تنويه أميركي بالدور المصري «البنّاء» في مفاوضات «سد النهضة»

مسؤولون أشاروا إلى أهمية دعم القاهرة

TT

تنويه أميركي بالدور المصري «البنّاء» في مفاوضات «سد النهضة»

فيما بدا دعماً إضافياً من واشنطن لموقف القاهرة في مفاوضات «سد النهضة الإثيوبي»، نوّه مسؤولون أميركيون بارزون بـ«الدور المصري البنّاء» في المحادثات التي لم تنجح منذ أكثر من 10 سنوات في التوصل لحل.
ورغم أن الإفادة الأميركية جاءت في سياق تقديم مسوغات لمجلس الشيوخ والكونغرس لمواصلة تقديم المساعدات لمصر، فإنها تطرقت لأزمة السد الذي تخشى مصر والسودان من تأثيراته على أمنهما المائي.
وتتفاوض مصر والسودان مع إثيوبيا، منذ أكثر من عقدٍ، بهدف عقد اتفاق قانوني ينظم عمليتي الملء والتشغيل للسد، الذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل، لتوليد الطاقة الكهربائية، لكن لم يتم التوصل لاتفاق، وأتمّت أديس أبابا الملء الثاني للسد الشهر الماضي، وسط اعتراضات من القاهرة والخرطوم، فيما أبدى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قبل يومين «تفاؤله» بمبادرة أعلنتها بلاده لحل القضية.
وشددت نائبة مساعد وزير الدفاع للشرق الأوسط في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) دانا سترول، أول من أمس، على «أهمية مصر بالنسبة للولايات المتحدة في ملفات عدة؛ منها مواجهة التهديدات الأمنية المشتركة»، مضيفة أن القاهرة «تلعب دوراً بنّاءً كذلك في أمن حدود ليبيا، واستقرار الأوضاع في قطاع غزة».
كما أشارت المسؤولة الأميركية إلى أن «مصر شريك مهم للولايات المتحدة، للعمل معها لتعزيز مصالحنا المشتركة المتعلقة بالأمن البحري وأمن الحدود ومكافحة الإرهاب».
ولفتت كذلك إلى تخصيص مصر لجزء من ميزانيتها، وعدم اكتفائها بالمساعدات الأمنية الأميركية، لتحديث أسطولها من مروحيات «أباتشي» (الأميركية).
وتعوّل القاهرة على دور واشنطن في إنقاذ مفاوضات «السد الإثيوبي»، وفي مايو (أيار) الماضي، قال السفير المصري لدى الولايات المتحدة، معتز زهران، إن «أميركا وحدها تستطيع (إنقاذ) مفاوضات (سد النهضة) في الوقت الراهن»، موجهاً رسالة مباشرة لإدارة الرئيس بايدن بالتدخل لإنقاذ المفاوضات.
وفي أبريل (نيسان) الماضي، عيّن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، المبعوث الخاص لمنطقة القرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، وكان من بين مهامه الرئيسية «العمل على حل الخلاف حول السد الإثيوبي».
وسبق لمسؤولين عسكريين أميركيين، الإعلان عن دعم لموقف مصر في المفاوضات، وأبرزهم الجنرال كينيث ماكينزي، قائد القيادة المركزية الأميركية، الذي قال في يونيو (حزيران) الماضي، إن «سلوك إثيوبيا الآن نحو المشكلة (سد النهضة) يقلقنا، فنحن ندرك الأهمية الفريدة للنيل بالنسبة لمصر، ليس فقط من الناحية الثقافية بل كمورد مائي واقتصادي عموماً».
وأعرب ماكينزي عن اعتقاده بأن «مصر تمارس قدراً هائلاً من ضبط النفس، وهي تحاول التوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي للمشكلة»، وشرح أن أزمة «سد النهضة» تمثل «مشكلة حقيقية وسنستمر في محاولة إيجاد حل لها يكون مناسباً لكل الأطراف، لكن مصر أظهرت قيادة حقيقية في هذا المجال».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.