ردود فعل دولية وإقليمية حول تصريحات وزير الخارجية الأميركي

فرنسا وتركيا تؤكدان رفضهما التفاوض مع الأسد

ردود فعل دولية وإقليمية حول تصريحات وزير الخارجية الأميركي
TT

ردود فعل دولية وإقليمية حول تصريحات وزير الخارجية الأميركي

ردود فعل دولية وإقليمية حول تصريحات وزير الخارجية الأميركي

أثار تصريح لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، مفاده أن الرئيس بشار الاسد ينبغي أن يكون جزءا من المفاوضات بشأن الانتقال السياسي في سوريا، ردود فعل كبيرة بين الأوساط الدولية والإقليمية.
فقد أعربت فرنسا عن تمسكها بمعارضتها لإجراء محادثات مع الاسد، قائلة إن مثل هذه المحادثات ينبغي أن تشمل أفراد المعارضة السورية وعناصر من النظام الحالي -لكن ليس الاسد - لتمهيد الطريق لتشكيل حكومة وحدة.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس اليوم، رفضه أي تفاوض مع الأسد بناء على تصريحات وزير الخارجية الاميركي جون كيري، واعتبر ان الأمر سيكون بمثابة "هدية" تقدم الى تنظيم "داعش".
وقال فابيوس في ختام اجتماع في بروكسل ان "حل (النزاع السوري) هو في (مرحلة) انتقالية سياسية تحافظ على مؤسسات النظام ولكن ليس على بشار الاسد". واضاف "أي حل يعيده الى الواجهة سيكون بمثابة هدية مشينة وهائلة لارهابيي داعش".
وعندما سئل وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو عن تصريحات كيري قال للصحافيين "نظام الأسد هو سبب كل المشكلات في سوريا". وأضاف مستغربا "ما الذي يمكن التفاوض عليه مع الاسد؟". مضيفا "ما الذي ستتفاوضون عليه مع نظام قتل أكثر من 200 ألف شخص واستخدم الاسلحة الكيماوية.. ما النتائج التي تحققت من خلال المفاوضات حتى الآن؟".
كما كانت لهذه التصريحات ردود فعل عربية من قبل الكثير من المحللين.
وكان كيري قد قال "ينبغي علينا التفاوض في نهاية المطاف.. كنا على استعداد دوما للتفاوض في سياق عملية جنيف"؛ في إشارة الى مؤتمر عقد في 2012 دعا الى تدشين مرحلة انتقالية عن طريق التفاوض لإنهاء الصراع.
من جانبه، قال سامي الفرج وهو مستشار كويتي لمجلس التعاون الخليجي "كون أن الاسد لايزال في المشهد فهو أمر تعايشنا معه وتقبلناه في اطار ترتيب مؤقت. اذا كان كيري يتحدث عن هذا الترتيب المؤقت ذاته - عام أو عامان حتى تؤتي المفاوضات ثمارها - فنحن نتفهم". مضيفا "لكن لو كان يعني أن الاسد سيبقى بعد المفاوضات فهذا غير مقبول".
من جهة أخرى، نقلت وكالة انترفاكس الروسية اليوم عن نائب وزير الخارجية الروسي جينادي غاتيلوف، انه قال ان موسكو دعت مبعوث الأمم المتحدة لسوريا ستافان دي ميستورا الى الجولة الثانية من المحادثات بين الحكومة السورية وقوى المعارضة المقررة في بداية شهر أبريل (نيسان) المقبل.
وقاطعت مجموعات معارضة رئيسة، الجولة الاولى من المحادثات في العاصمة الروسية، كما لم تشمل تلك المحادثات المعارضة المسلحة الرئيسة.
من جانبه، قال الأسد اننا "ما زلنا نستمع لتصريحات وعلينا أن ننتظر الأفعال وعندها نقرر"، ردا على تصريحات كيري.
وفي مقابلة مع شبكة (سي.بي.اس) جرت يوم أمس (الاحد)، لم يكرر كيري الموقف الرسمي الاميركي بأن الأسد فقد كل شرعيته ويتعين عليه الرحيل. لكنه قال عندما سئل ان كانت الولايات المتحدة مستعدة للتفاوض مع الأسد "ينبغي علينا التفاوض في نهاية المطاف". وقال كيري "ما نسعى لتحقيقه هو حمله (الاسد) على المجيء لعمل ذلك، وقد يتطلب الأمر زيادة الضغوط عليه بأشكال متعددة بهدف تحقيق ذلك".
وفي تصريح لاحق لغرض التخفيف من ردود الفعل، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية ماري هارف، امس (الاحد)، ان كيري لم يكن يشير على نحو خاص الى الاسد. وأضافت أن واشنطن لن تتفاوض قط مع الرئيس السوري.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.