إشارات طهران توحي بأن رئيسي مرتاح للتصعيد مع الغرب

رغم أجواء المحاكمة الجارية في السويد

الضغوط الابتزازية المتزايدة من قِبل إيران على الدول الغربية، قد تؤدي إلى اقتناع الطرفين الأميركي والأوروبي بضرورة العودة لسياسة الضغوط القصوى على إيران
الضغوط الابتزازية المتزايدة من قِبل إيران على الدول الغربية، قد تؤدي إلى اقتناع الطرفين الأميركي والأوروبي بضرورة العودة لسياسة الضغوط القصوى على إيران
TT

إشارات طهران توحي بأن رئيسي مرتاح للتصعيد مع الغرب

الضغوط الابتزازية المتزايدة من قِبل إيران على الدول الغربية، قد تؤدي إلى اقتناع الطرفين الأميركي والأوروبي بضرورة العودة لسياسة الضغوط القصوى على إيران
الضغوط الابتزازية المتزايدة من قِبل إيران على الدول الغربية، قد تؤدي إلى اقتناع الطرفين الأميركي والأوروبي بضرورة العودة لسياسة الضغوط القصوى على إيران

عندما أُعلن فوز إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية الإيرانية يوم 19 يونيو (حزيران) الماضي، كان دبلوماسيون أوروبيون في العاصمة النمساوية فيينا يتهامسون سراً حول تأثير فوزه على مستقبل العلاقات مع الغرب. إذ إن الرجل موضوع على لائحة العقوبات الأميركية لدوره في إعدامات عام 1988 في إيران. ومع أن الاتحاد الأوروبي لم يصنفه بالشكل نفسه، فإن الدبلوماسيين هؤلاء كانوا يعرفون أن التعامل معه لن يكون سهلاً أو مقبولاً، على الأقل من الناحية الأخلاقية. غير أنهم، سرعان ما أدركوا بعد ذلك، بأنه سيكون عليهم التعامل معه ومع حكومته، على الرغم من إصرارهم آنذاك على الإحجام عن تهنئته بشكل مباشر له؛ نظراً لرفضهم الاعتراف بشرعية الانتخابات التي أوصلته إلى السلطة.
من ناحية أخرى، كانت المباحثات النووية مع الوفد الذي كانت أرسلته حكومة حسن روحاني إلى فيينا، قد انتهت بعد يوم على إعلان فوز رئيسي، أو قل دخلت في غيبوبة ما زالت مستمرة حتى اليوم بانتظار اتخاذ رئيسي قراراً باستئنافها. ومع استمرار هذه الغيبوبة، واستغلال إيران غياب مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لبرنامج النووي للتقدم به، بدت الدول الغربية وكأنها قرّرت التغاضي عن تاريخ رئيسي الدموي، وبالتالي، مدّ يدها له. وفعلاً، بعث الاتحاد الأوروبي، الوسيط في المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، بأنريكي مورا الذي يقود المفاوضات النووية، إلى طهران للمشاركة بحفل تنصيب الرئيس الجديد؛ عله يعود بوعود ثابتة لاستئناف المباحثات. ومع أن مورا عاد بوعد على ما يبدو باستئنافها في سبتمبر (أيلول) المقبل، فإن الصورة التي خرجت من حفل تنصيب روحاني قالت الكثير. فالمبعوث الأوروبي، وهو نائب مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد، كان يجلس في الصف الثاني وعلى الطرف. وأمامه، في وسط ومقدمة القاعة، جلس ممثلا حركة «حماس» و«حزب الله»، التنظيمان الموضوعان على لائحة الإرهاب الأوروبية («حزب الله» بذراعه العسكرية فقط). ولذا؛ تساءل عدد من المعلقين على الصورة، وما إذا كانت العلاقة بين الغرب وإيران في ظل حكم رئيسي ستكون شبيهة بتلك الصورة.
قد لا يكون من المبكر جداً الحكم على ما إذا كانت الدول الغربية ستسمح لإيران بالتحكم بشكل العلاقة أو وديناميكيتها بينهما. فحقيقة الأمر، أنه لم يمض على تنصيب إبراهيم رئيسي رئيساً جديداً لإيران بعد إلا أيام قليلة، ولكن، مع ذلك تشير تشكيلته الحكومية التي قدمها إلى البرلمان هذا الأسبوع للموافقة عليها، وبوضوح تام إلى الاتجاه المتشدد الذي يبدو أن إدارة رئيسي ستسير فيه.
حقاً، من الواضح بأن التشكيلة التي اختارها رئيسي لفريق عمله تحمل شيئاً من التحدي للغرب. ذلك أن نصف الوجوه في التشكيلة المقترحة وزراء سبق لهم أن خدموا في حكومة محمود أحمدي نجاد المتشددة. ومعلوم أن بين الوزراء المقترحة أسماؤهم، أحمد وحيدي الذي رشحه رئيسي لتولي منصب وزارة الداخلية مع أنه مطلوب على لائحة «الإنتربول» الحمراء لدوره في تفجيرات بوينس آيرس عاصمة الأرجنتين عام 1994، ثم إنه كان رئيساً سابقاً لـ«فيلق القدس» في «الحرس الثوري». كذلك، اختار رئيسي لمنصب وزير الخارجية متشدداً آخر هو حسين أمير عبد اللهيان، الدبلوماسي المحافظ المدعوم من «الحرس الثوري»، والذي يتكلم العربية بطلاقة، وهو معروف بعلاقته الوثيقة من «حزب الله» اللبناني. وكان أمير عبد اللهيان قد خدم في وزارة الخارجية إبان فترة أحمد جواد ظريف... غير أنه ابتعد عن الوزارة في العامين الأخيرين إثر خلافات مع فريق ظريف.
