هادي يدعو القوى الوطنية للاصطفاف إلى جانب «الشرعية الدستورية»

200 سيارة محملة بالمقاتلين من أبناء شبوة تصل إلى عدن استعدادًا للدفاع عن الجنوب

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يلتقي زعماء قبائل جنوب اليمن أمس في مقر إقامته في عدن (رويترز)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يلتقي زعماء قبائل جنوب اليمن أمس في مقر إقامته في عدن (رويترز)
TT

هادي يدعو القوى الوطنية للاصطفاف إلى جانب «الشرعية الدستورية»

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يلتقي زعماء قبائل جنوب اليمن أمس في مقر إقامته في عدن (رويترز)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يلتقي زعماء قبائل جنوب اليمن أمس في مقر إقامته في عدن (رويترز)

أبدت قبائل يمنية جنوبية استعدادها الكامل للدفاع عن عدن والجنوب ضد أي محاولات لاجتياحه من قبل المسلحين الحوثيين أو حليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، واستقبل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في القصر الجمهوري بعدن، أمس، وفدا يمثل قبائل بني هلال في محافظة شبوة الجنوبية والذين أكدوا دعمهم للثورة والوحدة والشرعية الدستورية.
وأكدت مصادر مطلعة في عدن لـ«الشرق الأوسط» أن أكثر من 200 سيارة من قبائل بني هلال وصلت إلى عدن اليومين الماضيين وهي تحمل مسلحين بكامل عتادهم العسكري من أجل الدفاع عن المدينة «سواء من أي اضطرابات أمنية من داخل المدينة أو من أي محاولات لاجتياحها»، حسب مصدر قبلي في عدن. وقال مكتب هادي، إنه «أثنى على مساهمة قبائل بني هلال الدائمة إلى جانب الأجهزة الأمنية والجيش في مديرياتهم في حفظ الأمن والاستقرار في مناطقهم». ودعا الرئيس اليمني «كل القوى الوطنية إلى الاصطفاف الوطني إلى جانب الشرعية الدستورية والمساهمة في إخراج البلد من وضعه الحالي».
وقال بيان صادر عن مكتب هادي، إنه استعرض مع ضيوفه «الأوضاع الراهنة منذ خروجه من صنعاء». وأكد أن «مخرجات الحوار الوطني المبنية على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية هي صمام أمان خروج اليمن من أزمته». ونقلت عنه توجيهاته إلى «الجهات المسؤولة في محافظة شبوة إلى الاهتمام بقضايا المواطنين وأمنهم في مختلف مناطق ومديريات المحافظة وتلبية احتياجاتهم من الخدمات الضرورية»، كما نقل عن الحاضرين من قبائل بني هلال تأكيد «وقوفهم مع الشرعية الدستورية للأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية ورفضهم للانقلاب الحوثي على الشرعية ومخرجات الحوار الوطني الذي توافقت عليه كل القوى الوطنية»، كما أبدوا «استعدادهم الوقوف بجانب الأجهزة الأمنية والعسكرية في الحفاظ على أمن واستقرار مناطقهم والتصدي لأي محاولات للعبث بأمن الوطن عامة ومحافظتهم خاصة».
وفي لقاء آخر له بالسفير الهولندي لدى اليمن، ألدريك خير فيلد، شدد الرئيس اليمني على «أهمية الحوار باعتبارها قيمة حضارية لحل الخلافات والتباينات مهما كانت حدتها». وأشار إلى أن «المبادرة الخليجية قدمتها ووضعتها دول مجلس التعاون الخليجي ودعمها المجتمع الدولي». وقال هادي، إن من «المنطقي والموضوعي أن يعقد الحوار القادم في مقر مجلس التعاون الخليجي باعتبارها صاحبة المبادرة لمناقشة مختلف القضايا الوطنية وفي إطار الثوابت ومخرجات الحوار الوطني».
وفي موضوع آخر، باشرت لجان خاصة عمليات استقبال المتطوعين للتجنيد في صفوف قوات الجيش والأمن واللجان الشعبية في مدينة عدن، كبرى مدن جنوب البلاد، وجاءت هذه العملية بعد قرار أصدره الرئيس هادي بفتح باب التجنيد لأبناء عدن للالتحاق بالجيش والأمن ولأبناء الجنوب عموما، وذلك لتجنيد ما يصل إلى 20 ألف مقاتل، وتأتي هذه التطورات في ظل الإجراءات الأمنية المشددة المفروضة في عدن، وفي ظل استمرار حالة التوتر بين اللجان الشعبية الموالية للرئيس هادي وقائد قوات الأمن الخاصة، العميد عبد الحافظ السقاف، الذي ما زال متمردا داخل معسكره في عدن ويرفض الانصياع للقرار الرئاسي بإقالته، رغم الوساطات المتعددة لإقناعه بتنفيذ القرار بطريقة سلمية دون اللجوء إلى العنف، ويكثف الرئيس اليمني من لقاءاته بالسياسيين وزعامات القبائل والعسكريين في الجنوب ومن المحافظات الرافضة للسيطرة الحوثية، وينصب التركيز في كل اللقاءات على مسألة تأسيس السلطة الشرعية في عدن والنظر إلى مستقبل اليمن في ضوء الحوار السياسي المنتظر في العاصمة السعودية الرياض للقوى السياسية اليمنية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.