مدينة المستقبل السعودية «نيوم» تتمتع بأعلى جودة في الهواء

باحثو جامعة «كاوست» يقدمون أول تقييم عالي الدقة لها شمال البحر الأحمر

استكمل باحثو «كاوست» أول تقييم شامل لجودة الهواء لموقع مدينة «نيوم» المؤتمتة بالكامل
استكمل باحثو «كاوست» أول تقييم شامل لجودة الهواء لموقع مدينة «نيوم» المؤتمتة بالكامل
TT

مدينة المستقبل السعودية «نيوم» تتمتع بأعلى جودة في الهواء

استكمل باحثو «كاوست» أول تقييم شامل لجودة الهواء لموقع مدينة «نيوم» المؤتمتة بالكامل
استكمل باحثو «كاوست» أول تقييم شامل لجودة الهواء لموقع مدينة «نيوم» المؤتمتة بالكامل

لم يترك مخططو مدينة المستقبل السعودية العملاقة «نيوم» أي عائق يحول دون أن تصبح مركزاً عالمياً عصرياً، فقد اهتموا حتى بجودة الهواء، وعملوا على السيطرة على نسبة الملوثات به، لتكون بحق مدينة للتعليم والرعاية الصحية والثقافة والأعمال والتكنولوجيا، تقوم على الطاقة المتجددة والبنية التحتية الصديقة للبيئة.

تقييم الهواء
وقد استكمل باحثو جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) أول تقييم شامل عالي الدقة لجودة الهواء في المنطقة التي تمثل امتداداً طبيعياً لساحل البحر الأحمر، وكانت النتائج واعدة.
وكلمة «نيوم» تعني «المستقبل الجديد»، وقد وُصف المشروع الذي تقدر تكلفته بـ500 مليار دولار أميركي بأنه «الأكثر طموحاً في العالم». وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد أعلن عن هذا المشروع في يوم 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وذلك خلال جلسة مؤتمر مبادرات مستقبل الاستثمار الذي استضافته الرياض، وعد جزءاً من «رؤية 2030» التي تهدف بشكل رئيسي إلى تقليل اعتماد المملكة العربية السعودية على النفط، وتنويع مواردها الاقتصادية. ولعل من أهم مزايا مشروع «نيوم» أن المدينة ستعتمد الطاقة المتجددة بنسبة 100 في المائة، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وستعمل على أن تكون انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تنتجها المدينة (صفر)، عن طريق استخدام وسائل النقل الكهربائية، وإنتاج غاز الهيدروجين الأخضر.
وتقع «نيوم» في الجزء الشمالي الغربي من المملكة، بالقرب من حدودها مع الأردن ومصر. ونظراً لأهمية المدينة، كان من الضروري معرفة مستوى جودة الهواء، والأحوال الجوية، في المنطقة التي ستُقام على أرضها، لرصد نسب التلوث، والسيطرة عليها بفاعلية.
ومن المعروف أن تلوث الهواء، خاصة في المناطق الحضرية، يمثل تحدياً كبيراً للحياة الصحية، حيث يموت أكثر من 3 ملايين شخص حول العالم في كل عام نتيجة لذلك. ويعد تلوث الهواء أحد الأسباب الرئيسية للأمراض التنفسية المزمنة، وسرطان الرئة، كما أنه يسبب أمراض القلب والسكتة الدماغية والأضرار بالجهاز العصبي. يشار إلى أن مستوى جودة الهواء يتأثر بعدة عوامل، منها: اتجاه الرياح، ومدى تباين سرعتها، ومصادر التلوث والغبار، إضافة إلى الأحوال الجوية. غير أنه في المناطق التي لا يتوافر بشأنها سوى عدد محدود للغاية من مقاييس جودة الهواء، مثل الساحل الشمالي للبحر الأحمر، يصعب وضع نماذج حاسوبية لتمثيل جودة الهواء، والوصول إلى فهم جيد للعمليات التي تؤدي إلى تراكم الملوثات المنقولة جواً وانتشارها.

