تصوير جنازات المشاهير... إشكاليات تُثير تساؤلات حول «الخصوصية»

تصوير جنازات المشاهير... إشكاليات تُثير تساؤلات حول «الخصوصية»
TT

تصوير جنازات المشاهير... إشكاليات تُثير تساؤلات حول «الخصوصية»

تصوير جنازات المشاهير... إشكاليات تُثير تساؤلات حول «الخصوصية»

فجرت أزمة أخيرة تعلقت بتصوير جنازات المشاهير، تساؤلات حول «الخصوصية»؛ بل وخلفت إشكاليات بشأن بـ«تعرضها لحرمة الموتى». ولقد تجدد الجدل أخيراً حول قواعد تصوير جنازات المشاهير والفنانين عقب تشييع الفنانة المصرية دلال عبد العزيز، وسط دعوات لوضع ضوابط مهنية لتصوير الجنازات، تضمن تحديد عدد معين من المصورين وأماكن خاصة لهم للحد من الزحام.
وبالفعل، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي أخيراً انتقادات لأداء بعض الصحافيين والمصورين في جنازة الفنانة الراحلة، بسبب اقتحام بعضهم المدفن الخاص بها، ومحاولتهم تصوير لحظة الدفن وعرضها بث مباشر على بعض المواقع الإخبارية. ما دفع الصحافي أيمن عبد المجيد، وكيل نقابة الصحافيين المصرية، في منشور له على صفحته بـ«فيسبوك»، إلى المطالبة بـ«وضع ضوابط مهنية تحفظ للموت حرمته، وللأسر المكلومة خصوصيتها، وللمهنة كرامتها وثوابتها وحرفيتها»؛ لكن متخصصين ذهبوا أبعد من منطلق أن مواثيق الشرف المهنية الصحافية والإعلامية تنص على احترام حرمة الموتى، واحترام مشاعر أهل المتوفي، والامتناع تماماً عن استغلال ذلك لأغراض الإثارة.
الجدل حول هذا الموضوع لا يقتصر على مصر، إذ شهدت الهند جدلاً مماثلاً، في أعقاب وفاة الفنان الهندي ديليب كومار، الشهر الماضي، بعد نشر صورة لجثمان كومار، ومطالبة رواد مواقع التواصل الاجتماعي بحذفها. ووصف الصحافي الهندي سيرشتي ماغان، في تقرير نشره موقع «سكوب ووب» ما حدث بأنه «سلوك مستهجن». وأشار إلى تكرار الواقعة من قبل «عند نشر لحظات حزن الممثلة مانديرا بدي على زوجها المخرج راج كوشال».
محاولة تصوير جثمان المتوفي لحظة إخراجه من النعش وأخذ لقطات حية للحظة الدفن، أثارت استهجان الصحافي خالد القضاة، عضو مجلس نقابة الصحافيين الأردنية. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «تصوير لحظة الدفن يُعد اقتحاماً للخصوصية... هذا الأمر لم يسبق له الحدوث في الأردن، وبالتأكيد لو تجرأ صحافي على توثيق هذه اللحظة لتعرض لانتقادات شديدة، فهذه اللحظة شديدة الخصوصية، ولا يجوز للصحافيين اقتحامها».
في سياق متصل، خلال مايو (أيار) الماضي، بالتزامن مع جنازة الفنان المصري سمير غانم، أطلق عدد من الصحافيين والمصورين الصحافيين في مصر هاشتاغ حمل عنوان «صحافي ضد تصوير جنازات المشاهير» انتقدوا فيه تصوير جنازات المشاهير، ودعوا إلى احترام خصوصيتهم، في جدل أصبح يتكرر أخيراً مع كل جنازة لفنان. وهنا برر المصور الصحافي عمرو نبيل، مؤسس شعبة المصورين الصحافيين بنقابة الصحافيين المصرية، في لقاء مع «الشرق الأوسط»، تجدد الجدل حول الأمر بـ«تضاعف عدد الصحافيين والمصورين والوسائل الإعلامية عشرات المرات في السنوات العشرين الأخيرة». وقال إنه «صور جنازات كثير من المشاهير، من بينهم الفنان محمد عبد الوهاب والفنانة سعاد حسني والمطربة فايزة أحمد، ولم يكن يثار مثل هذا الجدل، لأن المصورين وقتها كانوا لا يسعون لاقتحام خصوصية المتوفى».
نبيل أضاف أنه «كان يحرص في السابق على التقاط صورة عامة للجنازة، تظهر تزاحم الجماهير، ولا يشكل النعش فيها سوى جزء ضئيل لا يتجاوز 5 في المائة. ولالتقاط مثل هذه الصورة كان يصعد على مكان مرتفع وبعيد عن الزحام، ومن المكان نفسه كان يلتقط صوراً قريبة بعدسات «زووم» للمشيعين، وهي تحمل لافتات أو صور الفنان»، مشيراً إلى أن «المسألة لم تكن تتطلب التزاحم والوقوف بين الحشود، ولم يحدث في جيلي أن حاول أحد تصوير لحظة الدفن». اختتم بالقول إن «تصوير لحظة الدفن، ووقت إخراج الجثمان من النعش يتنافى مع المعايير الأخلاقية والدينية، وليست سبقاً صحافياً كما يتصور البعض... لكن المشكلة تكمن في أن المسؤولين عن بعض المؤسسات الإعلامية يحاسبون المصورين إذا لم يتلقطوا مثل هذه الصور».
