؤسس عائلة قطاوي الشهيرة، حيث تولى منصب رئيس الصرافيين «جامعي الضرائب» وهي توازي منصب وزير الخزانة الآن، وقد زاد عدد اليهود في العقدين التاليين بسبب الهجرة من أقطار الدولة العثمانية إلى مصر.
وازدهر النشاط الاقتصادي لليهود في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في عالم الصرافة وإقراض الأموال وتغيير العملات، والتي تحولت بمرور الوقت إلى بنوك خاصة حديثة. وقد بدأت العائلات الكبرى مثل قطاوي وموصيري ومنشه وسوارس ورولو وأجيون بداية متواضعة، معظمها كان في حارة اليهود، وبعد سنوات أصبح أفرادها من كبار الأغنياء، وتوسعت نشاطاتهم الاقتصادية الصناعية والزراعية والمواصلات والمقاولات وغيرها. ومن أشهر العائلات في هذه المجالات «شملا» و«هانو» و«شيكوريل» أحد مؤسسي «بنك مصر» مع طلعت حرب.
ويذكر المؤلف، أن التعداد في مصر عام 1947 يشير إلى أن عدد اليهود كان 65639 نسمة، لكن المصادر اليهودية الموثوقة تشير إلى أن العدد كان أكبر من ذلك بنحو عشرة آلاف، أي كان العدد الكلي لليهود الذين كانوا يعيشون في مصر نحو 75 ألفاً قبل قيام دولة إسرائيل. أما الطبقة المنتمية للمصريين قلباً وقالباً فهم سكان حارة اليهود من اليهود «القرائين» و«الربانيين». وكانت هناك نسبة لا بأس بها تحمل الجنسية المصرية، أما الباقون فلم يتقدموا عن جهل أو عن كسل للحصول عليها، حسب المؤلف.
والحقيقة، أن هذه المجموعة من اليهود المصريين الذين سكنوا حارة اليهود وكانوا يتحدثون العربية بطلاقة وعلاقتهم بمصر وثقافتها وأهلها قوية هي التي ظلمت من الجميع.
وفي نهاية الأربعينات عاملتهم الحكومة المصرية معاملة سيئة فلم تساعدهم على الانتماء إلى الوطن وحرمتهم من الجنسية ووضعت صعوبات أمامهم وعلى الناحية الأخرى هاجمتهم بعنف وقنابل ميلشيات تنظيم الإخوان المسلمين واضطروا إلى الهجرة إلى إسرائيل، وعاشوا في مخيمات من الصفيح مدة طويلة.
وتذكر المصادر التاريخية اليهودية، بحسب الكتاب، أنه من مجموع نحو 75 ألف يهودي كانوا يعيشون في مصر في الثلاثينات والأربعينات هاجر 20 ألفاً بعد عام 1948 ثم من 40 - 50 ألفاً بعد حرب السويس في 1956، وكانت قرارات التأميم في عامي 1961 و1962 هي الضربة التي أخرجت آلافاً عدة أخرى، وبعد حرب 1967 غادر من تبقى. وفي الثمانينات كان في مصر أقل من ألف يهودي معظمهم من كبار السن، وفي نهاية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين لم يبق من اليهود المصريين سوى أفراد قلائل.
ومن هنا، يجزم الدكتور أبو الغار أن قيام دولة إسرائيل لم يكن السبب الرئيسي في خروج اليهود من مصر، حيث لم يغادر سوى 20 في المائة فقط منهم البلاد في الفترة من 1946 حتى 1956. وهو ينتقد الأفكار والمسلمات التي أحاطت باليهود المصريين، مثل الخلط بينهم وبين الصهيونية.


مقالات ذات صلة

«مطلق العنان»... مذّكرات بوريس جونسون في السلطة

كتب بوريس جونسون والرئيس الأميركي المنتخب ترامب

«مطلق العنان»... مذّكرات بوريس جونسون في السلطة

تفترض بالطبع عندما تقدم على شراء نسخة من مذكرات رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون الصادرة حديثاً فيما يقرب من 800 صفحة

ندى حطيط
كتب «أبريل الساحر»... نساء إنجليزيات يهربن من الواقع لـ«تحقيق الروح»

«أبريل الساحر»... نساء إنجليزيات يهربن من الواقع لـ«تحقيق الروح»

عن دار «الكرمة» بالقاهرة، صدرت رواية «أبريل الساحر» للكاتبة البريطانية إليزابيث فون أرنيم، التي وُصفت من جانب كبريات الصحف العالمية بأنها نص مخادع وذكي وكوميدي

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
كتب توافد  العشرات في معرض الجزائر للحصول على  نسخة موقعة من رواية" خوف" لأسامة مسلم

أسامة مسلم وسارة ريفنس وبيت الطاعة الأدبي!

