المخرج سمير سرياني لـ «الشرق الأوسط»: نانسي عجرم توأم روحي

أخرج لها أغنية «سلامات» من ألبومها الجديد

سمير سرياني
سمير سرياني
TT

المخرج سمير سرياني لـ «الشرق الأوسط»: نانسي عجرم توأم روحي

سمير سرياني
سمير سرياني

قال المخرج سمير سرياني، إنه تربطه بالفنانة نانسي عجرم، علاقة عمل وطيدة تخيم عليها أجواء التوافق والتناغم بالأفكار. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نانسي عجرم فنانة صاحبة شخصية رائعة أحبها كثيراً، ونتفاهم على كثير من الأمور في مسار العمل والتعاون بيننا. فهي تزودني بمساحة كبيرة من الحرية لثقتها بي إثر تجارب عدة خضناها معاً. نتفاهم بسرعة في رؤية الأمور كوننا نملك المنظار نفسه. إنها فنانة ذكية تعمل على تحدي وتجديد نفسها معتمدة أفكاراً تغييرية. وهذا الأمر يحثني على الإبداع بشكل كبير، وكأنني أغب كمشات من الذهب المتلألئ. وهذه الثقة المتبادلة بيننا تخولني اعتبار نانسي توأم روحي بالفكر والتنفيذ ونتفق على تقديم تجارب متجددة من دون تردد».
مؤخرا أخرج سمير سرياني كليب «سلامات» لنانسي عجرم من ألبومها الجديد «نانسي 10». وبدت نانسي على طبيعتها تنبض بالحياة والحيوية بعد أن قدمها سرياني بكاميرا محمولة ومتحركة. ويعلق: «أعلم جيداً أن علينا المخاطرة، ولذلك نلجأ إلى أفكار تخرج عن المألوف أحياناً كثيرة. فإن تبقى أعمالنا المصورة كلاسيكية كي لا ندخل معها منطقة الخطر، لهو أمر لا يعود علينا بأي جديد. فالصورة كما موضوع الكليب وطريقة تنفيذه، يجب أن تتلون بأسلوب حديث وبسيط في الوقت نفسه. وهو ما نتبعه نانسي وأنا في تعاوننا معاً، بعيداً عن أسلوب عرض العضلات المستهلك من قبل البعض».
يلفتك في أعمال سمير سرياني التلقائية النافرة للعين. يترك العنان لكاميرته بحيث تلتقط تحركات نجوم الكليب بشكل عفوي. فتأتي بمثابة «بازل» يركب أحجارها المتناسقة لتشهد ولادة سهلة. ويعلق في سياق حديثه: «عادة ما أقوم بتجارب كثيرة قبل البدء بأي عمل تصويري. أقولبه في رأسي ليترجم أفكاري. وفي كليب (سلامات) لعبت على عملية الإضاءة وكاميرا التصوير لتبدو غير محترفة وكأنها بين يدي هاوي تصوير. فإتقان الأمور لا يعكس دائماً الصورة المتطورة التي نرغب بها لإحداث الفرق». ولكن كيف يرى الفنانة نانسي عجرم من منظاره الخاص؟ يرد سرياني في سياق حديثه: «تتمتع بكاريزما كبيرة وخفة ظل لافتة، وهي أمور ينعم علينا بها رب العالمين. وأمام الكاميرا تعرف كيف تتحرك ومتى وأين كما أنها تتقن التمثيل. هي عفوية بشخصيتها وبطبيعتها وبطريقة تعاونها مع الآخر. ولا يمكن أن ننسى أن أغانيها ناجحة وهي أيضاً قريبة من القلب. كل هذه الصفات تؤلف شخصية نانسي التي تمارسها مع كل الناس وليس معي فقط».
ويروي المخرج اللبناني، الذي سبق وتعاون مع نانسي عجرم في حفلاتها الغنائية «أون لاين» وفي أغنيتها عن بيروت «بيروت الأنثى» قصة كليب «سلامات»: «إننا بصدد التحضير لهذا العمل منذ نحو سنة ونيف. عدة ظروف أخرتنا عن تنفيذه بينها انفجار بيروت وانتشار الجائحة وفرض الحجر المنزلي وغيرها. فتم تأجيله أكثر من مرة، وهو ما سمح لنا في تغيير القصة والحبكة التي يدور حولها الكليب. لقد قالت لي نانسي بالحرف: (أريد فكرة تحمل الفرح). وهكذا كان وولدت معنا فكرة ذكريات فتيات صديقات». وهل تشعر أنك مع نانسي تتجرأ أكثر؟ يقول: «في هذا العمل بالذات ذهبنا إلى الجرأة، إذ أردناه نانسي وأنا خارجاً عن الكلاسيكية». وماذا عن الرقصة التي تقدمها نانسي خلال الكليب. هل هي فكرتك؟ «اتفقنا على هذه الفكرة نعم ولكن تنفيذها جاء عفوياً. فالتلقائية تشكل عنصراً أساسياً في أعمالي المصورة، إذ نلحق بمشاعرنا خلال التصوير دون اتباع خطة معينة. صورنا الكليب على مدة يومين كاملين، وشكل الأمر متعة لنا جميعاً. فكنا نتسلى ونضحك ونعمل في الوقت نفسه».
ويشير سمير سرياني إلى أن غالبية المشاهد التي تتخلل كليب «سلامات» هي نتيجة لقطات مفاجئة لم تكن معدة لإدراجها في العمل. «لقد صادفنا أموراً كثيرة حصلت معنا من دون أن نخطط لها، بينها ما جرى خلال التصوير في المصعد إذ توقف أكثر من مرة. وكذلك في شارع برج حمود عندما انسجمت نانسي وصديقاتها في الكليب في إبراز سعادتهن بصوت مرتفع، فاستفاق الناس يستطلعون الأمر. حتى أننا اضطررنا أن نستعين بنانسي لتقوم بمهمة المخرج، وتعلن بصوتها الرقيق (أكشن)، في لقطة كانت هي الوحيدة القادرة على التحكم بتوقيتها من موقع التصوير».
يتمسك سمير سرياني في بسط أجواء دافئة بين المشاركين في العمل. ويعلق: «هذه الأجواء تنعكس إيجاباً على أداء الممثلين، خصوصاً عندما تولد نانسي بينها وبين الآخرين أجواء مريحة. وهو ما اتبعته أيضاً في كليب (بيروت الأنثى). فنانسي قريبة إلى القلب، وفي استطاعتها أن تكسر بسرعة أجواء البعد والجدية مع من تتعامل معهم».
ولكن هل تخاف أن يحصرك تعاملك مع نانسي ويقيد من تعاونك مع غيرها إذ تعتبران ثنائياً لا يفترق؟ يرد: «لا أعتقد بتاتاً، ومن يفكر بهذه الطريقة أفضل عدم التعاون معه. وفي الحقيقة لا أصور كليبات كثيرة بل أنتقي ما يعجبني منها». وعما إذا يفكر بتصوير فيلم سينمائي مع نانسي يوماً ما؟ يقول: «الفيلم السينمائي هو حلم كل مخرج وأتمنى أن أصل إلى هذه المرحلة. حالياً هناك توجه للعمل في دراما المنصات. ما زلت أدرس الموضوع من جوانب عدة، وكل شيء يمكن أن يحصل في وقته، فيلماً كان أو مسلسلاً». وهل تعتبر دراما المنصات شرعت الأبواب أمام مخرجين شباب؟ يجاوب سمير سرياني: «إنها من دون شك أتاحت لنا فرصاً كثيرة، خصوصاً أن المنتجين صاروا اليوم يبحثون عن أفكار غير مستهلكة في الإخراج ترضي مشاهدي المنصات. وأنا شخصياً أتابع أعمال مخرجين زملاء يعملون في دراما المنصات بينهم أمين درة. فمن الإعلان الترويجي لمسلسله (باب الجحيم) تدرك أن العمل يأتي على مستوى رفيع».
وعما إذا هناك من كليبات أغنيات تلفته حالياً، يقول: «هناك كليبات خاصة بفرق موسيقية عربية تلفتني كثيراً، لأنها تخاطب جيل الشباب بأفكارها. كما صورت لمغني راب أردني (ذا سينابتيك) كليباً جميلاً وبميزانية ضئيلة. فالفكرة اليوم هي التي تغلب في عمل مصور وليس مدى ضخامته. كما أن هناك روح الشباب المتطوع الذي يسهم في هذا النوع من الأعمال، وأنا معجب بهذه المبادرات».
وعن الفنانة التي يتمنى أن يتعامل معها في أغنية مصورة يقول: «في الحقيقة أحب التعامل مع هيفاء وهبي. أشعر بأنه يمكننا معاً أن ننجح، خصوصاً أنها ممثلة بارعة وتتمتع بخبرة عالية في هذا المجال».



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».