انقلابيو اليمن يختلقون أزمة مياه بالتزامن مع حملة جبايات

امرأتان تجمعان الماء من جهة خيرية في مخيم للنازحين بصنعاء (إ.ب.أ)
امرأتان تجمعان الماء من جهة خيرية في مخيم للنازحين بصنعاء (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يختلقون أزمة مياه بالتزامن مع حملة جبايات

امرأتان تجمعان الماء من جهة خيرية في مخيم للنازحين بصنعاء (إ.ب.أ)
امرأتان تجمعان الماء من جهة خيرية في مخيم للنازحين بصنعاء (إ.ب.أ)

أعلنت مصادر محلية في صنعاء أن آلاف السكان في أحياء متفرقة من العاصمة اليمنية المختطفة ما زالوا يعانون من نقص حاد في مياه الشرب منذ أسابيع بسبب انقطاعها من المؤسسة التي يديرها الحوثيون، بالتزامن مع تنفيذ الجماعة حملة جباية طالت ثلاث مدن كمرحلة أولى من خلال فرض جرعة سعرية على فواتير المياه وصلت في بعض المنازل إلى 300 ألف ريال يمني (حوالي 500 دولار).
وتحدثت المصادر عن معاناة السكان في صنعاء العاصمة جراء انقطاع المياه، رافقها ارتفاع مخيف في أسعار صهاريج المياه المنقولة للمنازل بنسبة تصل إلى أكثر من 60 في المائة.
ورغم أن مؤسسة المياه الواقعة تحت سيطرة الجماعة في صنعاء لا تزال قائمة على المساعدات التي تقدمها المنظمات الأممية من نفقات تشغيلية وشراء معدات وقطع غيار وغيرها، فإن الميليشيات تقوم بافتعال مزيد من الأزمات بغية التضييق على معيشة المواطنين لجني الأموال التي تسخرها لمواصلة عملياتها العسكرية.
واتهمت المصادر الجماعة بأنها تمارس عقاباً جماعياً بحق سكان صنعاء وفي بقية مدن سيطرتها من خلال منع تدفق مياه الشرب عبر مشاريع المياه الحكومية.
المصادر في صنعاء ربطت أيضا في سياق حديثها مع «الشرق الأوسط»، بين استمرار انقطاع المياه عن أحياء في العاصمة وبين ما تقوم به الجماعة حاليا من حملات نهب وجباية وفرض جرع سعرية جديدة على خدمة المياه لتثقل كاهل السكان الذين لا يحصلون على الخدمة.
وفي سياق متصل، شكا سكان بأحياء شملان ومذبح والسنينة وعصر والتحرير والجامعة في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار انقطاع المياه الحكومية التي تديرها الجماعة عن منازلهم منذ ما يزيد عن أسبوعين. وقال عدد منهم إن «مسؤولي الجماعة في مؤسسة المياه لم يفصحوا عن أسباب الانقطاع لأيام ثم فاجأوهم قبل أيام بزعمهم أن السبب يعود إلى وقف الدعم المالي الذي كانت تقدمه منظمات دولية لصالح مؤسسة المياه التي تتحكم بإدارتها ومواردها قيادات تابعة للميليشيات».
وتحدث بعض السكان، الذين لجأوا إلى طرق أخرى بديلة للحصول على مياه الشرب عن الارتفاع غير المبرر في أسعار صهاريج الماء في صنعاء. وأشاروا إلى أن حياتهم باتت مهددة مع استمرار انعدام المياه سواءً من المشروع الرسمي أو من المياه الخيرية أو من خلال الصهاريج التي ارتفعت تكلفتها بصورة غير مبررة.
وقالوا إن سعر صهريج الماء بات يتراوح سعره بين 10 آلاف ريال يمني و12 ألف (الدولار يساوي نحو 600) في ظل أوضاع معيشية صعبة يعيشها سكان صنعاء وغيرها من المدن الخاضعة تحت سيطرة الميليشيات. مؤكدين أن الكمية القليلة من الماء التي يجلبونها عبر الصهاريج المنقولة لا تكفيهم وأسرهم سوى لأيام قليلة.
وبفعل الارتفاع الكبير لأسعار المياه، باتت آلاف الأسر اليمنية في صنعاء ومدن أخرى عاجزة عن توفير مياه الشرب، وعزا مراقبون ذلك إلى الصعوبات المعيشية التي تمر بها معظم تلك الأسر، والتي خلَّفها انقلاب الجماعة وعبثها المستمر وإيقافها لمرتبات الموظفين منذ أعوام.