حصر العوامل الملوثة
وعن هذا، يقول الدكتور هاري داساري، من قسم علوم الأرض والهندسة في «كاوست»: «التحدي الأبرز الذي واجهناه في أثناء إجراء التحليل تمثل في الحصول على بيانات موثوقة بشأن الأحوال الجوية، ونسب التلوث في سماء منطقة (نيوم). ومن أجل هذه الدراسة، أطلقنا حملة في عام 2018 لرصد جودة الهواء، امتدت لأربعة أشهر على نطاق خمسة مواقع، ثم صممنا نماذج محاكاة رقمية شديدة الدقة باستخدام خلايا شبكية لا يتجاوز امتدادها 600 متر».
وتطلب هذا الأمر، بحسب داساري، أجهزة حاسوبية هائلة، حيث يضيف: «لحسن الحظ، نعتمد على الحاسوب (شاهين) ذي القدرات الحسابية الفائقة في (كاوست)».
وتمكن الباحثون من استنتاج مؤشرات الظروف الجوية في أنحاء منطقة المشروع، وأهم العوامل المسؤولة عن انتشار التلوث، من خلال تشغيل النموذج، وفقاً لمصادر التلوث المعروفة بالمنطقة على مدار فترة محاكاة بلغت ثلاث سنوات، وأيضاً من خلال عقد موازنة بين النتائج المستقاة من النموذج والبيانات التي حصلوا عليها من عمليات الرصد.
ويوضح داساري أنه «وجدنا أن مستوى جودة الهواء فوق مشروع (نيوم) جيد للغاية بوجه عام، وذلك على الرغم من إمكانية حدوث عواصف ترابية طبيعية في فصل الصيف». كما اكتشف الفريق البحثي، تحت قيادة البروفسور إبراهيم حطيط أستاذ هندسة وعلوم الأرض بـ«كاوست»، أن التباين في درجات الحرارة فوق سطح الأرض وفوق سطح البحر يؤدي إلى تغيرات باتجاه الرياح، مما يولِّد نسيماً في البر والبحر، ولهذا النسيم دور بارز في نشر الملوثات في منطقة «نيوم».
ويلفت حطيط إلى أنه «يقدِّم جهدنا البحثي، بصفته أول دراسة تتناول جودة الهواء في منطقة (نيوم)، معلوماتٍ قيِّمة بشأن مستوى جودة الهواء، والأحوال الجوية. وهذه المعلومات سيستفيد منها مخططو المشروع ومصمموه، ضمن المساعي الهادفة للحد من تراكم الملوثات وتشكُّل الجزر الحرارية والعواصف المحلية».



الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي
TT

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

لطالما كان مجال طب الأسنان العدلي أو الجنائي ميداناً حيوياً في علم الطب الشرعي، إذ يقدم الأدلة الأساسية التي تساعد في كشف الجرائم وحل الألغاز القانونية.

الأسنان لتحديد الهوية

وتجرى التحقيقات الجنائية لحل الألغاز القانونية من خلال:

> تحديد الهوية: يتم استخدام الأسنان وبصمات الأسنان لتحديد هوية الأفراد في حالات الكوارث الطبيعية، الحوادث، أو الجرائم، خصوصاً عندما تكون الجثث مشوهة أو متحللة.

> تحليل علامات العضّ: يساعد تحليل علامات العض الموجودة على الأجساد أو الأشياء في تحديد الجناة أو الضحايا من خلال مقارنة العلامات مع أسنان المشتبه بهم.

> تقييم العمر: يمكن لطب الأسنان الجنائي تقدير عمر الأفراد بناءً على تطور الأسنان وتركيبها، مما يساعد في قضايا مثل الهجرة غير الشرعية وحالات الاستغلال للأطفال.

> فحص الجثث المجهولة: يتم استخدام تقنيات طب الأسنان لفحص الجثث المجهولة والتعرف عليها من خلال السجلات الطبية للأسنان.