- لا نية للتفاهم
بهنام بن طالبلو، الباحث في «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» في العاصمة الأميركية واشنطن، يصف أمير عبد اللهيان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بأنه «أكثر تشدداً بكثير» من وزير الخارجية السابق طريف. ويرى بن طالبلو أن اختياره يشير إلى أن رئيسي «لا يشعر بالحاجة إلى إرضاء الغرب كما كان يفعل سلفه (الرئيس السابق حسن روحاني) عبر اختياره وزيراً للخارجية (ظريف) يتقن اللغة الإنجليزية ويستطيع التفاهم مع الغرب». ويعتقد ويرى الباحث الأميركي - الإيراني الأصل، أن اختيار أمير عبد اللهيان يثبّت الاعتقاد بأن إدارة رئيسي «مرتاحة مع فكرة التصعيد» مع الغرب بدرجة أكبر بكثير من إدارة روحاني.
على صعيد آخر، مع أن الرئيس في إيران ليس السلطة الأقوى في هرم السلطة، ولا يعود له القرار الأخير في القضايا الكبرى، فهو ما زال يحمل تأثيراً معيناً. وهنا يقول علي واعظ، الباحث في «مجموعة الأزمات الدولية» - وهو مقرّب من الدكتور روبرت مالي، المبعوث الأميركي إلى إيران، الذي يقود المفاوضات النووية في فيينا - شارحاً «... رغم ذلك، فإن الرئيس ووزراءه يلعبون دوراً كبيراً في إدارة المفاوضات وتمثيل إيران على الساحة الدولية». ويضيف فايز خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» بأن وصول «رئيسي المتشدد إلى الحكم يدعو للقلق» فيما يتعلق باتجاه السياسة الداخلية والخارجية لإيران. ويرى فائز «أن ماضي رئيسي وخطابه إبان الحملة الانتخابية وبعدها، ومن ثم تسلم المتشددين مقاليد السلطة في إيران، قد تكون كلها إشارات إلى مقاربة أكثر آيديولوجية وأقل براغماتية خاصة تجاه الغرب».
- ماضي رئيسي
وبالفعل، لا يظهر أن ماضي إبراهيم رئيسي ليس في وارد مفارقته. فهذا الماضي يطارده الآن في المحاكم الأوروبية، حيث افتتحت محكمة سويدية في استوكهولم مطلع الأسبوع محاكمة ضد مسؤول إيراني يدعى حميد نوري، كان قاضياً عندما ألقي القبض عليه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. وهو يحاكم اليوم بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، والتورّط بعمليات قتل جماعي، وتعذيب سجناء في إيران عام 1988. وترتبط هذه القضية بشكل مباشر بإبراهيم رئيسي الذي عرضت حتى صورته داخل قاعة المحكمة أمام قضاة سويديين، وعرّف عنه الادعاء الذي عرض صورته بأنه كان خلال عام 1988 أحد القضاة الأربعة في «لجنة الموت». وكانت هذه «اللجنة» - حسب تعريف الادعاء - قد أصدرت آنذاك «أوامر تعسفية بقتل مئات السجناء السياسيين من دون محاكمات وخلال بضع دقائق». ووفق كلام المدعي العام، فإن المتهم حميد نوري - الذي عمل آنذاك مساعد آمر سجن غوهرداشت، في ضواحي طهران - كان يصطحب السجناء إلى «لجنة الموت» ثم يقودهم إلى المشانق.
وعلى الرغم من أن رئيسي ليس هو من يخضع للمحاكمة، فإن توريط الادعاء السويدي إياه بجرائم القتل الجماعية تلك قد يكون له تأثير كبير على رئاسته. ولكن حول هذه النقطة يلفت علي واعظ إلى أن رئيسي «يتمتع بالحصانة الدبلوماسية؛ كونه رئيس دولة»، وهذا ما قد يمنع محاسبته في محاكم غربية تعتمد مبدأ الولاية القضائية العالمية، التي تسمح لها بمقاضاة أي شخص متورّط بجرائم ضد الإنسانية ارتكبت في أي مكان بالعالم. غير أن فائز يعتقد بأن هذه الحصانة لن توقف عنه تأثيرات أخرى. ويشير إلى أن دوره في الإعدامات الجماعية التي نفّذت عام 1988 (يعتقد أنها أدت إلى قتل قرابة 5 آلاف سجين سياسي) «ستزيد بشكل كبير بالنسبة للحكومات الغربية التكلفة السياسية للانخراط الدبلوماسي مع حكومته».
