الصناعة الألمانية تواجه تراكماً متزايداً في الطلبات

ارتفعت الطلبات التي لم تُلبَّ من داخل ألمانيا 4 % بنسبة أعلى من الواردة من الخارج (رويترز)
ارتفعت الطلبات التي لم تُلبَّ من داخل ألمانيا 4 % بنسبة أعلى من الواردة من الخارج (رويترز)
TT

الصناعة الألمانية تواجه تراكماً متزايداً في الطلبات

ارتفعت الطلبات التي لم تُلبَّ من داخل ألمانيا 4 % بنسبة أعلى من الواردة من الخارج (رويترز)
ارتفعت الطلبات التي لم تُلبَّ من داخل ألمانيا 4 % بنسبة أعلى من الواردة من الخارج (رويترز)

يواجه قطاع التصنيع في ألمانيا تراكماً متزايداً في الطلبات التي لم تنجَز. وأفاد «المكتب الاتحادي للإحصاء»، أمس الأربعاء، بأن التراكم المعدل حسب الأسعار كان في يونيو (حزيران) الماضي أعلى بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالشهر السابق، ووصل إلى مستوى قياسي منذ بدء الإحصاءات في عام 2015.
وجاء هذا نتيجة لارتفاع الطلب والضغط الذي تواجهه سلاسل توريد المواد الخام وقطع الغيار بسبب أزمة «كورونا».
وارتفعت الطلبات التي لم تُلبَّ من داخل ألمانيا بنسبة 4 في المائة، بنسبة أعلى من الواردة من الخارج، والتي ارتفعت بنسبة 2.‏2 في المائة. وبشكل عام، يتعين على المصانع الإنتاج بشكل متواصل لمدة 7 أشهر لامتصاص الطلبات المتراكمة.
ويبدو أن قطاع صناعة الكيماويات في ألمانيا يخرج بقوة من أزمة وباء «كورونا»؛ فقد أعلن «الاتحاد الألماني للقطاع (في سي آي)»، أمس، في فرنكفورت، أنه «في الربع الثاني من هذا العام تمكن القطاع من مواصلة الأداء الجيد الذي حققه مع بداية هذا العام، ويتطلع إلى تحقيق نتائج قياسية هذا العام».
وبحسب البيانات، فإن الزيادة القوية في الأسعار ونمو الإنتاج بنسبة 5.9 في المائة خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2021 أديا إلى ارتفاع حجم مبيعات ثالث أكبر قطاع صناعي في ألمانيا بنسبة 12 في المائة إلى 111 مليار يورو، وذلك في سياق الانتعاش العالمي للإنتاج الصناعي.
ويتوقع رئيس «الاتحاد»، كريستيان كولمان، للعام الحالي حجم مبيعات قياسياً قدره 211 مليار يورو، رغم الاضطرابات في سلاسل التوريد والنقص في المنتجات الأولية.
وكان أفضل عام للقطاع هو 2018، عندما حقق مبيعات بقيمة 203 مليارات يورو، في حين أن عام «كورونا» 2020 لم يدر سوى 190 مليار يورو للقطاع.
وقال كولمان: «هذه عودة قوية، وتظهر بشكل مثير للإعجاب مدى أهمية صناعة الكيماويات والأدوية المنافسة دولياً مرساةً للاستقرار لبلدنا».
ومن المتوقع أيضاً أن يكون هناك عام قياسي بالنسبة للاستثمارات في القطاع، بسبب آثار اللحاق بالركب. وبحسب بيانات «الاتحاد»، فإن جميع أفرع الإنتاج في القطاع تقريباً قد استفادت من الارتفاع. وكان هناك نمو قوي بشكل خاص في المواد الكيميائية الأساسية، مع زيادة إنتاج البلاستيك (البوليمرات) بأكثر من 20 في المائة.
كما تمكن منتجو المواد الكيميائية الخاصة من زيادة مستوى إنتاجهم بنسبة 8.7 في المائة مقارنة بالعام السابق. وكان نطاق النمو أقل لدى مصنعي الأدوية، حيث ارتفع الإنتاج بنسبة 1.4 في المائة فقط، بينما كان هناك انخفاض بنسبة 1.8 في المائة في إنتاج السلع الاستهلاكية الكيميائية مثل الصابون والمطهرات ومواد التنظيف.
في الأثناء، قضت المحكمة الدستورية العليا في ألمانيا، أمس، بعدم دستورية الفوائد الضريبية المرتفعة البالغة 6 في المائة سنوياً، نظراً لأسعار الفائدة المنخفضة المستمرة منذ عام 2014.
وأعلنت المحكمة في مقرها بمدينة كارلسروه أن هذا ينطبق على الفائدة على مدفوعات الضرائب المتأخرة والمبالغ المستردة. وأمرت المحكمة بإجراء تصحيح بأثر رجعي بدءاً من عام 2019. وأمام الهيئة التشريعية مهلة حتى 31 يوليو (تموز) 2022 لاستصدار تنظيم جديد.
وتُفرض الفائدة على ضريبة الدخل، وضريبة الشركات، وضريبة الثروة، وضريبة المبيعات، وضريبة التجارة، وتكون مستحقة في حال تأخر تسديد أو استرداد الضرائب لأكثر من 15 شهراً. وفي الحالة الأولى، تستفيد خزينة الدولة، بينما يستفيد في الحالة الثانية دافع الضرائب.
يُذكر أن معدل الفائدة الضريبية ظل دون تغيير عند 6 في المائة لعقود. وفي مرحلة سعر الفائدة المنخفض تاريخياً بعد اندلاع الأزمة المالية في عام 2008، أدى ذلك إلى اختلال في التوازن وأثار كثيراً من الانتقادات، حيث كان من المفترض أن تعوض أسعار الفائدة المرتفعة الأرباح التي كان يمكن تحقيقها في ذلك الوقت في سوق رأس المال، لكن انخفاض أسعار الفائدة حال دون ذلك.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.