خسائر بملايين الدولارات لقطاع الأعمال وتوقف استثمارات ضخمة بسبب الأزمة اليمنية

خبراء تحدثوا عن وصول شركات عدة لدرجة الإفلاس.. مطالبين بحل سياسي عاجل

خسائر بملايين الدولارات لقطاع الأعمال وتوقف استثمارات ضخمة بسبب الأزمة اليمنية
TT

خسائر بملايين الدولارات لقطاع الأعمال وتوقف استثمارات ضخمة بسبب الأزمة اليمنية

خسائر بملايين الدولارات لقطاع الأعمال وتوقف استثمارات ضخمة بسبب الأزمة اليمنية

حذر رجال أعمال وخبراء في الاقتصاد من استمرار الأزمة التي يعيشها اليمن على أعمالهم التجارية التي تعرضت لخسائر تقدر بملايين الدولارات، مع توقف مشاريع استثمارية ضخمة ووصول عدد من الشركات إلى مرحلة الإفلاس، فضلا عن الركود الذي يعم مختلف القطاعات الاقتصادية في البلاد، مطالبين في نفس الوقت بحل سياسي عاجل لإنقاذ اليمن من الكارثة الاقتصادية المتوقعة.
ورغم الخسائر الباهظة التي تعرض لها التجار ورجال الأعمال اليمنيون خلال السنوات الخمس الأخيرة فإن كثيرا منهم يفضل الصمت، تأكيدا للمقولة الشهيرة «رأس المال جبان»، بينما يسارع البعض لإعلان تأييده للسلطة الجديدة في صنعاء لحماية مصالحه التجارية وممتلكاته، بعد أن شهدت العاصمة صنعاء ومدن أخرى حملة استهداف من قبل جماعة الحوثيين ضد رجال أعمال واستحوذوا على جميع ممتلكاتهم. يقول أحد رجال الأعمال في صنعاء طلب إخفاء اسمه: «إن هناك تحذيرات حقيقية أطلقها رجال أعمال بسبب الوضع الذي تعيشه صنعاء، وعدم وجود دولة وحكومة، فهناك من سارع إلى نقل تجارته واستثماراته إلى الخارج»، موضحا لـ«الشرق الأوسط»: «كل يوم يمر علينا نخسر بسببه أموالا باهظة، فالبلد يعيش انقساما حقيقيا بين شرعية الحوثيين المتحالفين مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح في صنعاء، وشرعية الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي في عدن».
ومنذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر (أيلول) الماضي، قام مسلحوهم باستهداف خصوم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، من رجال الأعمال والعسكريين ورجال الدولة الذين ساهموا في دعم الانتفاضة الشعبية للإطاحة به، من أبرزهم الملياردير حميد الأحمر، الذي أعلن الحوثيون قبل أيام تجميد ممتلكاته في اليمن، والبالغة 39 مليار ريال يمني (الدولار يساوي 215 ريال يمني)، تحت مبرر مكافحة الفساد، كما تعرضت منازل رجال أعمال آخرين للاقتحام، وقاموا بالاستحواذ على الشراكات والممتلكات الخاصة بالقيادات العسكرية والحزبية المرتبطة بحزب الإصلاح الإسلامي، والجنرال علي محسن الأحمر الذي كان بمثابة الحاكم الثاني لليمن بعد الرئيس السابق علي عبد الله صالح وانشق عنه في ثورة الشباب عام 2011.
وبسبب تصاعد الأزمة الاقتصادية سارع خبراء الاقتصاد وبعض رجال الأعمال إلى التحذير من خطورة استمرار الصراع السياسي القائم، نظرا للانعكاسات السلبية على القطاعات الاقتصادية المختلفة ومنها قطاع النفط والقطاع المصرفي والاستثمار، مشيرين إلى حالة الركود التي تشهدها قطاعات اقتصادية مختلفة وصلت إلى 50 في المائة، وبعضها تجاوز 70في المائة مما ينذر بإفلاس عدد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة وفقدان كثير من العاملين لوظائفهم.
ويقول رئيس مجلس إدارة مجموعة المشاريع التجارية العالمية توفيق الخامري لـ«الشرق الأوسط»: «إنه خلال السنوات الخمس الماضية خسرنا أكثر من 40 مليون دولار، وأوقفنا مشروعا يقدر رأسماله بـ165 مليون دولار»، وقال الخامري: «أتوقع أن تبلغ خسائر رجال الأعمال اليمنيين بشكل عام عشرات المليارات من الدولارات، والسبب أن الوضع السياسي أثر بشكل كبير على العمل التجاري والاقتصادي، وأوضح الخامري أن «الأحزاب والأطراف في اليمن ليس لديهم برامج لإخراج اليمن من المأزق، والسبب هو تغلب المصالح الشخصية على المصالح العامة للبلد».
ويقول الخامري الذي استهدف الحوثيين منزله بصنعاء، وقتلوا أحد حراسه: «طالبنا الحوثيين بأن يبتعدوا عن مثل هذه الأساليب وأن يستعينوا بالقضاء لمكافحة الفساد، لكنهم للأسف لديهم سوء إدارة، وقد حذرناهم أن استهداف رجال الأعمال سيكلف البلاد خسائر بملايين الدولارات».
وتمنى رجل الأعمال الخامري أن تكون أي حكومة قادمة بعيدة عن الأحزاب والمماحكات وأن تكون حكومة تكنوقراط تهتم بمصلحة البلاد والشعب.
من جانبه يقول أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة صنعاء، الدكتور عدنان الصنوي، في ندوة أقامها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مؤخرا، إن حجم الاستثمارات تراجع بنسبة 92 في المائة، إذ تراجعت من 272 مشروعا في عام 2009 إلى 142 مشروعا في عام 2013، وإن عدد المشاريع التي بدأت النشاط أو قيد التنفيذ تراجعت بنحو 400 في المائة عام 2013 مقارنة بـ2009.
أما المحلل الاقتصادي مصطفى نصر فيقول إن الآثار السلبية لغياب الاستقرار السياسي والأمني على قطاع النفط أدى إلى تراجع إيرادات اليمن بنسبة تفوق 50 في المائة من النفط منذ 2011 وحتى نهاية 2014 الماضي، بخسائر بلغت مليار دولار ونصف سنويا، مشيرا إلى أن 4 شركات عالمية أوقفت إنتاجها بسبب الأوضاع السياسية والأمنية المضطربة في اليمن، ما ينتج عن ذلك من آثار سلبية قصيرة المدى ومتوسطة وطويلة المدى.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.