من جهتها، تصف سنام وكيل، الباحثة في معهد تشاتام هاوس بالعاصمة البريطانية لندن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، محاكمة السويد وما قد يخرج منها عن دور رئيسي بأنها «شديدة الإحراج بالنسبة إليه». وتضيف «ستكشف الرئيس الإيراني بطريقة خطرة للغاية، وهذا ما سيحد من قدرته على التعامل بشكل مباشر مع الدول الأوروبية». وتستطرد قائلة إنها «لا تتوقع» من رئيسي السفر إلى أوروبا أو أماكن معينة من العالم؛ تفادياً لأي إحراج أو حتى تفادياً لخطر القبض عليه. والجدير بالذكر، أن الشرطة السويدية كانت قد ألقت القبض على نوري عندما جاء إلى السويد عبر مطار ستوكهولم - أرلاندا الدولي في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، من دون أن يكون على علم بأن ثمة قضية مرفوعة ضده، وبأنه مطلوب في السويد. ولذا؛ فور خروجه من الطائرة أوقف وأدخل السجن، حيث يقبع منذ ذلك الحين.
ولكن التفاوض مستمر!
مع هذا، فإن أوروبا ما زالت حريصة على استقبال الوفد الإيراني المفاوض الذي لم يحدّده رئيسي بعد، لاستكمال المفاوضات النووية مع واشنطن في فيينا بهدف إعادة العمل بالاتفاق النووي كاملاً. ومعلوم، أن إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب كانت قد أخرجت الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018.
وعلى ما يبدو، فإن الرئيس الإيراني أبلغ الاتحاد الأوروبي بأنه سيرسل الوفد في سبتمبر المقبل بعد تسميته لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن. لكن عودة الوفد الإيراني المفاوض إلى فيينا، وهو سيكون وفداً جديداً من دون شك، لا تعني بالضرورة إكمال التفاوض بهدف التوصل لاتفاق. وهنا يقول فائز «مع وصول المتشددين إلى السلطة، فإن مناورة شفير الهاوية قد تحصد تأييداً في طهران كطريقة لسحب المزيد من التنازلات من واشنطن». ويتابع «غير أن هذا التقدير خاطئ للغاية»، ويمكن أن يؤدي إلى إعادة فرض كامل العقوبات على إيران. ويستبعد الباحث الأميركي - الإيراني أن يؤدي التشدد الإيراني إلى ليونة أميركية أكبر في المفاوضات، ويقول إن أي ليونة أميركية «سيُنظر إليها في طهران على أنها دليل بأن مقاربتهم الأكثر تشدداً تجبر الولايات المتحدة للتراجع، وتشجع بالتالي على المزيد من التعنت الإيراني».
مع هذا، أظهرت الولايات المتحدة حتى الآن ليونة غير قليلة في محاولاتها إقناع إيران بالعودة لالتزاماتها النووية. ويرى بن طالبلو أن «واشنطن حريصة على تقديم تنازلات لإيران... وهذا كان ظاهراً في الأشهر الماضية من خلال رفع الحوثيين عن لائحة الإرهاب مثلاً»، وتطرق أيضاً إلى الخطوات التي اتخذتها أو لم تتخذها واشنطن، مثل تفادي الرد على استفزاز واستهداف قواتها في العراق من قبل ميليشيات عراقية مدعومة من إيران، والامتناع عن الرد على اعتداء إيران على سفن في البحر الأحمر.
وبالتالي، يعتبر بن طالبلو أن السؤال المطروح الآن هو إلى أي مدى ستواصل إدارة بايدن منح إيران الفرصة تلو الفرصة والتغاضي عن التصعيد؟ وحول هذا الأمر يقول «الخطيئة الأولى لإدارة (الرئيس جو) بايدن أنها قبلت بأن تأتي المفاوضات للعودة للاتفاق النووي في المقام الأول، وكل شيء آخر يحل ثانياً». ويتابع، أن «هذا المبدأ يجعل من الصعب على الإدارة الأميركية الحالية أن تتراجع عن سياسة اليد إلى إيران لأنها بنت خطابها حول إيران حول انعدام جدوى سياسة الضغوط القصوى التي اعتمدتها إدارة ترمب».
- اجتماع فيينا المقبل
قد يكون الاجتماع المقبل لمجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الاختبار الأول لـ«مدى طول صبر» إدارة بايدن مع إيران. فالاجتماع الدوري الذي سيعقد في منتصف سبتمبر المقبل في مقر الوكالة بفيينا، سيناقش الالتزامات الإيرانية النووية وخروق طهران المتزايدة لها، وتخصيبها اليورانيوم لدرجة تصل إلى 60 في المائة، علماً بأن الاتفاق النووي لا يسمح لها بالتخصيب بمستوى أعلى من 3.75 في المائة. ويزيد من كل ذلك، أن مفتشي الوكالة لم يعد لهم وصول كبير إلى المواقع النووية منذ فبراير (شباط) الماضي، كما لم تسلّم إيران أشرطة الفيديو من كاميرات المراقبة التي نصبتها الوكالة في المواقع النووية أيضا منذ ذلك الحين.
