أسباب تدعوك لزيارة النمسا صيفًا وشتاء

تيرول وكيتز بوهيل للتزلج.. وما بعده

أسباب تدعوك لزيارة النمسا صيفًا وشتاء
TT

أسباب تدعوك لزيارة النمسا صيفًا وشتاء

أسباب تدعوك لزيارة النمسا صيفًا وشتاء

يعتقد السائح العربي عموما، والسائح الخليجي خصوصا، أن النمسا بلد سياحي يستحق الزيارة صيفا بحكم جمال العاصمة فيينا بقصورها التاريخية وحدائقها المنمقة، ولما تمتاز به أقاليمه من طقس بديع وجبال وسهول ووديان وبحيرات زرقاء، لا سيما بحيرة زيل إم سي. تلك البحيرة التي يوم تجرأ أحد مسؤوليها وأصدر كتيبا بدعوى نشر ثقافة سياحية أرقى وبروتوكولا ينبه السياح العرب لما هو مقبول وما هو مرفوض. مع توبيخ أن السائح الخليجي يتصدر قمة زوار البحيرة وأكثرهم بذخا، وأن ما يصرفه يفوق ما ينفقه سياح المنطقة الآخرين، سواء السياح الألمان أو الأميركيون أو الروس أو الصينيون.
وليس سرا أن منافسة عارمة تنداح بين الأقاليم النمساوية والعاصمة فيينا كل صيف لجذب السياح العرب والخليجيين على وجه الخصوص في فصل الشتاء.
تعتبر النمسا من أهم البلاد التي حباها الله بجمال طبيعي طيلة العام وليس في الصيف فقط، جمال يزداد بهاء، لكونه متنوعا يختلف من فصل لآخر فإن كانت النمسا خضراء صيفا فهي مزهرة ربيعا ملونة الأوراق خريفا بيضاء شتاء.
هذا البياض الضارب شتاء سببه ما يهطل على النمسا من ثلوج تغمرها تماما، فتعمم قمم الجبال وتكسو المرتفعات وتفرش المنخفضات والسهول. ثلوج تبقى لأيام بل وشهور طيلة فصل الشتاء ما بقيت درجات الحرارة دون الصفر لدرجة أن تتجمد مياه كثير من البحيرات، ولهذا تنشط النمسا شتاء في تقديم برامج سياحية شتوية من نوع خاص تأتي في مقدمتها الرياضات الشتوية وتسويق الجمال الشتوي الطبيعي لمحبي الثلوج والمغرمين بأجواء «دافئة» بأساليب حميمية شعبية بسيطة بما في ذلك مدافئ الحطب القديمة والأطعمة التقليدية.
«الشرق الأوسط» غادرت العاصمة فيينا واتجهت غربا إلى أشهر مناطق الثلوج بإقليم تيرول، حيث أعلى قمم جبال الألب النمساوية الشامخة بارتفاع يفوق 3000 متر فوق سطح البحر بحثا عن ثلوج بيضاء ناصعة تنبسط على مرمى البصر، ثلوج من تلك النوعيات التي يصدق وصفها بالكريستالية التي لا تشوبها شائبة، بل بياض في بياض يمتد على طول البصر في سحر طبيعي خالص.
إذا كنت تعتقد أن فيينا لا تغمرها الثلوج أو أنها لا تعرف الرياضات الشتوية، ففكر مليا، لأن ثلوجها هي من تلك النوعية التي غالبا ما تغمر الأرض ليلا ثم تبدأ في الذوبان والتلاشي مع ارتفاع درجات الحرارة نهارا خاصة مع كثافة حركة وسائل المواصلات والبشر بالمدينة مما يعكر لونها ويهشش قوامها.
ومن حيث الرياضات الشتوية فإن فيينا تزخر بصالات مغلقة كما تحتفي سنويا بحلقة للزحلقة تفرش بثلوج صناعية أمام مجلس بلدي المدينة بالإضافة لحلقات أخرى وأندية.
هذا في حين تزخر مرتفعات الجبال خاصة بأقاليم سالزبورغ وتيرول وفورالبرغ بثلوج طبيعية سميكة توفر لمحبي مختلف أنواع الرياضات الشتوية ما يشتهون لشهور وطيلة العام في أعلى القمم التي تزداد جمالا فائقا كلما تشرق الشمس وتسطع مما يكسبها لونا ذهبيا يخلب الأبصار.
