السودان يوافق على تخصيص مليون فدان لتشغيلها من جانب تركيا

أنقرة تفتح خط مبادلة مع سيول

الرئيس التركي خلال استقباله رئيس مجلس السيادة السوداني في أنقرة يوم الخميس (رويترز)
الرئيس التركي خلال استقباله رئيس مجلس السيادة السوداني في أنقرة يوم الخميس (رويترز)
TT

السودان يوافق على تخصيص مليون فدان لتشغيلها من جانب تركيا

الرئيس التركي خلال استقباله رئيس مجلس السيادة السوداني في أنقرة يوم الخميس (رويترز)
الرئيس التركي خلال استقباله رئيس مجلس السيادة السوداني في أنقرة يوم الخميس (رويترز)

وافق السودان على تخصيص 100 ألف هكتار (مليون فدان) من الأراضي الزراعية لتشغيلها من قبل تركيا كمرحلة أولى، كما بدأت خطوات للتعاون في تصدير اللحوم السودانية إلى أوروبا عبر تركيا.
وقال نائب الرئيس التركي، فؤاد أوكطاي، خلال مشاركته ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، في اجتماع تشاوري مصغر مع رجال الأعمال والمستثمرين الأتراك، نظمه مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي في أنقرة أمس (الجمعة)، إنه تم الاتفاق على تخصيص هذه المساحة من الأراضي في السودان لتشغيلها من جانب تركيا.
وأضاف أن المباحثات بين الرئيس رجب طيب إردوغان والبرهان في أنقرة، أول من أمس، أسفرت عن توقيع 6 اتفاقيات ومذكرات تفاهم شملت مجالات الطاقة والدفاع والمالية والإعلام، كما تم الاتفاق بشأن تولي تركيا تشغيل هذه الأراضي.
وتابع: «نرغب بتعزيز التعاون في مجال الزراعة، وتقرر خلال المباحثات المثمرة (أول من أمس) مع الرئيس إردوغان تخصيص 100 ألف هكتار، أي مليون فدان من الأراضي الزراعية في السودان، كمرحلة أولى، لتشغيلها من قبل بلادنا، كما تم الاتفاق على زيادة هذه المساحة مستقبلا».
ولفت إلى وجود استثمارات تركية بقيمة 314 مليون دولار، وتنفيذ شركات المقاولات التركية 90 مشروعا في السودان، بينها 20 مشروعاً خلال العامين الماضيين، كما افتتح بنك الزراعة التركي التابع للدولة فرعا له في الخرطوم، موضحا أن هذه ما هي إلا أمثلة قليلة على العلاقات الاقتصادية المتنامية بين البلدين.
وذكر أوكطاي أن السودان في طريقه لأن يصبح مركز جذب في المنطقة، بموارده البشرية الفتية والديناميكية، وموارده الطبيعية الغنية، وإمكاناته الزراعية القوية. وأشاد بالتقدم الإيجابي والاستقرار الذي حققه السودان خلال الفترة الأخيرة.
وشدد نائب الرئيس التركي على إيلاء أهمية كبيرة للعلاقات التجارية بين تركيا والسودان، ومواصلة العمل بدقة لتذليل العقبات وتمهيد الطريق أمام رجال الأعمال، مشيرا إلى أن التبادل التجاري بين تركيا والسودان سجل 480 مليون دولار خلال 2020، معربا عن ثقته بأن حجم التبادل التجاري بين البلدين سيتجاوز ملياري دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
وقال أوكطاي إن قطاع التعدين يحظى بأهمية في تعاوننا التجاري مع السودان، وأنه على ثقة بأن دعم السودان الصادق للشركات التركية، سيساهم في حل المشاكل في مجالات التعدين، وسيستمر تعاوننا القائم على أساس الربح المتبادل في هذا المجال بكفاءة عالية.
وأضاف أننا نرغب أيضاً في استمرار تعاوننا في مجال المقاولات خلال الفترة المقبلة، عبر مشاريع جديدة وخاصة مشروع مطار الخرطوم الدولي.
بدوره، أعرب رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، في كلمة خلال الاجتماع، عن ثقته بإمكانية رفع حجم التجارة مع تركيا إلى ملياري دولار قريبا، مشيرا إلى أن السودان يمر بمرحلة انتقالية للوصول إلى المكانة التي يستحقها بين دول العالم المتقدم، وأنه سيحقق المكانة التي يستحقها في النظام الدولي والأمم المتحدة.