قبل أكثر من شهر، قال أمين عام الوكالة رافائيل غروسي بأنه ما عاد بإمكان الوكالة أن تعرف بالضبط ما الذي يحصل في برنامج إيران النووي، وأنها تعمل على التقديرات فقط من خلال الوصول المحدود المسموح لها الآن. وفي الاجتماع الأخير لمجلس المحافظين في يونيو الماضي، تفادى المجلس إصدار أي إدانة لإيران لأن الجولة السادسة كانت منعقدة آنذاك في فيينا.
بناءً عليه؛ يصف بن طالبلو اجتماع المجلس المقبل بأنه «سيكون حاسماً؛ لأن الجميع كان يظن أن تخصيب إيران اليورانيوم بمستوى 20 في المائة كان هو الحد الأقصى، ولكن إيران الآن وصلت لتخصيب اليورانيوم بمستوى 60 في المائة ولم يصدر أي رد فعل». وعندما أعلنت حكومة روحاني رفع التخصيب لهذا المستوى المرتفع في يونيو الماضي، اكتفت الدول الأوروبية بإصدار بيان يدعوها فيه للتراجع رغم إشارتها المهمة بأنه «ليس هناك سبب سلمي وجيه» يدعو لتخصيب اليورانيوم بهذا المستوى. وهنا يعتقد بن طالبلو، أن على الدول الأوروبية والولايات المتحدة اعتماد «سياسة الضغط المشتركة» لحث إيران على التراجع عن تصعيدها النووي.
هذه الضغوط الابتزازية المتزايدة من قِبل إيران على الدول الغربية، قد تؤدي إلى اقتناع الطرفين الأميركي والأوروبي بضرورة العودة لسياسة الضغوط القصوى على إيران. وحسب الباحث علي واعظ «في حال لم يعد العمل بالاتفاق النووي في نهاية العام الحالي، فإنه سيصبح عديم الفائدة على الأرجح... ويؤدي إلى عودة العقوبات الأممية والأوروبية على إيران؛ لأن خبراء أميركيين يقدرون أن نقطة اللاعودة عن التقدم في البرنامج النووي الإيراني باتت على بعد أسابيع أو أشهر قليلة».
- شهر مقبل حاسم بين إيران والقوى الغربية
> خلال الأشهر الماضية اكتسبت إيران من دون شك تكنولوجيا نووية يصعب عكسها، وهي نقطة كانت تقلق المفاوضين الأوروبيين والأميركيين في فيينا.
لقد نجحت إيران في تحقيق هذا التقدم بعدما أعلنت في فبراير (شباط) الماضي وقف التعاون بالبروتوكول الإضافي للاتفاق النووي؛ وهو ما كان يكفل للمفتشين الدوليين وصولاً واسعاً وغير محدد إلى المواقع النووية الإيرانية. وحينذاك، أوقفت طهران أيضاً تسليم الوكالة الدولية أشرطة الفيديو من المواقع النووية، وقالت إنها ستسلمها إياها فقط في حال حصل اتفاق سياسي مع واشنطن لرفع العقوبات عنها، وإلا فستتلف الأشرطة؛ ما يعني بأن الوكالة الذرية ستبقى في الظلمة حول تقدم برنامج إيران النووي. ثم زاد الوضع تعقيداً رفض إيران في منتصف يونيو (حزيران) الماضي، تمديد اتفاق مؤقت كانت توصلت إليه مع رافائيل غروسي (أمين عام الوكالة) إثر تعليقها العمل بالبروتوكول الإضافي، بعدما مددته مرة واحدة. وحتى الآن من غير المعروف ما إذا كانت إيران قد أطفأت كاميرات المراقبة الخاصة بالوكالة وأتلفت أشرطة الفيديو التي تسجل النشاطات داخل المفاعل النووية منذ قرابة سبعة أشهر، أم أنها ما زالت تبقي عليها بانتظار التوصل لاتفاق.
هذا التصعيد الإيراني في مواجهة الغرب قد يكون اقترب من «الانفجار». فالشهر المقبل سيكون حاسماً في تحديد العلاقة بين الطرفين، سواءً كان في المفاوضات النووية التي يعتقد مسؤولون أميركيون بأن التوصل لاتفاق فيها بات أبعد، أو في اجتماع مجلس المحافظين التابع للوكالة الذي قد يشهد تبنيه قراراً يدين تصرفات إيران النووية ورفضها التعاون مع الوكالة. وبغض النظر عن أي طريق ستختارها إدارة إبراهيم رئيسي في التعاطي مع الغرب، فإن العلاقة بين الطرفين ستكون «وعرة» بأقل تقدير – حسب تعبير الخبير بهنام بن طالبلو - الذي يرى أن لدى رئيسي «كل الحوافز للتصعيد مع الغرب بهدف تقوية موقفه». ويضيف، أن إيران «ستصل إلى نقطة ترى فيها أن سلطة الولايات المتحدة بدأت تتضاءل» في حال استمرت بتقديم تنازلات لها، وفي حال رفض الغربيون الالتزام عملياً بتعهدهم بمحاسبة إيران فيما يتعلق بحقوق الإنسان، خاصة، في ظل المحاكمة الجارية في السويد.



