«طالبان» تفتح الطريق إلى كابل من 3 جهات

وصول قوات أميركية لإجلاء الدبلوماسيين... وتدمير وثائق وأجهزة داخل السفارة قبل الرحيل

مقاتلو «طالبان» يجوبون شوارع هرات أمس (أ.ف.ب)
مقاتلو «طالبان» يجوبون شوارع هرات أمس (أ.ف.ب)
TT

«طالبان» تفتح الطريق إلى كابل من 3 جهات

مقاتلو «طالبان» يجوبون شوارع هرات أمس (أ.ف.ب)
مقاتلو «طالبان» يجوبون شوارع هرات أمس (أ.ف.ب)

تسارعت أمس، عمليات إجلاء الدبلوماسيين والأجانب من العاصمة الأفغانية التي وصلت إليها قوات أميركية إضافية للمساعدة في إجلاء موظفي السفارة والأفغان الذين عملوا معهم، في وقت تحقق فيه حركة «طالبان» مزيداً من التقدم نحو كابل وبات في إمكانها أن تزحف عليها من ثلاث جهات.
وبات الوضع الميداني حرجاً للغاية بالنسبة الى حكومة الرئيس أشرف غني، إذ تمكنت حركة «طالبان» خلال ثمانية أيام من السيطرة على معظم الشمال والغرب والجنوب، أي نحو نصف عواصم الولايات الأفغانية، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وباتت بعد سيطرتها الجمعة على مدينة بولي علم، عاصمة ولاية لوغار، على بعد 50 كيلومتراً فقط إلى الجنوب من كابل. ولا يبدو أن الحركة ستبطئ زحفها. فقد سيطرت السبت على ولاية كونار في الشرق وكذلك على ولايتي بكتيكا وبكتيا، وصار بإمكانها أن تتقدم نحو كابل من الشمال والجنوب والشرق.
ودارت معارك عنيفة السبت، حول مزار شريف عاصمة ولاية بلخ، حيث شن الجيش الأفغاني غارات جوية جديدة، لكن المعلومات الواردة ليلاً من شمال أفغانستان أكدت أن الحركة سيطرت على المدينة. وتعتبر مدينتا كابل وجلال آباد في الشرق من المدن الرئيسية الوحيدة المتبقية تحت سيطرة الحكومة. لكن لا يتوقع أن تقاوم لفترة طويلة لأنها تقع في منطقة يهيمن عليها البشتون، الإثنية التي تنتمي إليها «طالبان»، حسب الوكالة الفرنسية.
ويشعر سكان كابل وعشرات الآلاف من الأشخاص الذين فروا إليها بعد مغادرة منازلهم في الأسابيع الأخيرة بالخوف.
وتعهدت واشنطن بنقل المواطنين الغربيين والأفغان المعرضين للخطر جواً من كابل (ومن بينهم نشطاء في مجال حقوق الإنسان وأقليات مضطهدة وصحافيون). وأصدرت الإدارة الأميركية أوامر لموظفي سفارتها في كابل بالبدء في تمزيق وحرق الوثائق التي تحوي مواد ومعلومات حساسة وتدمير أجهزة الكمبيوتر المكتبية. وهو بروتوكول معمول به في الحالات الطارئة، خصوصاً أن السفارة الأميركية في كابل ليست مجرد مبنى دبلوماسي، وإنما تعد مركزاً رئيسياً للاستخبارات وتحوي سجلات ورقية ومعدات سيضطر الأميركيون إلى تدميرها قبل الرحيل.
وبدأت قوة قوامها 3000 جندي أميركي في الوصول إلى كابل لتأمين المطار والإشراف على عمليات الإجلاء. وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي، إن كتيبة أميركية موجودة الآن في كابل، وهي طليعة ثلاث كتائب من مشاة البحرية والجيش قررت الولايات المتحدة إرسالها إلى المدينة. وقال كيربي إن معظم القوات ستكون في مكانها بحلول اليوم (الأحد) و{ستكون قادرة على نقل الآلاف يومياً} من أفغانستان.

