رسالة عون للبرلمان تبقى محصورة بأخذ العلم

TT

رسالة عون للبرلمان تبقى محصورة بأخذ العلم

ينعقد مجلس النواب غداً في جلسة تُخصص للاستماع إلى الرسالة التي بعث بها رئيس الجمهورية ميشال عون إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري يشكو فيها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على خلفية قراره برفع الدعم عن المحروقات، متمنياً على النواب اتخاذ القرار المناسب في هذا الخصوص، ومتهماً سلامة بالتمرُّد على قرار السلطة السياسية وعدم الرجوع إليها قبل أن يتخذ قراره.
وعلمت «الشرق الأوسط» أنه لن تكون هناك مفاعيل سياسية لرسالة عون، وسيكتفي النواب بأخذ العلم بمضمونها، على غرار الجواب الذي تلقّاه عون في السابق لدى اتهامه الرئيس سعد الحريري، وقبل أن يعتذر عن تأليف الحكومة بالمماطلة في تأليفها.
وفي هذا السياق، قالت مصادر نيابية بارزة إن رسالة عون لن تلقى التجاوب المطلوب من الهيئة العامة للبرلمان، وتعزو السبب أولاً إلى أنه لا مبرر للتوقيت الذي اعتمده لتوجيه رسالة، في الوقت الذي تنصبّ فيه الجهود لتشكيل الحكومة التي يعود لها أن تعد خريطة طريق لترشيد الدعم على مستويات عدة، مع الإبقاء على الاستثناءات الضرورية، إلا إذا كان الهدف غير المرئي من الرسالة هو الالتفاف على عملية تشكيل الحكومة.
ورأت أن السبب الثاني يكمن في أن عون يريد الإبقاء على الدعم من دون ترشيده، في محاولة تبقى في حدود المزايدات الشعبوية للتحريض على سلامة في ضوء إصراره على الإطاحة به، وبالتالي لا يمكن توفير الكلفة المالية للاستمرار في دعم المحروقات إلا باستخدام ما تبقى من الاحتياطي بالعملة الصعبة لدى مصرف لبنان، وهذا يعني حتماً وضع اليد على أموال المودعين في المصارف مع ما يتعارض كلياً مع التوجُّه العام للنواب بعدم المس بالاحتياطي؛ خصوصاً أن نواب «تكتل لبنان القوي» برئاسة جبران باسيل كانوا أول من خاض معركة عدم التفريط بالودائع أو ما تبقى منها.
أما السبب الثالث فيعود - كما تقول المصادر نفسها - إلى أن حملات الدهم التي يتولاها الجيش اللبناني بالتعاون مع القوى الأمنية لمحطات بيع الوقود والأماكن التي تخزّن فيها المشتقات النفطية من بنزين ومازوت تشير إلى أن لبنان يعوم فوق فائض من هذه المشتقات يتم بيعها في السوق السوداء أو تهريبها إلى سوريا بخلاف الأسعار المدعومة من قبل البنك المركزي.
واعتبرت المصادر أن حجم الكميات المصادرة يدعم ما كان أعلنه رياض سلامة من أن كلفة الدعم كلّفت أكثر من 840 مليون دولار، وأنه لا مبرر لفقدان المحروقات التي تولى البنك المركزي دفع ثمنها من الاحتياطي، وهذا ما شكل إحراجاً للمنظومة الحاكمة والأطراف في الطبقة السياسية لضلوعها في عمليات تخزين المحروقات وبيعها في السوق السوداء أو تهريبها إلى سوريا، مع أن الحاجة إليها إلى انخفاض بسبب تفشي وباء كورونا وتدهور الوضع المعيشي وارتفاع نسبة إقفال المؤسسات، ومنها السياحية.
لذلك، فإن جواب البرلمان يبقى في إطار أخذ العلم ليس أكثر إلى أن تُشكّل الحكومة التي تبقى أولوية، وأن استحضار مواد خلافية من خارج جدول الأعمال يأتي لصرف الأنظار عن تشكيلها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».