شرق السودان... نار تحت الرماد

الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
TT

شرق السودان... نار تحت الرماد

الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق السودان هو «الجسر» الذي يمكن أن تعبره قوات أي منهما نحو أرض الجانب الآخر. ومع تأثر الإقليم أيضاً بالصراعات الداخلية الإثيوبية، وبأطماع الدولتين بموارد السودان، يظل الصراع على «مثلث حلايب» هو الآخر لغماً قد ينفجر يوماً ما.

حدود ملتهبة

تحدّ إقليم «شرق السودان» ثلاث دول، هي مصر شمالاً، وإريتريا شرقاً، وإثيوبيا في الجنوب الشرقي، ويفصله البحر الأحمر عن المملكة العربية السعودية. وهو يتمتع بشاطئ طوله أكثر من 700 كيلومتر؛ ما يجعل منه جزءاً مهماً من ممر التجارة الدولية المهم، البحر الأحمر، وساحة تنافس أجندات إقليمية ودولية.

وفئوياً، تتساكن في الإقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة من نواحي البلاد الأخرى، وبينها تناقضات وصراعات تاريخية، وارتباطات وقبائل مشتركة مع دول الجوار الثلاث. كذلك يتأثر الإقليم بالصراعات المحتدمة في الإقليم، وبخاصة بين إريتريا وإثيوبيا، وهو إلى جانب سكانه يعج باللاجئين من الدولتين المتشاكستين على الدوام؛ ما يجعل منه ساحة خلفية لأي حرب قد تنشأ بينهما.

وحقاً، ظل شرق السودان لفترة طويلة ساحة حروب داخلية وخارجية. وظلت إريتريا وإثيوبيا تستضيفان الحركات المسلحة السودانية، وتنطلق منهما عملياتها الحربية، ومنها حركات مسلحة من الإقليم وحركات مسلحة معارضة منذ أيام الحرب بين جنوب السودان وجنوب السودان، وقوات حزبية التي كانت تقاتل حكومة الخرطوم من شرق السودان.