وتقوم الولايات المتحدة أيضاً بنقل من 4500 إلى 5000 جندي إضافي إلى قواعد في دول الخليج مثل قطر والكويت، بما في ذلك 1000 جندي إلى قطر لتسريع معالجة التأشيرات للمترجمين الأفغان وغيرهم ممن يخشون انتقام {طالبان} على عملهم السابق مع الأميركيين، وأفراد أسرهم. وقال كيربي إن بعض هؤلاء الجنود سيكونون قوة احتياطية على أهبة الاستعداد للذهاب إلى كابل {في حالة احتياجنا إلى مزيد (من الجنود)}.
وتشير المخابرات العسكرية الأميركية إلى أن كابل قد تتعرض لضغوط في غضون 30 يوماً. وتقول إنه إذا استمرت الانتصارات العسكرية لـ«طالبان»، فمن المرجح أن تسيطر الحركة بالكامل على البلاد. وفي ظل تلك الانتصارات المتلاحقة والسريعة تنبأت بعض التقارير بقدرة «طالبان» على الاستيلاء على كابل خلال أسبوع.
وعلى خلاف التصريحات بدعم القوات الحكومية الأفغانية، تبدو الإدارة الأميركية كأنها تستعد لسقوط كابل والتراجع عن أي وجود دبلوماسي أميركي في أفغانستان. وكانت النقاشات بين كبار المسؤولين في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي والبنتاغون تعتمد على أن كابل من الممكن أن تصمد على مدى عدة أشهر أمام هجمات «طالبان»، ما يسمح للولايات المتحدة بالبقاء منخرطة دبلوماسياً وتتمكن من مساعدة النساء ونشطاء المجتمع المدني بعد الانسحاب العسكري، لكن يبدو بشكل متزايد أن الولايات المتحدة لن يكون لها وجود دبلوماسي بعد الحادي والثلاثين من أغسطس (آب) الجاري، وهو التاريخ الذي وعد فيه الرئيس بايدن باكتمال الانسحاب العسكري للقوات الأميركية. ووفقاً لتصريحات المتحدث باسم البنتاغون، فإن مهمة 3000 جندي من مشاة البحرية الذين يساعدون في إجلاء الرعايا الأجانب هي مهمة مؤقتة، وبالتالي سيتم رحيلهم من أفغانستان أيضاً بحلول نهاية الشهر الجاري.
وتسري حالة من الدهشة والغضب من الوتيرة السريعة التي اجتاح بها مقاتلو {طالبان} البلاد، وتثير تساؤلات وانتقادات حادة لخطط الرئيس بايدن للانسحاب، بل تدور في أروقة واشنطن تساؤلات حول مدى نجاح وعد بايدن بعودة أميركا في مجال السياسة الخارجية ومدى المصداقية الأميركية أمام المجتمع الدولي، حيث تقوض أفغانستان المنهارة بشدة رسالة بايدن بتجديد القيادة الأميركية، خصوصاً مع صمت الإدارة تجاه سرعة انهيار الأوضاع في أفغانستان.
وانتقد الجمهوريون المتشددون الموقف الأمني المتدهور في أفغانستان، بما في ذلك السيناتور ليندسي غراهام، الذي وصف بايدن بأنه {أعمى تماماً عن عواقب قراره على الأمن القومي للولايات المتحدة}. وقال زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الجمهوري من ولاية كنتاكي: {لقد حولت استراتيجية الرئيس بايدن الوضع غير الكامل ولكنه مستقر، إلى إحراج كبير وحالة طوارئ عالمية في غضون أسابيع}. وتابع: {يجد الرئيس بايدن أن أسرع طريقة لإنهاء الحرب هي خسارتها}. وقال جمهوريون آخرون، مثل عضو الكونغرس السابق عن ولاية ميشيغان، جاستن أماش، إن هجوم {طالبان} دليل على {سبب حلول وقت الرحيل}.
في المقابل، طلبت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب إحاطة من إدارة بايدن للنواب عن أفغانستان عندما يعود المشرعون في الأسبوع الذي يبدأ في 23 أغسطس (آب)، وفقاً لأحد مساعدي بيلوسي، وهو اعتراف ضمني بأن البعض داخل حزب بايدن نفسه (الحزب الديمقراطي) يثير أسئلة حول الطريقة التي غادرت بها الولايات المتحدة أفغانستان.
وانتقد الرئيس السابق دونالد ترمب الذي أبرم اتفاقاً مع {طالبان} وحدد موعداً نهائياً للانسحاب الأميركي، قرار بايدن بالانسحاب. وقال في بيان يوم الخميس: {أنا أجريت مناقشات مع كبار قادة (طالبان) فهموا بموجبها أن ما يفعلونه الآن لن يكون مقبولاً، وكان يمكن أن يكون انسحاباً مختلفاً كثيراً وأكثر نجاحاً}.