وتطرق البرهان إلى وجود صعوبات في دخول رأس المال إلى السودان وإقامة الشراكات بسبب المشاكل التي واجهتها البلاد في الماضي، لافتا إلى أنه رغم هذه الظروف الصعبة كانت هناك تجارب مع المستثمرين الأتراك. وأعرب عن ثقته بإمكانية وصول حجم التجارة مع تركيا إلى ملياري دولار قريباً جداً.
وأضاف البرهان أن مجالات مثل الزراعة والتعدين والبنية التحتية والنقل والكهرباء والطاقة والاتصالات هي مجالات مفتوحة للاستثمار في السودان، كما أن السودان يدعم القطاع الخاص بشأن الاستثمار، وتركيا مهمة جدا لنا، فهي دولة رائدة، وتمتلك خبرات كبيرة، ومتقدمة في العديد من المجالات مثل الزراعة وغيرها من القطاعات.
وأعرب عن رغبة بلاده في الاستفادة من هذه الفرص والخبرات، مؤكدا أنهم سيكونون سعداء برؤية رجال الأعمال والمستثمرين الأتراك في السودان، وأنهم سيدعمون الشراكة التركية ـ السودانية بكل الوسائل المتاحة، وجعلها أقوى.
ووقعت تركيا والسودان، أول من أمس، 6 اتفاقيات تعاون في مجالات الطاقة المتجددة والاقتصاد والمالية والتعاون الدبلوماسي والعسكري، في إطار زيارة رسمية يجريها البرهان لأنقرة بدعوة من الرئيس التركي، اختتمها أمس.
وفي وقت سابق، قال وزير الثروة الحيوانية السوداني، حافظ إبراهيم عبد النبي، إنه بفضل منشأة ذبح الحيوانات، التي بنتها وتديرها شركة تركية، زادت صادرات السودان من اللحوم في النصف الأول من العام الجاري، بمعدل 4 أضعاف، وأن بلاده ترغب في تصدير اللحوم إلى أوروبا عبر تركيا.
على صعيد آخر، وسع البنك المركزي التركي المقايضة التجارية بالعملات المحلية مع كوريا الجنوبية بعد أن قام بخطوات سابقة شملت عملات الصين وروسيا وإيران وأوكرانيا، في مسعى لتخفيف الضغط على الليرة التركية وإنقاذها من الانهيار بعد أن باتت تشهد تراجعات مستمرة أما العاملات الأجنبية منذ منتصف أغسطس (آب) 2018.
وأعلن المركزي التركي، في بيان مساء أول من أمس، أنه أبرم اتفاقية مقايضة العملات المحلية مع نظيره الكوري الجنوبي بقيمة 17.5 مليار ليرة (نحو ملياري دولار) مقابل 2.3 تريليون وون كوري جنوبي.
من جانبه قال البنك المركزي الكوري الجنوبي إن البلدين وقعا أول اتفاقية لتبادل العملات بينهما، يبلغ أجلها 3 سنوات في خطوة من شأنها تعزيز التبادل التجاري بين البلدين.
وتعتبر مقايضة العملات أداة للدفاع ضد الاضطرابات المالية من خلال السماح لدولة تواجه أزمة سيولة باقتراض الأموال من دول أخرى بعملتها الخاصة. ورفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى فتح خطوط مبادلة مع تركيا بسبب عدم الثقة في استقرار الوضع الاقتصادي في البلاد، بينما رفعت قطر خط المبادلة مع تركيا إلى 15 مليار دولار.
وانتشرت التوقعات خلال الفترة الماضية بأن تركيا، التي تسعى للحصول على الأموال التي ستساعدها في التعامل مع تفشي وباء كورونا وتعزيز احتياطاتها من العملات الأجنبية المتضائلة، ستؤمن صفقات تبادل عملات من الخارج، مما يخفف الضغط على قيمة الليرة المتراجعة. لكن المحللين استبعدوا أن يخفف ذلك من أزمات تركيا المتفاقمة، لأن تلك الأزمات مرتبطة بسياسات إردوغان التي قوضت استقلالية مؤسسات الدولة وخاصةً البنك المركزي واعتماد توجهات تتعارض مع القواعد الاقتصادية الراسخة.
وجاء الإعلان عن الخطوة تزامنا مع إعلان البنك المركزي التركي، عقب اجتماع عقدته لجنة السياسة النقدية، أول من أمس، إبقاء معدل الفائدة عند 19 في المائة للمرة الخامسة منذ مارس (آذار) الماضي بسبب استمرار ارتفاع معدل التضخم، الذي قفز إلى 8.95 في المائة في يوليو (تموز) الماضي والتوقعات المستقبلية بشأنه.



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».