وكما هو معلوم فإن جبال الألب تمتد من النمسا وسلوفينيا شرقا مرورا بإيطاليا وسويسرا وليتشتاين وألمانيا حتى فرنسا وموناكو غربا، وتعتبر قمة مون بلان أعلاها بارتفاع 4810 أمتار فوق سطح البحر وتمتد على مساحة 1200 كيلومتر مغطية ما يقدر بـ11 في المائة من القارة الأوروبية.
وجهتنا كانت أعلى قمم جبال الألب النمساوية بمنطقة «أرل باخ» واختيارنا كان منطقة «كيتزبول» التي تعد واحدة من أجمل المرتفعات.
ورغم جدال نمساوي هولندي سويسري فإن النمساويين يدعون بقوة أن كيتز بوهيل «مهد» رياضة التزلج على الجليد إطلاقا فيما يتفقون ويقول الآخرون إن مكتشف تلك النوعية من الرياضة هو النرويجي «سوندر نوهيم» الذي طور من الوسائل التقليدية التي كان سكان الجبال يستخدمونها للحركة في الجليد باستحداثه آلية مكنت ليس من مجرد الحركة، وإنما التزلج على الجليد باستعمال مزلاجات والاستعانة بقضبان حديدية وحذاء خاص مما يساعد على الحفاظ على التوازن والتزلج والقفز المتعرج كذلك وفي سرعة فائقة في حال اكتساب المهارة بسبب تدريبات قاسية.
من جانبها، تشتهر «كيتز بوهيل» التي لا يتعدى عدد سكانها ثمانية آلاف مواطن كونها من أشهر مواقع التزلج وعموم الرياضات الشتوية التي تنشط بكثافة قبل نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) وحتى مارس (آذار) ومن ثم تستعد سهول كيتز بوهيل لاستقبال فصلي الربيع والصيف، حيث تستضيف محبي سباقات السيارات ورياضة الجولف.
في عمومه يمتاز إقليم تيرول بموقع جغرافي يتوسط جبال الألب التي تحيطه كما تنتشر فيه البحيرات مما يكسبه جمالا طبيعيا لا يضاهى.
من جانبها، تتوسط كيتز بول تيرول محاطة بعدد من القرى المشهورة بمسارات التزلج بمنطقة «أرل بيرغ»، ومنها سينت أنطون وهانيكام وسي فيلد وليخ التي تعتبر أكثر المنتجعات جذبا للأسر الأوروبية المالكة ومنافسا خطيرا لمنتجعات التزلج الفرنسية ولا مجال للإيطالية.
ومن مميزات كيتس بول ثراؤها بمناطق تزلج شعبية أقل تكاليف وأخرى أرستقراطية باهظة التكاليف كما تمتاز بمسارات متعرجة ومنحدرات فجائية وأشهرها منحدر هاننكام أو «عرف الديك».
وبالطبع تلزم السلطات المتزلجين بضرورة الحفاظ وتوخي الحركة داخل المسارات المحددة، منبهة لأهمية متابعة أخبار الطقس بصورة دائمة ولملاحقة أخبار الثلوج المتحركة «اللافينا» التي يجب عدم الاستهانة بها وفي هذا المجال تتوفر برامج حاسوب خاصة يمكن إنزالها ضمن برامج الهواتف الذكية توفر معلومات عن المواقع المحتملة لانهيارات جليدية.
وقد تصل درجة الخطورة للرقم 5 وفي تلك الحالة تصبح أخبار الثلوج هي الأهم نمساويا ومهما كانت أهمية أخبار العالم الآخر.
عادة يحرص المسؤولون على توجيه التعليمات بالغة الصرامة للمهرة من الرياضيين ممن يغتر بعضهم بمهارته العالية بحثا عن مزيد من المغامرات والتحديات و«التفحيط»، داعين لضرورة تجنب ما يسمونه «الموت الأبيض»، وذلك عندما تؤدي غزارة الأمطار مع شدة الرياح لانهيارات جليدية تزيح في طريقها كتلا كاملة.