أراقب باهتمام كبير عالمنا المتغير هذا. لعلك أنت أيضاً تفعل ذلك. تتمعن فيه وهو يعيد تشكيل ذاته مثل وحش أسطوري، في زمن إيلون ماسك ومارك زوكربيرغ

د. ربيعة جلطي (الجزائر)
ثقافة وفنون قراءات في قصص وروايات لكتاب عرب

قراءات في قصص وروايات لكتاب عرب

عن دار «طيوف» بالقاهرة صدر كتاب «مرايا الفضاء السردي» للناقدة المصرية دكتورة ناهد الطحان، ويتضمن دراسات ومقالات نقدية تبحث في تجليات السرد العربي المعاصر

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الكاتب السعودي فيصل عباس مع السفير البريطاني نيل كرومبتون خلال الأمسية الثقافية

أمسية ثقافية بمنزل السفير البريطاني في الرياض للاحتفال بإطلاق كتاب «حكايا عربي أنغلوفوني»

أقام السفير البريطاني في الرياض أمسية ثقافية في منزله بالحي الدبلوماسي للاحتفال بإطلاق كتاب «حكايا عربي أنغلوفوني» للكاتب السعودي ورئيس تحرير صحيفة «عرب نيوز».

«الشرق الأوسط» (الرياض)

سوزانا كلارك... توّجوها واحدةً من أعظم روائيي جيلها ثم اختفت

سوزانا كلارك... توّجوها واحدةً من أعظم روائيي جيلها ثم اختفت
TT

سوزانا كلارك... توّجوها واحدةً من أعظم روائيي جيلها ثم اختفت

سوزانا كلارك... توّجوها واحدةً من أعظم روائيي جيلها ثم اختفت

قبل عشرين عاماً، خاض محرر في دار «بلومزبري للنشر» مخاطرة كبيرة إزاء كتاب غير عادي للغاية. فهي رواية خيالية أولى لسوزانا كلارك، تدور أحداثها في إنجلترا بالقرن التاسع عشر، وتحكي قصة ساحرين متنازعين يحاولان إحياء فنون السحر الإنجليزي المفقود. كانت المخطوطة غير المكتملة مليئة بالهوامش المعقدة التي تشبه في بعض الحالات أطروحةً أكاديميةً حول تاريخ ونظرية السحر. وكانت مؤلفة الكتاب سوزانا كلارك محررة كتب طهي وتكتب الروايات الخيالية في وقت فراغها.

أطلقت «جوناتان سترينج والسيد نوريل»، على الفور، سوزانا كلارك واحدةً من أعظم كُتاب الروايات في جيلها. ووضعها النقاد في مصاف موازٍ لكل من سي. إس. لويس وجيه. أر. أر. تولكين، وقارن البعض ذكاءها الماكر وملاحظاتها الاجتماعية الحادة بتلك التي لدى تشارلز ديكنز وجين أوستن. التهم القراء الرواية التي بِيع منها أكثر من أربعة ملايين نسخة.

تقول ألكساندرا برينغل، المحررة السابقة في «دار بلومزبري»، التي كُلفت بطباعة أولى بلغت 250 ألف نسخة: «لم أقرأ شيئاً مثل رواية (جوناتان سترينج والسيد نوريل) في حياتي. الطريقة التي خلقت بها عالماً منفصلاً عن عالمنا ولكنه متجذر فيه تماماً كانت مقنعة تماماً ومُرسومة بدقة وحساسية شديدتين».

أعادت الرواية تشكيل مشاهد طمست الحدود مع الخيال، مما جعلها في القائمة الطويلة لجائزة «بوكر» وفازت بـ«جائزة هوغو»، وهي جائزة رئيسية للخيال العلمي والفانتازيا. وبسبب نجاح الرواية، نظمت جولات لها عبر الولايات المتحدة وأوروبا، ومنحتها «دار بلومزبري» لاحقاً عقداً ضخماً لرواية ثانية.

ثم اختفت كلارك فجأة كما ظهرت. بعد فترة قصيرة من إصدار الرواية، كانت كلارك وزوجها يتناولان العشاء مع أصدقاء بالقرب من منزلهما في ديربيشاير بإنجلترا. وفي منتصف الأمسية، شعرت كلارك بالغثيان والترنح، ونهضت من الطاولة، وانهارت.

في السنوات التالية، كافحت كلارك لكي تكتب. كانت الأعراض التي تعاني منها؛ الصداع النصفي، والإرهاق، والحساسية للضوء، والضبابية، قد جعلت العمل لفترات طويلة مستحيلاً. كتبت شذرات متناثرة غير متماسكة أبداً؛ في بعض الأحيان لم تستطع إنهاء عبارة واحدة. وفي أدنى حالاتها، كانت طريحة الفراش وغارقة في الاكتئاب.

توقفت كلارك عن اعتبار نفسها كاتبة.

نقول: «تم تشخيص إصابتي لاحقاً بمتلازمة التعب المزمن. وصار عدم تصديقي أنني لا أستطيع الكتابة بعد الآن مشكلة حقيقية. لم أعتقد أن ذلك ممكن. لقد تصورت نفسي امرأة مريضة فحسب».

