«ملتقى الحوار» الليبي لحسم «القاعدة الدستورية» للانتخابات

أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي خلال اجتماع افتراضي لمناقشة القاعدة الدستورية (البعثة الأممية)
أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي خلال اجتماع افتراضي لمناقشة القاعدة الدستورية (البعثة الأممية)
TT

«ملتقى الحوار» الليبي لحسم «القاعدة الدستورية» للانتخابات

أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي خلال اجتماع افتراضي لمناقشة القاعدة الدستورية (البعثة الأممية)
أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي خلال اجتماع افتراضي لمناقشة القاعدة الدستورية (البعثة الأممية)

وسط تباين في آراء المشاركين انتهى اجتماع آخر لـ«ملتقى الحوار السياسي» الليبي، رعته بعثة الأمم المتحدة «افتراضياً» لبحث تعقيدات القاعدة الدستورية للانتخابات الرئاسية والنيابية، المقررة قبل نهاية العام الجاري، على أمل عقد لقاء جديد قريباً بعد تشاور المشاركين مع الأطراف.
وأوضحت البعثة الأممية للدعم في ليبيا، عبر بيانها مساء أول من أمس، أنها يسرت اجتماعاً افتراضياً لملتقى الحوار السياسي لاستعراض المقترحات الأربعة، التي وضعها أعضاء (لجنة التوافقات) «إدراكاً منهم للحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق على قاعدة دستورية»، قصد إجراء الانتخابات الوطنية في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وأشارت البعثة إلى أن أعضاء الملتقى ناقشوا المقترحات المعروضة، وقدموا العديد من الاقتراحات الجديدة بشأن المضمون والإجراءات، وبما يتعلق بخارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار، موضحة أن الأعضاء «تعهدوا بمواصلة المشاورات.
في السياق ذاته، شدد المبعوث الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يان كوبيش، في كلمته الافتتاحية على أن الأفكار والمقترحات التي أعدها الملتقى «تتضمن جميع العناصر اللازمة للتوصل إلى حل توفيقي بناء»، مشترطاً لتحقيق ذلك «استنهاض المشاركين للإرادة السياسية، وتقديم تنازلات متبادلة للسير بالبلاد إلى ما بعد المراحل الانتقالية، وذلك باستكمال العملية السياسية، وتوحيد ليبيا ومؤسساتها في ظل سلطة مدنية منتخبة».
وأبلغ كوبيش أعضاء الملتقى بأن البعثة تعتزم عقد اجتماع مباشر لأعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي في القريب العاجل، لاتخاذ قرارات نهائية بشأن المسائل الخلافية بالغة الأهمية، ما يمكن من إجراء الانتخابات الوطنية في موعدها.
أما منسق البعثة الأممية والأمين العام المساعد، ريزدون زينينغا، فقال في كلمته أمام الجلسة الختامية للاجتماع، إن «مسؤولية وضع اللمسات الأخيرة على القاعدة الدستورية لإجراء الانتخابات تقع على عاتق أعضاء الملتقى»، موضحاً أن الأمم المتحدة وشركاء ليبيا الدوليين «مستعدون لدعمكم ومساعدتكم، بما في ذلك تقديم مقترحات حول كيفية التوصل إلى حل وسط معقول، يعمل على ردم هوة الاختلافات بين جميع الأطراف».
ووسط طرح مقترحات جديدة من غالبية المشاركين، ذهبت سلطنة المسماري، عضو ملتقى الحوار السياسي، إلى أن البلاد «لم تنجز أي خطوة حقيقية تساعد على إجراء الانتخابات في الموعد المحدد»، ورأت أن «كل ما يجري على الأرض يبعدنا عن هذا الاستحقاق ولا يقربنا منه».
ورأت أم العز الفارسي، أستاذة العلوم السياسية بجامعة بنغازي، وعضو ملتقى الحوار السياسي، أنه «يجب الاتجاه إلى حلول واقعية لرأب التصدعات، التي قد تعوق الوصول إلى الانتخابات في موعدها، بغية إزالة مخاوف جميع الأطراف، وبث روح الثقة في مخرجات خارطة الطريق».
وأضافت أم العز في تلخيص لوقائع ما جرى خلال الاجتماع: «كنت أتوقع لقاءً متوتراً، لكنه جاء إيجابياً وواقعياً، ويؤسس لمرحلة من التوافق على قاعدة دستورية توصلنا للانتخابات».
واشترطت أم العز من أجل تحقيق نتائج إيجابية «ضرورة التزام ملتقى الحوار السياسي بخارطة الطريق، على أن تلزم السلطة التنفيذية أيضاً (المجلس الرئاسي والحكومة) بالعمل على توحيد المؤسسات، وإجراءات المصالحة الوطنية، وإزالة الاحتقانات الناتجة عن ضعف الأداء وتعثر الخدمات، كما يستوجب على مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» الالتزام بوظائفهما، وخاصةً اعتماد القوانين والتشريعات الميسرة للمرحلة قصد الوصول للانتخابات».
في المقابل، تقول السلطة التنفيذية إنها تعمل على أن تكون الانتخابات في موعدها، وفقاً للخارطة الأممية، وقد تعهد عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة، بإجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده، مؤكدا أن حكومته ستوفر كل الدعم لحماية الانتخابات، و«إعداد خطة تشمل تأهيل 30 ألف شرطي لتأمين صناديق الاقتراع، وضمان نزاهة العملية وعدم التلاعب بها».
وكان رئيس مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، عماد السائح، قد استقبل أول من أمس وزيرة الخارجية والتعاون الدولي بحكومة «الوحدة الوطنية»، نجلاء المنقوش، بحضور أعضاء مجلس المفوضية عبد الحكيم الشعاب، ورباب حلب، وأبو بكر مردة، في ديوان المفوضية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.