السلطات الأمنية تتحرك لمواجهة أزمة المحروقات في لبنان

مداهمات لمحطات الوقود المقفلة ومصادرة مواد مخزنة

جندي لبناني ينظم الدخول إلى إحدى محطات البنزين في بيروت أمس (د.ب.أ)
جندي لبناني ينظم الدخول إلى إحدى محطات البنزين في بيروت أمس (د.ب.أ)
TT

السلطات الأمنية تتحرك لمواجهة أزمة المحروقات في لبنان

جندي لبناني ينظم الدخول إلى إحدى محطات البنزين في بيروت أمس (د.ب.أ)
جندي لبناني ينظم الدخول إلى إحدى محطات البنزين في بيروت أمس (د.ب.أ)

سعت السلطات اللبنانية، أمس، إلى تطويق النقمة الشعبية على قرار رفع الدعم عن المحروقات وتداعياته التي أدت إلى فقدان هذه المواد، وذلك عبر «الحل الأمني» بالضغط على أصحاب المحطات التي تخزن المحروقات لبيعها في السوق السوداء، أو بأسعار أعلى بعد التعديل المرتقب للأسعار.
وكثفت القوى الأمنية اللبنانية، أمس، لا سيما الجيش، تحركاتها على خط معالجة تداعيات الأزمات المعيشية المتلاحقة التي تعاني منها البلاد، والمتعلقة بفقدان المواد الأساسية، خصوصاً المحروقات، التي أدت إلى توترات أمنية متنقلة من منطقة إلى أخرى بشكل يوحي بـالقلق، ويمهد لوضع أمني خطير، كما أكد مصدر أمني.
وباشر الجيش، أمس، عمليات دهم محطات الوقود ومصادرة الكميات المخزنة من مادة البنزين، وأعلنت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن قوى من مخابرات الجيش داهمت محطات المحروقات في عدد من المناطق، وعمدت إلى فتحها بعد الكشف على المخزون. وأعلنت قيادة الجيش عبر «تويتر» أن وحداتها ستباشر عمليات دهم محطات تعبئة الوقود المقفلة، وستصادر كل كميات البنزين التي يتم ضبطها مخزنة في هذه المحطات على أن يُصار إلى توزيعها مباشرة على المواطنين.
ودعا الجيش المواطنين للإبلاغ عن أي محطة وقود عمدت إلى تخزين مادتي البنزين والمازوت، وأقفلت أبوابها، أو أي جهة تبيع البنزين أو المازوت في السوق السوداء.
وأشار مصدر أمني في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أن التحركات المكثفة للجيش اللبناني والقوى الأمنية، أمس، جاءت انطلاقاً من الاجتماع الأمني الذي عقد أول من أمس، لا سيما أن الجميع بات مقتنعاً بأن الأمور وصلت إلى حد لم يعد يحتمل ويبشر بانفلات أمني خطير.
وفي الإطار، أعلنت قوى الأمن الداخلي على حسابها عبر «تويتر»، أن المؤسسة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام ما يعانيه المواطن من جراء أزمة المحروقات.
وقامت دوريات لقوى الأمن الداخلي بعمليات كشف على مخزون المحروقات في المحطات للتأكد من عدم تخزينها. وقالت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، إن بعض محطات المحروقات تقوم باحتكار المواد (بنزين، مازوت، وغيرها...)، وتمتنع عن تزويد المواطن بها لأسباب عدة، مما يؤدي إلى استفحال الأزمة المعيشية والاقتصادية التي يرزح تحتها اللبنانيون على الصعد كافة.
وأضافت في بيان أنها تقوم بتوجيه دوريات لمراقبة مخزون المحطات على الأراضي اللبنانية كافة، والتثبت من كمية المحروقات المتوافرة في خزاناتها، وإنه إذا تم التأكد من أن مخزون المحطات كافٍ وقابل للتوزيع، وهي تمتنع عن تزويد المواطنين بها، ستعمد عناصر قوى الأمن إلى توزيع هذه المواد بالطريقة التي تراها مناسبة، وفقاً لما تقتضيه مصلحة المواطنين.
وتأتي هذه الإجراءات بعد اجتماع قائد الجيش اللبناني جوزيف عون، أول من أمس، مع قادة الأجهزة الأمنية لبحث تداعيات الأزمة الاقتصادية والتحركات الشعبية احتجاجاً على فقدان مادتي البنزين والمازوت. وخلص الاجتماع إلى الاتفاق على مواصلة التنسيق بين الأجهزة الأمنية، واتخاذ خطوات عملية لمنع تكرار الحوادث الأمنية التي حصلت مؤخراً في أكثر من منطقة.
ولفت المصدر الأمني إلى أن القوى الأمنية والجيش يحاولان تطويق الإشكالات المتنقلة التي تتسبب فيها الأزمات المعيشية، إذ تسير دوريات في الأماكن التي تحولت إلى ما يشبه بؤر توتر بسبب هذه الأزمات كمحطات الوقود والأفران، إلا أن حجم الإشكالات والتوترات بازدياد، فضلاً عن اتساع رقعتها.
وتتكرر الإشكالات الأمنية في لبنان بشكل يومي انطلاقاً من خلفيات معيشية، وسجل في العديد من هذه الإشكالات استخدام للسلاح والسكاكين وحتى القنابل اليدوية، ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى.
وكان أقدم مجهولون فجر أمس على إطلاق النار على عدد من السيارات المتوقفة بانتظار تعبئة البنزين أمام محطة في منطقة البازورية (جنوب لبنان)، وأصيب عدد منهم في حادثة باتت تتكرر أمام محطات الوقود على خلفية أحقية الحصول على البنزين. وتكررت خلال الأيام الماضية أيضاً حوادث استيلاء المواطنين على صهاريج نقل محروقات في أكثر من منطقة.
وتقفل معظم محطات الوقود في لبنان أبوابها منذ الأربعاء الماضي بوجه المواطنين بحجة نفاد المخزون، بعدما أعلن مصرف لبنان أنه سيؤمن الاعتمادات اللازمة المتعلقة باستيراد المحروقات باحتساب سعر الدولار على الليرة اللبنانية تبعاً لأسعار السوق السوداء، وذلك بعدما كان يدعم دولار استيراد هذه المواد على أساس سعر صرف محدد بـ3900 ليرة لبنانية للدولار.
ورغم رفض الحكومة قرار مصرف لبنان، وتأكيدها الاستمرار بسياسة الدعم، لم تسلم شركات المحروقات محطات الوقود مادتي البنزين والمازوت، مشيرة إلى أنها لا تعلم على أي سعر سيتم التسليم.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».