فنزويلا أمام تجربة «تفاوضية ـ إنقاذية» ثالثة

النظام يستفيد من المناخ الإقليمي والدعم الروسي... والمعارضة منقسمة

فنزويلا أمام تجربة «تفاوضية ـ إنقاذية» ثالثة
TT

فنزويلا أمام تجربة «تفاوضية ـ إنقاذية» ثالثة

فنزويلا أمام تجربة «تفاوضية ـ إنقاذية» ثالثة

بدأت الحكومة الفنزويلية اليسارية والأحزاب المعارضة للنظام جولة جديدة من المفاوضات تهدف - وفقاً لتصريحات الطرفين - إلى إرساء القواعد التي تتيح، في مرحلة أولى، التخفيف من حدة الأزمة المعيشية التي تعيشها فنزويلا منذ سنوات، ومن ثم، الاتفاق على إطار مشترك لاستئناف الحوار السياسي يمهّد لانتخابات رئاسية وعامة تحظى بتوافق داخلي واعتراف إقليمي ودولي.
تأتي هذه الجولة الجديدة من المفاوضات التي تستضيفها المكسيك، بعد إخفاق الجولتين السابقتين في الجمهورية الدومينيكانية وباربادوس بوساطة نرويجية و«ضوء أخضر» من الولايات المتحدة. والمعروف أن لواشنطن الدور الأساسي في رفع العقوبات القاسية المفروضة على رموز النظام الفنزويلي، وهو أحد الشروط الرئيسية التي تطالب بها حكومة الرئيس نيكولاس مادورو لإحراز أي تقدّم في المفاوضات.
وفي المقابل، تعتبر أحزاب المعارضة العقوبات ورقة الضغط الأساسية على النظام لدفعه إلى التراجع عن القرارات التي اتخذها بغية تهميش القوى المعارضة والاستئثار بجميع مواقع السلطة التشريعية والقضائية.
كل التصريحات التي وردت على ألسنة الأطراف المعنيين بمفاوضات السلام الفنزويلية، بمن فيهم الرئيس الفنزويلي اليساري نيكولاس مادورو، تعكس الاستعداد لخوضها بإيجابية وتفاؤل. وتعرب عن الرغبة في منع انزلاق فنزويلا إلى الدرك الأخير من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، وفتح الأبواب على المغامرات الأمنية الداخلية والخارجية. بيد أن الأطراف نفسها لا تتردد في أحاديثها الداخلية عن التشكيك في صدق نوايا الطرف الآخر، وعن اعتقادها بأن الأسس التفاوضية لم تصل بعد إلى مرحلة كافية من النضوج. وبالتالي، من شأن التسرّع إفشال هذه الجولة الثالثة وسد الآفاق - داخلياً وخارجياً - أمام التوصل إلى حل سلمي للأزمة.
في حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط» تقول أيقونة المعارضة دلسا سولورزانو: «علمتنا تجربة السنوات الماضية أن الإفراط في التفاؤل خطر فادح في فنزويلا. أنا أعتقد أن ثمّة مبالغة كبيرة في الآمال المعقودة على هذه المفاوضات... والتجارب السابقة علّمتنا الحذر».
سولورزانو تخشى أن تطغى المعركة الإعلامية، الدائرة منذ أيام حول جولة المفاوضات هذه، على جوهر المباحثات التي لا يخفى على أحد مدى صعوبتها وتعقيداتها غير المحدودة. وهي تذكّر بأن الجولات التفاوضية التي حققت نتائج ملموسة حتى الآن، هي تلك التي عقدت بعيداً عن الأضواء وخارج المزايدات الإعلامية.... وحقاً، أسفرت - مثلاً - عن الحصول على مساعدات غذائية وطبية وتوزيعها على السكان، والإفراج عن معتقلين سياسيين أو تشكيل «المجلس الانتخابي الوطني»، الذي كان من أهم مطالب المعارضة.
