ميقاتي: «أمتار قليلة» تفصلنا عن إعلان الحكومة

الرئيسان عون وميقاتي خلال لقائهما أمس (الوطنية)
الرئيسان عون وميقاتي خلال لقائهما أمس (الوطنية)
TT

ميقاتي: «أمتار قليلة» تفصلنا عن إعلان الحكومة

الرئيسان عون وميقاتي خلال لقائهما أمس (الوطنية)
الرئيسان عون وميقاتي خلال لقائهما أمس (الوطنية)

أصبحت الحكومة اللبنانية العتيدة بعيدة «أمتاراً قليلة» عن إعلان تأليفها، كما قال الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعد لقائه الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا أمس، مؤكداً «أننا نعمل بجهد لإزالة كل العقبات»، لافتاً إلى أن «تشكيل حكومة تراعي كل التوازنات يأخذ بعض الوقت».
وتابع ميقاتي مشاوراته مع عون بشأن تشكيل الحكومة اللبنانية أمس، وقال بعد اللقاء إن «النية عند الجميع بتشكيل الحكومة لأن عدم التشكيل خطيئة بحق الوطن»، لافتاً إلى أن الحوار مع رئيس الجمهورية «إيجابي»، آملاً ولادة الحكومة قريباً.
وأوحى ميقاتي بأنه لا وجود لعقبة أساسية تتمثل في حقيبة وزارة الداخلية، متسائلاً: «من قال إن هناك عقبة أساسية اسمها وزارة الداخلية»؟ كما نفى أن يكون رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية عاتباً عليه، مؤكداً أنه «لا حكومة من دون تمثيله».
وأعلن ميقاتي أنه «لا يرتبط بزمن معين من أجل إجراء عملية التشكيل ويتم العمل بكل جهد لإزالة العقبات»، مشيراً إلى أن «تشكيل الحكومة عبارة عن معادلة حسابية صعبة ونشكل حكومة لكل لبنان ونريد وزراء ذات جدارة» من دون أن ينفي أن هناك ولاءات سياسية للوزراء. وقال: «نحن في الأمتار الأخيرة من مسابقة تشكيل الحكومة، والبرنامج موجود وموضوع على الورق»، لافتاً إلى أن الحديث «أن يكون الشخص المناسب في المكان المناسب».
وكان ميقاتي أعلن في بيان صباحاً «متانة العلاقة التي تربطه بالرئيس سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة والرئيس تمام سلام، ودعمهم له إلى أقصى الحدود ومواكبة جهوده لتشكيل الحكومة، وفق الأسس الدستورية المعروفة».
وعلى الأثر، غرد الرئيس سعد الحريري عبر حسابه الخاص على «تويتر» قائلاً: «بيان الرئيس نجيب ميقاتي لسان حالنا جميعاً والعلاقة مع دولته أقوى من أن يتلاعب عليها المغرضون».
وعقدت عشر جولات من الحادثات بين ميقاتي وعون أسفرت عن تذليل قسم من العقبات التي تحول دون تشكيل الحكومة. وقال عضو كتلة «الوسط المستقل» النائب نقولا نحاس المقرب من ميقاتي إن «مهلة تشكيل الحكومة حتماً ليست مفتوحة، والرئيس المكلف نجيب ميقاتي لديه 3 أهداف أساسية، وهي ثقة النواب والناس والخارج، وهو يراعي التوازنات بين مختلف القوى والطوائف في توزيع الحقائب».
ويعول اللبنانيون على تشكيل الحكومة للانطلاق في مسار النهوض من الأزمة. وقال النائب حسن فضل الله في تصريح أمس: «إننا نحتاج إلى حكومة وخطة لكي نحل مشكلة الكهرباء»، مشيراً إلى «أننا لذلك نحن في الداخل مع إعادة النهوض إلى مؤسسات الدولة رغم كل الواقع المأسوي، والمفتاح أن يؤلفوا حكومة»، لافتاً إلى أن «رئيس الجمهورية والرئيس المكلف هما من يؤلفها لأن تأليفها يحتاج إلى توقيعهما، وإذا لم يوقعا لا تؤلف حكومة». وأضاف «دعوتنا إليهما في الماضي والآن وغداً لم يعد هناك في وقت في لبنان حتى للكلام في الحصص والمواقع والوزراء وقلنا لهما نسهل هذا الأمر إلى الحد الأقصى».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».