هل ينفذ الرئيس الأفغاني ما نصح به الأسد قبل 9 سنوات بـ«التنحي»؟

غلاف البحث الذي أجراه الرئيس الأفغاني عن سوريا
غلاف البحث الذي أجراه الرئيس الأفغاني عن سوريا
TT

هل ينفذ الرئيس الأفغاني ما نصح به الأسد قبل 9 سنوات بـ«التنحي»؟

غلاف البحث الذي أجراه الرئيس الأفغاني عن سوريا
غلاف البحث الذي أجراه الرئيس الأفغاني عن سوريا

هل ينفذ الرئيس الأفغاني أشرف غني اليوم نصيحته قبل 9 سنوات، للرئيس السوري بشار الأسد بـ«التنحي» وبدء «مرحلة انتقالية»؟ أم أنه يحاول رغم الصعوبات تقليد نهج الرئيس السوري لـ«البقاء» من دون الخوض في بحث «اليوم التالي» في أفغانستان؟
في أكتوبر (تشرين الأول) 2012، نشر أشرف غني وكيلر لوكهارت في «معهد تأثير الدول» ورقة بعنوان: «التحضير للانتقال السياسي في سوريا»، قدمت سيناريوهات للتحولات السورية المحتملة بعد مرور أكثر من سنة على الاحتجاجات بداية 2011، مع رسم خطوط عريضة لتوصيات لأعضاء المجتمع الدولي وتحديد القضايا المتعلقة بصياغة وتنفيذ الأجندة الانتقالية. قبل ذلك بسنوات، كان غني وكلير وضعا كتاباً بعنوان «إصلاح الدول الفاشلة: إطار لإعادة بناء عالم ممزق... نظرة رصينة للوضع الأفريقي».
هناك كثير من الخيوط التي تربط بين سوريا وأفغانستان. ميدانياً، هناك شبكات المتطرفين والإسلاميين في البلدين، وحديث عن انتقال كثير من «الدواعش» من سوريا إلى أفغانستان باعتبار «أرض القتال» الجديدة التي تستقطب المتطرفين والمقاتلين من «الأرض الشامية»، إضافة إلى انخراط أو تورط كثير من اللاعبين الدوليين والإقليميين في البلدين، مثل أميركا وروسيا وتركيا وإيران.
دبلوماسياً، أكثر من مبعوث غربي انتقل من العمل على الملف السوري إلى «الأفغاني»، بينهم المبعوث البريطاني غاريث بايللي والألماني أندرياس كرغور. كما أن نائب رئيس الوزراء السوري الأسبق عبد الله الدردري هو الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في أفغانستان، إضافة إلى أن لوكهارت المشاركة مع غني في كتابة «خريطة الطريق» للانتقال في سوريا، قريبة من مسؤولين أميركيين اشتغلوا على الملف السوري في إدارة الرئيس دونالد ترمب.
«خريطة» غني - لوكهارت جاءت بعد أسابيع من صدور «بيان جنيف» نهاية يونيو (حزيران) 2012، وتضمنت اقتراح تشكيل «هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة» من ممثلي الحكومة والمعارضة، بعد دعوة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما ومسؤولين غربيين الرئيس الأسد لـ«التنحي» ووضع واشنطن برنامجاً لمشروع «اليوم التالي» في إطار مساعيها لـ«عدم تكرار أخطاء العراق».
بالفعل، فإن «خريطة الانتقال» التي تقع في 20 صفحة تنتمي إلى الخطاب الذي كان سائداً وقتذلك، من حيث الحديث عن «تجريد نظام الأسد من شرعيته» و«شن النظام هجوماً عنيفاً ضد المعارضة التي عقدت العزم على الإطاحة به». وكان نشاط الخبراء والدول يتعلق بوضع خطط للانتقال لـ«ما بعد الأسد». وقالت الورقة: «مع استثناءات قليلة، أدان المجتمع الدولي بشدة تصرفات النظام ودعا الأسد إلى التنحي، وينبغي للمجتمع الدولي أن يتأهب على أقل تقدير للمساعدة في أي عملية انتقال سياسي في المستقبل، مع تجنب التداعيات غير المقصودة للمساعدات سيئة التصميم والغاية».