لكن بعد توقيع السودان و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق ما عُرف بـ«اتفاقية نيفاشا»، وقّعت الحركات المسلحة في شرق السودان هي الأخرى ما عُرف بـ«اتفاقية سلام شرق السودان» في أسمرا عاصمة إريتريا، وبرعاية الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، يوم 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2006. ونصّت تلك الاتفاقية على تقاسم السلطة والثروة وإدماج الحركات المسلحة في القوات النظامية وفقاً لترتيبات «أمنية»، لكن الحكومة «الإسلامية» في الخرطوم لم تف بتعهداتها.

عبدالفتاح البرهان (رويترز)

12 ميليشيا مسلحة

من جهة ثانية، اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، فانتقلت الحكومة السودانية إلى بورتسودان «حاضرة الشرق» وميناء السودان على البحر الأحمر، واتخذت منها عاصمة مؤقتة، ووظّفت الحركات المسلحة التي أعلنت انحيازها للجيش، في حربها ضد «الدعم السريع».

وإبّان هذه الحرب، على امتداد 18 شهراً، تناسلت الحركات المسلحة في شرق السودان ليصل عددها إلى 8 ميليشيات مسلحة، كلها أعلنت الانحياز إلى الجيش رغم انتماءاتها «الإثنية» المتنافرة. وسعت كل واحدة منها للاستئثار بأكبر «قسمة حربية» والحصول على التمويل والتسليح من الجيش والحركة الإسلامية التي تخوض الحرب بجانب الجيش من أجل العودة للسلطة.

ميليشيات بثياب قبلية

«الحركة الوطنية للعدالة والتنمية» بقيادة محمد سليمان بيتاي، وهو من أعضاء حزب «المؤتمر الوطني» المحلول البارزين - وترأس المجلس التشريعي لولاية كَسَلا إبان حكم الرئيس عمر البشير -، دشّنت عملها المسلح في يونيو (حزيران) 2024، وغالبية قاعدتها تنتمي إلى فرع الجميلاب من قبيلة الهدندوة، وهو مناوئ لفرع الهدندوة الذي يتزعمه الناظر محمد الأمين ترك.

أما قوات «الأورطة الشرقية» التابعة لـ«الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة» بقيادة الأمين داؤود، فتكوّنت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وسمّت «اتفاقية سلام السودان»، في جوبا، داؤود المحسوب على قبيلة البني عامر رئيساً لـ«مسار شرق السودان». لكن بسبب التنافس بين البني عامر والهدندوة على السيادة في شرق السودان، واجه تنصيب داؤود رئيساً لـ«تيار الشرق» رفضاً كبيراً من ناظر قبائل الهدندوة محمد الأمين ترك.

بالتوازي، عقدت «حركة تحرير شرق السودان» بقيادة إبراهيم دنيا، أول مؤتمر لها في مايو (أيار) 2024 برعاية إريترية كاملة فوق التراب الإريتري، بعد أيام من اشتعال الحرب في السودان. وتدرّبت عناصرها في معسكر قريب من قرية تمرات الحدودية الإريترية، ويقدّر عدد مقاتليها اليوم بنحو ألفي مقاتل من قبيلتي البني عامر والحباب، تحت ذريعة «حماية» شرق السودان.

كذلك، نشطت قوات «تجمّع أحزاب وقوات شرق السودان» بقيادة شيبة ضرار، وهو محسوب على قبيلة الأمرار (من قبائل البجا) بعد الحرب. وقاد شيبة، الذي نصّب نفسه ضابطاً برتبة «فريق»، ومقرّه مدينة بورتسودان - العاصمة المؤقتة - وهو ويتجوّل بحريّة محاطاً بعدد من المسلحين.

ثم، على الرغم من أن صوت فصيل «الأسود الحرة»، الذي يقوده مبروك مبارك سليم المنتمي إلى قبيلة الرشايدة العربية، قد خفت أثناء الحرب (وهو يصنَّف موالياً لـ«الدعم السريع»)، يظل هذا الفصيل قوة كامنة قد تكون طرفاً في الصراعات المستقبلية داخل الإقليم.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أسّست قوات «درع شرق السودان»، ويقودها مبارك حميد بركي، نجل ناظر قبيلة الرشايدة، وهو رجل معروف بعلاقته بالحركة الإسلامية وحزب «المؤتمر الوطني» المحلول، بل كان قيادياً في الحزب قبل سقوط نظام البشير.

أما أقدم أحزاب شرق السودان، «حزب مؤتمر البجا»، بقيادة مساعد الرئيس البشير السابق موسى محمد أحمد، فهو حزب تاريخي أُسّس في خمسينات القرن الماضي. وبعيد انقلاب 30 يونيو 1989 بقيادة عمر البشير، شارك الحزب في تأسيس ما عُرف بـ«التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي كان يقود العمل المسلح ضد حكومة البشير من داخل إريتريا، وقاتل إلى جانب قوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق على طول الحدود بين البلدين، وفي 2006 وقّع مع بقية قوى شرق السودان اتفاقية سلام قضت بتنصيب رئيسه مساعداً للبشير.