ويقول (يحيى سليم) وهو اسم مستعار لمواطن يقطن في حي مذبح بصنعاء، إن مياه الشرب انقطعت عن منزله منذ أكثر من أسبوعين، مشيرا إلى أن مياه مشروع المؤسسة الخاضعة تحت سيطرة الجماعة تصله عادة مرة أو مرتين كل شهر. محملا الجماعة الانقلابية مسؤولية انقطاع المياه وما لحق به وأسرته من معاناة.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه لجأ مع أفراد من عائلته بعد أن فقدوا الأمل إلى جمع ما بحوزتهم من مال لشراء المياه عبر الصهاريج المنقولة فوق الشاحنات، وأنه لم يعد بمقدوره وأسرته الاستمرار في شراء المياه بهذه الطريقة نظرا لظروفه المادية المتدهورة.
إلى ذلك تحدثت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الميليشيات لا تزال تضغط على آلاف المواطنين المشتركين بخدمة المياه في صنعاء ومحافظة إب ومناطق أخرى واقعة تحت سيطرتها بمحافظة تعز لإجبارهم على تسديد فواتير استهلاك المياه تعود بعضها إلى عشرين سنة ماضية.
وذكروا أن الجماعة تطالب أهالي تلك المناطق بتسديد فواتير المياه بمبالغ كبيرة، حيث فرضت على كل منزل لديه اشتراك بخدمة المياه أن يدفع ما بين 200 ألف إلى 300 ألف ريال وأكثر.
وعلى الصعيد ذاته، أفادت مصادر عاملة في مؤسسة المياه الخاضعة لسيطرة الانقلابيين بصنعاء بأن حملة الجباية الحوثية الجديدة عبر بوابة «فواتير المياه» تستهدف بمرحلتها الأولى حوالي 600 ألف منزل في المحافظات الثلاث.
ويرى مراقبون أن الجماعة تسعى من وراء ذلك إلى فتح باب آخر لتمويل حروبها العبثية ضد اليمنيين من خلال استغلال خدمة المياه لفرض الإتاوات غير القانونية.
ومنذ الانقلاب، انتهجت الميليشيات الحوثية التدمير والنهب المنظم للمؤسسات العامة في صنعاء، وأوقفت مشروع شبكة المياه الحكومي، ومخصصات التشغيل والصيانة وقطع الغيار، كما أوقفت صرف مرتبات موظفي هذا القطاع وغيره من القطاعات الأخرى.
وكان مسؤولون بمؤسسة المياه الخاضعة لسيطرة الحوثيين، كشفوا بوقت سابق، لـ«الشرق الأوسط»، عن ممارسات إجرامية متنوعة نفذتها الميليشيات بحق مؤسسة المياه، و«الهيئة العامة للموارد المائية»، وتحويلهما إلى ملكية خاصة لعناصر الجماعة.
كما كشفوا عن مصادرة الجماعة عقب اقتحامها للمؤسسة كل أصولها وأرصدتها ومخصصاتها من الوقود والأثاث ومعدات التشغيل وغيرها. وقالوا إن الميليشيات لم تترك شيئا داخل المؤسسة، عدا بضعة موظفين تحتاج إليهم بين الفينة والأخرى لتنفيذ أجندتها ومشاريعها وأهدافها الطائفية.
وكانت وثائق مسربة تحدثت بنهاية العام الماضي عن عمليات فساد ونهب حوثية لأموال طائلة كانت مقدمة من منظمات دولية لصالح قطاع المياه.
وأكدت بعض الوثائق وقوف قيادات حوثية كانت تدير وزارة المياه الخاضعة لسيطرة الجماعة بصنعاء وراء ارتكاب عمليات الفساد والنهب.
وكشفت المصادر عن عمليات اختلاس رافقت صفقتي شراء سيارات ممولة من «يونيسف» بتكلفة إجمالية بلغت 670 ألف دولار بينها 13 سيارة تم شراؤها لهيئة حماية البيئة، عام 2019 دون علم الهيئة، إلى جانب اختفاء منحة دولية بـ10 ملايين لتر ديزل، واختلاس حوالي 199 ألف دولار من مشروع حملات التقييم البيئي للمناطق المتضررة من الحرب.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.