حركة معارضة تطالب بـ«تحقيق دولي» حول حرائق الجزائرhttps://aawsat.com/home/article/3139781/%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D8%B6%D8%A9-%D8%AA%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8-%D8%A8%D9%80%C2%AB%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82-%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%C2%BB-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1
حركة معارضة تطالب بـ«تحقيق دولي» حول حرائق الجزائر
قالت إن «هناك يداً للسلطات فيما حصل»
مواطن يعاين حجم الدمار الذي لحق بمنزله على إثر الحرائق التي اجتاحت بلدة آيت سيدي علي في بجاية (رويترز)
باريس:«الشرق الأوسط»
TT
باريس:«الشرق الأوسط»
TT
حركة معارضة تطالب بـ«تحقيق دولي» حول حرائق الجزائر
مواطن يعاين حجم الدمار الذي لحق بمنزله على إثر الحرائق التي اجتاحت بلدة آيت سيدي علي في بجاية (رويترز)
دعت «حركة استقلال منطقة القبائل» الجزائرية المعارضة، أمس، إلى إجراء تحقيق دولي في الحرائق التي اجتاحت الجزائر، وتسببت في إتلاف آلاف الهكتارات، وفي جريمة قتل وإحراق شاب اتّهم خطأ بأنّه من مشعلي الحرائق في منطقة القبائل، نافية أي مسؤولية في الكوارث، ومعتبرة أنّ «هناك يدا للسلطات فيما حصل». وقال أكسل أمزيان، الناطق باسم «حكومة القبائل المؤقتة»، التي أنشأتها «حركة استقلال منطقة القبائل»، المعروفة اختصارا بـ«ماك» لوكالة الصحافة الفرنسية: «نطالب بتحقيق دولي حول الشاب الذي قتل حرقا (جمال بن اسماعيل)، وحول الحرائق»، التي تجتاح منطقة القبائل في شمال الجزائر. وأنشئت منظمة «ماك»، التي تتخذ من باريس مقرّا، عقب «ربيع القبائل» في عام 2001، وهي منظمة غير قانونية في الجزائر، التي صنفتها «إرهابية» في 18 من مايو (أيار) الماضي. وأضاف أمزيان موضحا: «كتبنا إلى الأمم المتحدة، واتصلنا بمجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، وهناك اتصالات جارية مع منظمة العفو الدولية». ورفض الناطق اتهامات القادة الجزائريين بأن حركة «ماك» تقف وراء الحرائق، التي أودت بحياة 90 شخصا على الأقل. وقال بهذا الخصوص: «نواصل دحض هذه المزاعم (...) الحركة هي منظمة سلمية. والدولة الجزائرية وحدها تعتبرها إرهابية»، لأنها «تنتقد تصرفات النظام». وتعارض الجزائر كل طرح لاستقلال منطقة القبائل الناطقة باللغة الأمازيغية، والواقعة في شمال شرقي الجزائر. وبالنسبة إلى أمزيان، فإن الحرائق الأخيرة هي جزء من خطة «رسمت بشكل جيد» من جانب السلطات الجزائرية. وقال أمزيان بهذا الخصوص: «عندما نرى 50 حريقا متزامنا، والنيران تبدأ في قمم التلال... نحتاج إلى وسائل للقيام بذلك». وبحسب السلطات الجزائرية، فإن معظم الحرائق، التي اندلعت في الجزائر، «مفتعلة» رغم عدم تقديم أي دليل على ذلك حتى الآن. وقد أعلنت الشرطة الجزائرية الثلاثاء بلوغ عدد الموقوفين في قضية قتل وحرق جمال بن إسماعيل إلى 61 شخصا على إثر توقيف 25 آخرين. وأثار مقتل جمال بطريقة بشعة صدمة في البلاد، تزامنت مع خسائر بشرية ومادية ضخمة تسببت بها الحرائق. وبث التلفزيون الجزائري أول من أمس «شهادات» بعض المشتبه بهم الموقوفين، الذين قالوا إنّهم ينتمون إلى الحركة. وقد اعترف هؤلاء بضرب الضحية، ثم جره بعد قتله وحرقه والتنكيل بجثته في ساحة الشهيد عبان رمضان، وسط مدينة الأربعاء ناث إيراثن، مشيرين الى أنهم ينتمون إلى «ماك»، ويتواصلون مع الحركة عبر شبكات التواصل الاجتماعي. ورد الناطق باسم الحركة من باريس بأن «قصة الشاب مفبركة تماما»، مضيفا: «لقد كانت هناك حاجة إلى تحويل الانتباه عن هذه الحرائق، لأن الجزائر رفضت لمدة يومين وثلاثة أيام المساعدة الدولية».
القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.
ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.
ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.
وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.
وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».
وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.
وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.
أزمات الفلاحين
سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.
على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.
تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».
ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.
وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».
ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.
وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.
يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».
فرصة ثانية
يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.
أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.
ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».
أنواع جديدة
يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.
ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.