انتخابات العراق حفلة المستقلين التنكرية

انتخابات العراق حفلة المستقلين التنكرية
TT

انتخابات العراق حفلة المستقلين التنكرية

انتخابات العراق حفلة المستقلين التنكرية

تخوض الأحزاب الكبيرة في العراق «حفلة تنكرية» في سباق انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بزج مرشحيها على أنهم مستقلون، موزعين في غالبية الدوائر الانتخابية. ومنذ شهور تدرس الأحزاب النافذة، في الحكومة والبرلمان، طرقاً مختلفة وتختبر آليات عديدة للتكيف مع فرضية مزاج الجمهور المتغير منذ اندلاع الحراك الاحتجاجي عام 2020.
ويتفق صناع القرار السياسي على أن التنافس مع ممثلي الحراك لم يعد تحدياً شعبياً وسياسياً في الانتخابات المقبلة، نظراً لضمور دورهم وانكفائهم عن الحملات السياسية، لكن الجمهور ومزاجه المنحاز للتغيير لا يزال تحدياً يؤرق واضعي حسابات البرلمان المقبل.
ويشارك في الاقتراع المقبل 21 تحالفاً تضم 58 حزباً، فيما بلغ العدد الكلي للأحزاب المشاركة نحو 160 حزباً.
ويقول مستشار سياسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الخطط الحزبية للتعامل مع جمهور الناخبين تغيّرت بالكامل، وبدلاً من التفكير في استقطاب الغالبية الصامتة، تحاول الفعاليات التقليدية الحفاظ على جمهورها الأصلي.
لكن الأحزاب تعاني كثيراً لامتلاك معلومات إحصائية عن توجهات الجمهور، لفقر مؤسساتها البحثية، فضلاً عن غياب الأدوات الرصينة في استطلاع الرأي العام المحلي. وعوضاً عن محاولة تغيير السياسات العامة، وفق المتغيرات العاصفة التي طالت الناخبين، تحاول الأحزاب التلاعب بالكتل التصويتية عبر تقديم مرشحيها، متنكرين بصفة المستقل.
وسيشارك في الانتخابات 789 مرشحاً مستقلاً، وهو عدد يفوق كثيراً الجولات الانتخابية السابقة، وبالنظر إلى نتائج السنوات الثماني الماضية، فإن مستقلين اثنين فقط تمكنا من الظفر بمقعدين في مجلس النواب عام 2018، فيما لم يفلح أي مستقل في الحصول على الأصوات الكافية في برلمان عام 2014.
والحال، أن العدد الكبير من المستقلين المشاركين في الجولة الانتخابية المقبلة لا يعكس بالفعل مشاركة قوى الاحتجاج فيها، ذلك أن غالبية الناشطين قرروا مقاطعة الانتخابات، اعتراضاً على الظروف الأمنية والقانونية المحيطة بها. وتشارك نحو ثلاثة تشكيلات صغيرة منبثقة من «حراك تشرين»، من بينها حركة «امتداد»، وحركة «نازل آخذ حقي»، لكن غالبية الكيانات الأخرى والمستقلين الذين يمثلون الحراك اعتكفوا، بعيداً عن سباق أكتوبر المقبل.
وعلى امتداد خمسة أسابيع، أجرت «الشرق الأوسط» مسحاً أولياً عن المرشحين المستقلين الذين سيشاركون بالفعل في الانتخابات، وتبين أن المئات منهم ارتبطوا بأحزاب تقليدية، أو أنهم من كوادرها بالفعل، لا سيما في بغداد التي ستقدم العدد الأكبر من المقاعد بـ69 نائباً في البرلمان الجديد.
ومن أبرز الكتل التي اعتمدت على زج شخصيات مستقلة، هي منظمة «بدر» التي يقودها هادي العامري، و«عصائب أهل الحق» التي يقودها قيس الخزعلي، فيما اعتمدت كتل شيعية أخرى تأسيس أحزاب صغيرة بهوية محدثة، للتخلص من شبح التقاعد السياسي.
وبذات الطريقة لجأت الأحزاب السنية في الموصل والأنبار إلى تقديم مرشحين مستقلين، لاستقطاب جمهور منهك ويائس من احتلال تنظيم داعش، ومتضرر من حروب التحرير، لكنّ الأحزاب الشيعية تزاحم خصومها هناك باستمالة شخصيات مستقلة.
وتخوض الأحزاب الكبيرة في هذه الآليات لفرض إجراء الانتخابات في موعدها، ومع تضاؤل فرص التأجيل، إلا إذا حدث متغير جوهري، فإن الكتل تفضل صرف أموال الدعاية بحذر شديد، ومراقبة فرص المرشحين المستقلين الموالين لها. وتجد أوراق بحثية عراقية نشرها مؤخراً مركز «البيان للدراسات والتخطيط»، أن المشاركة المقبولة في الانتخابات مرهونة بقدرة الأحزاب على إقناع الجمهور بالتغيير المضمون، وأنه معني ومساهم فيه. والحال، أن تحقيق مشاركة واسعة مرهون بتحريك الكتلة التصويتية التي جرى العرف على تسميتها «الغالبية الصامتة»، لكن لا وجود لضمانات بأن المستقلين المتنكرين يمكنهم فعل الكثير في هذا المضمار.



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.