ومن أهم متطلبات السلامة أن يلبس الجميع خوذات للعناية بالرأس بجانب الحفاظ على أجهزة ضبط تحدد موقع المتزلج للوصول له بالسرعة المطلوبة في حال غمرته الثلوج.
وللنمسا في هذا السياق تجربة قاسية بعد الحادث الذي تعرض له بمنطقة ليخ ابن ملكة هولندا الأمير «يوهان فريزو» 43 عاما.
كان الأمير الهولندي معروفا بمهارته إلا أنه بتاريخ 25 بتاريخ 25 فبراير (شباط) 2012 خرج عن المسار وانهارت به الثلوج التي اندفن تحتها لمدة 15 دقيقة في حادث مميت لم ينجُ منه رغم ما توفر له من علاج. وكانت فرق الطوارئ قد تمكنت من الوصول إليه بفضل جهاز طنان كان بحوزته.
في سياق آخر، يستمتع المتزلجون عادة بساعات من رياضة ممتعة في هواء نق وطلق ومن جانبها توفر المنتجعات كل ما يحتاجه روادها من ملابس وأحذية ومعدات للإيجار كما تتوفر مدارس ومدربون للمبتدئين ومن يحتاجون مساعدة وبالطبع لا تألو متاجر المدينة بدورها في توفير الاحتياجات كافة، سواء للشراء أو للإيجار.
إلى ذلك، يشتهر قلب كيتس بول القديم، والذي يعود تاريخه لأكثر من 700 سنة بشوارع متعرجة وضيقة ومبانٍ ملونة مزخرفة كما تميزه منطقة خاصة بالمشاة تزخر بمقاهٍ ومتاجر فخمة تعرض آخر صيحات الموضات رواجا وأكثر الماركات شيوعا ومن أجملها «بوتيكات» صغيرة لها واجهات زجاجية يتفننون في تنسيقها، كما يفتخر أهل المنطقة بما يقدمون من مأكولات تقليدية.
يمكن الوصول لكيتس بول بأكثر من طريق ووسيلة بما في ذلك برا وجوا من أنسبورك عاصمة تيرول على بعد 95 كيلومترا، ومدينة سالزبورغ عاصمة إقليم سالزبورغ على مسافة لا تزيد على 80 كيلومترا، كما لا تبعد عن مدينة ميونيخ عاصمة إقليم بافاريا بألمانيا سوى 125 كيلومترا، بالإضافة لمطاري مدينة لينز ومدينة زيوريخ السويسرية.
كل هذه المدن تشغل حافلات منتظمة بالإضافة للطريق البري السريع «هاي وي» يربط عموم النمسا. عبر هذا الطريق تستغرق الرحلة بالسيارة من فيينا ما يزيد قليلا على 4 ساعات حتى في ظل عواصف ثلجية كتلك التي غمرتنا؛ إذ تنشط الزحافات في جرف الثلوج طيلة اليوم بما في ذلك ساعات متأخرة ليلا.
وأكدت سيدة سعودية التقتها «الشرق الأوسط» بفندق تيرولا سبا الفخم، أنها تزور كيتس بول للمرة الرابعة، وأنها تصلها مباشرة بقصد عطلة تزلج، موضحة أنها تتزلج يوميا لمدة 5 ساعات، مشيرة إلى أن التزلج على الجبال فوق أراضي المراعي بمرتفعات كيتز بول التي رغم ما يغطيها من جليد تختلف تماما عن الأرضيات الإسمنتية الصلبة مما يسهل كثيرا من عملية التزحلق.
بدورها، أشارت صديقة كانت برفقتها إلى أنها وزوجها قصدا كيتس بول، أساسا، طلبا للراحة والاستجمام والاستمتاع بالقراءة بعيدا عن لهث الحياة اليومي وزخم متطلبات الواجبات الاجتماعية، ولقضاء عطلة قصيرة تجدد النشاط بما يتوفر خلالها من خدمات صحية تقدمها بصورة فردية منتجعات صحية عالية التأهيل، ومن ذلك الدلك وحمامات البخار والطين المعطرة بالأعشاب والساونا والمساج والسباحة في هدوء وسكون بجانب متعة المناظر البانورامية والثلوج الكريستالية التي تنتشر على مرمى البصر.



قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.