شكوك حول دوافع متظاهرين من وسط العراق للتظاهر في الأنبار

سياسيون من المحافظة الغربية عدّوا أن جهات سياسية تحركهم

قائد عمليات الأنبار الفريق الركن ناصر الغنام (واع)
قائد عمليات الأنبار الفريق الركن ناصر الغنام (واع)
TT

شكوك حول دوافع متظاهرين من وسط العراق للتظاهر في الأنبار

قائد عمليات الأنبار الفريق الركن ناصر الغنام (واع)
قائد عمليات الأنبار الفريق الركن ناصر الغنام (واع)

رفض قائد عمليات الأنبار الفريق الركن ناصر الغنام عبور قوافل عدة من متظاهرين قادمين من محافظة بابل (100 كم جنوب العاصمة العراقية بغداد) باتجاه محافظة الأنبار غربي العراق لبدء المظاهرات هناك. وفي حين جوبهت هذه المحاولة بانتقادات واسعة من العديد من المسؤولين وقيادات سياسية في عدد من محافظات الوسط والجنوب؛ نظراً لما سببته تلك المظاهرات من أزمات في تلك المحافظات نتيجة خروجها عن الإطار الطبيعي لمفهوم التظاهر، فإن عدداً كبيراً من أهالي محافظة الأنبار توجهوا إلى سيطرة الصقور التي تفصل محافظة بغداد عن الأنبار لغرض منعهم من دخول المحافظة.
وحاول قائد عمليات الأنبار تهدئة الموقف المتوتر عند السيطرة، حيث التقى عدداً ممن عدوا أنفسهم ممثلين للمتظاهرين. وفي حين أبلغ ممثلو المتظاهرين، الذين نقلتهم إلى حدود الأنبار سيارات مكيفة بخلاف العادة المتبع في عمليات نقل المتظاهرين، قائد العمليات أن مطالبهم سبق أن قدموها إلى الجهات المسؤولة في بغداد دون أن يفصحوا عنها، لكنها لم تتحقق. وأعلن الغنام، أنه سوف ينقل مطالبهم إلى الجهات العليا المسؤولة في بغداد لتلبية ما يمكن تلبيته منها.
وكان الغنام طلب من أولئك المتظاهرين القادمين من بابل العودة إلى محافظتهم في وقت أبلغ سياسي من الأنبار «الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه، أن «هؤلاء المتظاهرين القادمين إلى الأنبار هم في الواقع ليسوا من محافظة بابل فقط، بل تم تجميعهم بشكل مقصود من محافظات عدة وسطى وجنوبية، وهي بالإضافة إلى الحلة كل من واسط والديوانية وكربلاء، ولكن على شكل أفراد من هنا ومن هناك لكي يتم الإيهام أنهم يمثلون المظاهرات التي كانت اجتاحت بغداد وعدداً كبيراً من محافظات الوسط والجنوب، ولكنها لم تصل إلى المحافظات الغربية، وفي المقدمة منها الأنبار».
وحول الأسباب التي حالت دون انضمام الأنبار إلى مظاهرات باقي المحافظات في العراق منذ انطلاقتها خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019، يقول السياسي المذكور «سبق لأهالي الأنبار أن تظاهروا أواخر عام 2012، وتقريباً طوال عام 2013 وبنوا خيماً على الطريق الدولية السريعة الرابطة بين بغداد والأنبار، وصولاً إلى المنافذ الحدودية بين العراق وكل من سوريا والأردن، وقدموا سلسلة مطالب كلها عدّتها الحكومة السابقة آنذاك مشروعة وعددها 13 مطلباً، لكن لم يتم تنفيذ أي مطلب منها»، مبيناً أن «تلك المظاهرات جرى التعامل معها بفوقية وجرت محاولات عدة لقمعها وإنهائها بالقوة إلى الحد الذي تم حرفها عن مطالبها حين اخترق المتطرفون جسمها الرئيس وسيطروا عليها فكانت مقدمة لدخول (داعش) وسيطرته على نحو ثلث الأراضي العراقية، وبالتالي فإن أهالي الأنبار الذين اتهموا شتى الاتهامات لا يريدون تكرار تلك التجربة».
وعبّر السياسي من الأنبار عن خشيته من أن «تتم تغذية الخلافات بين الزعامات السياسية في الأنبار بحيث تستغل لتوسيع نطاق تلك الخلافات التي يعرفها الجميع، وبالتالي يتحقق الهدف وهو إثارة الفتنة في المحافظة التي ربما يراد لها أن تمتد إلى باقي المحافظات الغربية من البلاد ونحن على أبواب الانتخابات التي باتت التساؤلات تثار الآن بشأن إقامتها من عدمها لعدم توفر الأرضية المناسبة، وهو مجرد إفك سياسي؛ لأنه لا يوجد عملياً ما يمنع من إجراء الانتخابات سوى انسحاب التيار الصدري والمحاولات جارية لإقناعهم بالعودة».
وتساءل السياسي العراقي «لماذا يحمل المتظاهرون معهم إطارات السيارات؟ ألا يعني ذلك أنهم يريدون حرقها على الطرقات مثلما فعلوا في محافظات إخوتنا في الوسط والجنوب فعطلوا الحياة هناك سواء المدارس أو الدوائر الرسمية».
إلى ذلك، عدّ عدد من شيوخ الأنبار محاولة القدوم إلى محافظتهم للتظاهر فيها «فتنة نائمة يراد إيقاظها». وأصدر هؤلاء الشيوخ بياناً رفضوا فيه هذه المحاولة، داعين من يقف وراءها إلى العدول عن هذه العملية التي لن تؤدي الا إلى المزيد من الفرقة والتناحر تحت ستار المطالب الصحيحة التي يؤمن بها جميع العراقيين وينادون بها دون مظاهرات يمكن أن تحرق الأخضر واليابس تحقيقاً لأهداف الأجندات السياسية والحزبية التي تغذيها.
وأكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار عبد الله الخربيط، وهو أحد شيوخ المحافظة البارزين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه المظاهرة مدفوعة من جهات سياسية لأغراض تخصها هي ولا تخص أهالي الأنبار الذين هم جميعاً منشغلون الآن في جو انتخابي محموم». وفي حين لم يحدد الخربيط الذي ينتمي إلى حزب تقدم الذي يقوده رئيس البرلمان محمد الحلبوسي الجهة التي تقف خلف دوافع هذه المحاولة لنقل المظاهرات إلى الأنبار، فإنه يقول، إن «كل من يعتقد أنه قادر على تمثيل الأنبار وحده فهو مخطئ، على الرغم من أن حزب تقدم هو الغالب على ما عداه من قوى وأحزاب في المحافظة»، مبيناً أن «التغيير في الأنبار عملي ولن يكون عبر المظاهرات؛ لأننا لدينا حساسيات سابقة من المظاهرات من أيام الساحات التي يعرف نتائجها الجميع واكتوى بنارها الجميع». وعد الخربيط، أن «ما يراد له أن يحصل في الأنبار ليس مظاهرة بقدر ما هو إرهاب سياسي».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».