ملك ماليزيا يدعو إلى الوحدة لتعيين رئيس وزراء جديد

زعيم المعارضة أنور إبراهيم يتحدث إلى الصحافيين بعد لقائه ملك البلاد بالقصر الملكي في كوالالمبور أمس (رويترز)
زعيم المعارضة أنور إبراهيم يتحدث إلى الصحافيين بعد لقائه ملك البلاد بالقصر الملكي في كوالالمبور أمس (رويترز)
TT

ملك ماليزيا يدعو إلى الوحدة لتعيين رئيس وزراء جديد

زعيم المعارضة أنور إبراهيم يتحدث إلى الصحافيين بعد لقائه ملك البلاد بالقصر الملكي في كوالالمبور أمس (رويترز)
زعيم المعارضة أنور إبراهيم يتحدث إلى الصحافيين بعد لقائه ملك البلاد بالقصر الملكي في كوالالمبور أمس (رويترز)

استقبل ملك ماليزيا أمس رؤساء الأحزاب السياسية في الدولة؛ الواقعة في جنوب شرقي آسيا، بهدف الاتفاق على تعيين رئيس وزراء جديد، وذلك بعد استقالة رئيس الحكومة قبل يومين.
وقدم رئيس الوزراء محيي الدين ياسين استقالته أول من أمس بعد أن فقد أغلبيته في البرلمان، وهو ما أثار خشية من اضطرابات سياسية في البلاد، التي تواجه أسوأ موجة إصابات بفيروس «كورونا».
واستبعد ملك ماليزيا السلطان عبد الله شاه إجراء انتخابات على المدى المنظور بسبب الوضع الصحي، ومن المتوقع أن يعين رئيس الوزراء الجديد حسب الشخصية التي ستحظى بأكبر قدر من التأييد.
وتوجه زعيم المعارضة أنور إبراهيم، وزعماء أحزاب أخرى إلى القصر في كوالالمبور، بحسب مصور وكالة الصحافة الفرنسية. لكن دون وجود خليفة واضح لمحيي الدين ياسين، يمكن لماليزيا أن تغرق مجدداً في فترة جديدة من عدم الاستقرار السياسي، حسب عدد من المراقبين.
وتدعم المعارضة أنور إبراهيم، الذي يحاول الوصول إلى السلطة منذ عقدين من الزمن، بينما تحاول أحزاب التحالف السابق إيجاد زعيم جديد يسمح لها بالعودة إلى السلطة. كما أثيرت فرضية تشكيل حكومة وحدة وطنية حتى يتحسن الوضع الوبائي للتمكن من تنظيم انتخابات بأمان.
ويتوجب على النواب أن يرفعوا بشكل فردي إلى القصر اختيارهم مرشحهم لرئاسة الوزراء بحلول اليوم الأربعاء. ويفترض في المرشح للمنصب أن يحصل على دعم ما لا يقل عن 111 نائباً من أصل 222 نائباً في مجلس النواب ليتمكن الملك من تعيينه رئيساً للوزراء.
وقال أوه إي صن، المحلل في «معهد سنغافورة للشؤون الدولية»، إنه من المرجح أن يقارن الملك مقترحات النواب «بنتائج اجتماع قادة الحزب قبل اتخاذ قراره النهائي».
ووصل رئيس الوزراء محيي الدين ياسين إلى السلطة في مارس (آذار) 2020 دون انتخابات، وقاد حكومة ائتلافية منذ سقوط الحكومة الإصلاحية لمهاتير محمد المخضرم في السياسة الماليزية. لكن شرعية حكومته كانت موضع تساؤل باستمرار، كما تعرضت إدارتها الأزمة الصحية لانتقادات شديدة. وأصبح وضعه في نهاية المطاف غير مقبول، بعد أن سحب نواب دعمهم له، مما حرمه من الأغلبية في البرلمان.
وصعد رئيس الوزراء المنتهية ولايته لهجته حيال خصومه داخل ائتلافه في خطاب ألقاه أول من أمس. وقال في كلمة متلفزة: «كان بإمكاني أن أسلك الطريق السهلة بخرق مبادئي للبقاء في منصبي، لكن ذلك لم يكن خياري»، مشدداً على أنه «لن يتعاون أبداً مع سياسيين يسلبون ثروات البلاد».
كما أكد رئيس الوزراء أن العديد من النواب الذين سحبوا دعمهم له، وبينهم الزعيم السابق نجيب رزاق المتورط في فضيحة فساد كبيرة، عاقبوه لرفضه إلغاء التهم الموجهة إليهم. كما تعرض محيي الدين ياسين لانتقادات من قبل المعارضة لفرضه في يناير (كانون الثاني) الماضي حالة الطوارئ بسبب تفشي وباء «كوفيد19» وتعليق أعمال البرلمان مما سمح له بالإفلات من تنظيم انتخابات.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.