الحزب الشيوعي السوداني ينهي قطيعته مع الحكومة ويلتقي حمدوك

اتفاق على مواصلة الحوار لتنفيذ مطلوبات الثورة ومعالجة الخلافات

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
TT

الحزب الشيوعي السوداني ينهي قطيعته مع الحكومة ويلتقي حمدوك

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)

اجتمع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مطولاً بوفد من الحزب الشيوعي السوداني، وذلك بعد مقاطعة طويلة دامت نحو العام بين الحزب وحكومة الفترة الانتقالية، أعقبت إعلان انسحابه من المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية «تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير» والحكومة، وذلك استجابة لدعوة قدمت له من حمدوك، بحث خلالها مع قيادة الحزب الأوضاع السياسية والاقتصادية والتنفيذية في البلاد.
وفي 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، أعلن الحزب الشيوعي انسحابه من تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير» وتحالف «قوى الإجماع الوطني»، واتهمها بمساومة «اللجنة الأمنية» لنظام البشير، والوصول لاتفاق سياسي مشوه ووثيقة دستورية معيبة لن تؤسس للدولة المدنية الديمقراطية، ولن تحقق أهداف الثورة، بحسب البيان الصادر عنه وقتها.
وطوّر الشيوعي موقفه لاحقاً إلى العمل على إسقاط حكومة الفترة الانتقالية، وتحشيد الجماهير لذلك، ونظم وشارك في عدة احتجاجات ومظاهرات وبيانات نددت بالحكومة الانتقالية ومرجعيتها السياسية، واتهمتها بالخضوع للعسكريين وبالانصياع لمؤسسات التمويل الدولية، ووأد الثورة الشعبية بالمساومات مع لجنة النظام المعزول الأمنية، ويقصد بذلك «العسكريين في مجلس السيادة».
وقال إعلام مجلس الوزراء في نشرة صحافية، إن قيادة الحزب المكونة من السكرتير السياسي محمد مختار الخطيب، وسكرتير لجنة الاتصالات السياسية صديق يوسف، وسكرتير اللجنة الاقتصادية صدقي كبلو، وسكرتير العلاقات الخارجية صالح محمود، وسكرتيرة مكتب النقابات المركزي بثينة خراساني، والمسؤول السياسي للعاصمة محمد المختار محمود، استجابوا لدعوة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك واجتمعوا إليه مطولاً، بحضور مستشاره السياسي ياسر عرمان، ومستشاره الإعلامي فيصل محمد صالح، ومدير مكتبه التنفيذي آدم حريكة، للمرة الأولى منذ إعلان الحزب انسحابه من المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية.
وذكرت النشرة أن الاجتماع ناقش تحديات المرحلة الانتقالية، وعلى رأسها المطالب الشعبية الممثلة في المواثيق الموقعة، والمشكلة الاقتصادية، وتحقيق العدالة والتحقيقات في الجرائم التي ارتكبت أخيراً، وتحديات تحقيق السلام، ومعاناة النازحين واللاجئين، إضافة إلى قضايا النقابات والتوافق على قانون يحفظ ما أطلق عليه «تقاليد وإرث الحركة النقابية»، وقضايا الخدمات والعدالة الاجتماعية، والتدخلات الخارجية في شؤون البلاد، وكيفيات التعامل بما يحفظ السيادة الوطنية، وإلغاء قوانين النظام السابق التي مكنته من ارتكاب الجرائم والتضييق على الحريات العامة.
وأوضحت النشرة أن الطرفين اتفقا على تبادل الآراء حول كيفية التصدي للتحديات، ومعالجة الاختلالات التي صاحبت مسار تنفيذ مطالب الثورة، بروح سادتها الصراحة والوضوح، أفضت إلى اتفاقهما على متابعة الحوار، وما تم التوصل إليه في الاجتماع، بما يخدم مصالح «جماهير الشعب السوداني».
ويأتي اجتماع حمدوك بقيادة «الشيوعي»، بعد نحو الشهرين على المبادرة التي أطلقها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ودعا فيها إلى لمّ شمل السودانيين وحماية المرحلة الانتقالية، ووقف الانقسام بين قوى الثورة، وإزالة التوترات الأمنية وتصفية تمكين نظام الإسلاميين وركائزه وغيرها.
وتعهد حمدوك في المبادرة بالعمل على معالجة الانقسامات بين مكونات الشراكة الانتقالية، ووقف التشظي داخل المؤسسة العسكرية، والتعامل مع هذه المسألة بكل الجدية والصرامة لحماية الانتقال، لأن التحدي الكبير الآن هو أن يكون السودان أو لا يكون، وتكوين «كتلة تاريخية تتوافق على برنامج وطني يقود البلاد».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.