- حاجة مشتركة للحوار
ثمة أسباب تكتيكية قوية تدفع كلاً من أحزاب المعارضة والحكومة للعودة إلى طاولة المفاوضات. ذلك أن النظام يسعى إلى فك العزلة الدولية المفروضة عليه، والمعارضة تجهد لاستعادة المبادرة التي فقدتها منذ أشهر في الداخل. إلا أن التجارب السابقة علّمت الفنزويليين الحذر، وزادت المخاوف من عواقب الفشل الذي تراكم بعد الجولات التفاوضية التي كان يفقد فيها الطرفان المزيد من المصداقية بالتوازي مع اندفاع فنزويلا نحو المزيد من التشرذم والانهيار.
عام 2016 فشل الحوار الذي أجراه الطرفان برعاية مباشرة من الفاتيكان ومشاركة عدد من الرؤساء السابقين، بينهم الإسباني خوسيه لويس زاباتيرو، الذي أشرف لاحقاً على جولة المفاوضات التي أجريت في العاصمة الدومينيكانية سانتو دومينغو وانتهت بفشل ذريع أواخر عام 2018، وفي نهاية العام التالي، انهارت الجولة التفاوضية التي استضافتها باربادوس بوساطة النرويج التي كانت لعبت دوراً حاسماً في إنجاح المفاوضات التي أدت إلى توقيع اتفاق السلام التاريخي في كولومبيا. وهنا، تجدر الإشارة إلى أنه في حال إخفاق المفاوضات التي ستستضيفها المكسيك في التوصل إلى نتائج ملموسة، لن تتكرّر الفرصة لاستئناف الحوار قبل أواخر عام 2023 بعد إجراء الانتخابات الرئاسية، وبعد أن تكون صدقية الطرفين قد تدهورت إلى أدنى مستوياتها على الصعيدين الداخلي والخارجي.
- ثقل الدور المكسيكي
المتفائلون بالجولة الجديدة من المفاوضات التي يدخلها الطرفان في حال من الإنهاك والحاجة الملحّة للخروج بنتائج إيجابية، يعوّلون على الدور النشط الذي يلعبه الرئيس المكسيكي (اليساري المعتدل) آندريس مانويل لوبيز أوبرادور، علما بأنه سبق للدبلوماسية المكسيكية أن شاركت في جولة سانتو دومينغو على عهد الرئيس إنريكي بينيا نييتو. ونظراً لدور المكسيك الدبلوماسي الوازن في المنطقة، ورعايتها العديد من المباحثات والمفاوضات الناجحة في أميركا الوسطى، فإنها تحظى بثقة طرفي النزاع في الأزمة الفنزويلية. أكثر من هذا، فإنها كانت فد تحاشت الاعتراف بشرعية «الرئيس الفنزويلي المؤقت» خوان غوايدو، مع أنها في المقابل استضافت عدداً من زعماء المعارضة وساهمت في الإفراج عن بعضهم وإخراجه من البلاد. ويضاف إلى ذلك كله أنها تعاونت مع شبكة من الوسطاء والشركات التي ساعدت على مبادلة النفط الفنزويلي وبيعه في الأسواق الدولية خرقاً للحصار الأميركي المفروض على نظام مادورو.
وتفيد أوساط متابعة لجولات المفاوضات بين الحكومة الفنزويلية وأحزاب المعارضة أن المباحثات التي مهّدت لهذه الجولة أجريت تحت إشراف النرويج، بينما تولّت المكسيك مهمة التواصل مع الولايات المتحدة لضمان دعمها واستعدادها لتيسير الحوار بين الطرفين. وتنطلق المكسيك في وساطتها من موقعها الإقليمي التقليدي والرغبة التي أظهرتها أخيراً في مناسبات عدة لاستعادة هذا الدور، وأيضا من إدراكها أن أي مفاوضات بين طرفي النزاع لا يمكن أن يكتب لها النجاح من دون بركة واشنطن وموافقتها على نتائجها. فواشنطن وحدها تستطيع رفع العقوبات عن النظام الفنزويلي ورموزه، كما أن المعارضة لا يمكن أن تقبل بأي نتيجة لا توافق عليها الإدارة الأميركية.