> الأدلة الفموية: يمكن للأدلة المستخرجة من الفم والأسنان أن توفر معلومات حول نمط حياة الأفراد، مثل النظام الغذائي والعادات الصحية، التي قد تكون ذات صلة بالقضايا الجنائية.

> الكشف عن التزوير والتزييف: يمكن تحليل التركيبات السنية والأسنان المزيفة لتحديد التزوير والتزييف في الأدلة الجنائية.

> التشخيص المسبق: يستخدم طب الأسنان العدلي في تشخيص الإصابات الفموية وتحليلها لتحديد ما إذا كانت ناتجة عن أعمال جنائية أو غيرها.

دور الذكاء الاصطناعي

ومع التقدم السريع في التكنولوجيا، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً متزايداً في تعزيز هذا المجال وجعله أكثر دقة وفاعلية. وسنستعرض كيف يغير الذكاء الاصطناعي ملامح طب الأسنان العدلي ودوره المحوري في تحسين عملية التشخيص وتقديم الأدلة الجنائية.

> الذكاء الاصطناعي في تحليل الأدلة، يتيح الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الضخمة بسرعة ودقة، وهو ما كان يستغرق أياماً أو حتى أسابيع لفرق من الأطباء والمختصين. أما الآن، فباستخدام خوارزميات التعلم الآلي، يمكن تحليل الصور الفموية والأشعة السينية وتحديد الهوية من خلال بصمات الأسنان بوقت قياسي قد لا يتجاوز الساعة.

> التشخيص الدقيق، يسهم الذكاء الاصطناعي في رفع مستوى الدقة في التشخيص من خلال تحليل البيانات الفموية مثل تحديد هوية العضات والعمر والجنس للضحايا من خلال الأسنان وعظم الفك وتحديد الأنماط غير المرئية بالعين المجردة. ويساعد هذا الأطباء في تمييز الحالات العادية من الحالات الحرجة التي قد تكون ذات صلة بالجرائم أو الحوادث.

> تحديد الهوية، يُعد تحديد الهوية من خلال الأسنان من أهم تطبيقات طب الأسنان العدلي، خصوصاً في حالات الكوارث أو الجثث غير معروفة الهوية. وبفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن مقارنة البيانات الفموية بسرعة مع قواعد بيانات السجلات الطبية الرقمية، مما يسهل عملية التعرف على الضحايا بدقة عالية. كما مكنت خوارزميات الذكاء الاصطناعي من إعادة بناء الوجه بعد حوادث الغرق أو الحريق أو الطائرات لسهولة التعرف على الضحايا.

ومع استمرار تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، نتوقع أن يصبح طب الأسنان العدلي أكثر تطوراً وفاعلية، فالذكاء الاصطناعي لا يقلل من الوقت والجهد فحسب، بل يساهم أيضاً في تقليل الأخطاء البشرية وتحقيق نتائج أكثر دقة ومصداقية. بفضل التعاون بين الخبراء في مجالات التكنولوجيا والطب الشرعي، يتم تطوير تطبيقات جديدة لتحديد العمر والجنس وحتى الأصل العرقي بناءً على تحليل الأسنان.

وعلى الرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي في طب الأسنان العدلي، هناك تحديات يجب التغلب عليها. ومن بين هذه التحديات ضرورة تحسين دقة الخوارزميات وتجنب التحيزات التي قد تؤثر على النتائج. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة لضمان الخصوصية وحماية البيانات الشخصية للمرضى.

وتنفيذ الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في طب الأسنان العدلي، يجب على المؤسسات التعليمية توفير التدريب اللازم للأطباء والمختصين في هذا المجال. يشمل ذلك تعليمهم كيفية استخدام الأدوات التكنولوجية الجديدة، وفهم كيفية تفسير النتائج التي تنتج عن الخوارزميات الذكية.

وتبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق بوضوح أهمية التقنية في تحسين حياتنا وجعل مجتمعاتنا أكثر أماناً وعدالةً.