شركة الاتصالات تفاجئ السوريين بتكلفة جمركة الأجهزة الخليوية

دمشق تحلم بالتحول الرقمي وتعقّد الحصول على أجهزة حديثة

TT

شركة الاتصالات تفاجئ السوريين بتكلفة جمركة الأجهزة الخليوية

رداً على عاصفة الانتقادات التي أثارتها التكاليف الباهظة للتصريح الإفرادي (الجمركة) لأجهزة الهاتف الخلوي، نفت الهيئة الناظمة للاتصالات في سوريا ما تم تناقله من صور رسائل نصية لإبلاغات عن تعريفة الجمركة لبعض الأجهزة، تبلغ قيمتها 100 في المائة من سعر الجهاز، وأفادت مصادر في الهيئة للإعلام الرسمي، أنه لم يتم حتى الآن تطبيق قرار التصريح الإفرادي على الأجهزة، على الرغم من إعلانها البدء بتنفيذه منذ 15 أغسطس (آب) الحالي.
وأصدرت شركة الاتصالات السورية بياناً، أوضحت فيه أن أجور التصريح الجديدة ترتبط بالسعر الحقيقي للجهاز، وتتراوح بين 70 ألف ليرة سورية ومليون ونصف مليون ليرة حداً أقصى، موضحة أن الآلية الجديدة المتبعة في تحديد أجور «الجمركة» وضعت «لمنع أي تلاعب بتحديد الشرائح، «حسب تعبير البيان».
يشار إلى أن الهيئة الناظمة للاتصالات كانت تتبع طريقة الشرائح لتحديد أجور التصريح الإفرادي، التي رفعتها العام الماضي بنسبة 50 في المائة، لتبلغ 65 ألف ليرة سورية للشريحة الأولى، و110 آلاف ليرة سورية للشريحة الثانية، و200 ألف ليرة سورية للشريحة الثالثة و250 ألف ليرة للشريحة الرابعة. إلا أن الهيئة منعت في مارس (آذار) الماضي، استيراد الأجهزة الخلوية، وعلقت التصريح الإفرادي عن الأجهزة التي دخلت مناطق النظام بعد صدور القرار، لتعود وتستأنفه بعد 6 أشهر مع تخصيص رقم هاتفي للاستعلام عن قيمة تكلفة تصريح كل جهاز حسب نوعه.
وأحدثت الرسائل النصية التي وصلت خلال اليومين الماضيين صدمة كبيرة لأصحاب الأجهزة الخليوية الحديثة؛ حيث بلغت كلفة التصريح عن جهاز «Iphone 12 pro max» 3 ملايين و800 ألف ليرة (1150 دولاراً أميركياً)، ومليون ونصف مليون عن جهاز «Iphone 11 pro max»، علماً بأن أجهزة الأيفون الحديثة تتراوح أسعارها في سوريا بين 6 إلى 8 ملايين ليرة سورية، أي ضعف ثمنها الحقيقي (الدولار الأميركي يعادل 3300 ليرة سورية).
أحد المستخدمين أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه استعلم عن قيمة جمركة جهازه «Iphone 12 pro max»، وقد حصل عليه هدية من شقيقة المغترب، ولدى الاستعلام عن أجور جمركته، تبلّغ برسالة نصية أنها 3 ملايين و777 ألف ليرة. يقول: «لم أصدق الرقم، ولا أستطيع دفعه». يذكر أن أغلب الأجهزة الغالية الثمن تدخل إلى البلاد بشكل أفرادي، إما هدايا من مغتربين أو تهريبها عبر تجار كبار يبيعونها بضعف ثمنها، فمن وصله جهاز هدية، وليست لديه إمكانية لدفع ما يعادل ثمن الجهاز للجمركة، فكأنه يريد أن يخرب بيت سوري يهديه موبايلاً، أما من وصله عن طريق مهربين فقد تكبد سلفاً دفع الثمن مضاعفاً، فكيف سيدفع مجدداً جمركة تعادل قيمة الجهاز؟!
مصادر محلية في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط» إن تحديد أجور الجمركة حسب نوع الجهاز قرار «غير مدروس» ومبني على مبدأ «السرقة»، بمعنى «من لديه مال ليدفع ثمن (أيفون) حديث لن يغص بتعريفة جمركة عالية»، وهذا مبدأ خاطئ بالمطلق، وسبق أن استخدمه النظام لعقود طويلة فيما يخص السيارات، إذ تتجاوز جمركة السيارة نسبة 200 في المائة من قيمتها، ما جعل الحصول على سيارة حلم كل سوري، لكن هذا لا يصح مع أجهزة الخلوي، لأنه إن أعاق وصول الحديث منها إلى أيدي السوريين، فلن يمنعها. وتابعت المصادر؛ بغض النظر عن مستوى الدخل، فإن هناك جيلاً جديداً يسعى بكل ما أوتي للحصول على الأجهزة الحديثة، وإيجاد عشرات الوسائل والطرق لعدم التصريح عنها، أبسطها تخصيص الأجهزة القديمة للاتصال العادي، والأجهزة الحديثة للتواصل عبر الإنترنت، وبهذا تكون الشركة قد خسرت أجور التصريح «التي تسرقها عينك عينك» بدل أن تكسب.
وتسببت العقوبات الاقتصادية الدولية على النظام السوري بحظر وصول الأجهزة والبضائع الغربية إلى سوريا، إلا أن شركة (إيماتيل) للاتصالات، المقربة من زوجة الرئيس، والمسيطرة على قطاع الاتصالات، أعلنت في حفل شعبي خريف العام الماضي، طرحها للبيع آخر إصدارات أجهزة أيفون بأسعار تزيد عن السعر الحقيقي بنحو 50 في المائة.
ورأت المصادر وجوب التفكير بوضع تكاليف تراعي متوسط الدخل العام، لا قيمة الأجهزة، لتشجيع انتشار التقنيات الحديثة وزيادة أعداد التصاريح بدل رفع كلفتها إلى حد الامتناع عن دفعها. واعتبرت المصادر أنه من «الغباء» إعاقة حصول السوريين، ولو بشكل فردي، على تلك الهواتف، لأنه يناقض إعلان الحكومة عن التوجه نحو التحول الرقمي وإلزام المواطنين باستخدام تطبيقات البطاقة الذكية. «كيف يتم ذلك عبر أجهزة خليوية قديمة ومتهالكة؟!» يقول أحد المستهلكين. وفي النهاية، أكدت المصادر على وجود مشكلة في ترجمة المسؤولين عن الاتصالات لحاجات السوق المحلية المتعطشة لكل ما هو جديد، جراء الافتقاد لكل شيء بسبب الحرب والحصار، إذ إنهم يعتبرون تلك الأجهزة من الكماليات الترفيهية فقط، ويتعامون عن كونها حاجة حيوية ماسّة لمئات آلاف العائلات السورية التي تشتّت شملها، ولم تعد يجمعها سوى تطبيقات الاتصالات في الهواتف الحديثة.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).