إلا أن حكومة مادورو حرصت خلال الفترة الأخيرة على التأكيد بأنها لم تعُد تعتبر رفع العقوبات الأميركية من البنود الأساسية في المفاوضات، والادعاء أنها تمكّنت من «التكيّف والتعايش مع هذه العقوبات» بفضل الدعم الذي تؤمنه لها دول حليفة مثل الصين وروسيا، فضلاً عن تنامي الضغوط التي تمارسها على إدارة جو بايدن الشركات الأميركية التي كانت تتعامل في السابق مع النظام الفنزويلي. ويذكر هنا أن الإدارة الأميركية الحالية جدّدت دعمها لخوان غوايدو واعترافها به كزعيم للمعارضة التي تنصبّ عليها التدابير القمعية لنظام مادورو الذي اعتقل العديد من قياداتها في الأشهر المنصرمة. ومن المتوقّع أن تتشدّد إدارة بايدن مزيداً في سياستها تجاه النظام الفنزويلي، على غرار ما فعلته أخيراً مع النظام الكوبي، لا سيما، مع اقتراب موعد الانتخابات النصفية للكونغرس... وذلك لاستقطاب أصوات الجاليات الأميركية اللاتينية في الولايات حيث ترجّح هذه الأصوات كفّة الفوز لصالح الديمقراطيين أو الجمهوريين.
- البنود المطروحة للتفاوض
تفيد مصادر المعارضة الفنزويلية بأن الملاحقات القضائية ضد قيادات المعارضة والإفراج عن المعتقلين السياسيين وتحديد جدول زمني للانتخابات الرئاسية والعامة، ستكون في طليعة البنود التي ستناقش في المفاوضات، التي ستجرى وفقاً للصيغة التي اعتمدها الطرفان في الجولات السابقة. أي عقد اجتماعات في المكسيك، تعقبها عودة الوفود المفاوضة إلى الجهة التي تمثلها، من أجل مناقشة حصيلة كل مرحلة. ومن ثم استئناف المفاوضات لتثبيت النتائج المحرزة. ويتوقع أن يقود الوفد الحكومي المفاوض رئيس الجمعية الوطنية خورخي رودريغيز المقرّب من مادورو، بينما يضم وفد الأحزاب المعارضة كارلوس فيكيو وخيراردو بليدي وتوماس غوانيبا... الذين يختلفون عن خوان غوايدو بمعارضتهم أي تدخل عسكري أميركي في المواجهة ضد نظام كاراكاس.
أما بالنسبة إلى الجدول الزمني للانتخابات، فلم يتبقّ أمام المعارضة في هذه المرحلة سوى الانتخابات الإقليمية التي ستجرى أواخر العام الجاري لاستعادة رصيدها السياسي على الصعيد الداخلي، بعدما رفضت خوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة بحجة «عملية تزوير نفذها النظام».
وفي حين أجرى الحزب الحاكم انتخابات أولية نهاية الأسبوع الماضي لاختيار مرشّحيه في الانتخابات الإقليمية والبلدية المقرّرة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بمشاركة ضئيلة لم تتجاوز 17 في المائة من المنتسبين، لم تحسم أحزاب المعارضة بعد قرارها من المشاركة في هذه الانتخابات بانتظار نتائج مفاوضات المكسيك، وذلك لكونها تطالب «بضمانات لشفافية العملية الانتخابية» والإفراج عن المعتقلين السياسيين ورفع العقوبات التي تحول دون مشاركتهم في الانتخابات. وكانت أحزاب المعارضة التي تشكّل الكتلة المؤيدة لغوايدو قد أعربت أخيراً عن رغبتها في خوض الانتخابات المقبلة إذا توفّرت الضمانات الكافية لشفافيتها. ونشير هنا إلى أن المعارضة التي خاضت الجولات التفاوضية السابقة منقسمة حول العديد من الملفات وطرائق مقاربتها - أو في أحسن الأحوال حول ترتيب الأولويات - تذهب إلى هذه الجولة أيضا في ظروف من التوتر بين أطيافها. فالفريق المدعوم من واشنطن، الذي يتزعمه خوان غوايدو و«عرّابه السياسي» ليوبولدو لوبيز - الذي فرّ أخيراً من السفارة الإسبانية حيث لجأ بعد فشل محاولة انقلابية في العام 2019 - يشترط للمشاركة في المفاوضات إدراج بند لوضع جدول زمني انتخابي يتوّج بانتخابات رئيس جديد للجمهورية. لكن النظام، من جانبه، يتطلع إلى اعتراف إقليمي ودولي بشرعية الانتخابات المحلية التي ستجرى أواخر العام الجاري، وذلك لاستعادة اعتراف الأسرة الدولية التي ما زالت ترفض إضفاء الشرعية على الانتخابات والخطوات التي أقدم عليها خلال السنوات الثلاث المنصرمة.
