رفض فلسطيني وإسرائيلي لخطة البناء في الضفة

غانتس يعطي المستوطنين 2223 بيتاً والفلسطينيين 863

الإعلان عن شقق جديدة في مستوطنة قرب القدس الشرقية نوفمبر الماضي (أ.ب)
الإعلان عن شقق جديدة في مستوطنة قرب القدس الشرقية نوفمبر الماضي (أ.ب)
TT

رفض فلسطيني وإسرائيلي لخطة البناء في الضفة

الإعلان عن شقق جديدة في مستوطنة قرب القدس الشرقية نوفمبر الماضي (أ.ب)
الإعلان عن شقق جديدة في مستوطنة قرب القدس الشرقية نوفمبر الماضي (أ.ب)

قوبلت خطة وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس، لبناء 2223 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات مقابل منح 863 تصريح بناء للفلسطينيين في الضفة الغربية، برفض فلسطيني شامل وباعتراضات من اليمين واليسار الإسرائيلي على حد سواء.
وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في الحكومة الفلسطينية، وليد عساف، إن خطة غانتس ليست سوى ذر للرماد في العيون، إذ إنها تعد قراراً انفرادياً من الجانب الإسرائيلي، يتجاهل وجود 30 ألف بيت فلسطيني بحاجة لترخيص ويسعى للتغطية على عمليات الهدم الواسعة التي تقوم بها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وكان غانتس قد طرح خطته للمصادقة عليها في اجتماع الحكومة الإسرائيلية، بعد غد (الأحد)، وتتضمن خطط بناء 2223 وحدة استيطانية جديدة في المستعمرات القائمة على أراضي الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك البؤر الاستيطانية العشوائية. وادعى أن الخطة «متوازنة وتتيح البناء أيضاً للفلسطينيين»، وذلك بمنح تصاريح لنحو 1000 بيت فلسطيني (في التفاصيل تبيّن أنها 863)، في المناطق الخاضعة للإدارة الإسرائيلية والمعروفة بمناطق «ج»، والبالغة 60% من مساحة الضفة الغربية. وعدّها غانتس «خطوة دراماتيكية لصالح الفلسطينيين، وغير عادية لم تحدث منذ سنوات».
والبلدات الفلسطينية التي سيشملها البناء هي قرية المعصرة قرب بيت لحم (150 وحدة سكنية)، وقرية بير الباشا قرب جنين (270 وحدة سكنية)، وقرية خربة عابا قرب جنين (160 وحدة سكنية)، وبلدة المسقوفة قرب جنين (233 وحدة سكنية) وخربة بيت زكريا قرب بيت لحم (50 وحدة سكنية). أما الوحدات الاستيطانية الجديدة فتشمل المستوطنات: بيت إيل (58 وحدة استيطانية)، ومستوطنة «هار براخا» (286 وحدة استيطانية)، و«كفار عتصيون» (292 وحدة)، و«كرني شومرون» (83 وحدة)، و«غفعات زئيف» (42 وحدة)، و«ألون شفوت» (105 وحدات)، و«بركان» (28 وحدة)، و«معاليه مخماش» (14 وحدة). وهناك 1315 وحدة استيطانية جديدة أخرى في مستوطنات أخرى نائية بينها بضع بؤر استيطانية يعدها القانون الإسرائيلي غير شرعية.
وقد هاجم حزب «ميرتس» اليساري، الشريك في الائتلاف، هذا القرار. وبعث وزراؤه الثلاثة ونوابه في البرلمان، رسالة إلى غانتس عدّوا فيها القرار مخالفاً لنصوص الاتفاق الائتلافي. وحذروا من أنه سيفجر الأوضاع في المناطق. وطالبوا بتجميد أي بناء استيطاني جديد. وقالت حركة «مقاتلون من أجل السلام» إن هذا القرار يصبّ في سياسة تخليد الاحتلال. ودعت أحزاب اليسار والعرب في الائتلاف لإسقاط خطة غانتس.
ولكنّ أحزاب المعارضة اليمينية وبعض نواب اليمين في الائتلاف، هاجموا القرار لسبب آخر، إذ عدّوا السماح ببناء بيوت للفلسطينيين رضوخاً لإرادة السلطة الفلسطينية وتنفيذاً لخطتها بالسيطرة على كامل الضفة الغربية وتحويلها إلى دولة. وقال النائب ميكي زوهر من «ليكود»، إن حكومة «بنيت - لبيد - غانتس»، باعت الدولة لمنصور عباس (رئيس كتلة الحركة الإسلامية البرلمانية الشريكة في الائتلاف). وقال النائبان يوآف كيش وأوريت ستروك، من قادة اللوبي الاستيطاني البرلماني، إن القرار ينطوي على سابقة خطيرة تسمح للعرب بالبناء. وعدّاه تنفيذاً لخطة رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض، الذي نفّذ عدة مشاريع بناء هدفها ضمان التواصل الجغرافي لغرض بناء دولة فلسطينية.
في الطرف الفلسطيني، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين، هذه الخطة وقالت إنها تنظر إليها بخطورة بالغة وتعدّها «عدواناً صارخاً على الشعب الفلسطيني، وضربة موجعة للجهود الدولية والأميركية المبذولة لإحياء عملية السلام».
وكان وزير شؤون القدس الفلسطيني فادي الهدمي، قد كشف أن السلطات الإسرائيلية هدمت أكثر من 86 مبنى في القدس الشرقية وحدها، منذ بداية العام الجاري، بينها خمسة بيوت تم إجبار سكانها على هدمها بأيديهم، أمس (الخميس). وأضاف الهدمي أن تصاعد عمليات الهدم ترافق مع زيادة مخاطر إخلاء مئات الفلسطينيين من منازل يقيمون فيها منذ عقود طويلة في حي الشيخ جراح وبلدة سلوان، لصالح مستوطنين.
المعروف أن هناك نحو 650 ألف مستوطن إسرائيلي يعيشون في مستوطنات الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة، يوجدون في 164 مستوطنة و124 بؤرة استيطانية. ووفق تقرير لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة «أوتشا»، فقد تم تخصيص غالبية مناطق C لصالح المستوطنات الإسرائيلية أو الجيش الإسرائيلي، على حساب التجمّعات الفلسطينية. ورأى التقرير أن الاستيطان «يعرقل تطوير السكن الملائم، والبنية التحتية وسبل العيش في التجمّعات الفلسطينية، وله تداعيات كبيرة على جميع سكان الضفة الغربية».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.