الآن، بعد عقدين من ظهورها الأول، تعود كلارك إلى العالم السحري لـ«سترينج ونوريل». عملها الأخير، رواية «الغابة في منتصف الشتاء»، يُركز على امرأة شابة غامضة يمكنها التحدث إلى الحيوانات والأشجار وتختفي في الغابة. تمتد الرواية إلى 60 صفحة مصورة فقط، وتبدو مقتصدة وبسيطة بشكل مخادع، وكأنها أقصوصة من أقاصيص للأطفال. لكنها أيضاً لمحة عن عالم خيالي غني لم تتوقف كلارك عن التفكير فيه منذ كتبت رواية «سترينج ونوريل».

القصة التي ترويها كلارك في رواية «الغابة في منتصف الشتاء» هي جزء من روايتها الجديدة قيد التأليف، التي تدور أحداثها في نيوكاسل المعاصرة، التي تقوم مقام عاصمة للملك الغراب، الساحر القوي والغامض الذي وصفته كلارك بأنه «جزء من عقلي الباطن». كانت مترددة في قول المزيد عن الرواية التي تعمل عليها، وحذرة من رفع التوقعات. وقالت: «لا أعرف ما إذا كنت سوف أتمكن من الوفاء بكل هذه الوعود الضمنية. أكبر شيء أكابده الآن هو مقدار الطاقة التي سأحصل عليها للكتابة اليوم».

تكتب كلارك على طريقة «الغراب» الذي يجمع الأشياء اللامعة. وتصل الصور والمشاهد من دون سابق إنذار. تدون كلارك الشذرات المتناثرة، ثم تجمعها سوياً في سردية، أو عدة سرديات. يقول كولين غرينلاند، كاتب الخيال العلمي والفانتازيا، وزوج كلارك: «إنها دائماً ما تكتب عشرات الكتب في رأسها».

غالباً ما يشعر القارئ عند قراءة رواياتها وكأنه يرى جزءاً صغيراً من عالم أكبر بكثير. حتى كلارك نفسها غير متأكدة أحياناً من القصص التي كتبتها والتي لا توجد فقط إلا في خيالها.

تقول بصوت تعلوه علامات الحيرة: «لا أتذكر ما وضعته في رواية (سترينج ونوريل) وما لم أضعه أحب القصص التي تبدو وكأنها خلفية لقصة أخرى، وكأن هناك قصة مختلفة وراء هذه القصة، ونحن نرى مجرد لمحات من تلك القصة. بطريقة ما تعتبر رواية (جوناتان سترينج والسيد نوريل) كخلفية لقصة أخرى، لكنني لا أستطيع أن أقول إنني أعرف بالضبط ما هي تلك القصة الأخرى».

في الحوار معها، كانت كلارك، التي تبلغ من العمر 64 عاماً ولديها شعر أبيض لامع قصير، تجلس في غرفة المعيشة في كوخها الحجري الدافئ، حيث عاشت هي والسيد غرينلاند منذ ما يقرب من 20 عاماً.

ويقع منزلهما على الامتداد الرئيسي لقرية صغيرة في منطقة بيك ديستريكت في دربيشاير، على بعد خطوات قليلة من كنيسة صغيرة مبنية بالحجر، وعلى مسافة قصيرة سيراً على الأقدام من حانة القرية التي يزورونها أحياناً. ويساعد هدوء الريف - حيث لا يكسر الصمت في يوم خريفي سوى زقزقة الطيور وثغاء الأغنام بين الحين والآخر - كلارك على توجيه أي طاقة تستطيع حشدها للكتابة.

في يوم رمادي رطب قليلاً في سبتمبر (أيلول)، كانت كلارك تشعر بأنها على ما يرام إلى حد ما، وكانت قد رفعت قدميها على أريكة جلدية بنية اللون؛ المكان الذي تكتب فيه أغلب أوقات الصباح. كانت تحمل في حضنها خنزيراً محشواً، مع ثعلب محشو يجاورها؛ ويلعب كل كائن من هذه المخلوقات دوراً في رواية «الغابة في منتصف الشتاء». تحب أن تمسك حيواناتها المحشوة أثناء العمل، لمساعدتها على التفكير، وكتعويذة «لدرء شيء ما لا أعرف ما هو. يفعل بعض الناس أشياء كالأطفال، ثم مع التقدم في العمر، يتخلون عن الأشياء الطفولية. أنا لست جيدة للغاية في ذلك».

نظرت إلى الخنزير وأضافت: «لا أرى حقاً جدوى في التقدم بالعمر».

ثم استطردت: «أكبر شيء يقلقني هو كم من الطاقة سأحتاج للكتابة اليوم؟».

وُلدت سوزانا كلارك في نوتنغهام عام 1959، وكانت طفولتها غير مستقرة، إذ كان والدها، وهو قس مسيحي، يغير الكنائس كل بضع سنوات، وانتقلت عائلتها ما بين شمال إنجلترا وأسكوتلندا. في منزلهم البروتستانتي، كان إظهار العواطف غير مرغوب فيه؛ ولذلك نشأت كلارك، الكبرى من بين ثلاثة أبناء، على الاعتقاد بأن التقوى تعني أنه «ليس من المفترض أن تفعل في حياتك ما يجعل منك إنساناً مميزاً»، كما تقول.

*خدمة: «نيويورك تايمز»