الدكتور محمد سعيد محفوظ، مستشار رئيس تحرير صحيفة «الأهرام» المصرية، رئيس مؤسسة «ميدياتوبيا»، يتفق مع الرأي السابق. وفي حوار مع «الشرق الأوسط»، قال «من معايير الجودة الصحافية، حماية الجمهور وأطراف المادة الصحافية حتى لو كانوا من المدانين أو المتهمين في قضية ما، من أي تداعيات سلبية تترتب على نشر المادة أو بثها، من دون المساس بنزاهة ودقة المادة، ومن دون حرمان الجمهور من حقه في المعرفة، وينطبق الأمر على اختراق خصوصية الأفراد، مع وضع المصلحة العامة والمعايير القانونية في الاعتبار». وأضاف أن «مبدأ الخصوصية ينطبق على المتوفى، سواء أكان شخصية عامة أو لا، فهو حق من حقوق الإنسان دون تمييز».
جدير بالذكر، أنه بسبب تزاحم المصورين تشهد جنازات المشاهير مشادات ومشاحنات بين الصحافيين والفنانين، كان آخرها في جنازة دلال عبد العزيز عندما ألقى الإعلامي رامي رضوان، زوج الفنانة دنيا سمير غانم ابنة الفنانة الراحلة، هاتف صحافي كان يحاول التقاط صور للحظة الدفن. وقبلها حدثت مشاجرة بين مدير أعمال الفنان أحمد السقا، ومراسل قناة فضائية، وصلت إلى حد الاشتباك بالأيدي إثر إصرار الأخير على تصوير مراسم جنازة مصفف الشعر محمد الصغير، رغم منع أسرة الراحل للتصوير. وقبل ذلك حطمت المطربة شيرين عبد الوهاب هاتف إحدى الصحافيات لإصرار الأخيرة على التقاط صور لعزاء والدها، رغم رفض شيرين تصوير العزاء.
عالمياً تعد مشاهد المشاهير داخل النعش أثناء الجنازة، وقبل الدفن، من أشهر المشاهد؛ لكن ثمة قواعد وضوابط لذلك. على سبيل المثال «رابطة الأخبار الرقمية للراديو والتلفزيون»، وهي مؤسسة أميركية متخصصة في مجال الصحافة والبث الرقمي أسست عام 1946 ومقرها واشنطن، وضعت مجموعة من الضوابط لتغطية الجنازات، من بينها أنه «يجب على الصحافيين استئذان أسرة المتوفى في تغطية الجنازة إعلامياً، إضافة إلى إمكانية الاعتماد على نظام تحديد عدد معين من المصورين والصحافيين للتغطية، يتولون توزيع المادة على باقي وسائل الإعلام فيما يعرف بنظام الـ(pool) وذلك لتقليل الزحام، مع التزام الصحافيين بارتداء ملابس مناسبة، واستخدام الميكروفونات اللاسلكية، والكاميرات التي تعمل في إضاءة منخفضة وبعدسات زووم»، إضافة إلى «ضرورة التزام الحكمة عند اختيار الصور التي ستنشر، ومدى الحاجة إلى تغطية لحظات الدفن التي تتضمن لحظات شديدة الحساسية والحزن»، مع «التوصية بتقليل استخدام عبارات مثل مأساوي ومؤلمة وانهارت من البكاء».
خالد القضاة يشير إلى أن «الصحافيين في الأردن عادة ما يركزون على إرث المتوفى، وتكون الوفاة فرصة للحديث عن تاريخه وإنجازاته، ولا يجري تصوير حالات الحزن لأهل الفقيد ولا لحظات انكسارهم، فهذه لحظات خاصة، ويكتفى بتصوير صور للنعش محمولاً على الأكتاف، أو لجموع المشاركين».
أما عمرو نبيل فيرى «أهمية تصوير الجنازات، وحتى محاولة تصوير لقطات تظهر مشاعر الحزن والتأثر للشخصيات العامة، كما حدث عند تصوير دنيا وإيمي سمير غانم»، لكن «في حال رفض أسرة الفنان وجود مصورين أو تصوير الجنازة، لا يحق للصحافي التصوير خلسة». ويضيف أن «هذه المسألة تتطلب تنسيقاً بين نقابتي الصحافيين والإعلاميين، ونقابة المهن التمثيلية». وهنا يقترح «تحديد أماكن للمصورين الصحافيين في الجنازات، وتخصيص أماكن للحصول على تصريحات من الفنانين والمشاركين في الجنازة، إضافة إلى إمكانية تنظيم المسألة بشكل أكبر عن طريق تحديد عدد معين من المصورين يكون مسؤولاً عن تصوير الجنازة وتوزيع صورها على باقي وسائل الإعلام».
ويتفق محفوظ مع فكرة دعوة «الهيئات والنقابات والمؤسسات الإعلامية لتنظيم عمل المصورين والصحافيين، بحيث يجري توثيق الحدث من دون أن يتسبب ذلك في إيذاء مشاعر المعزين».


مقالات ذات صلة

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

يوميات الشرق مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

أثار إعلان «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي تساؤلات بشأن دوافع هذا القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

مصر: «الوطنية للإعلام» تحظر استضافة «العرّافين»

بعد تكرار ظهور بعض «العرّافين» على شاشات مصرية خلال الآونة الأخيرة، حظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» أثارت جدلاً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

​مصر: ضوابط جديدة للبرامج الدينية تثير جدلاً

أثارت قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر المتعلقة بالبرامج الدينية جدلاً في الأوساط الإعلامية

محمد الكفراوي (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ديبورا والدة تايس وبجانبها صورة لابنها الصحافي المختفي في سوريا منذ عام 2012 (رويترز)

فقد أثره في سوريا عام 2012... تقارير تفيد بأن الصحافي أوستن تايس «على قيد الحياة»

قالت منظمة «هوستيدج إيد وورلدوايد» الأميركية غير الحكومية إنها على ثقة بأن الصحافي أوستن تايس الذي فقد أثره في سوريا العام 2012 ما زال على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي شخص يلوّح بعلم تبنته المعارضة السورية وسط الألعاب النارية للاحتفال بإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)

فور سقوطه... الإعلام السوري ينزع عباءة الأسد ويرتدي ثوب «الثورة»

مع تغيّر السلطة الحاكمة في دمشق، وجد الإعلام السوري نفسه مربكاً في التعاطي مع الأحداث المتلاحقة، لكنه سرعان ما نزع عباءة النظام الذي قمعه لعقود.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
TT

مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)

طغى مشهد الحرب على أحداث لبنان لسنة 2024، لا سيما في الأشهر الأخيرة من العام، وهي أشهر أمضاها اللبنانيون يترقّبون بقلق مصير بلدهم غير آبهين بأي مستجدات أخرى تحصل على أرضهم أو في دول مجاورة. وشكّلت محطات التلفزة الخبز اليومي للمشاهدين، فتسمروا أمام شاشاتها يتابعون أحداث القصف والتدمير والموت.

توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة شكّل مفاجأة للبنانيين

المشهد الإعلامي: بداية سلسة ونهاية ساخنة

عند اندلاع ما أُطلق عليها «حرب الإسناد» في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لم يتأثر المشهد الإعلامي في لبنان، فقد أبقى أصحاب المحطات المحلية مع بداية عام 2024 على برامجهم المعتادة، وخاضت التلفزيونات موسم رمضان بشكل عادي، متنافسة على تقديم الأفضل للمشاهد. لم تتبدل أجندة البرامج في محطات «إل بي سي آي»، و«الجديد»، و«إم تي في». وتابع اللبنانيون برامج الترفيه والحوارات السياسية والألعاب والتسلية، وكأن لا شيء غير عادي يحدث. وفي موسم الصيف، ركنت المحطات كعادتها إلى إعادات درامية وحلقات من برامج ترفيهية. فهذا الموسم يتسم عادة بالركود، كون المُشاهد عموماً يتحوّل إلى نشاطات أخرى يمارسها بعيداً عن الشاشة الصغيرة.

لكن منذ أن جرى تفجير أجهزة الاستدعاء (البيجر) بعناصر «حزب الله»، في 17 سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، انقلب المشهد الإعلامي رأساً على عقب. وضعت جميع المحطات مراسليها ومقدمي نشرات الأخبار لديها في حالة استنفار، وصار المشهد السائد على الشاشة الصغيرة، من حينها، يتألّف من نقل مباشر وحوارات سياسية متواصلة.

حالة استنفار عام سادت محطات التلفزة لمواكبة أحداث الحرب

مقتل صحافيين خلال الحرب

لم توفر الحرب الدائرة في لبنان منذ بداياتها الجسم الإعلامي الذي خسر عدداً من مراسليه على الأرض. وُصف استهدافهم بـ«جريمة حرب» هزّت المشهد واستدعت استنكاراً واسعاً.

ولعل الحدث الأبرز في هذا المجال هو الذي جرى في أكتوبر 2024 في بلدة حاصبيا الجنوبية.

فقد استهدفت غارة إسرائيلية فندقاً كان قد تحول إلى مقر إقامة للصحافيين الذين يغطون أخبار الحرب؛ مما أسفر عن مقتل 3 منهم وإصابة آخرين. قُتل من قناة «الميادين» المصوّر غسان نجار، ومهندس البث محمد رضا، كما قُتل المصوّر وسام قاسم من قناة «المنار». ونجا عدد آخر من الصحافيين الذين يعملون في قناة «الجديد»، ووسائل إعلامية أخرى.

وضع لبنان على اللائحة الرمادية (لينكد إن)

تمديد أوقات البث المباشر

أحداث الحرب المتسارعة التي تخلّلها اغتيالات، وقصف عنيف على لبنان، سادت المشهد الإعلامي. وشهدت محطات التلفزة، للمرة الأولى، تمديد أوقات البث المباشر ليتجاوز 18 ساعة يومياً.

وجنّدت محطات التلفزة مراسليها للقيام بمهمات يومية ينقلون خلالها الأحداث على الأرض. وتنافست تلك المحطات بشكل ملحوظ كي تحقّق السبق الصحافي قبل غيرها، فقد مدّدت محطة «إم تي في»، وكذلك «الجديد» و«إل بي سي آي»، أوقات البث المباشر ليغطّي أي مستجد حتى ساعات الفجر الأولى.

وحصلت حالة استنفار عامة لدى تلك المحطات. فكان مراسلوها يصلون الليل بالنهار لنقل أحداث الساعة.

برامج التحليلات السياسية والعسكرية نجمة الشاشة

أخذت محطات التلفزة على عاتقها، طيلة أيام الحرب في لبنان، تخصيص برامج حوارية تتعلّق بهذا الحدث. وكثّفت اللقاءات التلفزيونية مع محللين سياسيين وعسكريين. وبسبب طول مدة الحرب استعانت المحطات بوجوه جديدة لم يكن يعرفها اللبناني من قبل. نوع من الفوضى المنظمة ولّدتها تلك اللقاءات. فاحتار المشاهد اللبناني أي تحليل يتبناه أمام هذا الكم من الآراء. وتم إطلاق عناوين محددة على تلك الفقرات الحية. سمّتها محطة الجديد «عدوان أيلول». وتحت عنوان «تحليل مختلف»، قدّمت قناة «إل بي سي آي» فقرة خاصة بالميدان العسكري وتطوراته. في حين أطلقت «إم تي في» اسم «لبنان تحت العدوان» على الفقرات الخاصة بالحرب.