وفي باريس، أعلنت فرنسا اعتزامها تقديم الحماية لموظفين محليين تعاونوا معها في أفغانستان، وكذلك لمجموعات أخرى معرضة للخطر. وأعلن الإليزيه مساء الجمعة، أن فرنسا واحدة من ثلاث دول فقط لا تزال تصدر تأشيرات في العاصمة الأفغانية.
وذكر الإليزيه أن فرنسا تبذل {جهوداً استثنائية} من أجل تسهيل قدوم فنانين أفغان وصحافيين ورواد في مجال حقوق الإنسان. يشار إلى أن فرنسا قدّمت في الفترة بين مايو (أيار) ويوليو (تموز) الماضيين مأوى لـ625 شخصاً كانوا موظفين لدى منظمات وهيئات فرنسية في أفغانستان، بالإضافة إلى عائلات هؤلاء الأشخاص. كما كانت فرنسا قد آوت في السنوات الماضية مئات من الموظفين المحليين الذين تعاونوا مع القوات الفرنسية وغالبيتهم مترجمون، حسب وكالة الأنباء الأنباء الألمانية.
وفي برلين، أفيد أمس، بأن الجيش الألماني بدأ استعداداته لمهمة مشددة الحراسة لإجلاء مواطنين ألمان وعمال محليين من أفغانستان. وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أنه يجري إعداد تفويض بذلك ليقره البرلمان الألماني (بوندستاغ)، والذي كان يحث خبراء عسكريون خلال الأيام الماضية على استصداره. ومن المنتظر أن يشارك في المهمة مظليون من فرقة قوات التدخل السريع (DSK) التي أعدها الجيش الألماني لهذه المهمة كجزء من الدرء الوطني للمخاطر والأزمات. وتتطلب هذه المهمة تفويضاً من البرلمان، لأنه لم يعد هناك أساس للتفويض السابق بعد انتهاء مهمة الناتو (الدعم الحازم). ولا يوجد خلاف إلى حد كبير حول ضرورة منح هذا التفويض.
ويوجد حالياً أكثر من 100 ألماني في أفغانستان، بمن فيهم دبلوماسيون وموظفون من السفارة في كابل، بالإضافة إلى خبراء من وزارات ومنظمات ألمانية أخرى. كما من المقرر نقل موظفين محليين على متن طائرات، إلا أنه لم يتضح بعد عدد محدد لهم. ويوجد لدى المنظمات التابعة لوزارة التنمية الألمانية وحدها حالياً أكثر من 1000 موظف محلي في أفغانستان.
وفي حالة الخطر الوشيك - أي عندما يتعلق الأمر بحياة ألمان في الخارج - فإن الحد الأدنى من المتطلبات هو قرار من مجلس الوزراء الاتحادي كخطوة أولى لمهمة الإجلاء، والتي يمكن أن يتبعها قرار من البرلمان الألماني.
وفي براغ، نقلت {رويترز} عن وزير الخارجية التشيكي ياكوب كولهانيك أن بلاده قررت إجلاء دبلوماسيّيها الاثنين من سفارتها في كابل مع تدهور الوضع الأمني في أفغانستان. وقال كولهانيك: {قررت نقل دبلوماسيّينا فوراً إلى المطار الدولي في كابل}.
في غضون ذلك، تمسكت النمسا أمس (السبت)، بموقفها المتشدد تجاه ترحيل الأفغان الذين لم تقبل طلبات لجوئهم حتى رغم أن مكاسب حركة {طالبان} على الأرض في أفغانستان دفعت دولاً أوروبية أخرى لإعادة النظر في مواقفها المماثلة، حسبما أوردت وكالة {رويترز}.
ونقلت وكالة‭‭‭ ‬‬‬الأنباء النمساوية عن وزير الداخلية كارل نيهامر قوله: {يجب على من يحتاجون الحماية أن يحصلوا عليها في أقرب مكان ممكن من بلدهم الأصلي}.
كانت النمسا واحدة من ست دول في الاتحاد الأوروبي أصرت الأسبوع الماضي، على حقها في الترحيل القسري لطالبي اللجوء الأفغان الذين رفضت طلباتهم. لكن ثلاث دول، هي الدنمارك وألمانيا وهولندا، أعادت النظر في مواقفها لاحقاً.
ونشرت صحيفة {أوستريخ} نتائج استطلاع للرأي أظهرت أن ما يصل إلى 90 في المائة من المشاركين فيه يؤيدون موقف الحكومة النمساوية. وربطت الصحيفة هذا التأييد بقضية جنائية مشهورة في يونيو (حزيران) يشتبه فيها بقيام أربعة أفغان في فيينا بتخدير واغتصاب فتاة تبلغ من العمر 13 عاماً، ما أدى إلى وفاتها.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.