- معارضة منقسمة أمام النظام
ويكرّر النظام من جهته منذ أسابيع استعداده الكامل للذهاب في أي لحظة إلى المكسيك، والمباشرة في التفاوض وفقاً لجدول أعمال مفتوح ومن غير شروط مسبق، الأمر الذي يرفع منسوب الضغط الذي تخضع له المعارضة بسبب من تجاذباتها الداخلية وتباعد المواقف بين أطيافها حول بنود أساسية في المفاوضات. وتقول وسائل الإعلام الموالية للنظام إن المعارضة تواجه المفاوضات على ثلاث جبهات: مع الحكومة، وبين أطيافها، ومع الولايات المتحدة صاحبة الكلمة الفصل في نهاية المطاف. هذا، وكانت الحكومة الكولومبية قد واجهت وضعاً مشابهاً إبان مفاوضاتها مع القوى الثورية المسلحة، حيث كان الانقسام حاداً بين الأحزاب التي تساندها، لدرجة أنها كانت مضطرة للعودة إلى واشنطن عند كل خطوة للحصول على موافقتها.
ولكن رغم التباين بين الحالتين الكولومبية والفنزويلية، فإن ثمّة قاسما مشتركاً بينهما، هو الطابع الملحّ لهذه المفاوضات التي لم تعد تحتمل المزيد من الفشل في ظروف الانهيار الاقتصادي والمعيشي التي تعيشها فنزويلا. ومن المستجدات التي تلفت الانتباه في هذه الجولة الجديدة من المفاوضات بين الحكومة الفنزويلية والمعارضة مشاركة روسيا فيها للمرة الأولى إلى جانب وفد النظام، بطلب من رئيسه نيكولاس مادورو، بينما يشارك وفد هولندي إلى جانب أحزاب المعارضة.
وصحيح أن الطرف الروسي يلعب دوراً أساسياً منذ سنوات في الأزمة الفنزويلية، لكن هذه الدور لم يتجاوز حتى الآن دائرة الدعم العسكري، دائما تحت مراقبة دقيقة من واشنطن. أما جلوس الوفد الروسي إلى طاولة المفاوضات الأسبوع المقبل في المكسيك، فإنه يشكّل خطوة متقدمة لفلاديمير بوتين نحو التدخل السياسي المباشر في منطقة محسوبة ضمن دائرة النفوذ الأميركي التقليدي التي تحرص واشنطن دائماً على عدم السماح لخصومها بالدخول إليها.
فمن ناحية، تشكّل هذه الخطوة تناظراً - وإن كان محدوداً - مع الوجود الدائم للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي «ناتو» في دائرة نفوذ موسكو، بالذات في أوكرانيا. ثم إنها ترسّخ التقارب الروسي مع نظام شمولي يبني مسوّغات بقائه على العداء مع واشنطن، فضلاً عن طموح بوتين في أن يكون طرفاً في حل الأزمة الفنزويلية المديدة التي لا يخفى على أحد مدى تداعياتها الإقليمية.
هذا، وتفيد مصادر دبلوماسية مطلعة بأن مشاركة روسيا في المفاوضات تحققت بإلحاح من مادورو بعدما كان قد تمّ الاتفاق منذ أسابيع على مشاركة الأرجنتين، التي أبدت تقاربا واضحاً مع مواقف النظام الفنزويلي إثر وصول البيروني اليساري ألبرتو فرنانديز إلى الحكم. وللعلم، كانت الأرجنتين قد قرّرت الانسحاب من «مجموعة ليما» التي تتزعّمها واشنطن كجبهة إقليمية معارضة لنظام مادورو، وسحبت ملف الاتهامات الذي كانت حكومتها اليمينية السابقة قد قدّمته أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي للتحقيق بانتهاكات حقوق الإنسان المتهم بارتكابها نظام مادورو.
