لم يتأمن النصاب أمس لجلسة المجلس النيابي التي كانت مخصصة لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في ملف انفجار مرفأ بيروت، وملاحقة الوزراء أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بدلاً من المجلس العدلي بعدما طلب المحقق العدلي القاضي طارق بيطار الاستماع إلى إفاداتهم، وقاطعت قوى سياسية معارضة للجنة التحقيق النيابية للجلسة، وفجر الوزراء المتهمون ومؤيدوهم حملة ضد بيطار، ومواجهة سياسية بين «حركة أمل» و«التيار الوطني الحر» على خلفية المطالبة بأن تشمل الاستدعاءات الرئيس ميشال عون، تنفيذاً لاقتراح «تيار المستقبل» برفع الحصانات عن الجميع.
وقال الأمين العام للمجلس النيابي عدنان ضاهر إنه «تم تأجيل الجلسة إلى موعد يحدد لاحقا بسبب عدم اكتمال النصاب»، وقال: «بلغ الحضور النيابي 39 نائبا»، يتصدرهم النواب الذين يمثلون «حركة أمل» و«حزب الله» و«المردة» و«القومي السوري» في البرلمان، إلى جانب ثلاثة نواب فقط من «المستقبل» ونواب مستقلين.
وبرر رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط عدم حضور كتلته للجلسة بالتذكير بأنه كان «أول مَن دان انفجار المرفأ وطالب بلجنة تحقيق دولية وباستقالة الحكومة»، مشدداً على «أننا نستمر في الموقف المبدئي الذي لم ولن ننسق فيه مع أي كتلة نيابية أو أي جهة سياسية»، في إشارة إلى تمايز موقفه عن موقفي حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، علما بأن جنبلاط من أبرز حلفاء رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وأشعل تأجيل الجلسة البرلمانية معركة سياسية بين النواب المدعى عليهم والقاضي طارق البيطار، واعتبر النائب نهاد المشنوق أن «ما حصل اليوم ليس فقدانا للنصاب بل إلغاء للدستور»، مضيفاً «هناك مسار دستوري والنواب منتخبون على هذا الأساس وعلى هذه القاعدة، وبالتالي النواب الذين لا يعترفون بالدستور ويحاولون إلغاءه يكونون فقدوا شرعيتهم بصرف النظر عن رأيهم في رفع الحصانة أو عدمه». وقال: «إذا كان رأيهم أنه يجب أن ترفع فليتفضلوا إلى المجلس ويقولوا نحن نريد رفع الحصانة والإحالة على المحقق العدلي».
وقال المشنوق إن المحقق العدلي «لا يقبل حتى الآن استقبال أي منا للاستماع إلى إفادته»، معتبراً أن ذلك «لا يوصل إلى الحقيقة ولا إلى العدل ولا إلى المزيد من التماسك في البلد». وأضاف «من يريد أن يترشح للانتخابات فليترشح، إنما ليس على دم الناس ولا على حساب أهل ضحايا المرفأ».
وأعلن مكتب المشنوق بعد الظهر أن المحقق العدلي في قضية تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار «رفض الاستماع إلى إفادة النائب المشنوق، الذي توجه إلى مكتبه بعد خروجه من مجلس النواب، وتبين أن البيطار غير موجود. فاتصل مسؤول أمني بالبيطار، ليبلغه بحضور المشنوق، فأجابه: «أنا لست في الدوام اليوم (أمس)».
ولفت إلى أن «المشنوق زار بعدها المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، لتثبيت حضوره، لافتاً إلى أن المشنوق طلب رسميا الإدلاء بإفادته أمام القاضي «بالصفة التي يقررها البيطار». فجاء الجواب بعد 10 دقائق برفض البيطار مجددا الاستماع إلى المشنوق، بعدما كان قد حاول مرارا الإدلاء بإفادته وكان البيطار يرفض».
من جهته، قال الوزير السابق يوسف فنيانوس إنه مدعى عليه «بقرار جائر وظالم»، معتبراً أن القرار بحقه «سياسي». وأوضح: «أنا بريء من هذا الدم المراق والدمار الكارثي. أتيت لأقول أمام السادة النواب وأنا أعلم أن قرار الاتهام الذي سيصدر بحقي متخذ لأسباب بحتة سياسية لا علاقة للقانون بها، ولهم أقول كنت أفضل ألف مرة أن أعلق على خشبة ولا يحاضر بالعدالة أصحاب السوابق والمفتشون اللاهثون وراء أصوات انتخابية ضاعت بسبب أدائهم، ويحاولون استعادتها على عويل جريمة 4 أغسطس (آب)».
وكان النائب علي حسن خليل أكثر وضوحاً في مسألة اتهام الادعاء بالاستنسابية. ودعا في مؤتمر صحافي إلى «تحديد المسؤوليات بشكل دقيق وكامل وإنزال العقوبات بالمسؤولين مهما علا شأنهم»، قائلاً: «الحقيقة لا يحميها المدعي بالوكالة عن شركات التأمين»، مؤكداً «إننا نريد الحقيقة التي لا تتأمن بالشعبوية ورمي الاتهامات على من يريد الالتزام بالدستور، والآخرون يريدون تجاوز الأصول كي نصل إلى اللاحقيقة، ونحن نرفض أي إجراء لا يلتزم مع القانون». وجدد استعداده للمثول أمام القضاء «بغض النظر عن الحصانة»، داعياً إلى وجوب «السير باقتراح كتلة المستقبل لرفع الحصانة عن رئيس الجمهورية إلى أصغر موظف، وليس مقبولا أن تكون هناك ازدواجية برفع الحصانة».
وقال خليل إن القاضي البيطار «اختار 3 وزراء ورئيس حكومة من أصل 4 رؤساء حكومات وعددا كبيرا من الوزراء، وكيف اعتمد بيطار مسارا خاصا للقضاء وهذا أمر قانوني، وكيف يمكن أن يخصص قضاة ولا يسمح بتخصيص مسار ضمنه الدستور؟» واتهم «بعض زعماء الأحزاب بأنهم أرادوا أن يديروا الانتخابات على حساب دماء الشهداء».
وسأل تدليلاً على انتقائية في الادعاءات: «كيف يشمل الاتهام وزراء معينين ولا يشمل وزراء آخرين، أين وزراء الدفاع والعدل؟ وأين الرؤساء الذين اعترفوا بالمباشر أنهم كانوا على علم، وأين هم في هذا الملف؟ وأين هم مجلس الأعلى للدفاع والأعضاء؟».
وأكد خليل أن «كل ما يربطني بهذا الملف هو كتاب موجه من مدير عام الجمارك إلى هيئة القضايا في وزارة العدل عبر وزارة المالية، وهذا الكتاب جاء بعد 3 سنوات من إفراغ النيترات ولم يصلني أي شيء في السنوات الـ3 اللاحقة، ولم يطلب مني أي شيء خلال 6 سنوات في هذا الموضوع».
ورأى خليل أنه «كان من واجب الجيش إعادة تصدير البضائع دون العودة للوزير»، لافتا إلى أنه في مطلع العام 2015 «رفعت هيئة القضايا في وزارة العدل تقريرا بما يفيد بأن المواد الخطرة تم نقلها إلى مكان آمن، كما تم تأمين السفينة كما صدر عن قاضي الشؤون المستعجلة». وسأل: «أين اتهام وزارة العدل في هذا الموضوع؟».
وأشعل تصريح خليل معركة جانبية مع «التيار الوطني الحر» على خلفية مطالبته برفع الحصانة عن رئيس الجمهورية عملاً باقتراح الرئيس سعد الحريري. وقال النائب زياد أسود في تغريدة متوجهاً إلى خليل: «لا يمكن أن تعتبر الرئيس عون مسؤولاً. يمكنك الذهاب إلى القضاء وهو يحدد وحده المسؤولية تبعاً لدور وحدود مسؤولية كل مسؤول»، مضيفاً «أما أنت فمرافعتك بلا معنى ولا تغير واقعاً، وكل شيء يتوقف على رفع الحصانة»، مطالباً إياه بأن يبقي مرافعته في المحكمة».
السياسيون المتهمون في قضية المرفأ يشنون حملة ضد المحقق العدلي
اتهامات بالانتقائية وتسييس الاستدعاءات
السياسيون المتهمون في قضية المرفأ يشنون حملة ضد المحقق العدلي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة