خروقات لاتفاق وقف النار في درعا رغم الرعاية الروسية

قصف مدفعي ومنع الأهالي من الخروج

دورية روسية في درعا قبل أيام (سبوتنك)
دورية روسية في درعا قبل أيام (سبوتنك)
TT

خروقات لاتفاق وقف النار في درعا رغم الرعاية الروسية

دورية روسية في درعا قبل أيام (سبوتنك)
دورية روسية في درعا قبل أيام (سبوتنك)

قصفت قوات النظام، أمس الأحد، محيط مقرات قيادي معارض في طفس والسهول الشمالية الغربية لبلدة آليادودة غرب درعا، كما قصفت الفرقة الرابعة بقذائف الدبابات والرشاشات الثقيلة، أحياء درعا، وذلك بعد اتفاق مساء السبت الذي توصل لوقف إطلاق نار لأسبوعين، وقبل ساعات من اجتماع الوفد الروسي واللجان المركزية المفاوضة في درعا، حسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وقالت مصادر محلية إن قوات النظام السوري منعت الأهالي من الخروج عبر حاجز السرايا إلى درعا المحطة، أمس الأحد، وسط نداءات اللجنة المركزية، لإبلاغ الجانب الروسي الذي تعهد بفتح الطريق.
كان مصدر في اللجان المركزية بمحافظة درعا، قد كشف، السبت، عن التوصل إلى اتفاق مع القوات الروسية ينص على وقف إطلاق النار لمدة أسبوعين يتم خلالهما جولات من التفاوض، وتسلم الأطراف خريطة حل روسية للأزمة في مناطق التسويات في درعا، خصوصاً مدينة درعا البلد ومحيطها. وقال الناطق باسم لجنة التفاوض المركزية في درعا البلد، عدنان المسالمة، إنه تم في اجتماع السبت، عرض الخطوط الرئيسية لحلول تهدئة تشمل كامل المنطقة الجنوبية، والاتفاق على تشكيل لجنة مؤلفة من الجهات المعنية بتنفيذ الاتفاق، لمتابعة حل الإشكاليات طيلة فترة التفاوض، وتسيير دورية روسية بدءاً من الأحد، في محيط مدينة درعا، لمراقبة وقف إطلاق النار ومعاينة الأوضاع ميدانياً.
وسيتم تزويد جميع الأطراف بنسخة ورقية من خريطة الطريق، لمناقشة بنودها، طيلة فترة التفاوض المحددة بأسبوعين. وحسب شبكة «نبأ» المحلية في درعا، فإن أبرز ما جاء في الورقة التي قدمها الجانب الروسي، بحضور لجان التفاوض المركزية في درعا، ورئيس اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري اللواء حسام لوقا، والعميد لؤي العلي رئيس فرع الأمن العسكري في درعا، فرض وقف إطلاق النار في درعا، وتسيير أولى الدوريات الروسية، بالتزامن مع إعادة فتح معبر السرايا العسكري المؤدي إلى مركز درعا المحطة، وتشمل خريطة الحل ريفي درعا الشرقي والغربي.
وكان أحد أبرز البنود، تمركز قوى شرطية تابعة للنظام في مواقع عدة (لم يُحدد عددها) في أحياء المدينة. إضافة لبندين (قابلين للتفاوض)، هما تسليم سلاح المعارضة للنظام، وتهجير المعارضين غير الراغبين بالتسوية، ويُقدر عددهم بنحو 135 شخصاً، من مدينة درعا البلد. وأن يدخل وفد روسي مع قوة أمنية تابعة للنظام إلى خطوط المواجهة في درعا البلد والمحاور الأخرى، للتأكد من رواية ضباط النظام بوجود سلاح ثقيل لدى مجموعات المعارضة.
وتضمنت خريطة الحل حصر ملف الميليشيات المحلية (مجموعات مسلحة من أبناء محافظة درعا تعمل مع الأجهزة الأمنية في درعا)، بـ«عقود رسمية» مع وزارة الدفاع التابعة للنظام، حسب المصدر. وأن تتسلم لجان التفاوض، الأحد، خريطة الحل مترجمة إلى العربية لعرضها على الأهالي. كما طالبت اللجنة بانسحاب التعزيزات العسكرية وفك الحصار عن أحياء المدينة، كخطوة أولى لتطبيق البنود (بعد الموافقة عليها). وتحدثت الأطراف خلال الاجتماع حول إعادة تشغيل معبر درعا القديم مع الأردن، من دون التوصل لتفاهمات حول كيفية وطبيعة العمل على ذلك.
وكانت المفاوضات بين لجنة درعا البلد المركزية والجانب الروسي واللجنة الأمنية للنظام السوري، قد توقفت خلال الأيام الماضية، نتيجة لتغيير الضابط الروسي «أسد الله» الذي كان مسؤولاً عن مناطق التسويات جنوب سوريا، والذي تتهمه اللجنة المركزية للتفاوض بالتواطؤ مع قوات الفرقة الرابعة، على حساب المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية في درعا، خصوصاً بعد التهديدات التي أطلقها بداية عمليات التصعيد بجلب الميليشيات الإيرانية إلى جنوب سوريا، وقصف المناطق بالطيران، إذا لم تخضع لشروط النظام السوري.
ومع استمرار التصعيد العسكري في مدينة درعا البلد، شن مقاتلون محليون خلال الأيام الماضية هجومات متفرقة على مواقع ونقاط تابعة لقوات النظام، في مناطق التسويات في ريف درعا الغربي والشمالي، وسط حالة من الإضراب في مناطق بمحافظة درعا، تعبيراً عن رفض الأهالي لحصار المدنيين في درعا البلد وطريق السد والمخيم من قبل قوات الفرقة الرابعة، واستمرار حصار المدينة لأكثر من 50 يوماً.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.