أفيخاي أدرعي نجماً فرضته الحرب

انتشرت خلال الحرب الأخبار الكاذبة، وخصّصت بعض المحطات مثل قناة «الجديد» فقرات خاصة للكشف عنها. وبين ليلة وضحاها برزت على الساحة الإعلامية مواقع إلكترونية جديدة، وكانت مُتابعة من قِبل وسائل الإعلام وكذلك من قِبل اللبنانيين. ومن بينها «ارتكاز نيوز» اللبناني. كما برز دور «وكالة الإعلام الوطنية»، لمرة جديدة، على الساحة الإعلامية؛ إذ حققت نجاحاً ملحوظاً في متابعة أخبار الحرب في لبنان. وشهدت محطات تلفزة فضائية، مثل: «العربية» و«الجزيرة» و«الحدث»، متابعة كثيفة لشاشاتها ومواقعها الإلكترونية.

أما الحدث الأبرز فكان متابعة اللبنانيين للمتحدث الإعلامي للجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي. فالحرب فرضته على اللبنانيين لتوليه مهمة الكشف عن أسماء قادة الحزب الذين يتمّ اغتيالهم. كما كان يطل في أوقات متكررة، عبر حسابه على «إكس»، يطالب سكان مناطق محددة بمغادرة منازلهم. فيحدد لهم الوقت والساعة والمساحة التي يجب أن يلتزموا بها، كي ينجوا من قصف يستهدف أماكن سكنهم.

عودة صحيفة إلى الصدور

في خضم مشهد الحرب الطاغي على الساحة اللبنانية، برز خبر إيجابي في الإعلام المقروء. فقد أعلنت صحيفة «نداء الوطن»، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، استئناف صدورها، ولكن بإدارة جديدة. فقد سبق أن أعلن القيمون عليها في فترة سابقة عن توقفها. وكان ذلك في شهر مايو (أيار) من العام نفسه.

توقيف حاكم مصرف لبنان يتصدّر نشرات الأخبار

سبق انشغال الإعلام اللبناني بمشهد الحرب خبر توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. كان الخبر الأبرز في نشرات الأخبار المتلفزة. لم يتوقع اللبنانيون في 3 سبتمبر من عام 2024 أن يستيقظوا على خبر شكّل مفاجأة لهم. ففي هذا اليوم تم توقيف رياض سلامة على ذمة التحقيق، وذلك بتهم تتعلّق بغسل أموال واحتيال واختلاس. جاءت هذه الخطوة في إطار تحقيق يتعلّق بشركة الوساطة المالية اللبنانية «أبتيموم إنفيست»، وقبل أسابيع قليلة من تصنيف لبنان ضمن «القائمة الرمادية» لمجموعة العمل المالي «فاتف» (FATF)؛ مما يهدّد النظام المالي اللبناني المتأزم.

اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله تصدّر مشهد الحرب

أخبار تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024

تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024 سلسلة من الأحداث. شملت أخبار اغتيالات قادة «حزب الله»، وفي مقدمهم أمينه العام حسن نصر الله في 27 سبتمبر. كما انشغلت نشرات الأخبار المتلفزة بالحديث عن وضع لبنان على «القائمة الرمادية»، وهو تصنيف من شأنه أن يفاقم معاناة البلاد اقتصادياً في ظل الأزمة المالية المستمرة منذ عام 2019. أما أحدث الأخبار التي تناقلتها محطات التلفزة فهو قرار الإفراج عن المعتقل السياسي جورج إبراهيم عبد الله بعد قضائه نحو 40 عاماً في السجون الفرنسية.

وقف إطلاق النار يبدّل المشهد المرئي

في 27 نوفمبر أُعلن وقف إطلاق النار، بعد توقيع اتفاق مع إسرائيل. فتنفّست محطات التلفزة الصعداء. وانطلقت في استعادة مشهديتها الإعلامية المعتادة استعداداً لاستقبال الأعياد وبرمجة موسم الشتاء.