- أولويات موسكو في فنزويلا... و«جاراتها» اللاتينيات
> فتحت روسيا المتحالفة مع النظام الفنزويلي، أخيراً جبهة مواجهة مباشرة ضد النظام الكولومبي اليميني الذي يرأسه إيفان دوكي الخصم الرئيسي لمادورو في المنطقة. ويذكر أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كان قد استدعى السفير الكولومبي أواخر مايو (أيار) الفائت للاحتجاج على تصريحات أدلى بها دوكي، وتضمنت اتهام موسكو بالوقوف وراء الاعتداءات السيبرانية المحرّضة على التظاهر ضد حكومته. ومعلوم أن السلطات الروسية لم تستدع يوماً السفير الأميركي في موسكو للاحتجاج على التصريحات العديدة المماثلة التي أدلى بها جو بايدن.
ولا يغيب عن بال أحد أن التحرّك الروسي في منطقة الكاريبي ما زال يدور حول الرحى الكوبية، وهو عاد لينشط مجدداً، بعد فترة من الانحسار عقب انهيار الاتحاد السوفياتي، بالدعم الصريح الذي أعلنه بوتين بذاته للزعيم الكوبي ميغيل دياز كانيل وتحذيره الصريح من أي تدخل خارجي في الأزمة التي نشأت عن الاحتجاجات الشعبية الأخيرة في الجزيرة.
وإلى جانب مثابرة موسكو على التمدد بهدوء في المنطقة عبر عقود لبيع الأسلحة وعرض خبراتها في مجال الطاقة النووية مع الأرجنتين والمكسيك، فإنها تنشط منذ فترة مع ظهور جائحة (كوفيد - 19) عبر «دبلوماسية اللقاحات» لمساعدة حلفائها في المنطقة، لكن الانتكاسات المتكررة التي واجهتها بدأت ترخي بظلال ثقيلة على فاعلية هذه الدبلوماسية. إذ كانت موسكو قد أعلنت عن بيع عشرة ملايين جرعة من لقاح «سبوتنيك» إلى فنزويلا، غير أن منظمة «أطباء بلا حدود» أعلنت الأسبوع الماضي عبر مكتبها في كاراكاس عن اضطرارها لوقف توزيع اللقاح الروسي لعدم وصول الدفعة الثانية الموعودة، وأن عدد الذين تلقوا الجرعة الأولى لا يتجاوز ثلاثة ملايين... ولا تأكيدات عن موعد وصول الجرعات الباقية.
انتكاسات مماثلة واجهت «دبلوماسية اللقاحات» الروسية أيضا في بوليفيا والأرجنتين ونيكاراغوا، لكن ذلك لم يمنع وزير الخارجية الروسي من أن يعلن الأسبوع الماضي لدى استقباله نظيره النيكاراغوي عن توقيع اتفاق لإنتاج لقاح «سبوتنيك» قريبا في نيكاراغوا بهدف توزيعه أيضا على بلدان المنطقة. ويذكر أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو كان قد أعلن خلال مؤتمر دولي في موسكو أواخر الشهر الماضي «أن كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى مساعدة موسكو لمواجهة التهديدات التي تتعرّض لها، بما فيها استخدام القوة العسكرية ضدها».
كل هذه التحركات تكشف نيّة موسكو في الضغط على واشنطن داخل منطقة نفوذها التقليدية، ردّاً على الضغوط الأميركية والأطلسية في مناطق نفوذ روسيا إبان السنوات الأخيرة. بيد أن افتقار الروس إلى القوة الاقتصادية والتجارية التي تتمتع بها الصين اللازمة لمدّ نفوذها وترسيخ حضورها على المسرح الدولي، دفع موسكو إلى استخدام أوراق السياسة والمساعدات الفنّية التي غالباً ما تكشف الصعوبات الكبيرة التي تواجهها لتحقيق أهدافها.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.