واقترحت الخريطة سيناريوهات لـ«الانتقال»؛ مع تحديد الدروس ذات الصلة ببناء السلام والمستفادة من الماضي؛ و«تحديد القضايا التي يتعين تناولها في صياغة وتنفيذ أجندة الأعمال لما بعد رحيل الأسد»، مثل اقتراح تأسيس دولة اللامركزية وأن يكون الوسيط الأممي «نزيهاً ويتسم بالصدقية».
مرت سنوات، وبقي الأسد مدعوماً بحليفيه الروسي والإيراني رئيساً وغيّرت دول غربية خطابها، وتغيّرت سوريا وأصبحت مترهلة ومنقسمة ومريضة. مرت سنوات، وتغيرت أفغانستان، وأصبح «الباحث الدولي» رئيساً مدعوماً من التحالف بقيادة أميركا. لكن أميركا على وشك الانتهاء من الانسحاب من أفغانستان، البلاد التي تعود روسيا إليها بعد هزيمتها «السوفياتية».
لكن غني، لم يتغير سوريا. وحسب دبلوماسيين التقوا به قبل فترة قريبة، فإن «الرئيس الأفغاني» بقي داعماً لموقف «الباحث الدولي» فيما يتعلق بتأييد «الانتقال السياسي في سوريا، لكن بـصيغة وطنية وضمن مشروع سوري لا يقوم بالاعتماد الكبير على اللاعبين من الخارج، بل بأجندة وطنية تضمن مصالح الموالين للأسد بما يمهد لتركه الحكم».
ويأخذ عليه بعض العارفين الذين اشتغلوا على الملف السوري، أنه «لم يسمع نفسه للنصائح التي هو قدمها للأسد، إذ إنه لم يتفاوض جدياً مع (طالبان) عندما كانت ضعيفة»، إضافة إلى أنه «قبل نصائح المستشارين والخبراء والقوات من الخارج في السياسة والإعمار والإدارة، على عكس ما كان يدعو إليه».
وكان لافتاً أن غني تعهّد في إطلالته أمس بـ«إعادة تعبئة» القوات الحكومية على وقع تدحرج «طالبان» في المدن والولايات الأفغانية باتجاه كابول التي هرعت قوات أميركا إليها لإجلاء دبلوماسيين أميركيين ورسم «خط أحمر» أمام «طالبان»، على أمل الدفع نحو تسوية تتضمن «انتقالاً سياسياً» بمشاركة طرفي الصراع.
وقال غني في كلمة مقتضبة نقلها التلفزيون: «بصفتي رئيسكم، ينصب اهتمامي على الحيلولة دون تفاقم انعدام الاستقرار والعنف وتشريد شعبي». وأضاف أنه يجري مشاورات مع الحكومة والزعماء المحليين والساسة والزعماء الدوليين.
غني، الذي دارت أنباء في كابول أنه كتب مسودة خطاب التنحي، لم يعطِ أي إشارة تحمل رداً على مطالبة «طالبان» له بترك السلطة لإجراء محادثات حول وقف النار والتسوية، وقال إن الأولوية تتمثل في إعادة دمج قوات الأمن والدفاع «وثمة إجراءات جدية تُتخذ في هذا الصدد».
كان بعض المحللين نصح غني باتباع «نصيحة الأسد» إليه كي يستطيع البقاء في الحكم، واقترحوا له خطوات عسكرية وأمنية وسياسية وتحالفات خارجية.
وقال أحدهم: «كنت أتابع الصراع السوري منذ مراحله الأولى، شيء يمكنني قوله على وجه اليقين إن الحكومة السورية كشفت عن قدرة غير عادية على البقاء... هذا شيء يمكن أن يستفيد منه غني».


مقالات ذات صلة

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.