ونصل إلى تنظيم «المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة» بقيادة الناظر محمد الأمين ترك. لهذا التنظيم دور رئيس في إسقاط الحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، بإغلاقه الميناء وشرق البلاد. ورغم زعمه أنه تنظيم «سياسي»، فإنه موجود في الميليشيات المسلحة بشكل أو بآخر.

وهكذا، باستثناء «مؤتمر البجا» و«المجلس الأعلى للعموديات المستقلة»، فإن تاريخ تأسيس هذه الميليشيات القبلية وجغرافيا تأسيسها في إريتريا، ونشرها في الإقليم تحت راية الجيش وتحت مزاعم إسناده – على رغم «تبعيتها» لدولة أجنبية مرتبطة بالحرب - يعتبر مراقبون أن وجودها يهدّد استقرار الإقليم ويعزّز الدور الإريتري في شرق السودان، وبخاصة أن البناء الاجتماعي للإقليم في «غاية الهشاشة» وتتفشى وسط تباينات المجموعات القبلية والثقافية المكوّنة له.

أسياس أفورقي (رويترز)

مقاتلون من الغرب يحاربون في الشرق

إلى جانب الميليشيات المحلية، تقاتل اليوم أكثر من أربع حركات مسلحة دارفورية بجانب الجيش ضد «الدعم السريع»، ناقلةً عملياتها العسكرية إلى شرق السودان. الأكبر والأبرز هي: «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي (حاكم إقليم دارفور)، و«حركة العدل والمساواة السودانية» بقيادة (وزير المالية) جبريل إبراهيم، و«حركة تحرير السودان - فصيل مصطفى طمبور»، ومعها حركات أخرى صغيرة كلها وقّعت «اتفاقية سلام السودان» في جوبا، وبعد سبعة أشهر من بدء الحرب انحازت إلى الجيش في قتاله ضد «الدعم السريع».

الحركات المسلحة الدارفورية التي تتخذ من الشرق نقطة انطلاق لها، أسسها بعد اندلاع الحرب مواطنون سودانيون ترجع أصولهم إلى إقليم دارفور، إلا أنهم يقيمون في شرق السودان. أما قادتها فهم قادة الحركات المسلحة الدارفورية التي كانت تقاتل الجيش السوداني في إقليم دارفور منذ عام 2003، وحين اشتعلت حرب 15 أبريل، اختارت الانحياز للجيش ضد «الدعم السريع». ولأن الأخير سيطر على معظم دارفور؛ فإنها نقلت عملياتها الحربية إلى شرق السودان أسوة بالجيش والحكومة، فجندت ذوي الأصول الدارفورية في الإقليم، ودرّبتهم في إريتريا.

استقطاب قبلي

حسام حيدر، الصحافي المتخصّص بشؤون شرق السودان، يرى أن الحركات المسلحة في الإقليم، «نشأت على أسس قبلية متنافرة ومتنافسة على السلطة واقتسام الثروة والموارد، وبرزت أول مرة عقب اتفاق سلام شرق السودان في أسمرا 2006، ثم اتفاق جوبا لسلام السودان».

ويرجع حيدر التنافس بين الميليشيات المسلحة القبلية في الإقليم إلى «غياب المجتمع المدني»، مضيفاً: «زعماء القبائل يتحكّمون في الحياة العامة هناك، وهذا هو تفسير وجود هذه الميليشيات... ثم أن الإقليم تأثر بالنزاعات والحروب بين إريتريا وإثيوبيا؛ ما أثمر حالة استقطاب وتصفية حسابات إقليمية أو ساحة خلفية تنعكس فيها هذه الصراعات».

تتساكن في الإقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة

من نواحي البلاد الأخرى وبينها تناقضات وصراعات تاريخية

الدكتورعبدالله حمدوك (رويترز)

المسؤولية على «العسكر»

حيدر يحمّل «العسكر» المسؤولية عن نشاط الحركات المسلحة في الشرق، ويتهمهم بخلق حالة استقطاب قبلي واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية، ازدادت حدتها بعد حرب 15 أبريل. ويشرح: «الحركات المسلحة لا تهدد الشرق وحده، بل تهدد السودان كله؛ لأن انخراطها في الحرب خلق انقسامات ونزاعات وصراعات بين مكوّنات الإقليم، تفاقمت مع نزوح ملايين الباحثين عن الأمان من مناطق الحرب».

وفقاً لحيدر، فإن نشاط أربع حركات دارفورية في شرق السودان، وسّع دائرة التنافس على الموارد وعلى السلطة مع أبناء الإقليم؛ ما أنتج المزيد من الحركات القبلية، ويوضح: «شاهدنا في فترات سابقة احتكاكات بين المجموعات المسلحة في شرق السودان مع مجموعات مسلحة في دارفور، وهي مع انتشار المسلحين والسلاح، قضايا تضع الإقليم على حافة الانفجار... وإذا انفجر الشرق ستمتد تأثيراته هذا الانفجار لآجال طويلة».

ويرجع حيدر جذور الحركات التي تدرّبت وتسلحت في إريتريا إلى نظام الرئيس السابق عمر البشير، قائلاً: «معظمها نشأت نتيجة ارتباطها بالنظام السابق، فمحمد سليمان بيتاي، قائد (الحركة الوطنية للبناء والتنمية)، كان رئيس المجلس التشريعي في زمن الإنقاذ، ومعسكراته داخل إريتريا، وكلها تتلقى التمويل والتسليح من إريتريا».

وهنا يبدي حيدر دهشته لصمت الاستخبارات العسكرية وقيادة الجيش السوداني، على تمويل هذه الحركات وتدريبها وتسليحها من قِبل إريتريا على مرأى ومسمع منها، بل وتحت إشرافها، ويتابع: «الفوضى الشاملة وانهيار الدولة، يجعلان من السودان مطمعاً لأي دولة، وبالتأكيد لإريتريا أهداف ومصالح في السودان». ويعتبر أن تهديد الرئيس (الإريتري) أفورقي بالتدخل في الحرب، نقل الحرب من حرب داخلية إلى صراع إقليمي ودولي، مضيفاً: «هناك دول عينها على موارد السودان، وفي سبيل ذلك تستغل الجماعات والمشتركة للتمدد داخله لتحقق مصالحها الاقتصادية».

الدور الإقليمي

في أي حال، خلال أكتوبر الماضي، نقل صحافيون سودانيون التقوا الرئيس أفورقي بدعوة منه، أنه سيتدخّل إذا دخلت الحرب ولايات الشرق الثلاث، إضافة إلى ولاية النيل الأزرق. وهو تصريح دشّن بزيارة مفاجئة قام بها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان لإريتريا 26 نوفمبر الماضي، بحثت بشكل أساسي - وفقاً لتقارير صحافية - قضية الحركات المسلحة التي تستضيفها إريتريا داخل حدودها ومشاركتها في الحرب إلى جانب الجيش، إلى جانب إبرام اتفاقات أمنية وعسكرية.

للعلم، الحركات الشرقية الثماني تدرّبت داخل إريتريا وتحت إشراف الجيش الإريتري وداخل معسكراته، وبعضها عاد إلى السودان للقتال مع جانب الجيش، وبعضها لا يزال في إريتريا. وعلى الرغم من النفي الإريتري الرسمي المتكرر، فإن كثيرين، وبخاصة من شرق السودان، يرون أن لإريتريا أطماعاً في الإقليم.

أما إثيوبيا، فهي الأخرى تخوض صراعاً حدودياً مع السودان وترفض ترسيم الحدود عند منطقة «الفشقة» السودانية الخصيبة بولاية القضارف. وإلى جانب تأثر الإقليم بالصراعات الداخلية الإثيوبية، فهو يضم الآلاف من مقاتلي «جبهة تحرير التيغراي» لجأوا إلى السودان فراراً من القتال مع الجيش الفيدرالي الإثيوبي في عام 2020، ولم يعودوا إلى بلادهم رغم نهاية الحرب هناك. ويتردد على نطاق واسع أنهم يقاتلون مع الجيش السوداني، أما «الدعم السريع» فتتبنى التهمة صراحةً.

أخيراً، عند الحدود الشمالية حيث مثلث «حلايب» السوداني، الذي تتنازع عليه مصر مع السودان ويسيطر عليه الجيش المصري، فإن قبائل البشارية والعبابدة القاطنة على جانبي الحدود بين البلدين، تتحرك داخل الإقليم. وهي جزء من التوترات الكامنة التي يمكن أن تتفجر في أي وقت.

وبالتالي، ليس مبالغة القول إن شرق السودان يعيش على شفا حفرة من نار. وتحت الرماد جمرات قد تحرق الإقليم ولا تنطفئ أبداً.