ارتفعت حدة الاتهامات بين «التيار الوطني الحر» وحاكم مصرف لبنان، ورمى «التيار» مسؤولية الأزمة الناتجة عن قرار رفع الدعم عن المحروقات، على عاتق الحاكم رياض سلامة، مبرئاً رئيس الجمهورية ميشال عون من المسؤولية بالقول إن صلاحيات السلطة التنفيذية مسحوبة منه، وذلك في ظل انقسام حاد بين القوى السياسية على رفع الدعم من عدمه، وضرورة تزامنه مع إقرار البطاقة التمويلية. ورد رئيس «التيار» النائب جبران باسيل على اتهام سلامة له بأنه «حاكم البلد» بالقول في تغريدة على «تويتر»: «لو كنت حاكم لبنان ما كنت تركتك من زمان».
ووسط غليان الشارع على وقع تفاقم الأزمات، تعزز الانقسام بين القوى السياسية التي أجمعت على ضرورة ملء الفراغ في السلطة التنفيذية لوضع الأمور على سكة المعالجة، واتخذ الملف جانباً دستورياً، في ضوء الخلاف بين رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء على انعقاد جلسة للحكومة المستقيلة، كان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب رفض انعقادها أول من أمس، وانتقده «التيار الوطني الحر» أمس.
ورأت الهيئة السياسية في التيار بعد اجتماعها أمس، أن اللبنانيين «يتعرضون لمؤامرة مكشوفة المعالم، ترمي إلى تفكيك الدولة ونشر الفوضى وتوليد أزمات معيشية حادة تهدد الأمن والاستقرار». وقالت إن المؤامرة «ينخرط فيها حاكم مصرف لبنان»، وآخرون «يغطون قراراته، بدءاً من عملية تهريب الأموال إلى الخارج ما قبل وما بعد 17 تشرين، إلى الدعم الذي انتهجه اعتباطياً ورفعه بالكامل فجأة وعلى توقيته مخالفاً قرارات الحكومة وقانون النقد والتسليف الذي جعل منه هيئة من القانون العام تخضع لسياسات السلطة التنفيذية»، معتبرة أن «هذا في حد ذاته كافٍ لاتخاذ الإجراءات اللازمة في حقه». واتهمته «بتنفيذ أجندات مشبوهة ولمصلحة منظومة النهب والسرقة».
ورأى التيار أن «مجمل الأزمة التي نمر فيها يفضح حقيقة هذا النظام السياسي الذي سحب من يد رئيس الجمهورية الصلاحيات التنفيذية، وكل هذا يدحض ادعاءات تحميل الرئيس مسؤولية عدم مواجهة الأزمة، فكيف يتحمل المسؤولية من لا يملك أي سلطة تنفيذية وأي صلاحية فعلية في إدارة وتحريك المال العام والقضاء والأمن».
ورد حاكم المصرف المركزي رياض سلامة على هجوم «التيار» عليه، قائلاً في حديث إذاعي: «إذا تعدى استعمال الاحتياطي الإلزامي أو التوظيفات الإلزامية لدى البنك المركزي الخط الأحمر نكون نخالف القانون، فاليوم المصرف المركزي مجبر على وقف تمويل هذه الاعتمادات وإعطاء بديل».
وقال سلامة: «منذ سنة راسلنا الحكومة وتابعنا في رسائل عدة وفي كل مرة كنا ننبه أننا نصل إلى مستويات معينة من الانخفاض بموجوداتنا الخارجية؛ لذا عليكم استباق الأمور والقيام بما يقتضي كي لا نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم». وأكد سلامة أن «جميع المعنيين كانوا يعلمون بالقرار، أي الحكومة ورئاسة الجمهورية ومجلس النواب، وبالتالي القرار ليس كما يصور له». ورأى أنه «بدل القيام بهذه «المسرحية» اذهبوا إلى مجلس النواب وأقروا قانوناً يمول الاستيراد من الاحتياطي الإلزامي».
ورداً على كلام النائب جبران باسيل، قال سلامة: «أنا حاكم المصرف المركزي ولكن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل حاكم البلد». وأضاف أن لبنان يمكنه أن يتعافى، لكن ليس بوسعه أن يحدد كم من السنين سيستغرقه هذا. وأضاف أنه حتى الآن «ما حدا ماسك البلد».
ووسط هذا الهجوم على حاكم المصرف المركزي، رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن «حكومة تصريف الأعمال تكون ترتكب جريمة كبرى إذا لم تضع البطاقة التمويلية موضع التنفيذ فوراً». وقال: «إن وزير الطاقة والمياه يتحمل مسؤولية فقدان المحروقات من السوق وشل البلد لأنه لم يصدر إلى الآن جدول الأسعار الجديد بعد رفع الدعم عن البنزين والمازوت».
وقالت مصادر قريبة من «حركة أمل» لـ«الشرق الأوسط» إن الحل «يتمثل في ملء الفراغ بالسلطة التنفيذية، والعودة إلى الدستور وعدم الإطاحة بالأعراف والقواعد القائمة»، مشددة على أن «البلد لا يحكم بالفراغ والتعطيل». وشددت على أن البديل عن الأزمات «هو الإسراع بتشكيل الحكومة، لأن كل لحظة من الفراغ تؤدي إلى مزيد من التوتير والفوضى في الشارع».
والتقى موقف «أمل» مع موقف «حزب الله» الذي قال عضو كتلته البرلمانية النائب علي فياض، إن «المدخل لمعالجة الأزمة في لبنان هو أن تكون هناك حكومة»، معتبراً أن «كل الإجراءات التي تتخذ من هنا وهناك هي مسكنات وإجراءات استثنائية وموضعية مرحلية».
وانتقد «الحزب التقدمي الاشتراكي» مسار الدعم القائم، معتبراً أنه «يذهب لدعم الاحتكار والمحتكرين والتهريب والمهربين ولمد النظام السوري بشريان دعم على حساب اللبنانيين وأموالهم ومعيشتهم، وهناك اقتراحات لتصويب الدعم بشكل مباشر نحو الأسر المستحقة من خلال البطاقة التمويلية». ورأى عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب أكرم شهيب أن «وقف الدعم من مال المودعين ضروري، شرط تنفيذ البطاقة التمويلية اليوم قبل الغد».
الاتهامات تتصاعد بين رئيس «التيار» وحاكم «المركزي»
سلامة: جبران باسيل حاكم البلد... وباسيل يرد: لو كنت الحاكم ما كنت تركتك من زمان
الاتهامات تتصاعد بين رئيس «التيار» وحاكم «المركزي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة