بري لميقاتي: أنجزوا التشكيلة الوزارية... و«المالية» ليست مشكلة

مشاورات تأليف الحكومة تدخل في سباق مع العقوبات

TT

بري لميقاتي: أنجزوا التشكيلة الوزارية... و«المالية» ليست مشكلة

كشف مصدر سياسي بارز، عن أن بعض الأطراف المعنية بتشكيل الحكومة بدأت تتعاطى جدياً مع الإنذار الفرنسي بدعم أوروبي وأميركي بفرض عقوبات على كل من يثبت ضلوعه في عرقلة تأليفها؛ وهذا ما يفسر المرونة التي أخذ يبديها رئيس الجمهورية ميشال عون في مشاورات التأليف المستمرة مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بخلاف تصلّبه في الجولة الخامسة التي جمعتهما في نهاية الأسبوع الماضي والتي كادت تعيدها إلى نقطة الصفر.
وأكد المصدر السياسي، أن باريس هي التي دخلت على الخط بعد التأزيم الذي اصطدمت به عملية التأليف، وتمكنت من أن تعيد المشاورات ناصحة الفريق السياسي المحسوب على عون بعدم التفريط بآخر محاولة للنجاح في تشكيل الحكومة لتعذّر وجود البديل لميقاتي، ولفت إلى أن السباق على أشدّه بين إزالة العراقيل التي تؤخر ولادتها لئلا يكون البديل فرض عقوبات على من يعيقها، خصوصاً أنها أصبحت جاهزة، إلا في حال أن الفريق الذي يقوده مباشرة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل تمادى في تعطيل تشكيلها ولم يستجب للنصائح الدولية.
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، إن هدر الوقت الذي يؤخر تشكيل الحكومة لم يعد مسموحاً محلياً وإقليمياً ودولياً؛ لأن المشكلة لا تكمن في الخلاف على وزير أو حقيبة، وإنما في اتباع باسيل سياسة التعطيل؛ لأنه يتطلع إلى حكومة تأتي على قياسه وتلبي طموحاته، وهذا ما يرفضه ميقاتي.
ورأى أن الاتصالات الدولية جارية لحث الأطراف المعنية على التقاط الفرصة المواتية حالياً والانخراط في التسوية بدلاً من إضاعة الوقت، وقال إن الاتصالات تتجاوز عون إلى باسيل؛ كونه وحده يملك كلمة الفصل ويعود له القرار الأول والأخير في تعطيل تأليف الحكومة أو الإفراج عنها.
وإذ اعترف بأن الأجواء التي سادت مشاورات أول من أمس كانت أفضل بكثير من الجلسة التي انتهت إليها يوم الجمعة الماضي، أكد في المقابل بأنه لا يمكن التأسيس عليها والركون إلى نتائجها على أنها فتحت الباب على مصراعيه أمام توصّل عون إلى تفاهم نهائي يؤشر إلى ولادة الحكومة في الأيام المقبلة.
وعزا المصدر السبب إلى أن لا شيء يدعو للتفاؤل ما لم يبادر باسيل إلى التعامل معها بإيجابية؛ لأنه هو من يحمل «ختم الجمهورية»، كما قال نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي خلال مشاركته في مشاورات التأليف التي أجراها ميقاتي مع الكتل النيابية فور تكليفه تشكيل الحكومة.
واعتبر بأن مشاورات أول من أمس حققت أول خطوة مع بداية البحث في توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف على قاعدة ترحيل مبدأ المداورة في الحقائب السيادية بعد أن تقرر إبقاء القديم على قدمه، وقال إن المداورة يمكن أن تقتصر على بعض الحقائب غير السيادية، وهذا يفترض أن يكون عون وميقاتي توصلا إليه في جلسة أمس تمهيداً لتسمية الوزراء.
ورأى أن ميقاتي باقٍ على تفاؤله الحذر ولن يقول فول «قبل أن يصير في المكيول»، على حد قول رئيس المجلس النيابي نبيه بري في ردّه على أسئلة الصحافيين، مضيفاً أن العبرة تبقى في التنفيذ، مع أن جهات سياسية نافذة تحذّر من أن المرونة التي يبديها عون يُفترض أن تترجم باتجاه الإسراع بتشكيل الحكومة.
وأضاف، أن الحديث عن أن أجواء المشاورات هي الآن أفضل من السابق يمكن أن يهدف إلى التخفيف من اندفاعة باريس في تلويحها بفرض عقوبات ضد المعرقلين بذريعة أن اللقاءات بين عون وميقاتي بدأت إيجابية، وأنها في حاجة إلى مزيد من الوقت للوصول إلى تفاهم من شأنه أن يسرِّع تشكيلها، في إشارة إلى ما سيقرره باسيل لأنه وحده وبالنيابة عن عون من يعطي الضوء الأخضر لولادتها.
وأكد المصدر السياسي، بأن مجرد تشكيل الحكومة لا يكفي من وجهة نظر المجتمع الدولي لشحن المساعدات وتمويل خطة التعافي المالي للخزينة العامة ما لم تطلّ عليه ببيان وزاري واضح لا يخضع للاجتهاد وينطلق من سيطرة الحكومة على الحدود اللبنانية مع سوريا لوقف التهريب، وأن يكون لها القرار في السلم والحرب.
ولفت إلى أن المجتمع الدولي سيأخذ على عاتقه التدقيق في أسماء الوزراء للتأكد بأنهم من المستقلين والاختصاصيين ولا ينتمون للأحزاب من جهة وللوقوف على برنامجها الإصلاحي الذي يفترض أن يستمد روحيته من خريطة الطريق التي رسمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ورأى أيضاً أن المجتمع الدولي ليس في وارد تعويم حكومة تأخذ بعين الاعتبار استمرار «المساكنة» الأمنية والعسكرية بين قواها الشرعية وبين سلاح «حزب الله» وتدخّله في المنطقة لزعزعة الاستقرار فيها استجابة للأجندة السياسية لإيران، وقال إن موقف المجتمع الدولي يتناغم مع موقف عدد من الدول العربية التي لم تقصّر سابقاً في مساعدة لبنان، لكنها ليست على استعداد لدعمه في حال أن المساعدة أدت إلى «إنعاش» «حزب الله» الذي يخرق سياسة النأي بالنفس ولم يلتزم بالبيانات الوزارية السابقة التي شارك فيها وكانت ارتأت تحييد لبنان عن محاور المنطقة.
وبالنسبة إلى ما تردّد بأن عون يضع «فيتو» على إسناد وزارة المالية لرئيس دائرة القطع في مصرف لبنان يوسف خليل بذريعة قربه من الحاكم رياض سلامة، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر ذات ثقة بأن بري يبدي كل مرونة لتسهيل تشكيل الحكومة، وبالتالي لن يكون اسم الوزير الذي سيتولى المالية عائقاً أمام ولادتها اليوم قبل الغد، وهو كان أبلغ ميقاتي عندما التقاه الاثنين الماضي بأن عليه التفاهم مع عون على توزيع الحقائب وأسماء الوزراء وعندها ستحل مسألة اختيار الوزير الشيعي للمالية قبل أن يتوجه إلى بعبد اللقاء عون تمهيداً لإصدار المراسيم الخاصة بتأليفها. لذلك؛ من غير الجائز، كما تقول المصادر نفسها، التلطي وراء اسم من سيشغل حقيبة المالية لتبرير تأخير تشكيل الحكومة بالتذرُّع بموقف بري.



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».