بينت ينوي تقديم «بوادر حسن نية» للفلسطينيين قبل لقاء بايدن

لم يحدد معالمها... ومنع غانتس من لقاء عباس

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت سيلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن نهاية الشهر (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت سيلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن نهاية الشهر (إ.ب.أ)
TT

بينت ينوي تقديم «بوادر حسن نية» للفلسطينيين قبل لقاء بايدن

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت سيلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن نهاية الشهر (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت سيلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن نهاية الشهر (إ.ب.أ)

قالت مصادر أمنية إسرائيلية إن رئيس الحكومة نفتالي بينت، ينوي تقديم «بادرات حسن نيّة جوهرية وملموسة» تجاه الفلسطينيين، قبل لقائه الرئيس الأميركي جو بايدن نهاية هذا الشهر.
ويهدف بينت لكسب ثقة الرئيس الأميركي وتحقيق مكاسب في الملفّ الإيراني، ويحاول الاستفادة من أخطاء سلفه، بنيامين نتنياهو، الذي دخل في مواجهة مع الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، ويسعى إلى تطوير علاقته ببايدن وتجنب أي مواجهة علنية معه.
ولم يتم تحديد طبيعة «البادرات» الإسرائيلية، لكن يعتقد أنها تتمثل في الاستجابة لبعض طلبات الفلسطينيين التي تم تمريرها سلفاً للأميركيين.
وكانت السلطة طلبت إعادة فتح مؤسسات في القدس، وإعادة ترتيب الوضع في المسجد الأقصى، وإطلاق سراح دفعة من الأسرى الفلسطينيين، ووقف توسيع المستوطنات وعمليات الهدم، ووقف عمليات التوغل للجيش الإسرائيلي في المدن الفلسطينية، وتسليم قوات الأمن الفلسطينية أسلحة إضافية، واستئناف لم شمل العائلات، وزيادة عدد تصاريح العمل في إسرائيل للعمال الفلسطينيين، وإعادة أفراد الشرطة والموظفين وضباط الجمارك إلى «معبر اللنبي» الإسرائيلي، وتشغيل معبر البضائع في جسر دامية، وتسهيل إقامة مطار دولي في الضفة الغربية، وإقامة منطقة تجارة حرة قرب أريحا، وتخصيص أراض في المناطق «ج»، (منطقة تخضع للسيطرة الأمنية والمدنية الإسرائيلية)، من أجل إقامة مصانع ومحطة توليد كهرباء ومشاريع سياحية، ونقل صلاحيات التخطيط والترخيص إلى السلطة الفلسطينية وتعزيز نشاطها في المناطق «ب»، ويشمل ذلك مد أنابيب وقود لموانئ إسرائيل والأردن ومد سكة حديد للقطارات داخل الضفة الغربية.
كما طلبت السلطة تعديل اتفاقية باريس الاقتصادية، بحيث يتم تحرير البضائع المتجهة إلى الضفة الغربية من الجمارك، وأن لا تُجبى الجمارك من قبل إسرائيل، إضافة إلى تطوير شبكات الهواتف الخلوية في الضفة الغربية إلى الجيل الرابع G4.
ولم تستجب إسرائيل حتى الآن إلا لطلب واحد وهو زيادة حصة العمال الفلسطينيين في إسرائيل، وكذلك التصاريح الخاصة بالتنقل إلى إسرائيل.
كما بدأت إسرائيل حواراً ثنائياً مع السلطة بعد سنوات طويلة من القطيعة، استجابة لطلب أميركي.
والتقى وزراء من الطرفين، فيما يجري العمل على إعادة تشكيل لجنة فلسطينية إسرائيلية مشتركة، كانت الاتفاقية الأصلية أعطتها مكانة كبيرة لنقاش كل شيء.
ويجري حالياً التركيز على تعزيز وتقوية السلطة الفلسطينية، ولا تعني هذا بأي شكل محادثات سياسية.
ووافق بينت على خطة لوزير الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، لتعزيز وتقوية السلطة، لكنه منعه مؤخراً من لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وفقاً لما ذكرته القناة 12 الإسرائيلية.
وأكدت القناة أن بينت شعر بخيبة أمل من رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية، خصوصاً أنه شرح له الأهمية الكبيرة التي يعلقها، كوزير للأمن، على هذا الاجتماع مع عباس من أجل تعزيز وتقوية التعاون الأمني.
وفي 19 يونيو (حزيران) الماضي، تحدث غانتس هاتفياً مع عباس، وتناولا الحاجة إلى تعزيز إجراءات بناء الثقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وكانت المكالمة واحدة من أربع مكالمات مع عباس، أجراها أيضا وزير الأمن العام عومر بارليف والرئيس الجديد يتسحاق هرتسوغ.
وجاءت الاتصالات مع عباس بعد تحذير من مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية هادي عمرو، للمسؤولين الإسرائيليين، من أن السلطة في وضع سياسي واقتصادي خطير وغير مسبوق.
وطالب عمرو إسرائيل باتخاذ خطوات لتعزيز الوضع الاقتصادي والسياسي للحكومة الفلسطينية في رام الله.
إثر ذلك، قالت إسرائيل إنها ستسمح ببناء فلسطيني في المناطق «ج» التي تشكل ثلثي مساحة الضفة الغربية وتسيطر إسرائيل مدنياً وأمنياً عليها.
لكن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد مجدلاني، قال أمس السبت: «إن حكومة الاحتلال الإسرائيلي، تمارس الخداع وتضليل الرأي العام العالمي، عبر ادعائها السماح للفلسطينيين بالبناء في مناطق (ج)».
وأضاف مجدلاني في بيان: «إن ما تسمى المناطق (ج) هي أراض فلسطينية، وإن الاحتلال يقوم بعمليات هدم جماعية للمباني الفلسطينية فيها وسرقة الأراضي وفرض السيطرة عليها، ما يشكل انتهاكاً للقوانين الدولية».
وأشار مجدلاني إلى أن المطلوب من المجتمع الدولي عدم تصديق هذه الادعاءات، بل النظر فيما يقوم به الاحتلال من مشاريع استيطانية في المناطق «ج»، وسعيه من خلالها لترسيخ الاحتلال، وفي الوقت ذاته يستمر بتوسيع صلاحيات ما تسمى «الإدارة المدنية» على حساب صلاحيات السلطة الوطنية في الأراضي الفلسطينية.
وقال مجدلاني: «المناطق المصنفة (ج) لم تعد قائمة إلا في أجندة الاحتلال، فهي انتهت بفعل الانتهاكات الإسرائيلية لكل الاتفاقيات، ولن نلتزم بهذه التصنيفات بجميع أراضي الضفة الغربية، فهي أراضي الدولة الفلسطينية».
ودعا مجدلاني جميع المجالس المحلية والقروية في المناطق «ج» إلى اليقظة والحذر، والتوجه لكل المؤسسات القانونية، والتنسيق مع السلطة الفلسطينية، وعدم الانجرار وراء ادعاءات الاحتلال العنصرية، ورفض التعامل معها.
وتعد المناطق المصنفة «ج» مربع الاستهداف الأبرز في عمليات هدم المباني الفلسطينية التي تعتمدها سلطات الاحتلال، التي تشكل ما نسبته 61 في المائة من المساحة الكلية للضفة الغربية، بحجّة أنها أقيمت دون ترخيص. في المقابل، تعمل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على اتخاذ قرارات بالاستيلاء على أراضي المواطنين الفلسطينيين، لبناء المزيد من الوحدات الاستيطانية فيها، وتخصيص المزيد من الميزانيات والمنح، وتعطي العديد من الامتيازات لتحقيق ذلك.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».