طالبان تقترب من كابل... والحكومة تعرض تقاسم السلطة مقابل وقف النار

سيطرت على غزني الاستراتيجية على بعد 150 كلم من العاصمة

عناصر من طالبان في قلب مدينة غزني أمس (إ.ب.أ)
عناصر من طالبان في قلب مدينة غزني أمس (إ.ب.أ)
TT

طالبان تقترب من كابل... والحكومة تعرض تقاسم السلطة مقابل وقف النار

عناصر من طالبان في قلب مدينة غزني أمس (إ.ب.أ)
عناصر من طالبان في قلب مدينة غزني أمس (إ.ب.أ)

اقتربت حركة «طالبان» أمس من العاصمة الأفغانية كابول، بعدما سيطرت على مدينتي هيرات وغزني الاستراتيجيتين، فيما باشرت اقتحام مدينة قندهار. وتقع مدينة غزني الاستراتيجية على بعد 150 كلم جنوب غربي كابل، لتقترب بذلك «طالبان» من العاصمة، بعدما سيطرت خلال أيام على معظم النصف الشمالي من البلاد.
وأقرت الحكومة بخسارتها المدينة، لكنها أكدت أن المعارك ما زالت مستمرة. وقال الناطق باسم وزارة الداخلية مرويس ستانيكزاي في رسالة إلى وسائل الإعلام عبر تطبيق واتساب «سيطر العدو على غزني، وثمة معارك ومقاومة» من قبل قوات الأمن.
وغزني هي أقرب عاصمة ولاية من كابل يحتلها المتمردون منذ أن شنوا هجومهم في مايو (أيار)، مستغلين بدء انسحاب القوات الأجنبية الذي من المقرر أن يستكمل بحلول نهاية الشهر الحالي.
وتقدمت طالبان بوتيرة سريعة في الأيام الأخيرة، إذ سيطرت في أسبوع واحد على 11 من أصل 34 عاصمة ولاية أفغانية، 7 منها في شمال البلاد، وهي منطقة كانت دائماً تتصدى لهم في الماضي. وحاصر متمردو طالبان مزار الشريف، كبرى المدن في الشمال، التي زارها الرئيس الأفغاني أشرف غني أول من أمس في محاولة لتعزيز معنويات قواته». وتمكنت الحركة ليلة الثلاثاء من السيطرة على بول الخمري، عاصمة ولاية بغلان، على بعد مائتي كيلومتر من كابل. وباتت بالتالي قريبة من العاصمة من جهتي الشمال والجنوب.
وتعد غزني، التي سقطت لفترة وجيزة في 2018، أكبر مكسب لطالبان حتى الآن مع قندوز، الطريق الاستراتيجي إلى شمال شرقي البلاد، بين كابل على بعد 300 كيلومتر إلى الجنوب وطاجيكستان. ورغم أن طالبان موجودة منذ فترة في ولايتي ورداك ولوغار على بعد عشرات الكيلومترات من كابل، إلا أن سقوط غزني يشكل إشارة مقلقة للغاية بالنسبة للعاصمة. وغزني هي أقرب عاصمة ولاية من كابل يحتلها المتمردون منذ أن شنوا هجومهم.
وتعد المدينة نقطة مهمة على المحور الرئيسي الذي يربط كابل بقندهار، ثاني أكبر مدن أفغانستان إلى الجنوب. ويسمح الاستيلاء عليها للمتمردين بقطع خطوط إمداد الجيش البرية إلى الجنوب، ما من شأنه أن يضاعف الضغوط على قوات الجو الأفغانية، إذ يتعين عليها قصف مواقع طالبان وإيصال التعزيزات والإمدادات إلى المناطق التي لا يمكن بلوغها براً. ويحاصر متمردو طالبان منذ أشهر قندهار، عاصمة الولاية التي تحمل الاسم ذاته، ولشكركاه عاصمة ولاية هلمند، اللتين تعدان معقلين تقليديين للحركة. وتدور معارك عنيفة بين طالبان والقوات الأفغانية منذ أيام عدة.وأعلنت طالبان أول من أمس على تويتر السيطرة على سجن قندهار، الواقع في ضاحية المدينة، بهدف «تحرير مئات السجناء»، على غرار ما يفعلونه في كل مرة يدخلون فيها إلى مدينة جديدة.
وفي لشكركاه، أطلق الجيش الأفغاني في الرابع من الشهر الحالي هجوماً مضاداً في محاولة لطرد مقاتلي طالبان الذين تسللوا إلى المدينة، التي تتعرض لقصف المدفعية الأفغانية على وقع معارك دامية، يدفع المدنيون خصوصاً ثمناً باهظاً لها. وأسفرت المعارك خلال شهر واحد في لشكركاه وقندهار وهرات (غرب) وقندوز عن مقتل 183 مدنياً على الأقل، بينهم أطفال.
ونزح 395 ألف شخص على الأقل منذ مطلع العام جراء العنف، وفق هيئة الأمم المتحدة. وتوافد العديد من المدنيين إلى كابل في الأيام الأخيرة، حيث تتفاقم الأزمة الإنسانية. وفيما لا يزال البعض يعانون من الصدمة جراء الفظائع التي ارتكبتها طالبان أمام أعينهم، فهم يحاولون الصمود في مخيمات اللاجئين في العاصمة، وسط حالة عوز تام.
ويفترض أن تستكمل القوات الأجنبية انسحابها من أفغانستان نهاية الشهر الحالي، بعد عشرين عاماً من تدخلها لطرد حركة طالبان من السلطة، في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة. ولم تخف واشنطن استياءها خلال الأيام الأخيرة إزاء تضعضع الجيش الأفغاني، الذي عمل الأميركيون على تدريبه وتمويله وتجهيزه منذ سنوات.
وصرح مصدر في فريق مفاوضي الحكومة أمس الخميس أن المفاوضين المجتمعين في قطر عرضوا على حركة طالبان اتفاقا لتقاسم السلطة مقابل وقف العنف الذي يجتاح البلاد. وقال المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية طالبا عدم الكشف عن هويته «نعم، قدمت الحكومة عرضاً عبر الوسيط القطري. الاقتراح يسمح لطالبان بتقاسم السلطة مقابل وقف العنف في البلاد».
في غضون ذلك، لوح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أمس بأن بلاده، أحد المانحين الرئيسيين لأفغانستان، لن تدفع «فلسا واحدا بعد الآن إذا ما سيطرت طالبان على البلاد». وشدد في مقابلة مع محطة «زي دي إف» على أن أفغانستان «لا يمكن أن تستمر بدون مساعدات دولية». وتساهم بلاده بنحو 430 مليون يورو سنوياً، وهي من بين أكبر عشرة مانحين للمساعدات التنموية لأفغانستان». وحذر وزير الخارجية الألماني جماعة طالبان في أفغانستان من إقامة «خلافة» هناك. إلى ذلك، قال مسؤولون محليون في أفغانستان، أمس الخميس، إن قوات الأمن تصدت مساء أول من أمس لهجمات حركة طالبان على مدينة هيرات عاصمة الولاية التي تحمل نفس الاسم، ومدينة «قلعة ناو» عاصمة ولاية بادجيس.
ونقلت قناة «طلوع نيوز» الإخبارية عن عبد الصبور قاني، حاكم إقليم هيرات، أن طالبان هاجمت مدينة هيرات مساء أول من أمس من أربع جهات، ولكنها واجهت «رد فعل كبيرا» من جانب قوات الأمن وقوات الميليشيا المحلية الموالية للحكومة الأفغانية، والتي تعرف باسم «الانتفاضة العامة». وأوضح قاني أن هناك «ما لا يقل عن 30 فردا من عناصر طالبان الذين قتلوا، فيما أصيب العشرات، مضيفا أن «أحد أفراد قوات الأمن قتل أيضاً وأصيب أربعة آخرون».
وقال إن القوات الجوية تدعم أيضاً القوات المحلية في القتال ضد طالبان. من ناحية أخرى، قال حاكم إقليم بادجيس، حسام الدين شمس، إن القوات الأفغانية تصدت مساء أول من أمس الأربعاء أيضاً لهجمات طالبان على مدينة «قلعة ناو»، عاصمة إقليم بادجيس. وأضاف أن هناك «ما لا يقل عن 60 عنصرا من طالبان، من بينهم قادتهم الأربعة، قتلوا في الاشتباكات وأصيب خمسون آخرون».



التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
TT

التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

تم اختيار مراقب من الأمم المتحدة لقيادة تحقيق خارجي في مزاعم سوء سلوك جنسي ضد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، وفقا لما علمته وكالة أسوشيتد برس أمس الثلاثاء.

ومن المرجح أن يثير هذا القرار مخاوف تتعلق بتضارب المصالح نظرا لعمل زوجة المدعي العام السابق في الهيئة الرقابية.

وقدم خان تحديثات حول التحقيقات الحساسة سياسيا التي تجريها المحكمة في جرائم حرب وفظائع في أوكرانيا وغزة وفنزويلا، وغيرها من مناطق النزاع خلال اجتماع المؤسسة السنوي هذا الأسبوع في لاهاي بهولندا. لكن الاتهامات ضد خان خيمت على اجتماع الدول الأعضاء الـ124 في المحكمة الجنائية الدولية.

فقد كشف تحقيق لوكالة أسوشيتد برس في أكتوبر (تشرين الأول) أنه بينما كان خان يعد أمر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو، كان يواجه في الوقت ذاته اتهامات داخلية بمحاولة الضغط على إحدى مساعداته لإقامة علاقة جنسية معها، واتهامات بأنه تحرش بها ضد إرادتها على مدار عدة أشهر.

وفي اجتماع هذا الأسبوع، قالت بايفي كاوكرانتا، الدبلوماسية الفنلندية التي تترأس حاليا الهيئة الرقابية للمحكمة الجنائية الدولية، للمندوبين إنها استقرت على اختيار مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية، حسبما أفاد دبلوماسيان لوكالة أسوشيتد برس طلبا عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة المحادثات المغلقة.

وأعربت منظمتان حقوقيتان مرموقتان الشهر الماضي عن قلقهما بشأن احتمال اختيار الأمم المتحدة لهذا التحقيق بسبب عمل زوجة خان، وهي محامية بارزة في حقوق الإنسان، في الوكالة في كينيا بين عامي 2019 و2020 للتحقيق في

حالات التحرش الجنسي. وقال الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ومبادرات النساء من أجل العدالة القائمة على النوع، في بيان مشترك إنه يجب أن يتم تعليق عمل خان أثناء إجراء التحقيق، ودعتا إلى «التدقيق الشامل في الجهة أو الهيئة المختارة للتحقيق لضمان عدم تضارب المصالح وامتلاكها الخبرة المثبتة».

وأضافت المنظمتان أن «العلاقة الوثيقة» بين خان والوكالة التابعة للأمم المتحدة تتطلب مزيدا من التدقيق. وقالت المنظمتان: «نوصي بشدة بضمان معالجة هذه المخاوف بشكل علني وشفاف قبل تكليف مكتب الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة بالتحقيق».